«واحة الحوار» يناقش التحولات الثقافية والاقتصادية الخليجية
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
اختتم منتدى واحة الحوار في سلطنة عمان فعالياته بتسليط الضوء على العديد من القضايا والمحاور، أبرزها انفتاح دول مجلس التعاون على العالم وتأثير هذا الانفتاح على هوية المجتمع الخليجي، وتطوير قطاع السياحة وتداخله مع القطاعات الأخرى وتعزيز مكانة الهوية والثقافة الخليجية على الساحة العالمية.
شارك في المنتدى، الذي نظمه «مركز مناظرات قطر» و»مركز مناظرات عُمان» بالشراكة مع وزارة الثقافة والرياضة العُمانية، نخبة من الشخصيات المرموقة وصناع القرار من دول مجلس التعاون الذين تناولوا من خلال مشاركاتهم التحولات الثقافية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة على ضوء التطوّر السريع الذي يشهده القطاع السياحي الخليجي.
وحضر الجلسة بعنوان «الهوية والسياحة في الخليج» صاحب السمو الدكتور مروان بن تركي آل سعيد، محافظ ظفار في سلطنة عمان، وسعادة السيد حسن الذوادي، الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث بدولة قطر، وسعادة السيد سعد الرميحي، رئيس المركز القطري للصحافة، الذين تحدثوا كذلك عن سياحة الفعاليات واستضافة الأحداث العالمية الكبرى وتنظيمها، وتأثيرها على هوية المجتمع الخليجي، وأدار الجلسة الإعلامي الكويتي الدكتور علي بن يوسف السند.
أقيم المنتدى على مدار ثلاثة أيام في مسقط، وشمل يومان من الجلسات الحوارية المكثفة إلى جانب العديد من الفعاليات والأنشطة الأخرى بمشاركة عدد كبير من الشباب والمسؤولين وكبار الشخصيات في دول الخليج. ويمثّل هذا المنتدى النسخة التاسعة من سلسلة «واحة الحوار» التي ينظمها مركز قطر للمناظرات، وكذلك النسخة الأولى من منتدى واحة الحوار.
فرصة فريدة
وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة حياة معرفي، المدير التنفيذي لمركز مناظرات قطر: «تأتي النسخة الأولى من منتدى واحة الحوار لعام 2024 في مسقط، بسلطنة عمان، في إطار شراكة استراتيجية مثمرة بين مركز مناظرات قطر ومركز مناظرات عمان ووزارة الثقافة العمانية. يمثّل المنتدى فرصة فريدة لتعزيز الحوار بين الشباب وصناع القرار والخبراء حول موضوعات ذات أهمية لدول الخليج، ومنها موضوع الهوية والسياحة؛ إذ تشهد دول الخليج في السنوات الأخيرة نشاطًا متسارعًا وحراكًا كبيرًا في مجال السياحة، الأمر الذي يتطلب وعيًا مشتركًا بالهوية الخليجية وأهمية الحفاظ عليها. كما يشمل المنتدى ورش عمل ونقاشات شارك فيها نخبة من شباب دول الخليج، مما وفّر مشاركة مؤثّرة وبناءة من جميع الأطراف».
وسيواصل مركز مناظرات قطر جهوده في التعاون مع مركز مناظرات عُمان بهدف رفع مستوى التعاون والتنسيق بينهما، من أجل تعزيز النموّ الفكري والتفكير الناقد والتبادل الثقافي والعلمي، بما في ذلك تنظيم الفعاليات والبطولات.
