الأسبوع:
2025-12-08@09:25:09 GMT

مصر.. السد العالى

تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT

مصر.. السد العالى

فى التاسع من يناير قبل أربعة وستين عامـًا، تم وضع حجر الأساس لبناء مشروع مصر الأهـم، السد العالى، أعظم مشروع هندسى فى القرن العشرين، كما صنفته الهيئات الدولية.

وحقيقة الأمر، فإن السد العالى، لم يكن فقط مجرد «معجزة هندسية»، أو بناء عملاق لحماية البلاد من الفيضان، وتخزين المياه وتوليد الكهرباء، لذلك لم تتوقف محاولات تشويهه التى بدأت ربما قبل تشييده، ومستمرة إلى الآن.

السد العالى، تجسيد لمرحلة حكم الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، الذى تحل الذكرى السادسة بعد المئة لميلاده، فى الخامس عشر من يناير، هو عنوان كبير للنضال ضد الاستعمار، لحرية الإرادة، والعزة والكرامة، والعدالة الاجتماعية، والتنمية، والنهضة الاقتصادية والصناعية.

مصر السد العالى، هى الاستقلال الوطنى، والانتصار السياسى فى تأميم قناة السويس، والحضور القوى عربيـًا وإفريقـيـًا ودوليـًا، مصر الناهضة، صاحبة الصروح الصناعية العظيمة، التى لم يكن يمر عليها أسبوع دون أن تشهد افتتاح مصنع جديد.

مصر السد العالى، هى «مجمع الحديد والصلب» فى حلوان، و«مجمع الألومنيوم» فى نجع حمادى، و«الـمراجل البخارية»، والصنــاعات الكيماوية والغذائية والدوائية، والغزل والنسيج.

مصر السد العالى، هى مجانية التعليم التى شغل أبناؤها - الفقراء ممن تعلموا بالمجان - أرفع المواقع فى مراكز الأبحاث الأمريكية والغربية، بعد أن لفظهم وطنهم فى السبعينيات والثمانينيات.

مصر السد العالى، التى أسست جيشـًـا وطنيـًا بعد ثورة 23 يوليو 1952، وأعادت بناءه بعد النكسة، وخاضت حرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر المجيدة، فى إنجاز مازال يدرَّس فى الأكاديميات العسكرية.

مصر السد العالى، التى امتلكت أكبر قـاعدة صناعية فى العالم الثـالث، حيث كانت المحلات فى مصر والقارة السمراء تعرض وتبيع منتجات مصرية من مأكولات وملابس وأثاث وأجهزة كهربائية وغيرها، هى «القطاع العام» الذى قدرته تقارير البنك الدولى بـ«1400» مليار دولار.

لم تكن المصادفة فقط، هى التى جمعت بين ناصر ومشروعه الأكبر، وذكرى ثورة 25 يناير، التى تحل بعد أيام، فقد وجدنا الزعيم أكثر حضورًا وتألقـًـا، ارتفعت صوره فى الشوارع والميادين، وكما خرج المصريون يبكونه فى أكبر جنازة عرفها التاريخ، خرجوا يدافعون عن القيم التى أرستها ثورة يوليو، «الحرية والعدالة الاجتماعية».

وعندما انحرفت الثورة عن مسارها، واستولى عليها جماعة الإخوان الإرهابية خرج المصريون من جديد، مسلمين ومسيحيين، محجبات وسافرات، شبابًا ورجـالا، شيـوخـًا وأطفـالا، صنايعية وأفندية، «أيادى متشققة» يبدو عليها تعب السنين، وأخـرى ناعمة، رافعين صور عبد الناصر مرددين عبارته.

نعم، كثيرة هى حملات التشويه، التى حاولت النيل من عبد الناصر، وقادتـها أجــهزة استخــبــــارات الكيان الصهيونى وأمريكا، وغيرها، التى أزعجها وجوده ولو مجرد رمز لمشروعه الوطنى أو شعاع نور، يضىء للمظلومين طريـقهم، وتهتدى به الشعوب المقهورة الباحثة عن حريتها واستقلالها.

عبد الناصر لم يغب يومـًـا، المصريون يتذكرونه دومًا، كلما مرَّ بلدهم أو وطنـهم العربى بأزمـة، اليوم نتذكره، وكيف ظل شامخـًا شموخ السد العالى.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: السد العالي السد العالى محمد السيسي السد العالي في مصر بناء السد العالى مصر السد العالى عبد الناصر

إقرأ أيضاً:

«حين تتحدث إثيوبيا… يسقط القناع عن سدٍّ لا يملك من الصمود إلا صخب التصريحات»

من هروبٍ سياسي إلى فضيحة هندسية… كيف انكشف سدّ النهضة أمام أول اختبار جاد؟

يحدث أن يعلو ضجيج الدول حين يهبط منسوب قوتها، ويحدث أن يكثر الاتهام حين يضيق هامش الحقيقة. اليوم، تقف إثيوبيا على منبر من خشبٍ رخو، تصرخ في وجه القاهرة وتلقي الحجارة على النيل، بينما يتساقط الطين من بين أصابعها كاشفًا ما حاولت إخفاءه لسنوات: فشل إدارة أكبر مشروع مائي في القارة، وانهيار أسطورة “السيادة على النهر” أمام أول امتحان هندسي حقيقي.

المفارقة أن من يتهم مصر بزعزعة الاستقرار هو نفسه من فشل في ضبط بوابات سدّه، فاضطر إلى فتحها دفعة واحدة، فغرقت أراضٍ سودانية ولامست السيول الحدود المصرية… في مشهد كان كفيلًا بتعرية الرواية الإثيوبية من جذورها.

