ما معنى ونزعنا ما في صدورهم من غل؟ سؤال بينه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، حيث قول الحق تبارك وتعالى في سورتي الأعراف والحجر:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ}، فما معنى ونزعنا ما في صدورهم من غل، وهل يحمل أهل الجنة الأحقاد بينهم؟

معنى ونزعنا ما في صدورهم من غل؟

يقول تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ}، ليؤكد الدكتور علي جمعة أنه ليس هناك غل في صدور أهل الجنة؛ ولذلك فقد انتفت وانتهت الكراهية، تخيل نفسك أنك لا تكره أحدًا، ولا تكره شيئًا، ولا تكره حادثةً، ولا تكره حديثًا، تخيل نفسك وقد نُزعت الكراهية من قلبك ، والعالم لا يعرف الفراغ ولا يوجد قلب فارغ ؛ فإذا خليت قلبك من القبيح احتله الصحيح ، وضد الكراهية الحب؛ إذًا فقد امتلأ القلب بالحب، وهذه دعوة أكابر أهل الله الذين دعوا إلى أن يملأ المرء قلبه بالحب حتى يكون من أهل الجنة يسير بقدميه في الأرض.

وتابع: فإذا أردت أن تطلع على أهل النار فاطلع على أهل الكراهية؛ حيث يتولد منها الصدام والنزاع، وهذا الصدام يصل إلى القتل، وإلى إراقة الدماء، في حين أن ضد ذلك "الحب" فأنت فيك صفة أهل الجنة، يترتب على ذلك أنك لا تصطدم مع أحد أبدًا، وإذا كنت لا تصطدم مع أحد فإن شيئًا آخر سيصيبك وهو أنك لا تكره لا حادثة، ولا حديث، ولا شخص، ولا أي حال من الأحوال؛ إذًا فقد وصلت إلى حد الرضا، فالحب يولد الرضا، ولأنك لا تضر ولا تؤذي أحدًا بالمرة، ولا تريد؛ فإنك قد وصلت إلى مقام الرحمة، وإذا كنت كذلك ومُلء قلبك بالحب، والحب عطاء، فإنك تكون قد وصلت إلى مقام الكرم؛ فإذا كنت كريمًا، رحيمًا، ودودًا، عطوفًا، فكأنك من أهل الجنة تسير برجليك على الأرض؛ فمن أراد أن ينظر إلى أهل الجنة فلينظر إلى من ملأ الله قلبه حبًا.

علي جمعة: كل الكائنات تسبح فلا تنس ذكر الله تحميهم من الانحراف.. علي جمعة يوجه نصيحة مهمة للشباب

ولفت إلى قول جلال الدين الرومي تدله بالحب، حتى شاع عنه أنه شاعر الحب، ولما تدله بالحب كتب كتبه ودواوينه وشعره ونثره في الحب، أحب كل شيء، أحب الزهور، وأحب الطيور، أحب البحار، وأحب الأشجار، أحب البشر، أحب كل شيء، وكان الحب عنده لا يتجزأ، وإذا ما أُطلق في بلاد الترك مولانا فإنه ينصرف إلى جلال الدين الرومي.

وأوضح علي جمعة: كان جلال الدين يرى أن الحب هو أساس عمارة الدنيا، وهو أساس العلاقة بين العبد وبين ربه، وهو أساس العلاقة بين العبد وبين نفسه، وهو أساس العلاقة بين العبد وبين غيره، وكتب في ذلك كتبًا كثيرة، وشاع له ذلك شيوعًا عظيمًا؛ فمن كتبه كتابٌ اسماه «فيه ما فيه» ، وألَّف كتابًا آخر اسماه «المثنوي» لجلال الدين الرومي، وأخذ ذلك من قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} يعني عنوان هذا الشيخ وطريقته {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ}، وأنشأ طريقةً لا تزال موجودة إلى الآن اسماها (المولوية) نسبةً إلى مولانا.

