جريدة الوطن:
2025-06-25@15:59:28 GMT

لا يضركم من خذلكم فأنتم الأعلون

تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT

لا يضركم من خذلكم فأنتم الأعلون

يكمل العدوان الصهيوني البربري على الأشقَّاء في قِطاع غزَّة الأسبوع العاشر وما زال العالَم يتفرَّج على هذه الجريمة في ظلِّ حالة عجز عالَمي لَمْ يسبق لها مثيل وحصار إجرامي مدعوم من قوى الإرهاب العالَمي، وإبادة جماعيَّة للأبرياء من أطفال ونساء ومَدنيَين عُزَّل انقطعت عَنْهم كُلُّ سُبل الحياة وهجمات موازية للعدوِّ الصهيوني على مُدُن الضفَّة الغربيَّة واعتقالات بلغت أكثر من (6000) آلاف منذ بداية العدوان، بَيْنَما تجاوز الشهداء أكثر من (18500) شهيد غالبيَّتهم من النِّساء والأطفال وأكثر من (10000) مفقود تحت الأنقاض، بعضهم يئنُّ ويصرخ تحت الركام في ظلِّ نقص لمعدَّات الدِّفاع المَدَني ومعوِّقات على الأرض تضاعف صعوبة الانقاذ وخروج المؤسَّسات الطبيَّة عن الخدمة مع الحصار المفروض على المشافي واستهدافها والقصف المستمر للبنية الأساسيَّة الَّتي دُمِّرت بشكلٍ تجاوزَ نصف القِطاع مع استهداف لمختلف جوانب الحياة الإنسانيَّة من مخابز ومساجد ونقاط مياه ومؤسَّسات الأونروا وإغلاق جزئي لمعبر رفح، في مشهدٍ كارثي يتطلب هبَّة عالَميَّة لإنقاذ ما يُمكِن إنقاذه، ومحاولة إخراج بعض المصابين الَّذين تجاوز عددهم (50000) في حالة لَمْ يشهدها التاريخ، بَيْنَما تواصل الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة منح الضوء الأخضر للكيان المُجرِم اللقيط لاستكمال جريمته بعد استخدام فيتو الباطل بالاعتراض على قرار وقف إطلاق النَّار لدواعٍ إنسانيَّة حسب المادَّة (99) للأُمم المُتَّحدة، فإلى أين يسير هذا الصلف وهذا العدوان البربري النَّازي بتحالف الشيطان وهو يستفرد بقِطاع لا يتجاوز مساحته (365 كم مربَّع)؟!!
الموقف العربي البائس الَّذي لَمْ يستطع حتَّى الآن ـ ورغم المناشدات ـ أن يقدِّمَ شيئًا في هذه القضيَّة وكأنَّ ما يحدُث في فلسطين لا يعني هذه الدوَل العربيَّة الَّتي اجتمعت في قمَّة عربيَّة إسلاميَّة استثنائيَّة بعد أكثر من شهر على العدوان جمعت (57) دَولة كانت عاجزة عن تقديم أيِّ شيء وهي تشاهد الحملة الصهيونيَّة البربريَّة على الأبرياء، ونحن هنا إذ نوَجِّه الخِطاب للنِّظام الرَّسمي العربي نقدِّم البَيِّنَة التاريخيَّة على هذا الخذلان والتراجع المعيب، وعدم الالتزام بالمسؤوليَّات الإنسانيَّة والشرعيَّة والعروبيَّة، ونعلَم أنَّ هذه المشاهد لَمْ تبلغ ـ للأسف الشديد ـ ضمائر هذه الأنظمة مع العِلم أنَّ انكسار شوكة المقاومة (لا قدَّر الله) سوف يأتي على هذه الدوَل وفقًا للمشروع الصهيوني (إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النِّيل).

