نشر موقع "المجلس الروسي للشؤون الدولية"، تقريرًا، تحدّث فيه عن مواجهة روسيا والصين تحديّات جوهرية فيما يتعلق بأمنهما وتنميتهما خلال السنة الماضية.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن "موسكو بذلت طوال السنة الماضية جهدها في سبيل تقليل العواقب السلبية المترتبة عن العقوبات الضخمة والمحاولات المستمرة من قبل الغرب لعزلها عن النظام الدولي".



وذكر الموقع أن "بكين بحاجة إلى إيجاد ردّ مناسب على السياسة الأمريكية المتمثلة في "تقليل المخاطر" أو "الفصل الاستراتيجي"، والتي أدت إلى انخفاض حاد في التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والصين، والحدّ من التعاون الأمريكي الصيني في مجال التكنولوجيا المتقدمة، والعديد من المجالات الأخرى".

وأضاف: "هذا الوضع الدولي غير المستقر والأكثر خطورة، حفّز كلا من موسكو وبكين على التقارب في مجموعة متنوعة من المجالات، من التعاون الاقتصادي إلى تضامن الأصوات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والتنسيق العملي للمواقف بشأن العديد من القضايا الإقليمية".

وتابع أنه: "في سنة 2024، سوف يحتفل كلا البلدين بذكرى سنوية مهمة وهي مرور ثلاثة أرباع قرن على إقامة العلاقات الدبلوماسية. وقد شهدت سنة 2023 قمتين ثنائيتين شخصيتين بعد زيارة شي جين بينغ موسكو في آذار/ مارس، وزيارة فلاديمير بوتين بكين في تشرين الأول/ أكتوبر، ناهيك عن الاتصالات العديدة عبر الإنترنت بين الزعيمين، التي كانت ذات أهمية خاصة على خلفية تزعزع الاستقرار وعدم القدرة على التنبؤ بالسياسة العالمية".

وفي السياق نفسه، رجّح الموقع أن "الأشهر الاثني عشر المقبلة تكون أقل صعوبة من السنة الماضية، رغم إمكانية استمرار معظم الصراعات الحالية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأجزاء أخرى من العالم. وبسبب تسارع تغير المناخ، يتزايد خطر الكوارث الطبيعية في جميع أنحاء الكوكب. والانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة وبريطانيا، وانتخابات البرلمان الأوروبي، فضلا عن الانتخابات في تايوان والهند وإندونيسيا والعديد من الأماكن الأخرى، تخلق نوعا من عدم اليقين".


واستفسر: "هل ستكون سنة 2024 استمرارًا للتفاعل الثنائي في إطار الأشكال الحالية والأولويات الموضوعية للسنوات الأخيرة، أم أنها ستكون بداية الانتقال إلى بعض نماذج التفاعل الجديدة الأكثر ابتكارًا وربما الأكثر فعالية؟".

وأوضح: "يكمن الهدف في تحويل العلاقات الثنائية من التعاون المألوف إلى شراكة أكثر تقدماً. وبينما يعني التعاون في الأساس مساعدة كل طرف شريكه على تحقيق أهدافه وتوقع دعم مماثل، تعني الشراكة تنفيذ طرفين مشروعًا مشتركًا، وبالتالي وجود مصلحة مشتركة في نتيجة محددة وتحمل مسؤولية مشتركة عن نتائج جهودهم المشتركة".

‌وكشف الموقع نفسه، أن حجم التجارة الثنائية بين روسيا والصين، بلغ مستوى قياسي ناهز 200 مليار دولار أمريكي. ومن بين التطورات المهمة الأخرى تبادل 90 بالمئة من التجارة بالعملات الوطنية، بعد أن كان هذا المستوى لا يتجاوز 25 بالمئة فقط قبل سنتين.

‌ويعتمد الأداء المالي الإجمالي للتجارة الثنائية إلى حد كبير على التقلبات في الأسعار العالمية للنفط والغاز والفحم والأخشاب وغيرها من السلع الأساسية، والتي تمثل في الوقت الراهن 70 بالمئة من الصادرات الروسية إلى الصين.

ومع أن معظم صادرات الصين إلى روسيا مقومة بالفعل باليوان لا بالدولار الأمريكي، فإن المصنعين الصينيين في سياسة التسعير الخاصة بهم يسترشدون بالدولار بطريقة أو بأخرى، مما يعني أن التغييرات المحتملة في سعر صرف الدولار مقابل الروبل يمكن أن يكون لها تأثير كبير على القدرة الإجمالية للأسواق الروسية، وبالتالي على احتمالات زيادة نمو الصادرات الصينية إلى روسيا.