وفي هذا السياق، علّق السيد عبدالرحمن السبيعي، مدير إدارة البرامج في مركز مناظرات قطر، على انعقاد النسخة الأولى من المنتدى، قائلًا: «يمثّل هذا الحدث الأول من نوعه ثمرةً للتعاون البنّاء مع مركز مناظرات عمان، وسيكون له أثر إيجابي وعميق في توسيع أفق النقاش والحوار لدى الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي. وقد أفرز أفكارًا متميزة تعالج قضايا الهوية والسياحة في المنطقة، فضلًا عن المخرجات التحليلية القيّمة التي ستُنشر في تقريرٍ خاص. كما نتطلّع إلى تنظيم نسخٍ لاحقةٍ في المستقبل، من أجل تزويد شبابنا بالأدوات العلمية والمهارات التحليلية اللازمة، وذلك تأكيدًا على أهمية الحفاظ على الهوية الخاصة لكل بلد في مختلف المشاريع للارتقاء بالمجتمع الخليجي».
من جانبه، أكد صاحب السمو السيد فراس بن فاتك آل سعيد- رئيس مجلس إدارة مركز مناظرات عمان، أن المنتدى يُشكّل خطوة مهمة لتعزيز دور المناظرات في سلطنة عمان وتوفير منبر للشباب للتعبير عن أفكارهم حول القضايا البارزة ذات العلاقة بالتحولات الحالية في منطقة الخليج، مضيفًا: «نأمل أن يسهم المنتدى في تعزيز الفهم المتبادل وتوطيد الروابط بين شباب المنطقة.»
وأشار سموه إلى أن اختيار موضوع « الهوية والسياحة في الخليج» عنوانًا للمنتدى ذلك لما تشهده دول الخليج من طفرة في مجال السياحة، وقال: «سيسهم الحوار في هذه القضايا في فهم أفضل للتحولات الثقافية والاقتصادية، وتشكيل الفهم المشترك، وتوجيه تفكيرنا نحو الحلول الإبداعية التي تعزز التواصل والتعاون الاقتصادي والثقافي في المنطقة».
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر منتدى واحة الحوار مناظرات قطر مرکز مناظرات قطر واحة الحوار دول الخلیج
إقرأ أيضاً:
هل يستطيع الشرع استثمار التحولات العالمية في تحسين الوضع بسوريا؟
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريراً أعده باتريك وينتور، قال فيه إنه منذ توليه رئاسة سوريا رسميًا في 29 كانون الثاني/يناير 2025، قام الزعيم السابق لهيئة تحرير الشام بـ 21 زيارة دولية عامة إلى 13 دولة، وشملت زيارة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومؤتمر تغير المناخ في البرازيل، والعديد من القمم العربية، متسائلًا فيما لو كان الانتشار الواسع والمصافحات هما المعيارين الوحيدين للنجاح، لكان أحمد الشرع دبلوماسي العام.
وفي أحدث مؤشر على حسن النية تجاه إعادة إحياء سوريا، زار مبعوثون من جميع الدول الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن الدولي دمشق الأسبوع الماضي لإحياء ذكرى سقوط بشار الأسد، وكان إظهار الوحدة لحظة بارزة: فمنذ عام 2011، لم تُفرّق أي قضية مجلس الأمن أكثر من سوريا، وكانت الزيارة أيضا اعترافًا بالدور الذي يُمكن أن تلعبه سوريا وشتاتها في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.
ولكن في نهاية المطاف، يكمن الاختبار في مدى قدرة الشرع على تَرْجَمَة هذا الفضول وحسن النية إلى شيء ملموس للشعب السوري من حيث رفع العقوبات، والاستقرار الداخلي، والتحرر من التدخل الخارجي، سواء من قِبل إسرائيل أو إيران أو تركيا، الشريك الأيديولوجي المُحتمل للشرع.
وعلى صعيد الاستثمار، تتوالى التعهدات الخارجية. فقد وعدت المملكة العربية السعودية باستثمارات تزيد قيمتها عن 6 مليارات دولار. وتُساعد قطر في إنعاش صناعة النفط والغاز، ومن المُرجّح رفع المجموعة الأخيرة من العقوبات الأمريكية في تصويت جرى مؤخرا، ولكن في ظلّ هذه الفوضى، يُقرّ البنك المركزي السوري بأنه لا يعرف الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبلاد.
