لجريدة عمان:
2025-05-18@10:49:29 GMT

مصطفى الفقي والزعيم جمال عبد الناصر

تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT

في الوقت الذي يجب أن يُطرح فيه الموقف المصري من الحرب الصهيونية على غزة للنقاش، وماذا لو كان الزعيم جمال عبد الناصر حيًا؟ وكيف سيكون موقفُه من فتح معبر رفح الحدودي - النافذة الوحيدة للدخول إلى قطاع غزة؟ فاجأنا الكاتب مصطفى الفقي بإساءاته للزعيم من خلال برنامج «الصندوق الأسود»، الذي يقدّمه الإعلامي الكويتي عمار التقي، في توقيت مهم، تفتقد فيه الأمة العربية إلى الزعامة، وإلى من يوجّه بوصلتها، ويحتاج فيه الفلسطينيون إلى نصير.

في حواره كان الفقي كعادته يقدّم حواديت أقرب إلى التسلية، ولا ترقى إلى أن تصل إلى المعنى المراد من «الصندوق الأسود»؛ فقد وجّه سهامه لعبد الناصر في أكثر من جبهة، وهو ما حاول أن ينكره فيما بعد، قبل أن يعتذر عن ذلك في مقال كتبه لصحيفة «المصري اليوم» يوم الأربعاء 13 ديسمبر 2023.

في حواره قال الفقي: «عثرنا على مقبرة جماعية تعود إلى عهد عبد الناصر، وأنّ نظامه، كان يقمع الحريات، وكذلك كان يوجد غياب للديمقراطية أيضًا»، وهو كلامٌ سبق وأن طُرح كثيرًا وهو قابلٌ للنقاش، ولكن من ضحالة ما جاء في الحوار، قول الفقي: إنّ عبد الناصر كان يشرب في منزل الرئيس السادات، خاصة بعد هزيمة 1967. وردًا على سؤال المذيع عن نوع المشروب، قال الفقي: «يعني بيشرب أي مشروب متحبكهاش. يعني معظم الزعماء بيشربوا.. أنت تريد الصندوق الأسود، معظم الزعماء كانوا بيشربوا من ضغوط العمل، وللهروب من الظروف الصعبة».

أثار حديث الفقي جدلًا صاخبًا في مصر. وقال الصحفي والبرلماني مصطفى بكري: إنه استاء جدًا من الموضوع، وإنه اتصل به، فنفى ما نُسب إليه، وإنه ذكر في المقابلة أنه: «حصلت تجاوزات من بعض المسؤولين في مجال الحريات والسجون، ولكن عصر عبد الناصر هو عصر العدالة الاجتماعية، وتأميم قناة السويس، ومكانة مصر الدولية، والقومية العربية، واعتزاز المصري بكرامته»، وحسب بكري أيضًا، فإنّ الفقي نفى حكاية المقبرة الجماعية أسفل السجن الحربي، وقال: «لقد قيل إنه جرى اكتشاف عظام آدمية أسفل السجن ولم أنسبها لزمن عبد الناصر، بل السجن الحربي موجود في أزمنة الملكية التي سبقت الثورة».

ما قاله الفقي في «الصندوق الأسود» متوفر في «اليوتيوب»، وقد ثبت عليه ولا يمكن إنكاره؛ ولكن ما الداعي إلى قول شيء، ثم محاولة إنكاره والتراجع عنه بسبب الجدل المثار حوله؟

يرى البعض أنّ الفقي يريد أن يملأ الفراغ الذي تركه الراحل محمد حسنين هيكل في الساحة الإعلامية؛ لذا أصبح مدمنًا للظهور التلفزيوني، بحيث لا يكاد يمر أسبوع دون عدة مرات يتربع فيها على الشاشات، «وبالطبع هذا الظهور المكثف يستدعي دومًا أحاديث جديدة وحكاوى طازجة، تبرّر تعاقد القنوات معه، واستضافتها السخية له، وهو ما يؤدي إلى تطرقه لمعلومات وسرديات جديدة وصادمة، مثل حديثه عن تردد عبد الناصر على السادات وتناوله الشراب، في حين أنّ المعروف عن عبد الناصر عزوفه عن الشرب والمخدرات والنساء»، كما أشار إلى ذلك السفير فوزي العشماوي. وما أود قوله هنا: هو أنّ هناك فرقًا كبيرًا وبونًا شاسعًا، بين المعلومات التي كان قدّمها هيكل وبين حواديت الفقي.

