موقع النيلين:
2025-05-10@07:40:08 GMT

خطاب مفتوح للأستاذة رشا عوض من مريم المهدي

تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT


الحبيبة الأستاذة رشا.. اطلعت على كلمتك (إلى من يهمه الأمر في حزب الأمة القومي) بتاريخ اليوم 11 يناير 2024م، ومفادها أن هناك “استراتيجية مخدومة بعناية لعزل حزب الأمة عن الاصطفاف مع القوى المدنية الديمقراطية وجرجرته إلى التكتل مع الجيش والمؤتمر الوطني وما يسمى بالكتلة الديمقراطية برعاية مصرية، بهدف إضعاف الصف المدني، ونزع مشروعيته الشعبية، وتقسيم حزب الأمة”، محذرة من تكرار ما حدث بعد نداء الوطن، وانشقاق مجموعة مبارك الفاضل بمساعدة الأجهزة الأمنية حينها وهو مخطط أفشله وجود الإمام عليه الرضوان كعاصم من تشتت الحزب، والآن فإن أي اتجاه شبيه سوف يمزق الحزب شذر مذر… وأقول، أولًا: انظر لاهتمامك بما يدور في الحزب الذي غادرته بإحسان كاهتمام مفهوم في إطار الهم الوطني فهو أكبر حزب سوداني بحسب آخر انتخابات ديمقراطية، والأكبر ضمن تكتل (تقدم) الذي يضم معه أحزابًا وكيانات أخرى لا تبلغ حجمه.

