قصر المؤتمرات في دمشق… شاهدٌ على عودة الروح للأمة
تاريخ النشر: 9th, December 2025 GMT
صراحة نيوز- بقلم / د. حمزة الشيخ حسين
لم يكن المشهد في قصر المؤتمرات بدمشق مجرّد احتفال عابر بعيد التحرير الأول، بل كان لوحة تختصر حكاية شعب كامل. فمن تابع دموع الأطفال الأيتام التي انهمرت بتلقائية أثناء الاحتفال، أدرك حجم التحوّل الذي تعيشه سورية اليوم، وحجم الفرح العميق الذي استعادته بعد سنوات القهر والضياع.
الأطفال الذين فقدوا آباءهم، وكبروا قبل أوانهم، وقفوا رجالًا يحملون قوة العزم وإرادة النجاح، لا لأنفسهم فحسب، بل لبلدٍ يستعيد لونه وملامحه. بكاؤهم الصادق كان أشبه برسالة وطنية: “لن نعود إلى الخلف… وسنبني ما تهدّم”.
وهذه الرسالة وصلت لكل بيت عربي شاهد الحدث، ولنا في الأردن قبل غيرنا، بحكم الجوار والتاريخ والمصير الواحد.
ما لفت الأنظار في احتفال دمشق أنّ كل أطياف الشعب السوري كانت حاضرة، من الجبل إلى الساحل، ومن حوران إلى الجزيرة. مشاركة الإخوة الدروز، وأهالي الساحل، وكل المكوّنات التي تشكّل النسيج السوري، أكدت حقيقة لطالما تمسّك السوريون بها: سوريا عصيّة على التقسيم، لأن أهلها هم من يرفضون الانقسام قبل أي أحد.
إن عرضًا واحدًا مما بُثّ في قصر المؤتمرات يكفي ليُطفئ أي محاولة لزرع الفتنة، ويكفي ليُسقط من أذهان المغامرين أوهام إعادة رسم مستقبل سوريا وفق مصالح ضيقة أو أجندات خارجية. فمن يرى هذا التلاحم الشعبي يدرك فورًا أن سوريا تعود بقوة، وأنها لا تنكسر بسهولة.
دموع الطفل السوري الذي فقد أباه ليست دموع فرد، بل دموع وطنٍ كامل. هي تمثل الجميع، وتدعو الجميع لأن يتعلموا من صبره وقوة قلبه. فالشعب السوري شعبٌ بسيط ومسالم، لا يليق به سوى الجيرة الطيبة، والمحبة، والاحترام المتبادل بين مكوّناته… وهو ما كان عليه، وما سيعود إليه.
وفي الأردن، حيث نختلف أحيانًا مع حكومتنا في قضايا داخلية، يبقى جامعنا الأكبر هو حب الوطن والالتفاف حول الجيش وقائده. هذا النموذج من الوحدة الوطنية هو ما نأمله لإخوتنا في سوريا، لأن الأمن والاستقرار لا يقدَّران بثمن، ولأن شعوب المنطقة كلها ستدفع ثمن أي تفكك أو صراع لا قدر الله.
اليوم، يتطلع الأردنيون إلى سوريا بكل المحبة، آمِلين أن يستمر السوريون في ترميم جراحهم، وتثبيت وحدتهم، وإفشال كل مخطط يستهدف بلدهم أو محيطهم. فالمستقبل في هذه المنطقة لن يُكتب إلا بثبات الشعوب، وتكاتفها، ورفضها لكل مشروع تقسيم أو اقتتال…
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة توظيف وفرص عمل ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام
إقرأ أيضاً:
بيت خالتك حكاية لا يعرفها إلا أبناء سوريا فما قصتها؟
في 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري وخلال احتفالات الذكرى الأولى لسقوط نظام بشار الأسد وتحرير سوريا فاجأت إدارة مطار دمشق الدولي المسافرين العائدين إلى البلاد بتوزيع بطاقات تذكارية تحمل عبارة مثيرة للدهشة "اطمئن.. نقلوا بيت خالتك لخارج الخدمة".