ماذا قال مصطفى الفقي في مقاله بالمصري اليوم تحت عنوان «اعتذار واجب»؟ قال: «.. أنا أعترف أنّ لعبد الناصر انتصارات كبرى، إلى جانب مصاعب ومتاعب واجهها عبر مسيرته، إذ لا تخلو منها التطورات السياسية في أيّ بلد، ولقد كان الرجل نزيهًا وشريفًا وشامخًا بكلّ المعاني. ولذلك دُهشت كثيرًا عندما اتصلَت بي زميلتي الفاضلة د. هدى جمال عبد الناصر، عاتبةً على حديث جرى معي في برنامج تليفزيوني- ربما دون تركيز مني نتيجة الإرهاق، بسبب طول مدة الحديث- عن الواقع العربي في القرن الماضي، ولقد عاتبتني هدى عن بعض ما جاء في ذلك الحديث من معلومات غير صحيحة- ومعها كلّ الحق- وأنا أسجل هنا أنّ الحياة الشخصية لجمال عبد الناصر هي أنصع ما لديه». ويقول: «لقد احتوى الحديث- كما تم نشره- على معلومات افتقدت الكياسة والدقة ومسّت شخصية فريدة في تاريخنا المعاصر، ولذلك أبادر بالاعتذار كاملًا وواضحًا وصريحًا للدكتورة هدى ولشقيقها الراحل الذي أعتز بصداقته حتى الآن د. خالد جمال عبد الناصر». وجاء في مقال الاعتذار: «سوف أظل أشعر بالذنب لذلك الحديث الذي أُعدَّ دون فهم دقيق ووعي كامل لأهدافه وغاياته، وأرجو أن تتقبل أسرة الزعيم الراحل من واحد من أبنائها- غرّد خارج السرب- خطأ وتجاوزًا، وها هو يعود معتذرًا بكلّ صدق وشرف وإيمان؛ فلقد كان عبد الناصر لي ولجيلي، بل وللتاريخ القومي كله، نموذجًا يحتذى».

أتصور أنّ اعتذار الفقي يُحسب له، رغم أنّ الحديث عن شراب عبد الناصر، هو حديث سخيف، وهذا الاعتذار يجعلنا نتساءل عن أسباب سقوط النخب العربية، وما الذي يجعل البعض يلقون التهم جزافًا، ثم أمام الطوفان يعتذرون؟ فهذا ما فعله من قبل، عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية، عندما ذكر في كتابه الذي حمل عنوان «كتابيه»، أنّ عبد الناصر كان يستورد طعامًا خاصًا له من الخارج، وتحديدًا من سويسرا، لاهتمامه بنظام غذائي يؤدي لخفض الوزن، وأنه كان يرسل من وقت إلى آخر من يأتي له بأصناف معينة من الطعام الخاص بالريجيم من سويسرا، وهي المعلومة التي نفاها سامي شرف مدير مكتب الرئيس الراحل والمسؤول عن مشتريات عبد الناصر، قائلًا: «إنه لم يحدث ولو لمرة واحدة أن أمره عبد الناصر بشراء أطعمة من سويسرا، بل لم يكن يستورد دواءه من الخارج»، وتحدى عمرو موسى أن يثبت صحة ادعاءاته، فلم يكن أمامه إلا أن يتراجع عن كلامه، قائلًا في مقابلة مع قناة «إم بي سي مصر» إنّ عبد الناصر كان يستورد علاجًا طبيًا لمرض السكري الذي أصيب به، وكان الدواء عبارة عن وصفة غذائية طبية. وبرر ما نشره في كتابه أنه «لا عيب في أن يطلب الرئيس المريض بالسكر، طعامًا طبيًا لمعالجة المرض، خاصة أنّ هذا الطعام لم يكن متوافرًا في مصر وقتها».

