كيف تغيّر موقف فرنسا من دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الحرب على غزة؟
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
منذ أول أيام الحرب الإسرائيلية على غزة، فقد سارعت فرنسا إلى إعلان دعمها الكامل لحق الاحتلال الإسرائيلي المزعوم في الدفاع عن نفسه، بل تطور الأمر إلى إضاءة برج إيفل الشهير وسط العاصمة الفرنسية باريس بعلم إسرائيل مع حظر التجمعات المؤيدة لفلسطين على أراضيها، كما اقترح الرئيس الفرنسي إيمانول ماكرون تشكيل تحالف دولي ضد الفصائل الفلسطينية، بحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية.
ولكن بعد 3 أسابيع تغير الموقف الفرنسي، إذ هدأت نبرة ماكرون الداعمة للاحتلال حيث دعت فرنسا إسرائيل لوقف قتل المدنيين واستضافت باريس مؤتمر لجمع المساعدات الإنسانية للفلسطينيين بجانب تعهد فرنسا بتوفير تبرعات فرنسية تراوح من 20 إلى 100 مليون يورو هذا العام.
مذكرة قدمها 12 سفيرا فرنسياوجاء التغيير في الموقف الفرنسي بعد أن تقدم 12 سفيرا فرنسيا في الشرق الأوسط والمغرب العربي مذكرة جماعية تم إرسالها إلى قصر الإليزيه ووزارة الخارجية الفرنسية من أجل محاولة تغيير الموقف الرسمي والعودة إلى التوازن مرة أخرى وشملت هذه المذكرة، اعتراضات صريحة على دعم ماكرون غير المشروط لإسرائيل وتحذيرات بسبب اتهام فرنسا بالتواطؤ في أعمال الإبادة وتهديد لأحد السفراء الفرنسيين العاملين في المنطقة بالقتل.
وتضم فرنسا 70 مليون نسمة وهي ثاني أكبر دول أوروبا من حيث عدد السكان بعد ألمانيا لكنها تضم ثاني أكبر جالية يهودية في العالم بعد أمريكا وكذلك أكبر تجمع للمسلمين في أوروبا، ولم يضع ماكرون هذه الاعتبارات عند تصريحات لأول مرة حيث أدى هذا إلى انتشار خطاب كراهية ضد المسلمين والعرب في البلاد الذين يصل عددهم إلى 6 ملايين شخص.
استخدام الدعم الإسرائيلي لصالح السياسةولعب ماكرون سياسا من خلال إبراز الدعم لإسرائيل من أجل إرضاء اليمين المتطرف وجاء على اليسار الراديكالي الذي يؤيد فلسطين، ولكن مؤخرا كانت فرنسا أول دولة أوروبية تدعو لهدنة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل بعد تغيير موقفها.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فرنسا إسرائيل غزة الفصائل الفلسطينية
إقرأ أيضاً:
ماكرون: فرنسا لم تشارك في أي عملية دفاع عن إسرائيل
أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موقف بلاده بوضوح تجاه التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران، معرضًا لعلاقات باريس بتل أبيب وواشنطن.
قال ماكرون خلال مؤتمر صحفي، إن فرنسا لم تشارك في أي “عملية دفاع” عن إسرائيل، لأنها لم يُطلب منها ذلك رسميًا، رغم إعلان دعمه لإسرائيل إذا تعرضت لهجوم من إيران .
جاء تصريح ماكرون في خضم التحضيرات لقمة مجموعة السبع المزمع عقدها قريبًا، التي ومن المتوقع أن تركز بشكل مكثف على لبنان والأزمة الأوسع بين إسرائيل وإيران. ورأى الرئيس الفرنسي أن على القادة الأوروبيين، بمن فيهم هو، أن يحققوا "جبهة موحدة" دبلوماسية للضغط من أجل التهدئة ووقف التصعيد .
ماكرون: زيارتي لجرينلاند إشارة للولايات المتحدة
ولي العهد السعودي يبحث مع ماكرون وميلوني التصعيد بين إسرائيل وإيران
من جهة أخرى، شدّد ماكرون على ضرورة ضبط النفس أمام الاستفزازات الإيرانية، التي يرى أنها تمثل تهديدًا ليس للشرق الأوسط فحسب، بل لأوروبا بأسرها، بسبب سعي طهران المتصاعد نحو خصوبة نووية. وأكد أنه في حال اقتضى الأمر، فإن فرنسا مستعدة للدفاع عن إسرائيل، شرط ألا يتضمن ذلك مشاركة فرنسية مباشرة في عمليات هجومية ضد إيران، بل “دعمًا دفاعيًا فقط” .
وفي سياق متصل، اقترحت باريس -بشكل غير مباشر- أن تكون جهود التهدئة المشتركة مع شركاء مثل السعودية والأردن فعالة، لكن دون اللجوء إلى “عمليات عسكرية تجاوز الطلب الشرعي للدفاع عن النفس”. تلك المقاربة تأتي في ظل توتر متصاعد إثر ضربات إسرائيلية على المنشآت الإيرانية، وردود طهران بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة على إسرائيل.
ويعكس الموقف الفرنسي موقفًا أوروبيًا واضحًا: إدانة إيران، دعماً مشروطاً لإسرائيل في حال الدفاع عن النفس، ورفض الانخراط المباشر في هجمات غير دفاعية. كما أكّد ماكرون، خلال تصريحاته الأخيرة، أن بلاده لن تدعم إسرائيل “دون قيد أو شرط”، بل ستدعم موقفها الأمني طالما تحترم قواعد القانون الدولي.
تحليل لما وراء الكواليس:
إن رفض فرنسا للمشاركة في أي عملية دفاعية ضد إيران يعكس إصرار باريس على استقلالية قرارها العسكري، والحرص على عدم الانجراف نحو مواجهات يمكن أن تتوسع إلى نزاع إقليمي أو دولي.
أما الإشارة إلى “عدم وجود طلب رسمي” من جانب إسرائيل، فتعكس رغبة باريس في تفادي الاتهامات بتصعيد الأزمة، وضمان أن كل تحرك فرنسي سيكون ضمن الإطار القانوني والدبلوماسي.
يشكّل موقف ماكرون بمثابة رسالة مزدوجة: دعم معنوي وسياسي لإسرائيل إذا تعرضت لهجوم من إيران، وفي الوقت نفسه تجنب أي دور هجومي مباشر، وهو ما يرضي حلفاءه الأوروبيين ويخاطب الداخل الفرنسي الذي يميل عمومًا إلى تجنب إرسال القوات في صراعات خارجية.
في الختام، يضع هذا الموقف تحت المجهر دور فرنسا كقوة ذات قرار مستقل في المعادلة الدولية، بين تأكيد التزامها بالأمن الإقليمي ورفض الانزلاق إلى صراعات مفتوحة، وموازنة متقنة بين الموقف تجاه إسرائيل والرغبة في الحفاظ على دور دبلوماسي فعال.