الكوليرا في زمن الحرب.. الوباء يهدد ملايين النازحين في السودان
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
تحولت في الأيام الأخيرة ولاية الجزيرة جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم، من "جنة آمنة" إلى منطقة تشهد دمارا كبيرا وتوقفا في الخدمات الطبية وموطنا لكارثة إنسانية وعمليات نزوح كبيرة، بعد امتداد المعارك إليها وسيطرة قوات الدعم السريع عليها بعد انسحاب قوات الجيش منها.
وفي ظل الأوضاع المأساوية، حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، من تأثير الصراع على الخدمات الصحية في البلاد، مشيرًا بالتحديد إلى تفشي وباء الكوليرا.
وأوضح المكتب، في بيان الثلاثاء، أن عدد الحالات المشتبه بها ارتفع بنسبة تتجاوز مئة بالمئة خلال الشهر الماضي، حيث وصلت بلاغات عن حوالي 8300 حالة اشتباه وأكثر من 200 وفاة في تسع ولايات حتى 23 ديسمبر الحالي، وفق بيانات محلية وأممية.
ولاية الجزيرة شهدت وحدها أكثر من 1800 حالة اشتباه، في وقت يعيق القتال المستمر جهود الاستجابة ويعطل الوصول إلى الخدمات الصحية، التي تعاني بالفعل في ظل توقف أكثر من 70 بالمئة من المستشفيات في أنحاء السودان عن العمل.
وذكرت نقابة أطباء السودان (اللجنة التمهيدية)، أن تعطيل كافة الخدمات الصحية في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة يعرض حياة مئات المصابين بالكوليرا في مراكز العلاج المخصصة لهذا المرض للخطر، كما أضافت في بيان الأحد بعنوان "الحرب في زمن الكوليرا" أن أكثر من 3.1 مليون شخص معرضون لخطر الإصابة بالمرض في ولايات مختلفة.
وقال المتحدث الرسمية باسم النقابة، محمد بشير، في اتصال هاتفي مع "الحرة"، إن "الوضع الصحي في الجزيرة كارثي و80 بالمئة من المستشفيات العامة خارج الخدمة".
#الحرب_في_زمن_الكوليرا
Posted by نقـــابة أطبـــــاء الســـــودان- اللجنـــة التمهيديـــة on Sunday, December 24, 2023الوباءان ينتشرانتقدمت قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، قبل نحو أسبوعين وسيطرت على قرية تلو الأخرى على الطريق السريع الرابط بين العاصمة الخرطوم ومدينة ود مدني في ولاية الجزيرة، وبالفعل في 15 ديسمبر هاجمت المدينة ما دفع أكثر من 300 ألف شخص إلى النزوح مرة أخرى بعدما كانت المدينة ملاذا آمنًا للفارين من الخرطوم لمناطق قريبة آملا في العودة بوقت قريب إلى منازلهم في العاصمة.
وحاليًا امتد الصراع إلى مناطق في ولاية سنار جنوب الجزيرة، وسارع الناس بالنزوح أيضًا إلى ولايات أخرى.
بدأ الشاب السوداني أحمد الصادق مبادرة شبابية مع اندلاع القتال في الخرطوم في مايو الماضي، حملت اسم "غرفة طوارئ سنار" لاستقبال النازحين إلى ولايته من العاصمة وتوفير الإقامة والطعام، لكن حاليا في الوقت الحالي، قال لموقع "الحرة"، إن "حركة النزوح بدأت بكثرة من المدينة بحثا عن مناطق أكثر أمنا".
وأضاف: "أغلقت أغلب المستشفيات أبوابها، وارتفعت أسعار الغذاء وسط نزوح التجار والمواطنين".
مع وباء القتال يبدأ النزوح بأعداد كبيرة وتغلق المؤسسات الصحية أبوابها، وينتشر وباء المرض، ويوضح بشير أنه "مع اندلاع الحرب في الخرطوم، باتت ود مدني مقرا للإمدادات الطبية ومعظم المنظمات الإنسانية، وتحولت إلى عاصمة جديدة، ونزح مئات الآلاف من المواطنين".