لقد تعرّض عبد الناصر لحملات تشويه ممنهجة، من المخابرات الأمريكية والغربية والصهيونية، ومن أبواق الأنظمة العربية الرجعية، التي رأت في نزاهته الشخصية خطورةً عليها، وبدأت تلك الحملات في حياته، لكنها لم تصمد لأنها دون أساس، وليس أدل على ذلك من كلام د. علي الجريتلي أحد وزراء الاقتصاد المصري السابقين حين قال: «بعد موت عبد الناصر بسنة تقريبًا، كنتُ في مقابلة مع رئيس البنوك السويسرية، وإذا به يقول لي: إنّ المخابرات الأمريكية والإسرائيلية قد «أهلكتنا» شهورًا طويلة. حاولوا بأيّ طريقة العثور على أيّ حساب باسم جمال عبد الناصر، فلم يجدوا»، كما أنّ الأمريكان أنفسهم قالوا: «لم نجد للرجل زلة، لا نساء ولا حشيش ولا خمر». ولنا أن نتخيل ماذا لو كانت المخابرات الأمريكية والصهيونية وإعلام الأنظمة الرجعية، عندها معلومات مؤكدة وموثقة عن فساد ذمة عبد الناصر، ماذا كانوا سيفعلون؟!.

مهما يكن؛ سيبقى الزعيم جمال عبد الناصر أيقونةً للشرفاء؛ فرغم مرور ثلاثة وخمسين عامًا على رحيله، مازال له مناصرون ومؤيدون في كلّ مكان؛ ففي عهده أصبحت مصر قوة إقليمية، لعبت أدوارًا مهمةً في المنطقة، وكانت إسرائيل معزولة داخل حدودها؛ لكننا الآن نرى موجة التطبيع العربية مع الكيان، لدرجة أن يزور رئيس إسرائيل عاصمةً عربيةً، في وقت يقتل فيه جيشُه الأطفال في غزة، ثم أصبحنا نخسر كلّ يوم حليفًا للأمة العربية لصالح إسرائيل، مثل الصين والهند وغيرهما من الدول، ويأتي البعض ليتكلم عن أكل وشرب عبد الناصر!.

زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم في الشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جمال عبد الناصر الصندوق الأسود

إقرأ أيضاً:

الوحدة .. سر النجاح الذي غاب عن البقية

 

 

