CNN Arabic:
2025-05-26@02:36:01 GMT

شبكة CNN داخل غزة.. وجه أمير اليتيم يروي قصص من يدفعون ثمن الحرب

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

‍‍‍‍‍‍

رفح، غزة (CNN)-- أمير طه، البالغ من العمر 20 شهرًا، يرقد بصمت على السرير، وشعره الناعم مرتفع للأعلى، وجلده الناعم كطفل يمزقه جرح قاس في جبهته. تتضخم الكدمات الأرجوانية حول إحدى عينيه البنيتين.

إنه يتيم الآن، كما تقول عمته، بعد أن قُتل والداه واثنان من أشقائه في غارة إسرائيلية، وهو هجوم واحد في الحرب المدمرة على حماس في غزة التي شنتها إسرائيل بعد أن نفذت الحركة هجمات قاتلة عبر الحدود طالت المدنيين الإسرائيليين في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وتضيف خسارة أمير إلى الخسائر البشرية الفادحة في قطاع غزة الصغير حيث قُتل أكثر من 18 ألف شخص، وفقًا لوزارة الصحة التي تديرها حماس في القطاع.

لكنه لا يعرف ذلك بعد، حسبما قالت عمته نهاية القدرة لشبكة CNN. إنه أصغر من أن يفهم.

قالت القدرة: "لقد وجدوا أمير بين ذراعي والدته ملقى في الشارع". وأضافت "ماتت أخته وشقيقه وعمه، وأخته الأخرى مصابة في المستشفى… وها نحن هنا، ليس لديه أم أو أب أو أخت أكبر منه أو أخ. الآن أصبحنا نحن الاثنان فقط والله معنا".

أمير يريد والده. قالت القدرة: "لقد رأى بالأمس ممرض يشبه والده، وظل يصرخ: أبي! أبي! أبي!". وعندما تحتاج إلى تهدئته، تعرض للطفل مقطع فيديو لوالده.

رعب الحرب الحديثة

سيتعافى أمير من جروحه الجسدية مع العلاج الذي يتلقاه الآن في المستشفى الميداني في رفح، جنوب قطاع غزة، الذي أنشأته حكومة الإمارات العربية المتحدة.

ومع اكتظاظ المستشفيات المحلية بالمرضى والجرحى الذين يبحثون عن المساعدة من المرافق التي تضررت أو دمرت، فإن المرفق الإماراتي مكان نادر يعمل، ومجهز تجهيزًا جيدًا، ويحتوي على طاقم عمل جيد يمكنه تقديم المساعدة للحالات الأكثر خطورة.

وتمكنت CNN من رؤية عملهم في زيارة قصيرة هذا الأسبوع، وهي أول وسيلة إعلامية غربية تتمكن من الوصول إلى جنوب غزة لتقديم تقارير مستقلة. وقد جعلت إسرائيل ومصر في السابق الأمر شبه مستحيل على الصحفيين الدوليين أن يشهدوا بشكل مباشر الخسائر التي لحقت بالمدنيين.

وفي الشوارع المليئة بالقمامة وأنقاض المباني المدمرة، نرى رعب الحرب الحديثة. وعلى الرغم من القصف العنيف، يتجول الناس في الخارج مثل الزومبي، ربما يحاولون فهم حياتهم، وربما ليس لديهم أي شيء آخر يفعلونه.

معظم المحلات التجارية مغلقة، ولكن هناك طابور طويل خارج المخبز. لقد خلفت الأمطار الأخيرة بعض المياه الراكدة، وبدأ البرد في شهر ديسمبر.

"إنه يغير قلبك"

وفي غرفة أخرى بالمستشفى الميداني، تم تثبيت جنان مغاري، البالغة من العمر 8 سنوات، في جبيرة لكامل الجسم. وقالت لشبكة CNN: "لقد قصفوا المنزل الذي أمامنا ثم منزلنا". وأضافت: "كنت جالسة بجوار جدي، وقد احتضنني، وكان عمي بخير، فهو الذي أخرجنا".

كُسرت جمجمة جنان وساقها في القصف، كما توضح والدتها هبة محمد مغاري، التي لم تكن في المنزل وقت الهجوم.

تشجع طفلتها على التحدث بينما تصمت هي نفسها: "ذهبت إلى المستشفى للبحث عنها.. جئت إلى هنا، ووجدتها هنا". تتساقط الدموع على وجهها وهي تبكي بهدوء.

ويقول الأطباء في المستشفى الميداني الإماراتي إنهم يجدون صعوبة خاصة في رؤية وعلاج الأطفال الأبرياء ضحايا الحرب، لكنهم مشغولون للغاية لدرجة أنهم لا يستطيعون التفكير في الأمر.