وفي الحقيقة إن الانتقال من التعاون إلى الشراكة في المجال الاقتصادي لا يعني فقط تنويع التجارة الثنائية بل إطلاق مشاريع تكنولوجية مشتركة عديدة ومتنوعة وسلاسل الإنتاج. ويشير مثل هذا التغيير أو التوسع في الأولويات، إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر في الاتجاهين، والذي يشكل حالياً جزءا من التعاون الثنائي ينبغي أن يحظى باهتمام مماثل للذي تحظى به التجارة التقليدية والعرفية بالنسبة لكلا الجانبين.

وأورد الموقع، أن "أنشطة الإنتاج المشترك تستغرق وقتا طويلا وهي أكثر خطورة من التجارة التقليدية، غير أن لها تأثيرا طويل الأمد بشأن العلاقات الشاملة بين روسيا والصين والأمر سيان بالنسبة للتعاون والشراكة في مجال التفاعل الإنساني الصيني الروسي، حيث من المرجح أن تتجاوز التدفقات السياحية في الاتجاهين مستويات ما قبل الوباء في السنة المقبلة".

ومن المتوقع ارتفاع العدد الإجمالي للسياح الصينيين في روسيا في سنة 2024 إلى ما بين 2 و2.5 مليون شخص. في المقابل، من المرجح نمو عدد السياح الروس المسافرين إلى الصين بسرعة كبيرة في السنة المقبلة خاصة في ضوء استمرار عدم إمكانية وصول الروس إلى العديد من الوجهات السياحية القديمة.

وحسب الموقع، فإن "الانتقال من التعاون إلى الشراكة في المجال الإنساني يتطلب إدراج السياحة وغيرها من أشكال التفاعل الاجتماعي المؤقتة مع العديد من المبادرات المشتركة لمؤسسات المجتمع المدني. والعمل المشترك على المستوى الشعبي في مشاريع محددة لابد أن يساعد روسيا والصين في نسج هذا التفاعل الاجتماعي والإنساني الذي لم يصبح بعد جزءا من العلاقات الثنائية، ولكنه ضروري للغاية لتحقيق التنمية المستقرة على المدى البعيد".

الجدير بالذكر أن التفاعل الروسي الصيني في إطار المؤسسات والاجتماعات الدولية متعددة الأطراف، مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجموعة العشرين والبريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون ومنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، ينبغي أن يتجاوز الاستجابات المنسقة لتصرفات المعارضين الجيوسياسيين لموسكو وبكين أو ردود فعل المنسقة تجاه الأزمات الإقليمية. 

كذلك، لا ينبغي اختزال هذا التفاعل في اتباع مبدأ الدبلوماسية الغربية أي الوقوف وراء الظهر عند الحاجة والاكتفاء بالمصادفة الظرفية للمصالح الحالية والقدرة على العمل كجبهة موحدة ضد الضغوط الغربية، بل في فهم روسيا والصين للعمليات الأساسية للسياسة والاقتصاد العالميين والأفكار العامة حول النظام العالمي المنشود.


وتدعو كل من روسيا والصين إلى إعادة هيكلة النظام الدولي نحو عالم ديمقراطي متعدد الأقطاب. وتتلخص الاختلافات بين موسكو وبكين في النهج المتبع تجاه تحقيق هذه المهمة التاريخية في التكتيكات المتبعة لا الاستراتيجية، وفي حين تصر موسكو على انهيار ثوري للنظام الحالي تفضل بكين الحديث عن التحول التطوري. وعليه حان الوقت لاستكمال هذه الآراء المتطابقة أو المتقاطعة بشأن النظام العالمي المستقبلي بمبادرات محددة وعملية أكثر، بما في ذلك خرائط الطريق التفصيلية وخطط العمل التي تحدد الجداول الزمنية والمراحل الفردية والمواعيد النهائية لتحقيق النتائج الفردية، والاستراتيجيات المشتركة لتشكيل شراكة واسعة النطاق.