بدت العبارة غامضة، لكن بالنسبة للسوريين تحمل تاريخا طويلا من الخوف والمرارة وذكريات حقبة سوداء انتهت بسقوط حكم آل الأسد.
مش فاهمة
— تُقى قايتْباي (@tuqa7_10) December 7, 2025
ففي زمن نظام آل الأسد كان التعبير الشعبي "أخدوه إلى بيت خالته" تعبيرا ملطفا يشير إلى اعتقال الشخص على يد أفرع المخابرات، وغالبا دون مذكرة قضائية أو إبلاغ العائلة، ليختفي فجأة من محيطه، فيغيب قسريا لسنوات أو إلى الأبد.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جنود القاعدة الأميركية في التنف يشاركون السوريين فرحة عيد التحريرlist 2 of 2هروب رئيس الموساد الجديد من اشتباك مع القسام خلال طوفان الأقصى يشعل المنصاتend of listهذا المصطلح الذي نشأ من رحم الخوف أصبح جزءا من السخرية السوداء التي استعان بها السوريون لتخفيف وطأة الرعب، في محاولة لتمرير أقسى الأخبار بلغة تجمع بين الدعابة المرة والواقع المؤلم.
كانت قصص "بيت الخالة" ترتبط بالمطارات والمعابر الحدودية، حيث يختفي بعض العائدين أو المسافرين ويُقتادون مباشرة إلى مراكز التحقيق.
ومن أشهر هذه الحالات الكاتب مصطفى خليفة مؤلف رواية "القوقعة"، والذي اعتقل في مطار دمشق الدولي فور عودته من فرنسا بتهمة الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، هذا الاتهام قاده إلى سجن تدمر الصحراوي سيئ الصيت، حيث قضى 13 عاما من عمره خلف جدرانه.
واليوم، وبعد عام على تحرير سوريا أصبح هذا المصطلح جزءا من ذاكرة الخوف التي يود السوريون طي صفحتها.
رسالة رمزيةتوزيع إدارة مطار دمشق هذه العبارة على شكل بطاقة تذكارية لم يكن صدفة، بل كان رسالة رمزية تحمل معنى مزدوجا: الأول أن زمن "بيت خالتك" انتهى، وأن الاعتقالات التعسفية و"التشبيح" الأمني وقرارات المنع من دخول البلاد أصبحت طي الماضي.
إعلانوثانيا أن السوريين قادرون على مواجهة تاريخهم المظلم بروح من الدعابة التي تحول الألم إلى ذكرى للتغلب عليه.
وعلى مواقع التواصل عبر مغردون عن تفاعلهم مع هذه المبادرة، فقال أحدهم "كلمة لا يعرف معناها إلا السوريون، مصطلح ارتبط بسجون ومعتقلات المخابرات الأسدية السابقة، واليوم نراها تُستخدم لتبشير العائدين بالطمأنينة".
وكتب آخرون أن العبارة -رغم أنها تُضحك اليوم- فإنها تخفي وراءها دموعا وألما، فهي كانت رمزا لـ"الثقب الأسود" الذي من يدخله قد لا يعود أبدا، وإن عاد عاد بجرح داخلي لا يلتئم.
وهكذا، تحولت عبارة كانت ذات يوم مرعبة إلى بطاقة تحمل مزيجا من الدعابة والحرية، في مشهد يختصر انتقال سوريا من زمن الاعتقال والخوف إلى زمن الاحتفال بالتحرر وانتهاء حقبة آل الأسد وأجهزتهم الأمنية القمعية.
يذكر أن رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني قال إنه رغم إفراغ سجون الأسد من نزلائها فإنه ما زال هناك أكثر من 112 ألف مختف قسريا في سوريا.
وشدد عبد الغني على ضرورة العمل على كشف مصير المختفين.