ولكنَّ المقاومة الباسلة اليوم لا تدافع عن فلسطين ومقدَّساتها فحسب، بل تنسف مشروع «إسرائيل» الكبرى حيث يعتقد العرب أنَّ الخطط التنمويَّة الوطنيَّة والإبراهيميَّة والمشاريع الاقتصاديَّة المشتركة مع الكيان الصهيوني والولايات المُتَّحدة أهمُّ ممَّا يحدُث على أرض فلسطين من مجازر، وتتوخَّى هذه الدوَل القفز إلى مصاف القوى العالَميَّة، متجاهلين حقيقة أنَّ هذا العدوَّ وشريانه الشيطاني يرسم أهدافًا خبيثة للدوَل العربيَّة عمومًا.. فمتى ستهبُّ هذه الدوَل وتدافع عن نفْسِها على خطِّ الدِّفاع الأوَّل فلسطين؟!!
الدوَل العربيَّة المحوريَّة ـ للأسف ـ منذ جولة العدوان الثانية غابت تمامًا عن المشهد حتَّى لَمْ نشهد لها أيَّ حراك يُبرئ ذمَّتها الإنسانيَّة والشرعيَّة ومسؤوليَّتها القوميَّة بالدِّفاع عن فلسطين وفقًا للمادَّة الثالثة من ميثاق جامعة الدوَل العربيَّة الَّذي يلزم الدوَل العربيَّة بالتصدِّي لأيِّ عدوان أو استهداف محتمَل لأيِّ دَولة عربيَّة، لكن لا حياة لِمَن تنادي، المُصيبة الأخطر أنَّ اتفاقيَّات الاستسلام الَّتي وقَّعتها بعض الدوَل العربيَّة مع هذا الكيان الإرهابي المُجرِم تُعدُّ خطَّ الدِّفاع الأوَّل عن الكيان الصهيونيِّ، وتنتهك سيادة هذه الدوَل، وإلَّا فإنَّ ما حدَث في 7 أكتوبر يُمكِن أن يتكرَّرَ على مختلف الجبهات العربيَّة، وهناك الآلاف والملايين من أبناء الأُمَّة العربيَّة والإسلاميَّة مستعدِّين للتضحية والدِّفاع عن أولى القِبلتَيْنِ وثالث الحرمَيْنِ الشَّريفَيْنِ، والالتزام بالواجب الشرعي والعروبي والإنساني الَّذي نصَّت عَلَيْه كُلُّ الشرائع والرسالات السماويَّة، لا سِيَّما في مِثل هذه الظروف، حيث يستفرد العدوُّ الصهيوني بأطفالنا وأهلنا في فلسطين عِندما فشل في مواجهة الرجال، رجال المقاومة فعمد إلى ارتكاب مجازره وجريمته للتغطية على خيبته وفشله، ومضى في استهداف كُلِّ ما يمُتُّ للحياة بصِلَة بلغ بهم الأمْرُ بتنفيذ عمليَّات إبادة بالمعتقلين من الرجال باعتبارهم مقاتلين غير شرعيِّين في النهج الإجرامي لبني صهيون أذلَّهم الله
اليوم تتجسَّد قمَّة المأساة والكارثة في قِطاع غزَّة، وإن لَمْ يهبّ العالَم لإنقاذ ما يُمكِن إنقاذه فلَنْ يبقى في هذا القِطاع نسمة تتنفَّس الهواء بعد إغلاق وانقِطاع كُلِّ سُبل الحياة. ولكن بالمقابل فإنَّ المقاومة العظيمة تقدِّم اليوم ملحمة من الصمود، وتقدِّم الدروس للعالَم وتُحقِّقُ إنجازات وملاحم بطوليَّة تجسِّد حقيقة القضيَّة وتمسُّكها بمشروعها وتطبيقها لأوامر الله، لذا لَنْ تخذلَ ولَنْ تنكسرَ وستُذيق بني صهيون المذلَّة والخزي والهزيمة، نسأل الله سبحانه التمكين لرجال القسَّام وسرايا القدس وكتائب الأقصى وجميع فصائل المقاومة وكوادرهم المناضلة بَيْنَ إحدى الحسنيَيْنِ؛ النَّصر المبَيْنَ أو الاستشهاد، ونسأله تعالى تعجيل وعده العظيم بالفتح المُبين الَّذي بشَّر به في محكم كتابه الكريم، ولا شك أنَّ هذه الدِّماء الطاهرة والأرواح البريئة هي عماد مشروع التحرير.. الله أكبر ولله العزَّة ولرسوله وللمؤمنين.