وشدد: الغريب العجيب أننا نرى في الغرب من المسلمين وغير المسلمين وجدوا أن أكثر الكتب قراءةً كتب جلال الدين الرومي ، لأنه دعا إلى ما يُريح النفس، ولما خلق الله النفس البشرية بهذه الفطرة، وجعل الحب هو الجاذب للقلوب؛ فالحب أحد أهم العناصر التي تدعو بها إلى الله رب العالمين {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} لا يوجد غل ولا كراهية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: هيئة كبار العلماء الدكتور علي جمعة اهل النار ن ز ع ن ا م ا ف ی ص د ور ه م جلال الدین الرومی أهل الجنة علی جمعة

إقرأ أيضاً:

غواي… حين تكون الخطيئة مرآة الروح

مايو 12, 2025آخر تحديث: مايو 12, 2025

حسام باظة

في رواية غواي للكاتبة وفاء شهاب الدين الصادرة عن مجموعة النيل العربية بالقاهرة، نجد أنفسنا أمام عمل أدبي يستدرج القارئ كما تستدرج الغواية قلب العاشق، فلا يملك إلا أن يستسلم لسحر السرد، متورطًا في عالمٍ يشتبك فيه المحظور بالمباح، والبراءة بالذنب، حتى تتماهى الحدود، وتصبح الحقيقة ككفّ امرأة ترتجف تحت المطر، لا تعرف إن كانت تطلب دفئًا أم خلاصًا.

تُفتَح الرواية على نغمة شجن خفي، كموسيقى خلفية لحلمٍ مشوب بالقلق. ليست غواي مجرّد قصة، بل هي مساحة لتأمل الضعف الإنساني حين يلتقي بالشغف، وحين تتحول الرغبة إلى لعنة، والحنين إلى خنجر بارد في خاصرة الروح. إنّ بطلة الرواية لا تُرسم كضحية ولا كخاطئة، بل ككائن يتلوى في مرجل الأسئلة الوجودية، تارةً تستجدي الغفران، وتارةً تسخر من فكرة الخلاص برمّتها.

السرد في غواي مشغول بعناية نادرة، حيث تتداخل الأزمنة كأنها أنفاس راقصة في غرفة مغلقة، والحوار لا يأتي لأداء وظيفة بل ليكشف المستور، وليدفع القارئ دفعًا إلى مناطق داخلية لم يكن يجرؤ على ولوجها. الكاتبة هنا لا تهادن، بل تمسك بيد قارئها وتأخذه إلى الحافة، ثم تهمس في أذنه: “انظر… هذه أنت، إذا ما كُشفت كل أقنعتك.”. فاللغة هنا هي البطل الحقيقي، لغة مشبعة بالإيحاءات، أنثوية الإيقاع، جريئة دون ابتذال، رقيقة دون ضعف. كل جملة كأنها قطرة عطرٍ مُرٍ تسيل على جلدٍ متعب، توقظه ولا تريحه. وفاء شهاب الدين في هذه الرواية تُراهن على الكتابة كفعل مواجهة، لا كأداة تسلية؛ ولذلك فإن غواي ليست رواية تُقرأ بل تُعاش.

تمضي الرواية في خط سردي ملتف كأفعى، حيث تتشابك الحكايات وتتماوج الرغبات، فلا يعود القارئ متأكدًا إن كان يقرأ عن امرأة واحدة أم عن شظايا امرأة تكسّرت تحت وطأة التجربة. البطلة ليست نموذجًا نمطيًا ولا صوتًا خافتًا، بل كيانٌ متمرّد ينهض من بين الرماد، يرفض التصنيف، ويتحرّك بين الحب والرفض، بين الندم والرغبة في الانتقام، كأنها تمشي على حافة هاوية كلما ظنّ القارئ أنها اقتربت من النجاة.

حين تمسك برواية غواي، لا تتوقع أن تدخل عالماً هادئاً أو حكايةً تمضي في خط مستقيم… بل استعدّ لأن تُسحب إلى دوّامة من المشاعر المتناقضة، حيث تتقاطع الرغبة مع الندم، وتتمازج البراءة بالخطيئة، ويصبح الحب نفسه بابًا مواربًا على الجحيم.