لذلك فالنصح من قلم ديمقراطي مثابر مثلك مقبول كاجتهاد، لكن يهمني أن أرد على تلك الرسالة باعتباري ممن يهمه الأمر في حزب الأمة كقيادية فيه، إضافة للزمالة التي جمعتني بك في المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي ثم في العمل الوطني والصحفي، ولإيماني بقوة قلمك وتأثيره، ناهيك عن تقلدك لمنصب مهم الآن في تحالف (تقدم) وضرورة التعامل بجدية مع ما تخطين.
ثانيًا: أطمئنك بأنه لا توجد أي محاولة داخل حزب الأمة الآن للتكتل مع الجيش والمؤتمر الوطني والكتلة الديمقراطية برعاية مصرية أو بغيرها. ولا شك أنك وقعت فريسة تضليل معلوماتي، أو أنك قرأت بعض الآراء التي خطها بعض قادة الرأي في الحزب بعين أصابتها الكيزانوفوبيا في مقتل للمنطق مؤسف. والحقيقة هي أن الحزب إذا لم يتخذ موقفًا يطابق قراره بـ”ضرورة السعي للتوسط لوقف هذه الحرب اللعينة فورًا والتزام مسافة واحدة من طرفيها”، وإذا لم يفلح في تطوير موقف (تقدم) بصورة تبطل الانحياز الحالي للدعم السريع، فإن تقسيمه سوف يحدث لا محالة. العاصم الوحيد للحزب الآن ليس أن يسير خلف الدعم أو الجيش أو أي من الأجسام التي تدعم هذا أو ذاك، فقواعد الحزب الاجتماعية، وتياراته الداخلية موزعة في التعاطف بين الطرفين بصورة هيكلية، والحل الوحيد للحفاظ على وحدته هو هجران المواقف المنحازة وشق طريق ثالث توافقي يرضي الجميع.
ثالثًا: الآراء التي أزعجتك بصورة بالغة مثلها بقوة مقال د. عبد الرحمن الغالي الموسوم (قراءة أولية في إعلان أديس أبابا بين تقدم وقوات الدعم السريع ومقترح تطويره لحوار سوداني سوداني جامع)، فقد اطلعت على تعليقك في صفحته المنزعج من الفكرة الواردة فيه بضرورة جلوس الجميع بمن فيهم المؤتمر الوطني، لبحث أسس وقف الحرب اللعينة والاتفاق على سودان المستقبل. ثم مقالك أمس المعرّض بفكرته والمخطيء لها، ثم ها أنت تلحقين كل ذلك الشرر بهذه الرسالة في بريد حزب الأمة. وما ورد في المقال لا يتجاوز الحديث عن لقاء جامع لا يستثني أحدًا ولا يتحكم فيه أحد، ولا ينادي باصطفاف بديل لـ(تقدم) بل يخاطبها بضرورة تطوير خطوة اتفاق أديس أبابا نحو توافق سوداني شامل. والحقيقة أن الدعوة في المقال مطلوب وطني مهم وعاجل، إذا لم تتقدم تقدم نحوها فسوف يصنع الفراغ بدائله.
رابعًا: هذه الآراء التي ترفضينها تمليها ضمائر وقرائح صادقة في البحث عن حلول لمأساة وطن يذبح بأيدي فجرة متحاربين على جسده، ويمكن لمن أراد الاتفاق معها أو الاختلاف، لكن من الجور مقارنتها باختراق الحزب بأيدي المؤتمر الوطني عام 2000م. وقد عمل المؤتمر الوطني حينها بأمواله وآلة سلطته وصولجانه لتقسيم الحزب والتنكيل به لأنه رفض المشاركة في حكمه إلا عبر انتخابات حرة أو حكومة قومية تحقق الانتقال الديمقراطي. فالقياس بين الاتجاهين ليس مائلًا فقط، وكما تعلمين فإن القياس علم يتطلب أركانًا، كلها ساقطة الآن: فلا المال والصولجان الآن عند المؤتمر الوطني بل لا سلطة حقيقية حاليًا وقد دكت البلاد ومزقت، والسلطة المنظورة بحسب نتائج الحرب ربما آلت لابن حمدان لا للبرهان، والمال والصولجان منظور في كف الأول أكثر من الأخير. والموقف الذي يستبطنه المقال يشكل التنفيذ الأصدق لقرار الحزب المؤسسي، بينما كان الانسلاخ حينها رفضًا لقرار المؤسسة، ولا بيع ولا شراء ولا انحياز للديكتاتورية في الدعوة الحالية، بل محاولة حثيثة لرسم طريق لخلاص وطن يحتضر. يمكن ألا يوافقها من لا يراها صالحة، لكن المسارعة لتشبيهها بتلك السقطة الأخلاقية تعدٍ بالغ، وجور عظيم قبل أن يكون فقدان تام لأسس المنطق والقياس السليم. وغني عن القول إن القلم الذي تعرضين به وبأنه يساق خلف خطط أجنبية وصفه الإمام عليه الرضوان بأنه التالي بعده في كياننا الذي يدرك أبعاد القضايا سياسيًا ودينيًا، ولا أظنه يحتاج لشهادة منك أو غيرك عن مدى نزاهته وعفته، ولا نفاذ بصيرته ومعارضته أهواء النفس والتعالي على جراحاتها من أجل الوطن.
خامسًا: من المدهش أنك لا ترين في هذه الحرب ولا تسمعين سوى صوت الكيزان وأفعالهم، كأنك جزء من هذه الحرب التي شبت بين طرفين حقيقة كلاهما انقلابيان وخارج مظلة الديمقراطية بالأساس، وليس لديك لأي مخالف لرؤاك سوى دمغات الكوزنة والكوزنة المستترة والغفلة وغيرها، ولا مكان لأي اجتهادات تخالف اجتهاداتك أو قراءات تخالف قراءاتك سواء في قراءة أسباب الحرب ودوافع طرفيها الزنيمين، ولا في خطط الحلول للخروج من مستنقعها الآسن. والحقيقة أن السوء في هذه الحرب مقسم بين الطرفين، وكلاهما صائد وجه بندقيته على الشعب بصورة يصدق عليها تصوير حميد رحمه الله (صياد عن شمال وصياد عن يمين). فأنتِ لا ترين سوى صائدًا وحيدًا وكل من يشير للصورة الأعم يصير عندك في عداد الغافلين، أو ربما المشتركين في مؤامرة مصرية كيزانية، إلخ. وهل مصر وحدها التي تعبث الآن في السودان، ولماذا لا تفهمين انزعاج آخرين من تدخلات أخرى أشد ظهورًا سارت بذكرها ركبان الصحف والمجلات العالمية وكادت طائراتها التي تمد ابن دقلو أن تبلغ المائتين؟
سادسًا: هذا الاتجاه الأحادي والإقصائي حينما يصدر من شخص يتقلد مسؤولية مهمة في تحالف ينتظر أن يجمع القوى المدنية والديمقراطية لا أن يفتتها، يصير أمرًا مقلقًا جدًا، لأنك من حيث لا تشعرين تضعين العراقيل أمام وحدة القوى الديمقراطية بتنصيب اجتهادك ورؤيتك ومن يوافقك الرأي بوصلة وحيدة للسداد وللوطنية. فهل أنت الشخص الوحيد النزيه في السياسة السودانية وكل الآخرين معروضون في سوق النخاسة والعمالة الأجنبية؟ هذا التشنج موضع خطر عظيم جدًا على الأمة السودانية التي لا تحتاج الآن لمن ينمي الكراهية ويوزع التهم حتى بين حملة لواء الديمقراطية ويخونهم ويدمغهم، فقط لاختلاف الرأي والرؤية، بل تحتاج بلادنا لمن يمد يده ويوسع صدره حتى لأولئك الذين أشقونا وأوسعوا شعبنا ذمًا ومهانة (سواء أكان البرهان أو ابن حمدان). وكما كان الإمام الصادق عليه الرضوان يقول: “السياسي الذي لا يدرك مواطن الخطر يصير هو نفسه موطنًا للخطر.”
سابعًا وأخيرًا: أرجو أن تقبلي نقدي هذا ونقد الذين وجهوا لك السهام مؤخرًا بسبب الـ”نصف دقيقة” التي خففتِ الإدانة فيها للدعم السريع، وأعني أولئك الذين انتقدوك من داخل حوشك الديمقراطي، فلست معنية بسفاهات الكيزان ومشانقهم المنصوبة ولا بأكاذيبهم التي تعودنا عليها فـ”العيب لما يجي من أهل العيب ما ببقى عيب” كما في المثل. أما النقد الموجه من صفك الديمقراطي فأرجو أن تتقبليه على أنه مقياس للاهتمام ودليل على الاحترام، فكثير من الساسة المعروضين الآن في الأسواق لا يرفعون حاجب دهشة ولو قالوا إن الله مات!
والسلام.. مريم الصادق المنصورة ،،