خميس بن عبيد القطيطي
khamisalqutaiti@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الدو ل العربی هذه الدو ل الدو ل ا هذه الد العال م

إقرأ أيضاً:

من طوفان الأقصى إلى الأسد الصاعد: دروس وعبر في مواجهة المشروع الصهيوني

منذ انطلاقة معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها حركة حماس ضد الكيان الصهيوني في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إلى العدوان الاسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الثالث عشر من حزيران/ يونيو الحالي باسم الأسد الصاعد، والصراع مع العدو الصهيوني المدعوم أمريكيا يشهد تطورات متسارعة شملت المنطقة والعالم، وحتى لو تم الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار بين العدو الصهيوني وإيران، فإن ذلك لا يعني أن الصراع انتهى وأن المعركة انتهت، فالصراع لم يبدأ مع معركة طوفان الأقصى ولن ينتهي مع توقف العدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وردها على هذا العدوان، فالصراع بدأ منذ قيام هذا الكيان الصهيوني المدعوم من القوى الغربية ومنذ وعد بلفور البريطاني، مرورا بكل الحروب والمحطات التاريخية في هذا الصراع.

وقد يكون لشهر حزيران/ يونيو حصة وازنة من هذه المحطات، ففي حزيران/ يونيو 1967 شهدنا حرب الأيام الستة ضد سوريا ومصر والأردن والتي انتهت باحتلال القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة وسيناء والجولان، وفي حزيران/ يونيو من العام 1982 شهدنا الحرب على لبنان والتي انتهت باحتلال قسم كبير من الأراضي اللبنانية وصولا للعاصمة بيروت، وخروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وكذلك خروج الجيش السوري من العديد من المناطق اللبنانية، وإن كان هذا العدوان قد أدى إلى نشوء المقاومة الإسلامية والوطنية اللبنانية والتي حررت الأراضي اللبنانية وغيرت مجرى الصراع.

إلى أين ستتجه الأوضاع في المرحلة المقبلة؟ وما هي مهمات القوى الوطنية والإسلامية وقوى المقاومة في مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي؟
واليوم نشهد فصلا جديدا من هذا الصراع والذي وصل إلى إيران من خلال العدوان الإسرائيلي-الأمريكي المشترك ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عبر عمليات متنوعة جمعت الجوانب الأمنية والعسكرية والسياسية والإعلامية، وكان مخططا لها لإسقاط النظام مع تدمير المنشآت النووية والمنظومات الصاروخية، إضافة للاغتيالات للقادة العسكريين والأمنيين والعلماء النوويين. واستغل العدو الصهيوني قدرته الأمنية في اختراق البيئة الإيرانية عبر شبكات العملاء لتحقيق ضربات قاسية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وكان لأمريكا دور فاعل في هذا العدوان عبر قصف المنشآت النووية، لكن الجمهورية الإسلامية نجحت في إقامة توازن رعب مع العدو الصهيوني وصولا لاستهداف القاعدة الأمريكية في قطر. وهذه الحرب القاسية التي عشناها خلال الأسبوعين الماضيين كشفت الكثير من الثغرات في الجوانب العسكرية والأمنية، ولكنها أفرزت نتائج مهمة ستكون لها تداعياتها الكبرى في هذا الصراع المستمر، والذي لا ينتهي بوقف إطلاق للنار أو أي اتفاق طالما أن هذا الكيان الصهيوني قائم وأن العدوان على الشعب الفلسطيني مستمر، وطالما أن العدالة مفقودة في فلسطين المحتلة.

لكن إلى أين ستتجه الأوضاع في المرحلة المقبلة؟ وما هي مهمات القوى الوطنية والإسلامية وقوى المقاومة في مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي؟

على ضوء ما جرى خلال الأسبوعين الماضيين فإن هناك جملة ملاحظات وعبر ودروس يمكن وضعها بشكل أولي، وإن كنا بحاجة لدراسات موسعة لكل التطورات لوضع رؤية مستقبلية لكل القوى المعنية بهذا الصراع.

ومن هذه الدروس والعبر والمهمات المطلوبة في المرحلة المقبلة:

أولا: أن هذا المشروع الصهيوني- الأمريكي لا يستهدف فقط تصفية القضية الفلسطينية أو القضاء على قوى المقاومة، بل يريد منع قيام أية قوة أو دولة في المنطقة تمتلك قدرات نووية أو تكنولوجية أو عسكرية يمكن أن تشكل خطرا على هذا الكيان، وأن الحرب لن تقتصر على إيران بل تشمل دولا كبرى أخرى في المنطقة وخصوصا تركيا وباكستان.

