تعد زيارة الدولة التي يبدأها اليوم جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى جمهوريتي سنغافورة والهند على درجة كبيرة من الأهمية السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، وهذا يعود إلى عدد من الأمور الموضوعية، لعل في مقدمتها العلاقات التاريخية التي تربط بلادنا سلطنة عمان بكلا البلدين الصديقين، حيث إن هناك علاقات تاريخية ممتدة مع جمهورية سنغافورة تجسدت في التجارة البحرية ووصول العمانيين إلى هذا البلد الآسيوي ولعل رحلة السفينة جوهرة مسقط إلى جمهورية سنغافورة في التاريخ وعودة المشهد البحري مجددًا يعد أحد الشواهد المهمة على تلك الروابط الحضارية بين سلطنة عمان وجمهورية سنغافورة.

وقد تطورت تلك العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والشعبين الصديقين خلال أكثر من نصف قرن. ومن هنا فإن العلاقات الاقتصادية والتجارية تنامت بشكل جيد خلال السنوات الأخيرة في مجال الصادرات والواردات. ولعل أهمية الزيارة السلطانية تنطلق من خلال التطور الكبير الذي شهدته جمهورية سنغافورة خلال العقود الأخيرة خاصة على صعيد التقدم في مجال الإدارة الحديثة، وفي القطاع اللوجستي، فميناء سنغافورة يعد من الموانئ العالمية خاصة في مجال الحاويات، وهناك تطور لافت في مجال تنقية المياه، علاوة على التقدم المذهل لجمهورية سنغافورة في مجال التعليم.

ومن هنا فإن تنشيط الجوانب الاستثمارية وتعزيز التعاون في هذه المجالات الحيوية كالنقل الجوي والإدارة الحديثة، وفي مجال الطاقة المتجددة بين سلطنة عمان وجمهورية سنغافورة في ظل مرافقة جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- لوفد رسمي رفيع المستوى يعد على جانب كبير من الأهمية خلال الزيارة السلطانية. كما أن جمهورية سنغافورة لها المنطق السياسي نفسه، كما هو الحال مع بلادنا سلطنة عمان من خلال الدعوة إلى إقرار السلام وحل الخلافات والصراعات بالطرق السلمية ومناصرة القضايا العادلة وفقًا للقانون الدولي. ومن هنا فإن البلدين الصديقين لهما المنطلقات والأهداف الاستراتيجية نفسها في مجال التطور في كل المجالات، خاصة وأن رؤية سلطنة عمان ٢٠٤٠ تهدف إلى تحقيق منطلقات ومحاور الرؤية الأساسية في مجال الإنسان والمجتمع وفي المجال اللوجستي واستغلال موقع سلطنة عمان الاستراتيجي على البحار المفتوحة، حيث وجود بحر عمان وبحر العرب علاوة على الأهمية الاستراتيجية لمضيق هرمز كأحد أهم الممرات البحرية في العالم حيث مرور الطاقة من منطقة الخليج العربي إلى الغرب والشرق على حد سواء ومنها القارة الآسيوية، حيث توجد كل من جمهوريتي سنغافورة والهند.

إن زيارة الدولة التي يقوم بها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وهي من أرفع الزيارات الرسمية لرؤساء وسلاطين الدول في العرف البروتوكولي تكتسب أهمية كبيرة أيضا على الصعيد السياسي من خلال المشكلات التي تمر بها المنطقة حاليًا خاصة القضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني وأهمية التشاور والتنسيق بين سلطنة عمان والدول الشقيقة والصديقة. ومن هنا فإن المشهد السياسي في العالم يحتاج إلى صوت الحكمة الذي تتميز بها الدبلوماسية العمانية الداعية إلى إقرار الحقوق ومساندة الحق والعدل والإنصاف لحل القضية الفلسطينية حلًا عادلًا يستند إلى قرارات الشرعية الدولية. وتأتي أهمية الزيارة السلطانية أيضا لجمهورية الهند، حيث ترتبط مسقط ونيودلهي بروابط تاريخية تعود إلى قرون من التجارة والصداقة والجوار البحري، حيث إطلالة المحيط الهندي على سواحل البلدين الصديقين، كما أن جمهورية الهند ترتبط بسلطنة عمان بعلاقات حضارية مهمة، وهناك إمكانيات كبيرة للتعاون العماني الهندي خاصة في مجال الاستثمار والتجارة والطاقة المتجددة، حيث إن هناك مشروعات إستراتيجية كبرى لسلطنة عمان على صعيد الهيدروجين الأخضر، وهناك توقعات بتوقيع اتفاقيات في عدد من المجالات الحيوية التي تعزز من مجالات التعاون بين البلدين والشعبين الصديقين في ظل وجود تصاعد اقتصادي مهم لجمهورية الهند ذات الجغرافيا الممتدة وعدد كبير من السكان هو الثاني عالميًا بعد الصين.