قال الدكتور أحمد المزروعي عن رؤية الأطفال المصابين: "إنه شيء يغير قلبك".

وقال زميله المدير الطبي للمستشفى الدكتور عبدالله النقبي: “من الواضح أن هؤلاء مدنيون". وأضاف: "إنهم لا يستحقون أن يفقدوا أحد أطرافهم أثناء جلوسهم مع العائلة".

تم بناء المستشفى بسرعة في ملعب لكرة القدم، ولكن طاقم العمل والمعدات الحديثة تجعل من 150 سريرًا مطلوبين للغاية. وقال النقبي: "الناس من هنا يطلبون منا أن نبقي خدماتنا مقتصرة على المصابين بجروح خطيرة لأنهم هم المحتاجون ولا يمكنهم الانتظار".

هدوء وسط الغارات الجوية

المسعفون المتطوعون متواجدون على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع ويعملون لساعات طويلة. قال النقبي: "بالأمس بدأنا في الساعة الثالثة فجرا. 4 إصابات. لا عمليات بتر بل حروق. الحروق أسوأ من عمليات البتر”. وأضاف: "بقينا مستيقظين حتى وقت متأخر من بعد الظهر".

يعد التعامل مع ضحايا الصدمات أمرًا أساسيًا في عمل الأطباء في إطار المهمة الإماراتية، التي يطلق عليها اسم عملية "الفارس الشهم 3 ". لكنهم يشهدون أيضًا عواقب انهيار الأنظمة الصحية المحلية والظروف المزدحمة السيئة التي تؤدي إلى أمراض معدية ومشاكل أخرى.

وقال النقبي: "جاء شخص مصاب في رأسه ويخرج من الجرح ديدان". وأضاف: "لا يمكننا تفسير نوع البيئة التي تعرضوا لها، ومن الناحية الطبية لا أستطيع أن أشرح مدى ذلك التلوث. حتى الجراح أصيب بالصدمة".

يكاد يكون الوضع هادئًا داخل المستشفى، حيث يقوم طاقم عمل منظم برعاية مرضاهم بكفاءة، في الأقسام ووحدات العناية المركزة وغرف العمليات. لكن الحرب موجودة دائمًا.

وفي غضون 15 دقيقة من وصول فريق CNN، سمع دوي غارة جوية قريبة. الأطباء لا يتراجعون حتى. وقال النقبي: "هذه هي الحياة الحقيقية"، مضيفًا أنهم يسمعون ما لا يقل عن 20 ضربة في اليوم. وتابع "أعتقد أننا اعتدنا على ذلك".

ملاحظات ملطخة بالدم

وفي ملجأهم، لا أحد يعرف ما الذي تم ضربه، سواء كان هدفًا تابعًا لحماس أو منزلًا مدنيًا أو محلًا تجاريًا. لكنهم سرعان ما يحصلون على أخبار عن وجود ضحايا يحتاجون إلى علاجهم.

وقال النقبي، وهو مسرع إلى "المنطقة الحمراء" حيث يستقبل مصابين جدد: "لقد اتصلوا بنا الآن، وسوف يرسلون لنا شابين بترت أطرافهم من جراء القصف".

وقال لاحقاً، وهو يناقش تجارب الفريق في المنزل: "معظمنا أطباء طوارئ ذوو خبرة، واستشاريون في وحدة العناية المركزة... لقد شهدنا حالات صعبة، لكنها كانت تأتي من خلال خدمات الطوارئ الطبية لدينا، نظيفة ومنظمة".

الملاحظات التي سلمها المسعفون الذين نقلوا رجلًا وصبيًا يبلغ من العمر 13 عامًا، وكلاهما بأطراف مفقودة، ملطخة بالدماء.

يعاني كلا المريضين من إصابة خطيرة، وتعمل الفرق بسرعة على استبدال الضمادات التي يتم استخدامها كعاصبة. وقال النقبي: "لم يأت إلي مريض واحد بعاصبة مناسبة"، موضحًا أن وقف فقدان الدم بشكل صحيح أمر بالغ الأهمية لإنقاذ الأرواح.

"العالم لا يستمع"

وذلك لأن المرضى يأتون من غزة المدمرة التي رأيناها أثناء قيادتنا لمسافة 4.5 كيلومتر من الحدود المصرية إلى المستشفى.