مع جمود النشاط الرياضي والشبابي، في العاصمة صنعاء وتوقفه على مستوى المسابقات، خاصة في كرة القدم، والألعاب الجماعية الأخرى.. تختفي الحلول ويظهر نادي وحدة صنعاء كمنقذ.
نادي وحدة صنعاء تعدى مسمى ناد بالمصطلح القديم المتعارف عليه قديما في بلادنا، للعبة أو لعبتين.
من يدخل من إحدى بوابات النادي، تتملكه الدهشة، ولو لا أنه دخل بقدميه أو سيارته، لظن أنه خارج اليمن.. هذه حقيقة لا ينكرها إلا من لم يدخله خلال السنوات الحالية، أو أنه في خلاف مع كل التطورات التي يشهدها النادي.
كسر الجمود الصيفي؛ تمثل في احتضان النادي لفعاليات وأنشطة الملتقى الصيفي التاسع في مختلف الألعاب، في تأكيد ميداني وليس كلاماً انشائياُ؛ على أن النادي أصبح متنفسا للشباب والرياضيين، حين ضاقت بهم السبل في بقية الأندية.
عندما انتقد النادي كناد، لإقامته هذه الفعالية الشبابية وتلك المسابقة الرياضية، فأنا في خصومة ليس مع النادي فحسب؛ بل مع كل من يحتضنهم، ويوفر لهم الممارسة الممتعة.
ليس من العيب أن أكون ناقدا، لأنها مهمة كل إعلامي، ولكن من المعيب أن أضع نفسي في الحرج، حينما أرى شيئا يستحق الإشادة ولا أفعل ذلك، والأكثر حرجا عندما أحاول تشويهه.
الأندية الرياضية في بلادنا يترأسها رجال مال وأعمال، فلماذا لم يستنسخوا كنادي الوحدة!! هل ينقصهم المال، بالطبع لا، ولكن ينقصهم الإبداع والتميز وامتلاك روح جميلة تنعكس على الأرض.
المال أداة من أدوات النجاح، ولكنه لا يصنع النجاح بمفرده، وإلا لماذا من يملكون ثروات مهولة، واقعهم لا يدل أي لمسات جمالية يقدمونها لمحيطهم الرياضي والشبابي؟
أمانة العاصمة صنعاء ووزارة الشباب والرياضة، ينبغي أن تكون ممتنة لنادي الوحدة، فلو افترضنا أن وفدا رياضيا جاء لصنعاء ليشاهد منجزاتها الرياضية، فلن تجد الدولة أفضل منه مكانا لزيارته، ليخرج بانطباع مغاير عما يسمعه عن اليمن، وافتقادها للمنشآت الرياضية النموذجية.
من السهولة أن تلعن الظلام.. ولكن ما هي النتيجة؟ ستبقى في العتمة حتى تفقد البصر والبصيرة.. وهذا هو الفرق بين من همه الوحيد ليس فقط اصطياد الأخطاء، بل توهم وجودها والبناء على ذلك الوهم نقدا يناقض الواقع ويصور قائله على أنه إما أعمى أو يريد شيئا في نفسه، بالطبع ليس للمصلحة العامة أي دخل فيها.
فعلا اتحسر على وحدة صنعاء، لأنه من نسخة واحدة، وأتمنى أن تمتلك بقية الأندية نفس روح الإبداع والتألق، حتى يجد الشباب والرياضيون أكثر من نموذج مشرف ومشرف، ليس فقط في العاصمة صنعاء، بل في مختلف المدن اليمنية.
لو زرت أي ناد، وكررت الزيارة بعد عدة سنوات، قد لا تجد أي تطور أو جديد، ولكن ستحزن على ما كان فيه وانتهى.
في الوحدة الأمر مغاير، ففي السنة الواحدة تجد شيئا جديدا، وكأنك تتعرف على المكان لأول مرة.. وهنا يكمن سر النجاح الذي استقر في الوحدة وغاب عن البقية.

مقالات مشابهة

  • مصطفى الفقي: أنا مش مطبلاتي.. والرئيس مبارك كان وطنيا ولم أذكره بسوء
  • مصطفى الفقي يوضح مقصده من وصف أم كلثوم بـ لطيفة.. فيديو
  • مش مطبلاتي.. مصطفى الفقي يهاجم مذيع العربية ويهدد بالانسحاب
  • هدد الشرطة التركية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. فما الذي حصل؟!
  • هل اقترب موعد لقاء أردوغان والزعيم اليوناني؟
  • رئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف جمال رشيد، يستقبل وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد الشيباني رئيس وفد الجمهورية العربية السورية المشارك في أعمال القمّة العربية ببغداد
  • رئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف جمال رشيد، يستقبل وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد الشيباني، رئيس وفد الجمهورية العربية السورية المشارك في أعمال القمّة العربية في مقر انعقاد القمة في بغداد
  • الوحدة .. سر النجاح الذي غاب عن البقية
  • «مصطفى بكري»: السيسي هو الرئيس الوحيد الذي قال «لا » لـ ترامب
  • بعد فرح ابنتها.. أمل رزق تتصدر التريند