ثانيا: كشفت هذه الحرب حجم الثغرات الأمنية والعسكرية في إيران رغم كل التقدم والقدرات التي تتمتع بها، وهي تضاف إلى الثغرات الأمنية التي برزت خلال الحرب على لبنان، إضافة للتطور التكنولوجي الكبير الذي يتمتع به العدو الصهيوني، وهذا يتطلب مراجعة شاملة للأداء من أجل معالجة الثغرات في المرحلة المقبلة.

مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي ستدخل مرحل جديدة بعد كل هذه التطورات المتسارعة منذ معركة طوفان الأقصى إلى اليوم، وهذا يتطلب إجراء مراجعة شاملة لكل ما جرى، ووضع استراتيجية مشتركة لقوى المقاومة في كل المنطقة؛ لأنه لا يمكن لجبهة واحدة حسم الصراع، ونحتاج لمشروع موحد ومتكامل
ثالثا: نجحت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في توجيه ضربات قاسية للكيان الصهيوني رغم الضربات القاسية التي تعرضت لها، ووضعت توازن رعب في هذا الصراع، وكل ذلك ستكون له تداعياته المستقبلية على هذا الصراع.

رابعا: إن خوض إيران المباشر لهذا الصراع ردا على العدوان الذي تعرضت له أدى إلى التفاف عربي وإسلامي حول الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولو على صعيد المواقف السياسية والإعلامية، وتراجعت الخلافات السياسية والمذهبية، وهذا يمكن أن يؤسس لعلاقات مستقبلية جديدة بين إيران والقوى الإسلامية وكذلك على صعيد العالم العربي والإسلامي.

خامسا: إن امتلاك القدرات الصاروخية والعسكرية والتكنولوجية غير التقليدية هو العامل الوحيد الذي يمكن أن يؤدي لوقف أي عدوان، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات العلمية المستمرة، وهذا يتطلب مراجعة شاملة للمواجهة في المرحلة المقبلة.

سادسا: إن مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي ستدخل مرحل جديدة بعد كل هذه التطورات المتسارعة منذ معركة طوفان الأقصى إلى اليوم، وهذا يتطلب إجراء مراجعة شاملة لكل ما جرى، ووضع استراتيجية مشتركة لقوى المقاومة في كل المنطقة؛ لأنه لا يمكن لجبهة واحدة حسم الصراع، ونحتاج لمشروع موحد ومتكامل على كافة الأصعدة.

هذه بعض الخلاصات والعبر الأولية التي يمكن استنتاجها بشكل أولي وبعض المهمات المطلوبة في المرحلة المقبلة، وإن كنا بحاجة لدراسات أعمق لكل ما جرى منذ معركة طوفان الأقصى إلى عملية الأسد الصاعد وما تلاها من معارك مواجهات، والصراع مستمر ولن يتوقف مع وقف إطلاق النار أو توقف إحدى الجبهات عن القتال المباشر.

x.com/kassirkassem

مقالات مشابهة

  • الصحة الإيرانية: تسجيل 627 شهيدا و4870 جريحا منذ بدء العدوان الصهيوني
  • من طوفان الأقصى إلى الأسد الصاعد: دروس وعبر في مواجهة المشروع الصهيوني
  • السوداني يدعو إلى وقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة
  • استشهاد 9 أشخاص وإصابة 33 آخرين اثر العدوان الصهيوني على وحدة سكنية في شمال إيران
  • الصحة الإيرانية: استشهاد 44 امرأة و13 طفلًا منذ بدء العدوان الصهيوني على إيران
  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تشيد بعملية “بشائر الفتح” ضد القواعد الأمريكية
  • البرلمان العربي يدين ويستنكر العدوان الذي شنته إيران على دولة قطر
  • بوتين يناقش مع عراقجي العدوان الأمريكي الصهيوني على إيران
  • اللجنة الوطنية للمرأة تدين العدوان الصهيوني الأمريكي على إيران
  • إيران ومواجهة العدوان الصهيوني الصليبي