“غواي” ليست مجرد عنوانٍ لافت، بل مفتاحٌ ثقافي يحمل جذوره في اللغة البدوية، حيث تعني الكلمة “الحبيب كثير الحب”، ذاك الذي لا يهدأ قلبه ولا يعرف الاعتدال في العاطفة… وكأن الكاتبة أرادت منذ اللحظة الأولى أن تشير إلى أن ما ينتظرنا ليس حكاية حب تقليدية، بل مواجهة عميقة مع أنفسنا. في هذه الرواية، تكتب وفاء شهاب الدين من داخل الجرح، لا من خارجه. تُعرّي النفس البشرية، وتقدّم بطلتها لا كضحية ولا كمذنبة، بل كامرأة تنوء تحت ثقل الشعور، وتسير في دربٍ غير ممهد نحو ذاتها الحقيقية

في روايتها غواي، تأخذنا الكاتبة وفاء شهاب الدين في رحلة داخلية قاسية، تختبر فيها الروح نفسها على محك الرغبة والذنب، الشوق والخطيئة، فتُعري هشاشة الإنسان حين يقف عاريًا أمام مرآة ذاته. ليست غواي مجرد عمل روائي، بل هي طقس اعتراف غير معلن، ونصّ تتكشّف فيه الحقيقة بالتدريج، كما تتسلل الخيانة إلى قلب مطمئن… بهدوء، وبدون استئذان.

العنوان نفسه يحمل مفتاح الدخول إلى عالم الرواية. فكلمة “غواي”، كما تفسّرها الكاتبة، هي لفظة بدوية تعني “الحبيب”، لا بمعناه البسيط، بل كـ”كثير الحب”، ذلك الذي يحب حتى التهلكة، ويغوي ويُغوى، كما لو كان الحب لعنة أبدية تطارده أو هو يطاردها. ومن هذا العنوان، تبدأ الدلالة الكبرى: ماذا لو كان الحب نفسه هو الخطيئة؟ وماذا لو كانت الغواية ليست فعلًا إراديًا، بل قدرًا؟ إن في اختيار هذا اللفظ البدوي ما يضفي على النص مسحة من الأصالة، ويمنحه بعدًا ثقافيًا غائرًا في التقاليد واللهجات التي طالما حمَلت الحكمة والغواية معًا.

تمضي الرواية في خط سردي ملتف كأفعى، حيث تتشابك الحكايات وتتماوج الرغبات، فلا يعود القارئ متأكدًا إن كان يقرأ عن امرأة واحدة أم عن شظايا امرأة تكسّرت تحت وطأة التجربة. البطلة ليست نموذجًا نمطيًا ولا صوتًا خافتًا، بل كيانٌ متمرّد ينهض من بين الرماد، يرفض التصنيف، ويتحرّك بين الحب والرفض، بين الندم والرغبة في الانتقام، كأنها تمشي على حافة هاوية كلما ظنّ القارئ أنها اقتربت من النجاة.

وفاء شهاب الدين كاتبة تعرف تمامًا كيف تحرّك أدواتها. فهي لا تكتفي برسم الشخصيات، بل تغوص في دواخلها، وتجرّدها من الزيف، وتقدّمها لنا مشحونة بالتناقض، وهذا ما يمنح الرواية نبضها الحقيقي. اللغة هنا ليست محض وسيلة، بل كائن حيّ، يتنفس مع كل جملة، ويئنّ أحيانًا. جملها قصيرة كالسكاكين، مشبعة بالإيحاء، لا تتورع عن فضح المشاعر، ولا عن مداعبة القارئ ثم صفْعه بحقيقة غير متوقعة.

الرواية تطرح سؤالًا مؤلمًا: من الذي يدين من؟ الرجل الذي سقط في الغواية، أم مجتمع لا يرحم؟ هل كان البطل مذنب فعلاً، أم أن العالم من حوله كان مهيأ لسقوطه منذ البدء؟ هنا، تتقاطع غواي مع كل التجارب الإنسانية التي يُدفع فيها الأفراد إلى الخطأ، ثم يُصلبون وحدهم على خشبة العار.

إن غواي ليست قصة تُقرأ مرة وتُطوى، بل وجعٌ يُستدعى كلما فكرنا في معنى الحب، وفي كُلفة أن تكون كثير الحب… أن تكون غواي.

رواية تستحق أن تُقرأ، لا لأنها تسلّي، بل لأنها تُفجّر الأسئلة، وتترك القارئ مشتعلاً بعد أن يُغلق الصفحة الأخيرة

فهي نص أدبي يضجّ بالصدق، بالوجع، بالجمال المشاكس… وهي دعوة صريحة لأن نعيد النظر في مفاهيم الغواية، الحب، والخطيئة. رواية تكتبها امرأة، عن رجل، لكنها تُلامس كل روح، رجلاً كان أو امرأة، عرف ما معنى أن تُحب حتى تتكسر.