البيان الإثيوبي الأخير لا يعكس قوة، بل يفضح توترًا واضحًا. فمن يملك إدارة آمنة لأحد أكبر السدود في العالم لا يحتاج إلى اختراع “عدو خارجي”. وإثيوبيا تعرف جيدًا أن فتح بوابات السد بشكل متزامن - دون تنسيق مسبق مع دول المصب - ليس مجرد “إجراء طبيعي”، بل كارثة هندسية كشفت هشاشة الإدارة ونسفت ادعاء أن “السد آمن ولا يهدد أحدًا”.

تصعيد الخطاب ضد القاهرة محاولة مكشوفة لصرف الأنظار عن الأسئلة الحقيقية داخل إثيوبيا:

لماذا لم تعمل منظومة التحكم كما أعلنت أديس أبابا؟

لماذا غمرت المياه مساحات سودانية؟

ولماذا تبيّن أن التخزين تمّ من دون تقدير هيدرولوجي علمي؟

لأعوام، قدمت إثيوبيا نفسها كدولة تحسن إدارة النهر وتستغل مواردها بكفاءة، لكن الواقع أثبت عكس ذلك: المشروع الذي روّج له كرمز للنهضة بات مصدر قلق إقليمي لأن المسؤولين عنه لم ينجحوا حتى في التحكم في بواباته.

وحين تعجز دولة عن إدارة بوابات سدّ، كيف تطلب من مصر - التي يعيش شعبها كله على شريط مائي واحد - أن تطمئن إلى مستقبلها المائي بأنه “في أيدٍ آمنة”؟

منذ البداية، قالت مصر ما أثبتته الأحداث: غياب الدراسات الفنية كارثة، والتخزين الأحادي تهديد وجودي، والسد بلا اتفاق يجعل مياه النيل رهينة إرادة سياسية متقلبة وإدارة هندسية مرتبكة.

اليوم، لا تحتاج مصر إلى خطاب دفاعي، فالوقائع جاءت من داخل السد نفسه. الرواية المصرية كانت الأكثر واقعية، والأقرب إلى العلم، والأدق فهمًا لطبيعة النهر.

أما لماذا تصعّد إثيوبيا الآن؟

فلأن الخرطوم بدأت تسأل،

ولأن الداخل الإثيوبي المثقل بالصراعات يحتاج “عدوًا جاهزًا” يعلّق عليه إخفاقاته،

ولأن المجتمع الدولي بدأ يدرك أن التلاعب بنهر دولي لن يستمر بلا ثمن.

إثيوبيا تعرف أن فتح البوابات كشف المستور، وأن التوتر المائي قادم، وأن العالم لم يعد يصدق خطاب “السيادة على النهر” حين يكون المقابل غرق أراضٍ في دولتين مشاطئتين.

ما لا تدركه إثيوبيا أن مصر لا تُدار بردود فعل، بل باستراتيجية تراكمية: عمل سياسي ودبلوماسي متواصل، توثيق فني وبيئي، تحالفات دولية، وإدارة ملفّ المياه باعتباره الأمن القومي الأول.

مصر لا تهدد… لأنها لا تحتاج إلى التهديد.يكفي أنها تملك ورقة واحدة ثقيلة: الحق الطبيعي والتاريخي الذي يثبته العلم قبل السياسة.

لن تغيّر البيانات الحادة من حقيقة أن النيل نهر مشترك، ولا من ضرورة الاتفاق الملزم، ولا من أن استمرار التصرف الأحادي سيُعيد المنطقة إلى معادلة خطيرة لا يريدها أحد.

السؤال الذي يجب أن يُطرح في أديس أبابا:

هل تصلح السياسة بديلاً عن الهندسة؟

وهل تُدار أنهار الدول بالصراخ؟

وحتى يحدث ذلك، ستبقى مصر متمسكة بحقها، ثابتة في موقفها، واثقة من روايتها… لأن من يعرف قيمة النيل لا يُفرّط، ومن يعرف خطورته لا يغامر، ومن يعرف التاريخ يدرك أن الحضارات النهرية تنهار حين يُدار النهر بمنطق صبياني لا يليق بدول تزعم النهضة.

محمد سعد عبد اللطيف، كاتب وباحث في الجيوسياسة والصراعات الدولية

مقالات مشابهة

  • من عبد الناصر إلى السيسي.. جيل زي بقيادة أنس حبيب يعلن سقوط عصر العسكر
  • مصر تعلن أنها لن تقف «مكتوفة الأيدي» أمام تهديدات سد النهضة
  • “بعد دخول الفيضان”.. وادي الأردن تؤكد: سد الوحيدي آمن
  • حسام الغمري يكشف عن سبب انتشار صور حازم أبو إسماعيل بعد ثورة يناير
  • د. شيماء الناصر تكتب: السياحة البيئية .. كنز مصر المفقود
  • وزير التعليم العالى يستقبل مفوض التعليم والابتكار بالاتحاد الإفريقي
  • وزير التعليم العالى يستقبل مفوض التعليم والعلوم والابتكار بالاتحاد الإفريقي لبحث مجالات التعاون المشترك
  • «حين تتحدث إثيوبيا… يسقط القناع عن سدٍّ لا يملك من الصمود إلا صخب التصريحات»
  • ضوابط حددها القانون الجديد على أصحاب العمل عند تشغيل الأطفال.. تعرف عليها
  • وزير التعليم العالى يترأس اجتماع مجلس إدارة صندوق رعاية المبتكرين