ومن هنا تعد جمهورية الهند سوقا كبيرة للمنتجات العمانية وأيضا في مجال التكنولوجيا والتعليم وفي المجال الصناعي والعسكري وهناك آفاق مهمة لتعزيز التعاون بين البلدين الصديقين في كافة المجالات وآفاق أرحب للتعاون في المجال العلمي والبحثي وفي المجال الطبي.

ولذا تكتسب الزيارة السامية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- أهمية كبيرة في ظل تلك النظرة الشمولية لعلاقات سلطنة عمان الخارجية ومنها جمهوريتي سنغافورة والهند مما يعزز من علاقات بلادنا سلطنة عمان مع البلدين الصديقين، ويعزز آفاق التعاون في كافة المجالات.

كما أن جمهورية الهند تعد من الدول المهمة على الصعيد السياسي والاستراتيجي وهناك تشاور وتنسيق بين مسقط ونيودلهي مما يجعل الحوار متواصلا في كل القضايا الإقليمية والدولية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جمهوریة سنغافورة البلدین الصدیقین حفظه الله ورعاه جمهوریة الهند سلطنة عمان فی المجال فی مجال

إقرأ أيضاً:

الأكاديمية السلطانية للإدارة تطلق جائزة الجاهزية للمستقبل

«عمان» أعلنت الأكاديمية السلطانية للإدارة، بالشراكة مع مؤسسة المفكرون الخمسون (Thinkers50) العالمية الرائدة في مجال الفكر الإداري، عن إطلاق «جائزة الجاهزية للمستقبل»، التي تهدف إلى تكريم الأبحاث والأفكار المبتكرة والمؤثرة التي تقدم رؤى قيّمة للمساهمة في مواكبة التغيرات المستقبلية على مختلف الأصعدة.

يأتي إطلاق هذه الجائزة انطلاقًا من رؤية الأكاديمية لأهمية الجاهزية للمستقبل، التي تعني قدرة الأفراد والمؤسسات والدول على استشراف المتغيرات القادمة والتكيف الفعال معها، بالإضافة إلى تحقيق الازدهار والنمو في خضم التغيرات المتسارعة والتحولات التكنولوجية والاجتماعية المتتالية، وتشمل هذه الجاهزية جوانب عدة أبرزها: تعزيز ثقافة الابتكار والإبداع، وتنمية مهارات التفكير الاستشرافي القادرة على استشراف المستقبل، بالإضافة إلى ترسيخ ثقافة التكيف والمرونة لضمان تحقيق النجاح المستدام.

وصرح سعادة الدكتور علي بن قاسم اللواتي رئيس الأكاديمية السلطانية للإدارة بهذه المناسبة، حيث قال: لا يقتصر إعداد قيادات المستقبل على التكيف مع المتغيرات فقط، بل يمتد ليشمل القدرة على استباقها وتوجيه مسارها والقيادة بفاعلية خلالها، مؤكدًا سعادته على أن الأكاديمية السلطانية للإدارة - ضمن خططها الاستراتيجية - تولي اهتمامًا خاصًا بتنمية هذا النمط القيادي من خلال إثراء النقاشات والحوارات الممنهجة، واستشراف التوجهات العالمية، إلى جانب تحويل الأفكار المستنيرة إلى حلول تطبيقية لها تأثير بارز.

وأضاف سعادة الدكتور: «وتؤكد هذه الجائزة على قناعتنا المشتركة مع مؤسسة المفكرون الخمسون (Thinkers50) بأن الأفكار الطموحة، حين ترتكز على الواقع العملي، قادرة على صياغة مفاهيم جديدة لكيفية استعداد وقيادة المؤسسات للمستقبل». ومن جانبه، أكد ديس ديرلوف المؤسس الشريك لمؤسسة المفكرون الخمسون (Thinkers50) على ضرورة أن يقوم القادة من كافة المستويات بتبني نهج استراتيجي يُركز على بناء المرونة التنظيمية لمواجهة التحولات المتسارعة وغير المتوقعة بفعالية، إلى جانب قدرتهم على استشراف المستقبل والابتكار الاستباقي من خلال القدرة على توقع التغيرات القادمة وتطوير حلول مبتكرة، مما يضمن استمرارية النمو والنجاح للمؤسسات.