هذه الرواية ليست دعوة للغواية، بل هي تأملٌ في كيف يصبح الإنسان فريسةً لهشاشته، كيف قد يحمل داخله الملاك والشيطان معًا، وكيف تكون المرأة — لا كرمز بل ككائن متكامل — مرآةَ المجتمع ومقصلة أحكامه في آنٍ واحد. في غواي، كل قارئ قد يرى نفسه، أو يهرب منها خوفًا مما قد يراه.

إنها رواية تُزعج، وتؤلم، وتثير… لكنها لا تُنسى. ففيها تأخذنا الكاتبة وفاء شهاب الدين في رحلة داخلية قاسية، تختبر فيها الروح نفسها على محك الرغبة والذنب، الشوق والخطيئة، فتُعري هشاشة الإنسان حين يقف عاريًا أمام مرآة ذاته. ليست غواي مجرد عمل روائي، بل هي طقس اعتراف غير معلن، ونصّ تتكشّف فيه الحقيقة بالتدريج، كما تتسلل الخيانة إلى قلب مطمئن… بهدوء، وبدون استئذان.

العنوان نفسه يحمل مفتاح الدخول إلى عالم الرواية. فكلمة “غواي”، كما تفسّرها الكاتبة، هي لفظة بدوية تعني “الحبيب”، لا بمعناه البسيط، بل كـ”كثير الحب”، ذلك الذي يحب حتى التهلكة، ويغوي ويُغوى، كما لو كان الحب لعنة أبدية تطارده أو هو يطاردها. ومن هذا العنوان، تبدأ الدلالة الكبرى: ماذا لو كان الحب نفسه هو الخطيئة؟ وماذا لو كانت الغواية ليست فعلًا إراديًا، بل قدرًا؟ إن في اختيار هذا اللفظ البدوي ما يضفي على النص مسحة من الأصالة، ويمنحه بعدًا ثقافيًا غائرًا في التقاليد واللهجات التي طالما حمَلت الحكمة والغواية معًا.

وفاء شهاب الدين كاتبة تعرف تمامًا كيف تحرّك أدواتها. فهي لا تكتفي برسم الشخصيات، بل تغوص في دواخلها، وتجرّدها من الزيف، وتقدّمها لنا مشحونة بالتناقض، وهذا ما يمنح الرواية نبضها الحقيقي. اللغة هنا ليست محض وسيلة، بل كائن حيّ، يتنفس مع كل جملة، ويئنّ أحيانًا. جملها قصيرة كالسكاكين، مشبعة بالإيحاء، لا تتورع عن فضح المشاعر، ولا عن مداعبة القارئ ثم صفْعه بحقيقة غير متوقعة.

الرواية تطرح سؤالًا مؤلمًا: من الذي يدين من؟ المرأة التي سقطت في الغواية، أم مجتمع لا يرحم؟ هل كانت البطلة مذنبة فعلاً، أم أن العالم من حولها كان مهيأ لسقوطها منذ البدء؟ هنا، تتقاطع غواي مع كل التجارب الإنسانية التي يُدفع فيها الأفراد إلى الخطأ، ثم يُصلبون وحدهم على خشبة العار.

إن غواي ليست قصة تُقرأ مرة وتُطوى، بل وجعٌ يُستدعى كلما فكرنا في معنى الحب، وفي كُلفة أن تكون كثير الحب… أن تكون غواي.

رواية تستحق أن تُقرأ، لا لأنها تسلّي، بل لأنها تُفجّر الأسئلة، وتترك القارئ مشتعلاً بعد أن يُغلق الصفحة الأخيرة.

مقالات مشابهة

  • أفضل أدعية للمتوفى.. رددها الآن واجعل قبره روضة من رياض الجنة
  • شيء من الجنة موجود على الأرض وسيعود إليها مرة أخرى
  • «اتقوا الله».. وليد صلاح الدين يرد على اتهامات تفويت الزمالك لمباراة بيراميدز
  • الحب في زمن التوباكو (8)
  • موسم الحب الترامبي
  • معنى الظلم في دعاء سيدنا يونس .. الإفتاء توضح
  • مطر: الحريات لا تعني استفزاز المعتقدات
  • همسات.. لماذا الحب والحزن توأمان؟
  • صفات برج الثور وما هي أحجاره الكريمة
  • غواي… حين تكون الخطيئة مرآة الروح