أميركا والقوة متعددة الجنسيات.. لتأمين الملاحة الدولية أم السفن الإسرائيلية والهيمنة؟
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
على خلفية إعلان الولايات المتحدة الأميركية، عن تشكيل قوة متعددة الجنسيات- بدعوى تأمين حركة التجارة والملاحة العالمية في البحر الأحمر- سارع عبد الملك الحوثي زعيم جماعة "أنصار الله" اليمنية، التي تُسيطر على شمال اليمن (يوم الأربعاء الماضي)، إلى التهديد باستهدافِ وضرب البوارج الأميركية، إذا أقدمت واشنطن على قصف اليمن.
"الحوثي"، أكد أن الشعب اليمني لن يتراجع عن موقفه المبدئي والديني والإنساني؛ دعمًا للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأن تحرك جماعته، لا يستهدف الملاحة العالمية، ولا السفن الدولية، بل الإسرائيلية والمرتبطة بها حصريًا.
"أنصار الله"، استهدفت عددًا منها لم تمتثل لقرارها، ثم شرعت مؤخرًا، بمنع كافة البواخر التي تكون وجهتها إلى الموانئ الإسرائيلية أيًا كانت جنسيتها؛ بما أدى عمليًا إلى شلل الموانئ الإسرائيلية، والحركة التجارية بها. الجماعة، حددت معادلة، وهي: مرور البواخر المُبحرة إلى الكيان الصهيوني، مقابل وقف العدوان على القطاع، ورفع الحصار عنه.
ازدهار.. أم شرّ مستطير؟وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أعلن من تل أبيب (الاثنين)، تشكيل تحالف متعدد الجنسيات؛ لحماية التجارة وحرية الملاحة الدولية في "البحر الأحمر"، وتباهى بأن بلاده بهذا التحالف تدعم القانون الدولي.
نسي، "أوستن" أو تناسى، أن القانون الدولي ذبيح، يدوسه جيش الاحتلال، بالنعال، مرتكبًا المذابح والمحارق يوميًا؛ لإبادة الشعب الفلسطيني، وهي جرائم حرب بربرية، يندى لها جبين الإنسانية، تُرتكب بأسلحة، و"حماية" أميركية من الملاحقة الجنائية الدولية.
أميركا أطلقت على "القوة متعددة الجنسيات"، اسم: "حارس الازدهار"، وهو مُسمى مُضلِل.. مثلما سيروج الأميركان لهذه القوة إعلاميًا- بعد قليل- على أنها "تحالف دولي"، رغم كونها أبعد ما تكون عن الشرعية الدولية، ومظلة الأمم المتحدة.
هذه "القوة"- أو التحالف بقيادة أميركا- ليست لتأمين حركة التجارة العالمية، أو حراسة الازدهار. فلا يُنتظر منها "ازدهارًا"، ولا خيرًا، ولا تفكيكًا لأزمات، بل هي شرٌ مُستطير، وحروب وخراب ودمار، وتعقيد للأزمات، أينما حلت. هكذا تُخبرنا التجارب السابقة مع الأميركان، والأمثلة كثيرة: (أفغانستان، والعراق، والصومال، ولبنان، وفيتنام).
حماية التجارة الإسرائيليةالقاصي والداني، يعلم أن هذه القوة متعددة الجنسيات، هادفة لحماية البواخر والسفن، والبضائع والتجارة الإسرائيلية، وتأمين مرورها في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب؛ لذا امتنعت مصر، والسعودية، وباقي الدول العربية عن الانضمام إليها.
ليس مستبعدًا، إقدام أميركا على هذا التحرك العسكري؛ امتثالًا لضغوط الكيان الصهيوني "الهش"، الذي لا يستطيع التصدي لجماعة "أنصار الله" (المدعومة إيرانيًا)، بينما هو غارق في الوحل والعار بقطاع غزة.
ذلك أن الحسابات الاستخباراتية الأميركية، تستنتج أن إسرائيل، لا تملك إمكانات الانتصار على إيران في أي حرب بينهما، إذا ما قامت إسرائيل بضرب "أنصار الله"، واندفعت إيران للتدخل؛ حمايةً لمصالحها في البحر الأحمر.
السعي للهيمنةنصل إلى بيت القصيد، فـ "الكيان الصهيوني"، يسعى دائمًا لاستدراج الولايات المتحدة، ودفعها للحرب على إيران، لتدميرها، أو هكذا يحلُم ويتمنّى، ويأمل.
ويبدو أن الكيان وجد ضالته في مأزِق منع السفن المُبحرة إلى موانئه، سبيلًا لجذب أميركا إلى هذه المواجهة، لا سيما أن الأميركان مفتونون بغرور القوة، يسعون للهيمنة والسيطرة على "الممرات المائية"- في الكون كله إذا أمكن- لما توفره من أفضلية وميزات كثيرة تجارية وتنافسية، وعسكرية بتسهيل التنقل في حالات الحروب، واختصار الوقت.
هيبة القوة والردع"الولايات المتحدة"، وتحالفها متعدد الجنسيات، بوسعهما طبعًا، قصف المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية، لكن الأخيرة، لن تتردد في استهداف البوارج الأميركية، كما توعّد زعيمها عبد الملك الحوثي.
