صحيفة صدى:
2025-08-15@19:59:26 GMT

ومن قال أنك تأخرت؟

تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT

ومن قال أنك تأخرت؟

الحب لا يطرق الأبواب مستأذنًا، ولا يأتي متقيدًا بتقويمٍ عمري أو جدولٍ إجتماعيّ، هو حالة إنسانية خالصة، تتجاوز الزمن، وتتخطى الأطر التي رسمها الناس لما “ينبغي أن يكون”.

من قال إن القلب يشيخ؟ ومن أوهمنا أن في الحب “قطارًا” يُفوّت؟ القلب لا يسير على سكك الحديد، بل على بوصلةٍ داخلية لا يُدركها إلا من عرف معنى الشوق والاحتياج والطمأنينة حين تُلقى النفس في حضنٍ آمن.

لطالما أراد الناس أن يُعلّبوا مشاعر البشر في قوالب جامدة: هذا عمر الحب، وهذا زمن الزواج، وهذا الوقت “الأنسب” للعطاء العاطفي، وما عداه فهو تأخر، أو محاولة يائسة لالتقاط ما فات.

لكن!
الحقيقة أعمق من كل هذا الضجيج.

فالحب، كما يقول ألبير كامو: “هو ما يمنح وجود الإنسان معنى”، ولو أدرك كلّ منا هذه الحقيقة، لما تردّد لحظة في أن يحتفي بالحب متى ما جاء، وكيفما أتى، ما دام تحت مظلة الحلال ودفء المسؤولية.

في ثقافتنا العربية كثير من التناقضات، نمجِّد الحب في القصص، ونحاربه في الواقع حين يأتي متأخرًا أو من غير توقيت “مناسب”.

نُشفق على من لم يتزوج، ونستنكر أن يحب أو يُحب!

لكن في علم النفس والعلاقات، يقول المختصون إن الحاجة للارتباط العاطفي لا تتلاشى مع الزمن، بل تتبلور وتنضج، وقد تُصبح أشدّ حضورًا في المراحل الهادئة من العمر، حين يصبح القلب أكثر وعيًا بذاته، وأشدّ رغبة في الطمأنينة لا الإثارة العابرة.

أما ابن حزم الأندلسي كتب عن الحب فيلسوفًا لا فقيهًا فقط، حين قال “إن معانيه دقيقة لجلالتها، لا تُدرك إلا بالتجربة”.

والتجربة لا تسأل عن تاريخ الميلاد، بل كلما عبر الإنسان محطات الحياة، صار أقدر على فهم الحب، وتقديره، والوفاء له. لم يكن الحب يومًا ترفًا، بل ضرورة وجودية، ولعل أجمل صوره تلك التي تأتي بعد النضج، بعد العثرات، بعد أن عرف الإنسان قيمته وحدوده.

الزواج، حين يكون نابعًا من محبة راشدة، ليس مجرد عقد إجتماعي، بل ميثاق سكينة.

والحب الحلال ليس ضعفًا، بل هو القوة الحقيقية التي تجعل الإنسان متوازنًا، راضيًا، قادرًا على مواجهة الحياة.

فالقلوب تحتاج إلى من يُربِّت عليها، كما تحتاج الأرواح إلى من يسمعها بلا حكم، ويحضنها بلا شروط.

لا عيب في أن نُحب، ولا تأخر في أن نُرزق.
ومن رُزق قلبًا محبًا، ويدًا تمتد بصدق، فقد أصاب خيرًا كثيرًا.
لا تسمع لمن يقول لك إن الوقت قد فات، أو إنك تسير عكس التيار.
فالتيار الحقيقي هو ما يوافق قلبك، وفطرتك، وكرامتك.
ولعل أجمل ما قيل في هذا: ليس هناك وقت خاطئ للعثور على من يجعل قلبك يطمئن.

دع الحب يأتي، ولو بعد مطرٍ تأخر، ففي بعض التربة، لا تزهر إلا بعد أن تروى بصبر.
والأهم أن يُزهر في الحلال، وتحت ظلّ من يعرف كيف يحبك لأنك أنت، لا لأن عمرك مناسب أو ظروفك مثالية.
الحب الحقيقي لا يعترف بالتوقيت، بل بالحقيقة.

المصدر: صحيفة صدى

إقرأ أيضاً:

كيف يحطم الأب النرجسي أحلام أطفاله باسم الحب؟

وتناولت حلقة (2025/8/15) من برنامج "خيال أم جد؟" هذه القضية الحساسة من خلال قصة أمجد، الشاب الذي يعاني من تردد مزمن وفقدان الثقة بالنفس نتيجة تربيته تحت سلطة أب نرجسي.

