كان الغرب في غزو روسيا لأوكرانيا يحاول إنقاذ علاقته مع دول الجنوب التي لا تصدق خطابه بشأن القانون الدولي وتراه نفاقا، ولكن عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول في إسرائيل والأحداث التي تلته في قطاع غزة قضت على هذه الجهود، لتصبح القطيعة بين الطرفين كاملة ولا رجعة عنها.

بهذه المقدمة، افتتح الكاتب بيير هاسكي عموده بمجلة لوبس، موضحا أن الرأي العام في دول الجنوب وحتى الحكومات، يتبنى قضية سكان غزة الذين يموتون تحت القصف الإسرائيلي منذ ما يقرب من 3 أشهر، مسائلا الغربيين أين ذهب كلامكم عن القانون وعن جرائم الحرب وعن العدالة؟

وهكذا تخلق وحشية الرد الإسرائيلي، وصور الضحايا المدنيين الفلسطينيين التي تنتشر عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وضعا لا يمكن الدفاع عنه بالنسبة لأولئك الذين يدافعون عن أوكرانيا باسم القانون في مواجهة العدوان الروسي، وكأن الآراء في الجنوب وحتى لدى بعض الغربيين، تقول "لا تعطونا المزيد من الدروس الأخلاقية".

ولا ينبغي للغرب أن يلوم إلا نفسه -كما تقول المجلة- لأنه ابتعد طيلة عقدين من الزمن عن القضية الفلسطينية التي بدت تحت السيطرة، ليجد الأميركيون أنفسهم، وخاصة رئيسهم جو بايدن، في وضع غير مريح بوصفه الضامن لأمن إسرائيل دون أن تكون لديه أدنى ثقة في رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو.

صمت منافق

والغريب -كما يقول هاسكي- أن الولايات المتحدة تسلم الذخائر لإسرائيل، وتستعمل حق النقض مرتين ضد طلب وقف إطلاق النار في غزة، وتنتقد في الوقت نفسه الإستراتيجية الإسرائيلية وعدد الضحايا المدنيين، مما يجعل موقفها غير مفهوم، ويجعل بقية العالم يتساءل، إذا كنتم لا توافقون على ذلك، فلماذا تمنحون إسرائيل الوسائل اللازمة للاستمرار فيه؟

ومثل الولايات المتحدة، يعلن الأوروبيون عن دعمهم غير المشروط لإسرائيل، بصورة تتناقض مع تقديرهم أن ردها غير متناسب، ولا يبدو أن دعواتهم الخجولة لوقف إطلاق النار تصل إلى الرأي العام في ذلك الجنوب الذي يرى أن أوروبا تلتزم صمتها المنافق عندما يكون الضحايا غير أوروبيين.

هاسكي: ليس بوسعنا أن ندين التوسع الروسي في أوكرانيا، ونغض الطرف في الوقت ذاته عن الاستيطان في الضفة الغربية، لأن العالم يراقبنا

وخلص الكاتب إلى أن المساعدات الإنسانية وإن كانت مهمة، لا تكفي لتغيير النظرة إلى التواطؤ الغربي في مقتل أطفال غزة، ولن يتمكن الغربيون من استعادة مصداقيتهم، إلا من خلال الجدية عندما يتحدثون عن الحل السياسي والدولتين.

وختم هاسكي بأن الاختبار ليس فقط في غزة بل في الضفة الغربية، حيث لا تتعلق القضية بالجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بل بالاستيطان والنضال الدموي من أجل الأرض والفضاء، ولن يكون بوسعنا أن ندين التوسع الروسي في أوكرانيا، ونغض الطرف في الوقت ذاته عن الاستيطان في الضفة الغربية، لأن العالم يراقبنا.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

أطباء بلا حدود: أكثر من 40 ألف نازح قسري في شمال الضفة الغربية

حذرت منظمة أطباء بلا حدود من تصاعد الاحتياجات الإنسانية في الضفة الغربية المحتلة، بعد مرور خمسة أشهر على بدء العملية العسكرية الإسرائيلية، مشيرة إلى أن أكثر من 40 ألف شخص لا يزالون نازحين قسرا في شمال الضفة، لا سيما في مناطق جنين وطولكرم ومخيم نور شمس.

وقالت المنظمة في بيان لها اليوم، إن آلاف العائلات تعاني من صعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الرعاية الصحية، في ظل استمرار التدمير واسع النطاق الذي تخلفه القوات الإسرائيلية في المناطق المستهدفة، واحتلالها المتكرر لمخيمات اللاجئين.

وأكدت أطباء بلا حدود أن الوضع الإنساني يزداد سوءا مع تعطل شبكات المياه والكهرباء، وتضرر البنى التحتية، ما يجعل من تقديم المساعدات وتوفير الرعاية الصحية تحديا يوميا.

ودعت المنظمة إلى تسهيل وصول الطواقم الطبية والإنسانية إلى المناطق المتضررة، وضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي.

طباعة شارك أطباء بلا حدود الضفة الغربية المحتلة إسرائيل جنين وطولكرم ومخيم نور شمس

مقالات مشابهة

  • “أطباء بلا حدود”: أكثر من 40 ألف نازح في الضفة الغربية
  • إدانة عربية لتصريحات وزير إسرائيلي الداعية إلى فرض السيادة على الضفة الغربية
  • وزراء الليكود يطالبون بضم الضفة الغربية
  • أطباء بلا حدود: أكثر من 40 ألف نازح قسري في شمال الضفة الغربية
  • “الخارجية”: المملكة تدين التصريحات الإسرائيلية التي تدعو لفرض السيادة على أراضي الضفة الغربية
  • المملكة تدين وتستنكر التصريحات الإسرائيلية التي تدعو لفرض السيادة على أراضي الضفة الغربية
  • جيوبوليتيك من الجنوب: دعوة لتحرر الوعي وبناء مشروع حضاري جديد
  • ‏غزة تفضح ازدواجية المعايير الغربية
  • قوات الاحتلال تواصل اقتحاماتها في الضفة الغربية
  • طرق الحياة تعود بين صنعاء وعدن.. تفاصيل الصفقة السرية التي ستُنهي سنوات القطيعة