"أنصار الله" مزودة- إيرانيًا- بصواريخ متنوعة بعيدة المدى، بما مفاده أن البوارج والمدمرات الأميركية وحاملات طائراتها في مرمى صواريخها وطائراتها المسيرة.
قد لا يكون الأمر بهذه السهولة، فهذه البوارج ليست صيدًا سهلًا، بالتأكيد، لكن المشكلة هنا، أن قيادة "أنصار الله" إذا قالوا فعلوا، فهم يملكون إرادة حديدية، تتيح لهم الإقدام على ضرب السفن الحربية الأميركية عند اللزوم، ولو بعمليات انتحارية.
أميركا بلا جدال، قوة عسكرية عظمى غير مسبوقة في التاريخ، ومن المؤكد أن "الهيبة"، والهالة المُحيطة بهذه القوة، تمثلان بحد ذاتهما "رادعًا". هنا، فمن واجب الأقوى- أميركا- أن يحافظ على هذه الهيبة، ولا يستفز الغير، حتى لا يتجرأ عليه هذا "الغير"، لا سيما، إذا كان على شاكلة "أنصار الله"، التي ترى في أميركا "الشيطان الأعظم"، على النهج الإيراني.
شرارة قد تُشعل المنطقةكثيرٌ من الدول، والجماعات المُسلّحة، لديها أسلحة فعّالة وناجزة، لكن القليل منها، يمتلك إرادة استخدامها عند اللزوم، و"أنصار الله" من هذا القليل، وهنا مكمن الخطورة، إذ يمكن للمنطقة أن تشتعل إذا ما انطلقت شرارة هنا أو هناك.
في هذا السياق، فقد سبق لليمنيين (12/10/2000) استهداف المدمرة الأميركية "يوس إس كول"، بـ "هجوم انتحاري"، قبالة ميناء عدن، أسفر عن مقتل 17 جنديًا، وإصابة 39 آخرين بجراح، وجرى اتهام تنظيم القاعدة (فرع اليمن) للتذكير. ليس أمام أميركا لحماية سفن وبواخر "الكيان الصهيوني"، سوى إلزامه بوقف عدوانه على القطاع، وفكّ الحصار المضروب عليه، حينئذٍ، وفي اللحظة نفسها، ستتوقف "أنصار الله" عن ملاحقة السفن المتجهة إلى إسرائيل.. هكذا وعدها وقرارها.
"حارس الازدهار" على الطريقة الأميركية.. ليست حلًا.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+
تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: متعددة الجنسیات الکیان الصهیونی البحر الأحمر أنصار الله
إقرأ أيضاً:
اليمن.. مقتل 5 أطفال بقصف مدفعي و«أنصار الله» تتهم الجيش وتقرير أممي يحذر
اتهمت جماعة “أنصار الله” في اليمن، الجيش اليمني المدعوم من التحالف العربي بقيادة السعودية، بتنفيذ قصف مدفعي استهدف منازل المواطنين في منطقة العرسوم بمديرية التعزية بمحافظة تعز الاستراتيجية (جنوب غربي اليمن)، ما أسفر عن مقتل خمسة أطفال، حسبما أفاد تلفزيون “المسيرة” التابع للجماعة.
وأوضح المصدر أن القصف الذي وصفه بـ”المرتزق” أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين، مؤكداً وقوع الخسائر البشرية في صفوف الأطفال الأبرياء، فيما لم يصدر أي تعليق فوري من الجيش اليمني حول هذه الاتهامات.
ويأتي هذا التصعيد في ظل هشاشة الأوضاع على الجبهات الأمامية في اليمن، حيث أكد المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، استمرار الأنشطة العسكرية في عدة محافظات بينها تعز، الضالع، الجوف، مأرب، وصعدة، محذراً من أن الحل العسكري “وهم خطير” قد يؤدي إلى تعميق معاناة الشعب اليمني.
وتشهد محافظة تعز، التي تقاسمها الجيش اليمني وجماعة أنصار الله، حالة توتر مستمرة مع تحركات عسكرية متكررة، تعكس استمرار الصراع على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً والجماعة المسلحة، والذي دخل عامه العاشر مخلفاً أزمة إنسانية هي من الأسوأ عالمياً.
وتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن الحرب في اليمن أودت بحياة نحو 377 ألف شخص حتى نهاية 2021، وتسببت في خسائر اقتصادية تراكمية تجاوزت 126 مليار دولار، بينما يحتاج حوالي 80% من السكان البالغ عددهم نحو 35 مليون نسمة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت في أكتوبر 2022 عن فشل تمديد الهدنة التي استمرت ستة أشهر بين طرفي النزاع، ما جعل الهدوء هشاً وزاد من مخاطر التصعيد العسكري والإنساني في البلاد.
في سياق متصل، تستمر جماعة أنصار الله في توجيه ضربات ضد أهداف إسرائيلية كما أعلن المتحدث الرسمي باسمها العميد يحيى سريع أمس، في مشهد يعكس توسع دائرة الصراعات الإقليمية المرتبطة بالوضع اليمني.