يقول الجيش الإسرائيلي إنه ضرب 22 ألف هدف في غزة منذ 7 أكتوبر، وهو ما يتجاوز بكثير أي شيء شوهد في الحرب الحديثة من حيث الشدة والشراسة.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن جميع سكان غزة تقريبًا، الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة، أُجبروا على ترك منازلهم، حيث استهدفت إسرائيل أولاً شمال القطاع ثم جنوبه في عملياتها لتدمير حماس واستعادة أكثر من 100 رهينة يعتقد أنهم ما زالوا قيد الاحتجاز لدى الحركة.

وحتى مع مطالبة المزيد من الدول بوقف إطلاق النار، تساءل أحد المرضى الشباب في المستشفى الميداني الإماراتي بمرارة عما إذا كان أي شخص يشعر بالقلق حقًا بما فيه الكفاية.

قبل الحرب، كانت لمى علي حسن علوش، البالغة من العمر 20 عامًا، تدرس الهندسة في الجامعة وتستعد لحفل زفاف شقيقتها. استجابت عائلتها لأوامر الجيش الإسرائيلي بمغادرة منزلها في الشمال والفرار إلى الجنوب. لكن المنزل الذي كانوا يبحثون فيه عن مأوى تعرض لقصف. وهي الآن في المستشفى وقد بترت ساقها اليمنى.

وأضافت: "العالم لا يستمع إلينا.. لا أحد يهتم بنا، نحن نموت منذ أكثر من 60 يومًا، نموت من القصف، ولم يفعل أحد شيئًا".

نشر الخميس، 14 ديسمبر / كانون الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: المستشفى المیدانی فی المستشفى من العمر

إقرأ أيضاً:

كريم وزيري يكتب: أرباح الحروب التي لا نراها في نشرات الأخبار

في كل حرب، تتجه الأنظار نحو الجبهات، نحو الدبابات التي تزمجر، والطائرات التي تمطر، والجنود الذين يسقطون على أطراف الخرائط، لكن قليلون من ينظرون خلف الكواليس، حيث تجلس الأطراف الرابحة في صمت، تتابع المشهد من شاشات تحليل البيانات أو مكاتب صفقات السلاح، تحتسي قهوتها بهدوء بينما تُعد الأرواح على الأرض مجرد أرقام في تقارير الأداء، ومنذ الحرب العالمية الأولى وحتى أحدث صراع في أوكرانيا أو غزة، ظل السؤال نفسه يُطرح بين من يجرؤون على كسر السرديات الرسمية وهو من يربح حقًا من هذه الحروب؟

هناك من يعتقد أن تاجر السلاح هو الرابح الأكبر، وهو رأي له وجاهته، فصناعة السلاح هي من أكثر الصناعات التي لا تخسر أبدًا، الحرب بالنسبة لها ليست دمارًا بل موسم رواج، كل دبابة تُستهلك تُستبدل بأخرى، وكل صاروخ يُطلق يُعوض بعقد توريد جديد، وشركات كبرى مثل لوكهيد مارتن، ريثيون، تُضاعف أرباحها كلما احتدمت الجبهات، والحروب تُستخدم كإعلانات حية لمنتجاتهم، ويكفي أن تنجح طائرة واحدة في تنفيذ مهمة دقيقة حتى تصبح نجمة معارض السلاح التالية، والدول لا تشتري فقط القدرة على القتل، بل تشتري وهم التفوق، هالة الردع، وشعورًا زائفًا بالأمان.

لكن الصورة تغيرت، فخلف الكاميرات، هناك لاعب جديد دخل الساحة، لا يرتدي زيًا عسكريًا ولا يظهر في نشرات الأخبار، إنه من يملك المعلومة، من يستطيع أن يوجه الرأي العام، أن يصنع العدو، أن يعيد تعريف النصر والهزيمة حسب مزاج مصالحه، من يملك المعلومة يملك القوة الناعمة والصلبة في آنٍ واحد، شركات مثل غوغل وميتا وأمازون لم تُصنف حتى الآن ضمن "شركات الدفاع"، لكنها تملك بيانات عن الشعوب أكثر من حكوماتها، وتستطيع حرف المسارات السياسية عبر خوارزمية، أو إخماد ثورة بتقليل ظهورها في "الترند".

لم تعد المعركة فقط على الأرض، بل على الشاشات، في كل ما يُقال ويُعاد ويُضخ، في كل إشعار يصل لهاتفك ويستهدف وعيك قبل أن يستهدف جسدك، باتت المعلومة أقوى من القنبلة، لأنها تهيئ لها الطريق، وتُشيطن طرفًا، وتبرر الحرب، وتمنح الضوء الأخضر النفسي قبل العسكري، ومن يتحكم في الصورة، يتحكم في المعركة، ومن يتحكم في التحليل، يتحكم في المصير.