ويعتمد تدفق الاستثمارات الخليجية على استمرار الشرع في مسار المصالحة الداخلية وبناء الثقة، بعيدًا عن تهديد التطرف، في الوقت نفسه، عليه أن يُظهر أن بلاده التي لا تزال تعاني من تداعيات الأزمة لا تُستخدم كقاعدة يُمكِّن الإسلاميين في الجنوب من تهديد إسرائيل، أو يُمكِّن الأكراد في الشمال من تهديد تركيا.
وفي هذه المهمة، حظي بدعم غير متوقع من دونالد ترامب، الذي وعد بزيارة دمشق قريبًا، وقد التقى الشرع بترامب ثلاث مرات، بما في ذلك اجتماع حاسم في تشرين الثاني/ نوفمبر في البيت الأبيض، ليصبح بذلك أول رئيس سوري يزور المكتب البيضاوي منذ عام 1948، قال ترامب حينها بانفعال عند لقائهما: "إنه قادم من بيئة صعبة للغاية، وهو رجل قوي. أنا معجب به".
وبنفسه المعهودة، تابع ترامب: "سنبذل قُصَارَى جهدنا لإنجاح سوريا، لأنها جزء من الشرق الأوسط. لدينا سلام الآن في الشرق الأوسط - وهي المرة الأولى التي يتذكر فيها أحد حدوث ذلك على الإطلاق"، كما تجاهل ترامب تاريخ الشرع المثير للجدل. قال: "لقد مررنا جميعا بماض عصيب"، وكأن نزاعات عقود العقارات في نيويورك تُضاهي حرب الشرع العسكرية في الرقة مع زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي، والتي خسر فيها الشرع 1200 مقاتل.
ولعل أبرز لقاءات الشرع العديدة كانت على خشبة المسرح في نيويورك في أيلول/ سبتمبر عندما أجرى مقابلة مع الجنرال ديفيد بترايوس، مدير وكالة المخابرات المركزية السابق والجنرال المتقاعد الذي قاد القوات الأمريكية في العراق بينما كان الشرع مسجونًا هناك مع أعضاء آخرين في تنظيم القاعدة.
وأبدى بترايوس قلقه على سلامة الزعيم السوري الشخصية، وسأله عما إذا كان ينام قسطا كافيًا، وأضاف أن سجينه السابق لديه "معجبون كثر" وأنه كان واحدًا منهم، رد الشرع مبتسمًا عندما سُئل عن ماضيهما المشترك، قائلًا: "في وقت ما، كنا في قتال والآن ننتقل إلى الحوار"، وقال الرئيس السوري: "لا يمكننا الحكم على الماضي بقواعد اليوم، ولا يمكننا الحكم على اليوم بقواعد الماضي".
ويتجلى هذا الاستعداد لرفض قواعد الماضي في العمليات الاستخباراتية المشتركة المتميزة التي نفذتها وزارة الداخلية السورية بالتعاون مع الولايات المتحدة الشهر الماضي، والتي أسفرت عن تحديد موقع 15 مخبأ لأسلحة داعش في جنوب سوريا، ويكمن القلق في أن الضغوط الخارجية تعيق الشرع في مهمته الشاقة المتمثلة في الحفاظ على وحدة البلاد.
ففي الجنوب، لا تزال إسرائيل مقتنعة بأن الإسلاميين يعدون لهجمات إرهابية، بينما في الشمال، تتوق تركيا إلى رؤية قوات سوريا الديمقراطية الكردية القوية إما منزوعة السلاح أو مندمجة بالكامل في الجيش السوري، وفي كلتا الحالتين، يحث البيت الأبيض الجهات الخارجية على التحلي بالصبر. أما في حالة إسرائيل، فإن مخاوف دمشق تكمن في أنها عازمة على إضعاف سوريا إلى درجة تفتيتها، مع وجود دولة صغيرة يهيمن عليها الدروز في الجنوب، وفي المجمل، تعرضت سوريا لما يقرب من 1000 غارة جوية إسرائيلية، بما في ذلك على العاصمة، وواجهت أكثر من 600 توغل بري.