وسلط البرنامج الضوء على واقع مؤلم يعيشه آلاف الأطفال في مجتمعاتنا العربية، دون أن يدركوا طبيعة المشكلة التي يواجهونها.

النرجسية، كما عرفتها أستاذة علم النفس نينا براون، هي اضطراب في الشخصية يتميز بالشعور المفرط بالأهمية والحاجة المستمرة للإعجاب والاهتمام، ويقدم الشخص النرجسي مصالحه على أي شخص آخر، حتى لو كانوا أبناءه، وقل ما يتقبل النقد أو الاعتراف بأخطائه.

وفي السياق الأسري، يصبح الأب النرجسي مصدر دمار نفسي لأطفاله، فبدلاً من أن يكون الداعم والحامي، يتحول إلى ناقد دائم يستخدم التعيير والمقارنات السلبية كأدوات للسيطرة.

ولا يرى هؤلاء الآباء في أطفالهم أفراداً مستقلين لهم أحلامهم وطموحاتهم، بل يراها امتداداً لذواتهم ومشاريعهم الشخصية.

ويظهر التأثير النفسي لهذا النوع من التربية بوضوح في شخصية أمجد الذي عجز حتى عن طلب "شاورما" بسيطة دون إضافات، وهذا التردد المزمن وفقدان القدرة على اتخاذ القرارات البسيطة هو نتاج سنوات من القمع النفسي والتلاعب العاطفي.

تقنيات السيطرة

ويستخدم الأب النرجسي تقنيات متعددة لضمان سيطرته على أطفاله، مثل التقنية التي تجعل الطفل يشكك في ذاكرته وإدراكه للأحداث، حيث يعيد الأب صياغة الأحداث ويهمش الأجزاء التي تجعله مخطئاً.

كما يمكن أن يستخدم الأب أسلوب التلاعب العاطفي بالتناوب بين دور الضحية والمعاقب والمغري لضمان خضوع الطفل لإرادته.

ويرى خبراء أن الأمر الأكثر خطورة أن تأثير هذه الشخصية لا ينتهي بانتهاء الطفولة، فالأب النرجسي لن يتخلى عن تاج السيطرة على أبنائه مهما بلغت سنهم، وإذا حس بالإحباط أو خيبة الأمل لأن الابن بدأ بالمقاومة فإن عدوانيته تكشر عن أنيابها من خلال نوبات الصراخ والغضب وحتى العنف الجسدي أحياناً.

إعلان

وقدم الدكتور المعالج في البرنامج نصائح مهمة للتعامل مع هذه الحالات، أولاً: المواجهة المباشرة ليست الحل، فالشخص النرجسي لن يعترف بمشكلته ولن يسعى للعلاج.

ثانياً: التركيز على فهم طبيعة هذه الشخصية وتعلم قراءة رسائلها وإدارة المشاعر بشكل أفضل، وثالثاً: تجنب الصدام والحفاظ على الهدوء، مع التدرب على المحافظة على الثقة بالنفس.

ويتطلب العلاج رحلة طويلة من الكتابة والتذكر والعمل على استخراج الطاقة المحبوسة، فالهدف ليس تغيير الأب النرجسي -وهو شبه مستحيل- بل تقليل الخسائر وحماية الذات من التأثيرات السلبية المستمرة.

وتمثل قصة أمجد صرخة لآلاف الصغار الذين يعيشون تحت سلطة آباء نرجسيين، ولعلاجها يمثل إدراك المشكلة الخطوة الأولى نحو التعافي، والأمل يكمن في أن يجد هؤلاء الأطفال القوة لاستعادة ثقتهم بأنفسهم وبناء حياة مستقلة بعيداً عن ظلال الماضي المؤلم.

15/8/2025-|آخر تحديث: 19:51 (توقيت مكة)

مقالات مشابهة

  • كيف يحطم الأب النرجسي أحلام أطفاله باسم الحب؟
  • 5 أسباب وراء تأخر تشغيل السيارة ونصائح لتفاديها
  • ما معنى العمل عبادة؟.. أحمد نبوي يوضح
  • 5 أسباب وراء تأخر تشغيل محرك سيارتك
  • شاهد.. لماذا تأخر المنتخب المغربي في حسم الفوز أمام زامبيا؟
  • فيلم روكي الغلابة يأتي في المرتبة الثالثة .. حصيلة إيراداته ليلة أمس
  • حاجه لله يا ولاد الحلال.. ليلة سقوط ولاد الكتعة في يد الداخلية
  • عودة فيلم “متل قصص الحب” إلى سينما متروبوليس ببيروت
  • ما هي أبرز أسباب تأخر النطق عند الأطفال؟
  • قرار وزاري بتشكيل فريق عمل للأغذية الحلال