تخضع المشارَكات المتقدِمة للجائزة للتقييم وفقًا لمعايير محددة تتمثل في، «الجودة العلمية» وذلك من خلال التأكد من استناد الأفكار إلى أبحاث موثوقة وأمثلة حقيقية وواقعية، إلى جانب مصادر معترف بها مع قاعدة علمية متينة، ومعيار «التأثير العلمي» الذي سيُقيم من خلال قياس نطاق التأثير، وهل تتضمن هذه الأفكار أو الأبحاث رؤى قابلة للتطبيق على نطاق واسع في مختلف القطاعات والمناطق، إضافة إلى ذلك معيار «الملاءمة المستقبلية» الذي يركز على قدرة الأبحاث المُقدَمة على تقديم الحلول ومعالجة التحديات الراهنة والمستقبلية التي تواجه المؤسسات خلال العام الحالي وما بعده، ويأتي المعيار الرابع ليسلط الضوء على «القدرة على التأثير» ومدى هذه الأفكار المُقدَمة على إحداث تغيير حقيقي في الواقع العلمي ومدى تأثيرها في اتخاذ القرارات داخل المؤسسات، وأخيرا حددت الجائزة معيار «الاستجابة للتحديات» من خلال تفاعل الأبحاث مع التوجهات والتحديات الحالية بطريقة مبتكرة، مما يسهم في تطوير المعرفة وتوسيع آفاق الفهم في هذا المجال.

وتم تشكيل لجنة تحكيم تضم عددا من الخبراء والأكاديميين البارزين في مجالات الجاهزية للمستقبل، حيث تم اختيارهم بناءً على المكانة العالمية والتنوع الجغرافي من القطاعين العام والخاص لتقييم المشاركات المترشحة على الجائزة، وذلك بالتعاون مع الأكاديمية السلطانية للإدارة ومؤسسة المفكرون الخمسون (Thinkers50).

وتعد مؤسسة المفكرون الخمسون (Thinkers50) التي بدأت منذ عام 2001 م من المؤسسات العالمية الرائدة في تصنيف ومشاركة البحوث والإسهامات الفكرية، التي تمتلك شبكة واسعة من المفكرين والخبراء الدوليين المختصين من مختلف المجالات والقطاعات، حيث تطلق المؤسسة تصنيف المفكرون الخمسون (Thinkers50) العالمي للمفكرين الإداريين كل عامين، ويرتبط بجوائز علمية مرموقة للمشاركات الأفضل في التفكير والممارسات الإدارية يتم تقديمها في حفل توزيع جوائز يقام في لندن، وهي تلقب بأوسكار الأفكار الإدارية كما صنفتها صحيفة فايننشال تايمز.

الجدير بالذكر، يُعد إطلاق «جائزة الجاهزية للمستقبل» خطوة مهمة من الأكاديمية السلطانية للإدارة نحو تعزيز ثقافة الاستعداد للمستقبل وإبراز الجهود المتميزة في هذا المجال على المستويين المحلي والدولي، بالإضافة إلى ترسيخ مفهوم الجاهزية للمستقبل كإضافة نوعية للقيادات والمؤسسات، وذلك بالتعاون مع مؤسسة عالمية مرموقة مثل المفكرون الخمسون (Thinkers50)، مما يضفي على دور الأكاديمية بعدًا عالميًا وأهمية كبيرة.

مقالات مشابهة

  • نائب وزير الإسكان يبحث مع وفد الوكالة الألمانية للتعاون الدولي سبل تعزيز التعاون في قطاع المياه
  • الدكتورة رانيا المشاط: نتطلع إلى انعقاد الدورة الجديدة من اللجنة المصرية البلغارية المشتركة للتعاون الاقتصادي والعلمي والفني خلال العام الجاري
  • سلطنة عمان تشارك في اجتماع الاتحاد الآسيوي للطائرة
  • وزير الاستثمار يبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي المشترك مع السويد
  • سلطان عمان يبحث مع وزير دفاع الإمارات تعزيز التعاون
  • الأكاديمية السلطانية للإدارة تطلق "جائزة الجاهزية للمستقبل"
  • حمدان بن محمد يلتقي نائب رئيس مجلس الوزراء العُماني لشؤون مجلس الوزراء ونائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع في سلطنة عُمان
  • الأكاديمية السلطانية للإدارة تطلق جائزة الجاهزية للمستقبل
  • وزير الاتصالات يبحث مع السفير البحريني سبل تعزيز التعاون وتبادل الخبرات في مجال الاتصالات والتكنولوجيا
  • شرطة عمان السلطانية تلقي القبض على صاحب فيديو الألعاب النارية