تبدل الحال مع وصول قوات الدعم السريع واتساع رقعة القتال بدأت حركة النزوح إلى ولايات مجاورة، كانت في البداية سنار منها قبل أن يقترب القتال أكثر وأكثر، فبدأ المواطنين في الخروج نحو الشرق مثل ولاية القضارف ومنها إلى مناطق أخرى، وفق بشير.
ويوضح الطبيب السوداني: "مع النزوح يبدأ انتشار الأمراض المنقولة مثل الكوليرا، وفي ظل انهيار المنظومة الصحية تكون حياة المرضى على المحك.. معظم مرضى الكوليرا والسرطان والقلب كانوا يتلقون العلاج في ود مدني، ومع خروج المستشفيات عن الخدمة، حياتهم مهددة".
من جانبها أوضحت المديرة العامة للقطاع الطبي في ولاية البحر الأحمر شرقي السودان، أحلام موسى، في تصريحات لقناة الحرة، إن "70 بالمئة من النظام الصحي خارج الخدمة نتيجة تدمير المؤسسات العلاجية خلال الحرب. عينا مهمة وتحدي كبير في توفير الخدمة الصحية لكل السودان".
متلازمة الوباء والنزوحوصفت منظمة الصحة العالمية ولاية الجزيرة بأنها كانت سلة الخبز للسودان وجنة آمنة للنازحين من الحرب في الخرطوم، وأوضحت في بيان هذا الأسبوع، أنها أسست مركز عمليات في ود مدني يخدم ولاية الجزيرة والخرطوم ومناطق محيطة أخرى، منذ اندلاع الصراع.
وأوضحت أن المركز تم تعليق العمل بع في 15 ديسمبر الماضي بسبب القتال، وأنها تعمل حاليًا مع الشركاء من أجل الوصول لآليات بديلة لمواصلة توفير الاستجابة والخدمات الصحية العاجلة للسودانيين.
أشارت المنظمة على أن تعليق الخدمات الصحية "يضع حياة المرضى على المحك وبينهم مئات المصابين بالكوليرا الموجودين في مراكز علاج الكوليرا، حيث ستنفد المواد الطبية من تلك المراكز قريبا".
سجلت ولاية الجزيرة وحدها أكثر من 1800 إصابة بالكوليرا و26 وفاة، بحسب المنظمة، التي كشفت أن "المكاسب التي تحققت في مواجهة تفشي الكوليرا في الولاية ربما تذهب هباء، بسبب توقف عملية مكافحة المرض ووجود حالات نزوح كبيرة ما يهدد بانتشار المرض بشكل أكبر".
واصل بشير حديثه للحرة، وقال إن من يتلقون العلاج من الكوليرا في ولاية الجزيرة بشكل عام حوالي ألفي شخص، مضيفًا "كان هناك 6 مراكز في الولاية لعلاج الكوليرا، ولكن أغلبها توقف عن العمل، وفي ظل عدم توفر العلاج خلال الفترة الماضية بالتأكيد هناك وفيات قد حدثت بين المرضى".
لفت أيضًا إلى أن النزوح عملية ليست سهلة على المرضى، حيث "الارتفاع الكبير في أسعار الوقود ووسائل النقل، وفي ظل عدم وجود ممرات آمنة. هناك استهداف للمركبات وخصوصا سيارات الدفع الرباعي من جانب قوات الدعم السريع، ما يزيد خطورة رحلة الخروج للحصول عللا العلاج في مناطق شرق السودان".
حتى في مناطق النزوح هناك معاناة، فتقول "جوليا آدم" النازحة من الخرطوم والموجودة في أحد مراكز اللجوء في بورت سودان شرقي البلاد، لقناة الحرة: "اصطحبت طفلتي الاثنتين إلى المستشفى، لكن عثمان طفلي الآخر حالته كانت صعبة وفي بداية الإصابة بالكوليرا، ولكن تم الاعتناء به في المستشفى".
تعيش السيدة في مسكن جامعي تم تخصيصه للنازحين يقطنه حوالي ألف شخص، وأوضحت أن "معظمهم لا يهتم بالنظافة والصحة أو ليس بمقدوره فعل ذلك.