صانع السلاح يربح عندما تشتعل الحرب، لكن صانع المعلومة يربح حتى في الهدنة، بل أحيانًا يُشعل الحرب لتخدم روايته، والمشكلة أن كثيرًا من الصراعات التي نشهدها الآن لم تُخلق من نزاع حقيقي على الأرض، بل من تضخيم إعلامي أو سردية مصطنعة، أصبح بالإمكان تصنيع "عدو"، ثم بث الخوف منه، ثم تسويقه كمبرر لحرب لاحقة، وكل ذلك دون أن يخرج مطلق المعلومة من مكتبه.

منذ سنوات بدأت شركات السلاح تستثمر في شركات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، والعلاقة بين الاثنين لم تعد منفصلة، وهناك من يصنع السلاح، وهناك من يصنع القصة التي تُبرر استخدامه، وهناك من يجهز الطائرة، وهناك من يجهز عقل المواطن ليتقبل القصف.

المعلومة أصبحت سلاحًا موازيًا، بل سابقًا على القذيفة. فالقصف يبدأ من رأسك، من فكرة يتم زرعها، حتى تصدّق أنها "حرب عادلة" أو "دفاع عن النفس".

السؤال الآن من يربح أكثر؟ من يبيع الموت في شكل معدني أم من يبيعه في شكل رواية؟ من يملك المصنع أم من يملك التأثير؟ من يتحكم في الجيوش أم من يتحكم في العقول؟ الواقع أن كليهما رابح، لكن الفارق أن تاجر السلاح يربح مرئيًا، في حين أن تاجر المعلومة يربح في الخفاء، دون أن يُسأل أو يُحاسب، بل الأسوأ قد تراه بطلًا، أو خبيرًا محايدًا، وهو في الحقيقة من يدير المعركة بطرف إصبع.

الربح في الحروب لم يعد فقط ماليًا، إنه أيضًا في التأثير، في إعادة رسم الخرائط، في التحكم في السرديات الكبرى، والأدهى من ذلك أن الشعوب نفسها باتت هي السلعة، بياناتهم، عواطفهم، مخاوفهم، سلوكهم على الإنترنت، كل ذلك أصبح يُباع ويُشترى ويُستخدم كوقود في حروب غير تقليدية، حروب لا يُطلق فيها رصاص بل تُحقن فيها العقول بما يكفي لتدمير ذاتها.

صانع السلاح يربح حين تسقط الجثث، لكن صانع المعلومة يربح حين تنهار الثقة، حين تصبح الحقيقة مشوشة، والواقع ضبابيًا، والعقل هشًا، قد لا تراه، لكنه موجود في كل إشاعة، في كل فيديو مفبرك، في كل خطاب تعبوي يُبث، في كل "ترند" يُدير الوعي الجمعي دون أن ينتبه أحد.

الحروب القادمة لن تكون فقط على الأرض، بل في الفضاء الإلكتروني، في غرف الاجتماعات المغلقة، في مراكز تحليل السلوك البشري، وساحة المعركة لن تكون فقط الجبهة، بل أيضًا شاشة هاتفك، عقل ابنك، وتصوّرك لما يجري من حولك.

قد لا تشتري سلاحًا، لكنك تستهلك المعلومة، وقد لا تقتل أحدًا، لكنك قد تقتل الحقيقة دون أن تدري.

 

 

مقالات مشابهة

  • ضبط تاجر حشيش ومسلح هاجم رجال التحريات داخل المستشفى البيضاء
  • العثور على السلاح الذي انتحر به حفيد نوال الدجوي.. والأمن يفحص
  • «عمود إنارة اخترق بطنه».. وفاة راكب داخل سيارة ميكروباص في امبابة
  • استمرار تبادل الأسرى بين أوكرانيا وروسيا.. الأكبر منذ بداية الحرب
  • كريم وزيري يكتب: أرباح الحروب التي لا نراها في نشرات الأخبار
  • قحيم وعطيفي الاطلاع على مستوى الخدمات التي يقدمها مستشفى الصليف الريفي بالحديدة
  • ???? الحرب على السودان بدأت مع لجنة التمكين وانتهت بشفشفة المواطنين
  • الحرب فرضت نفسها علي الواقع السوداني وكما ترون فقد تحولت البلاد الي حطام !!.. ما الذي قادنا الي هذا الوضع الكارثي ؟! الجهل هو السبب !!..
  • اقتصاد الظل في السودان: تحالفات الخفاء التي تموّل الحرب وتقمع ثورة التحول المدني
  • من جونية إلى الحازمية… سقوط شبكة خطف ودعارة بعد فيديو مسرّب