‌وختم الموقع تقريره بالإشارة إلى أنه "خلال سنة 2024 قد تتمكن روسيا والصين من اتخاذ خطوة مهمة في الانتقال طويل المدى من مرحلة التعاون إلى الشراكة كون هذا التطور يلبي المصالح الاستراتيجية لكلا الجانبين، ويصب في صالح الاستقرار العالمي ككل".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية روسيا موسكو بكين روسيا موسكو بكين المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة روسیا والصین موسکو وبکین من التعاون سنة 2024

إقرأ أيضاً:

الرئيس السيسي يتلقى اتصالا هاتفيًا من نظيره الفرنسي ويبحثان مواصلة دفع العلاقات الثنائية

تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، اتصالا هاتفيًا من الرئيس إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية.

وصرّح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس أعرب عن تقديره العميق لما تشهده العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا من تطور نوعي، خاصة عقب الارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية خلال زيارة الرئيس الفرنسي إلى القاهرة في أبريل 2025، وهو ما انعكس إيجابًا على تنامي التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.

وأوضح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن الرئيسين بحثا سبل مواصلة دفع العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، عبر تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والاستثماري، وزيادة حجم التبادل التجاري الذي شهد تقدمًا ملموسًا خلال الأشهر الماضية، فضلًا عن التعاون في قطاعات الصناعة والسياحة والنقل.

كما تناول الاتصال مستجدات الأوضاع الإقليمية، وفي مقدمتها قطاع غزة، حيث أعرب الرئيس عن تقدير مصر للدعم الفرنسي للجهود المصرية التي أفضت إلى التوصل إلى اتفاق وقف الحرب، مؤكدًا ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار والانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام.

وشدد الرئيس على أهمية تعزيز إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، والبدء الفوري في مرحلة التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

من جانبه، أعرب الرئيس ماكرون عن تقديره للدور المحوري الذي تضطلع به مصر في تحقيق الاستقرار الإقليمي، ولاسيما في تثبيت اتفاق وقف الحرب في غزة.

كما تطرق الاتصال إلى تطورات الأوضاع في الضفة الغربية، حيث أكد الرئيس رفض مصر القاطع للانتهاكات الإسرائيلية، مشددًا على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني وزيادة الضغط الدولي لوقف هذه الانتهاكات، ودعم السلطة الفلسطينية في الوفاء بالتزاماتها تجاه شعبها. واتفق الرئيسان على أن الجهود الراهنة يجب أن تفضي إلى إطلاق عملية سياسية شاملة تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وفيما يتعلق بالشأن السوداني، أكد الرئيس دعم مصر الكامل لوحدة وسيادة السودان وسلامة أراضيه، ورفضها لأي محاولات تهدد أمنه، معربًا عن مساندة مصر لجهود إنهاء الحرب واستعادة السلم والاستقرار في السودان الشقيق.

وفي ختام الاتصال، تبادل الزعيمان التهنئة بمناسبة العام الميلادي الجديد، متمنيين لشعبي مصر وفرنسا دوام الاستقرار والرخاء.

اقرأ أيضاًالسيسي يستقبل حفتر.. حين تُعيد الجغرافيا تشكيل السياسة وتختبر القاهرة بوصلتها في الغرب

مدبولي: ندعم التوسع في المدارس اليابانية بمصر تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسي

بعد قرار علاج عبلة كامل على نفقة الدولة.. «المهن التمثيلية» توجه الشكر للرئيس السيسي

مقالات مشابهة

  • بحثا مجالات التعاون.. وزير الدولة للشؤون الخارجية يستقبل الأمين العام للأونكتاد
  • تصعيد جوي بين روسيا وأوكرانيا وكييف تتهم موسكو بقصف سفينة تركية
  • نيجيريا تتلقى شحنة قمح أمريكية بقيمة 15 مليون دولار لتعزيز التجارة الثنائية
  • إيران وتركيا تؤكدان أهمية تعزيز علاقاتهما الثنائية
  • وزيرا خارجية الإمارات والصين يؤكدان عمق الشراكة بين البلدين
  • القصر العيني خطوة جديدة نحو شراكة طبية عالمية بين مصر والصين
  • الرئيس السيسي يتلقى اتصالا هاتفيًا من نظيره الفرنسي ويبحثان مواصلة دفع العلاقات الثنائية
  • ألمانيا تتهم روسيا بتهمتين تعودان لصيف 2024 وتستدعي سفير موسكو
  • روسيا: اعتراض 90 مسيرة أوكرانية.. وإصابة 7 أشخاص قرب موسكو
  • موسكو: اعتقال عالم الآثار الروسي في بولندا مسيّس