قالت الأمم المتحدة إن هناك أكثر من 7 ملايين نازح في السودان من بينهم 5.5 مليون داخليا و1.5 مليون آخرين في بلدان مجاورة.
وحول التهديد الذي يمثله الكوليرا لأكثر من ثلاثة ملايين سوداني، قال بشير إن هذا الرقم حددته نقابته "بدراسة الشريحة المجتمعية التي تعاني من سوء التغذية وتحديد الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن، وبالتالي حال تفشي الأمراض والكوليرا تحديدا في سنار أو كسلا أو القضارف التي شهدت تفشيا منذ عدة أشهر، ومع الضغط على المنشآت الصحية وزيادة حركة النزوح فإن أكثر من 3 مليون شخص حياتهم مهددة".
وأوضح أن حسابات نقابته فقط في ثماني ولايات هي سنار والقضارف وكسلا والنيل الأزرق والبحر الأحمر ونهر النيل والولاية الشمالية والنيل الأبيض.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الخدمات الصحیة ولایة الجزیرة الکولیرا فی فی السودان الحرب فی فی ولایة أکثر من ود مدنی وفی ظل
إقرأ أيضاً:
نقابة أطباء السودان تستبعد القضاء على الكوليرا في ظل استمرار الحرب .. حمدوك يخاطب العالم… و«أطباء بلا حدود» تحذِّر من ازدياد الإصابات
الشرق الأوسط: تفشى وباء الكوليرا وغيره في الخرطوم و6 ولايات سودانية بشكل واسع ومخيف، وتحول لكارثة إنسانية تهدد حياة الآلاف، في ظل تراجع مريع للخدمات الصحية والعلاجية، وشُح مياه الشرب النقية، وتلوث بيئي ناتج عن الحرب المستمرة للسنة الثالثة على التوالي. وذكرت مصادر رسمية أن عدد الإصابات في أسبوع واحد تخطَّى 2700، بينها 172 حالة وفاة.
وقال رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، إنه أجرى اتصالات بكثير من الجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بالمجال الصحي والإنساني، وأطلعها على الأوضاع الكارثية في البلاد، ولا سيما تفشي الكوليرا وأوبئة أخرى في الخرطوم وبعض الولايات.
وأوضح -وفقاً لصفحته الرسمية على منصة «فيسبوك»- أن الأوبئة تحصد الأرواح يومياً في ظل «نظام صحي منهار تماماً»، وأنه حضَّ الجهات والمنظمات الإنسانية على «التدخل الفوري لإنقاذ السودانيين، وبذل كل ما يمكن لاحتواء الكارثة الصحية».
وكشفت منظمة «أطباء بلا حدود» عن تفشي الكوليرا بصورة كبيرة في ولاية الخرطوم، وقالت إنها تعمل مع وزارة الصحة لتعزيز جهود الاستجابة لتفشي المرض. وناشدت أيضًا الجهات المانحة والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية: «للارتقاء بجهود تعزيز المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في الخرطوم على وجه السرعة، للحد من تفشي المرض».
ووفقاً لمنصتها على الإنترنت، أكدت المنظمة وجود 13 فريق عمل في ولاية الخرطوم، تدعم منها 7 فرق «لضمان عملها بكامل طاقتها، وبأمل توسيع قدراتها».
وقال المتحدث باسم نقابة أطباء السودان، ونقيب الأطباء السودانيين السابق في كندا، الدكتور سيد محمد عبد الله لـ«الشرق الأوسط»، إن الأعداد الرسمية للإصابات تتراوح بين 600 و700 حالة أسبوعياً، وهي الحالات التي وصلت إلى المستشفيات، وهناك كثير من الإصابات والوفيات في المنازل. وآخر إحصائية تضمنت وفاة 360 شخصاً، وأضاف: «نعتقد أن العدد أكبر بكثير. والإصابات تزداد بصورة متسارعة».