لم تكن سوريا في وضع عسكري يسمح لها بفعل أي شيء سوى الاحتجاج. وهناك الآن دلائل على أن ترامب بدأ يفقد صبره إزاء ما يعتبره استيلاءًا عكسيًا على الأراضي، يمنع سوريا من استعادة سيادتها، حيث حذّر الرئيس الأمريكي إسرائيل من تجاوز الحدود، قائلًا على قناة "تروث سوشيال": "من المهم جدا أن تحافظ إسرائيل على حوار قوي وحقيقي مع سوريا، وألا يحدث أي شيء من شأنه أن يتعارض مع تطور سوريا إلى دولة مزدهرة".
وقال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، مدركًا استياء ترامب، إن التوصل إلى اتفاق أمني مع سوريا ممكن طالما أن الشرع أنشأ منطقة عازلة منزوعة السلاح تمتد من دمشق إلى جبل الشيخ. لكن قد يجادل ترامب بأن إسرائيل، بإضعافها الشرع، لا تفعل سوى تأجيج حالة عدم الاستقرار التي يزدهر فيها التطرف.
وفي شمال سوريا، تعثرت جهود الشرع لدمج المقاتلين الأكراد السوريين، ومعظمهم من قوات سوريا الديمقراطية، في جيش وطني سوري، والمقرر اكتماله بحلول كانون الأول/ ديسمبر. لسنوات، كانت السياسة التركية مدفوعة بالعداء تجاه قوات سوريا الديمقراطية، ذات الأغلبية الكردية، والتي تُساويها بحزب العمال الكردستاني (PKK)، وهي جماعة تعتبرها أنقرة "إرهابية" تعمل داخل تركيا.
وتزعم قوات سوريا الديمقراطية أن لديها حوالي 70 ألف رجل وامرأة في صفوفها، وأنها تلقت سنوات من التدريب الأمريكي كجزء من الجهود المستمرة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة للقضاء على جميع فلول داعش، وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية على 25 بالمئة من الأراضي السورية، فيما تخشى هذه القوات أن يؤدي نزع سلاحها إلى تعريض مقاتليها لهجمات الجماعات الإسلامية المتحالفة مع الشرع.
وافقت قوات سوريا الديمقراطية في آذار/ مارس على الاندماج مع الجيش السوري، ولكن بشرط أن تتمتع قواتها بدرجة من الاستقلالية، لكن منذ ذلك الحين، كثّفت تركيا محادثاتها بشأن اتفاق سلام محتمل مع زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، المسجون في جزيرة إمرالي.
وفي مقابلة حديثة مع المونيتور، جادل الزعيم الكردي السوري ألدار خليل بأن حل مسألة دمج قوات سوريا الديمقراطية يكمن داخل تركيا. وقال خليل: "مع كل خطوة تتخذها تركيا لحل القضية الكردية داخل تركيا، لا يمكن إلا أن تنمو قدرتنا على أن نصبح حلفاء. علاوة على ذلك، إذا كان هناك حل للمشكلة الكردية في تركيا، فإن جهود تركيا لمنع الشرع من منح الأكراد حقوقهم ستتوقف أيضا.
ويختتم الكاتب قائلا: "أعتقد أن ما يحدث في تركيا سيحدد ما سيحدث هنا، ومن الواضح أنه بعد أن كانت ساحة لعب للجهات الفاعلة الخارجية بدءًا من روسيا والولايات المتحدة وصولا إلى إيران وتركيا، لا تزال سوريا تواجه طريقًا محفوفًا بالمخاطر للعودة إلى السيادة".