وأرجع عبد الله ازدياد حالات الإصابة: «إلى الوضع المادي الصحي المتدهور الذي تعيشه البلاد جراء الحرب»، وقال: «إن تفشي الوباء بالصورة الكارثية الحالية يرجع إلى قصف محطات الكهرباء، ما أدى لتعطل محطات المياه، واضطرار المواطنين لشرب مياه غير صحية من النهر مباشرة، إلى جانب تردي أوضاع البيئة، وفشل نظام الصرف الصحي الذي يؤدي لتكاثر الذباب الناقل للكوليرا».
ووفقاً للمتحدث باسم نقابة الأطباء، فإن وزارة الصحة السودانية أعلنت عن الكوليرا رسمياً في أغسطس (آب) 2024، وأن 24880 إصابة سُجلت خلال 4 أشهر، وكان أول ظهور وبائي في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، بعد ضرب محطات الكهرباء، واضطرار الناس للشرب من مياه نهر النيل مباشرة، ومصادر المياه الأخرى غير النظيفة، فضلاً عن سوء التغذية الذي يتسبب في إضعاف مناعة الناس.
وقال عبد الله إن 90 في المائة من الإصابات تتركز في ولاية الخرطوم، مع وجود حالات كثيرة في 6 ولايات أخرى هي: سنار، والجزيرة، وشمال كردفان، والجزيرة، ونهر النيل، والشمالية.
وكانت نقابة الأطباء السودانيين قد وجَّهت «نداءً عاجلاً للمنظمات الإنسانية، ولا سيما منظمة الصحة العالمية و(اليونيسيف)، والضمير العالمي، لتدارك الكارثة، وتقديم العون للمواطنين بكافة السبل، بما في ذلك الإسقاط الجوي»، وقال عبد الله: «إن أعضاء النقابة من الأطباء يعملون في ظروف قاسية، ولا تتوفر لهم المعينات اللازمة لمواجهة انتشار الوباء، بما في ذلك الرواتب؛ لكنهم صامدون في تقديم العون للمواطنين».
واستبعد القضاء على الكارثة ومواجهتها في ظل استمرار الحرب، وأضاف: «طالبنا منذ البداية بوقف الحرب، وحذَّرنا من انهيار النظام الصحي، وانتشار الأوبئة الكثيرة، بما في ذلك الملاريا وحمى الضنك، وأمراض سوء التغذية»، وتابع: «إن ثلثي سكان البلاد بحاجة للغذاء».
وحذَّر من تفاقم الأزمة الصحية في موسم الأمطار الذي يتوقع أن يؤدي لازدياد معدلات الإصابة بالكوليرا والحميات، مثل الملاريا وحمى الضنك التي قد تنتج من انتشار البعوض، في ظل تردي الوضع البيئي وانعدام التوعية وتكدس النازحين. وقال: «من الصعوبة بمكان تقديم الخدمات الصحية مع استمرار القتال، بما في ذلك إيصال العاملين في المجال الصحي والمعينات الطبية».
ونقلت تقارير صحافية أن 45 شخصاً توفوا بالكوليرا في ولاية الجزيرة، و3 بولاية نهر النيل، و57 بولاية شمال كردفان، و246 في الخرطوم، وذلك وفقاً لما نسبته «سودان تريبيون» لنقابة الأطباء.
وكشف اجتماع «مركز عمليات الطوارئ الاتحادي»، أن عدد الإصابات بلغ 2729 خلال أسبوع، مع 172 حالة وفاة، وإن 90 في المائة منها حدثت في ولاية الخرطوم، خصوصاً في محليات: كرري، وأم درمان، وأم بدة، وشمال كردفان، وسنار، والجزيرة، والنيل الأبيض، ونهر النيل.
وذكر الاجتماع أن عدد الإصابات بحمى الضنك بلغ 12886، بينها 20 حالة وفاة، وأن 6 ولايات سجلت 54 إصابة بالحصبة مع حالتي وفاة، وإن الالتهاب السحائي انتشر في 6 ولايات، وبلغت الإصابات 134، و12 حالة وفاة، وثلاثة أرباع الإصابات تقريباً لولاية الجزيرة، وأن ولاية كسلا (شرق) سجلت 91 في المائة من الإصابات بالتهاب الكبد الوبائي.