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: المؤتمر الوطنی حزب الأمة هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

فرص بورتسودان في مقاومة مهدداتها العسكرية

 

فرص بورتسودان في مقاومة مهدداتها العسكرية
صلاح شعيب

دخلت البلاد منعطفاً جديداً بعد التصعيد الأخير في الحرب، والذي يهدد بالفوضى الشامل في المناطق التي تسيطر عليها سلطة بورتسودان، خصوصاً في ظل تقارير تشير إلى التأثير الضخم في المستقبل القريب لفقدان الوقود على مجمل الحياة هناك.
فانهيار مصفات ومستودعات المحروقات الإستراتيجية سيولد أزمات كبيرة لا حدود لها بعد التدمير الهائل الذي لحقها، فضلا عن تأثير عدم وجود رادع للقصف الجوي، وهذا ما يستدعي التساؤل حول مدى سلامة السكنى في المدينة الساحلية.
إن صيغة البل التي اعتمدها دعاة الحرب كوسيلة للنصر لم تتجل بكل عنفوانها إلا في الدمار الذي تشهده بورتسودان، وأجزاء من القطر هذه الأيام. فهل هذا هو البل المقصود التي تصوروا حدوثه ام أنهم لم يضعوا في الحسبان ان الحرب غير مضمونة العواقب بالنسبة لهم؟
ونتمنى الآن فقط أن يكون السودانيون جميعاً قد أدركوا أن تخريب الكيزان للانتقال الديمقراطي قد أوردنا إلى هذه الكلفة الفادحة للحرب حتى أصبحنآ في موقف لا يحسد عليه أمام العالم.
فكل الخراب المادي – والذي لا يوازي فقدان الأروج المهدرة عبر الحرب – هو تدمير للرصيد التنموي للشعب السوداني جميعه، وهو أمر محزن للغاية سواء كان مسرحه نيالا أو كسلا؟
نحن لا نمل التكرار المقصود بأن الحركة الإسلامية الآن فهمت أن لمغامراتها الاعتباطية ثمناً باهظاً لا يدفعه قادتها بقدرما جعلت السودانيين جميعاً على حافة البكاء المر لانهيار دولتهم.
حتى الآن اختلف الناس حول الوسائل التي استخدمت في القصف المستمر للمنشات العسكرية، والاقتصادية، هذه. أهي مسيرات، أم صواريخ، أم طائرات مسيرة خرجت من نطاق الرصد ثم الدفاع بالنظر؟. وكذلك شمل الاختلاف المواضع التي انطلقت منها هذه الوسائل القتالية الدقيقة في قصد أهدافها. أهي آتية من مطار أم جرس أم غرب النيل أم ناحية البحر والشرق كما قال وزير الطاقة والنفط السوداني؟.
ولكن على كل حال فإن التصعيد في الحرب الذي تكاد نتيجته تشل عقل حكومة بورتسودان سيولد واقعاً جديداً سيدفع تحالف السلطة هناك ثمنه، والذي قد يصل إلى تصدع فاعليتها.
لقد تزامن قصف المدن مع قطع مجلس الأمن والدفاع العلاقة مع الإمارات. وهذا تصعيد دبلوماسي أرعن لن يساعد البرهان، وحلفائه، في تحقيق النصر في الحرب. ورغم قول خبراء بعدم شرعية قطع هذا المجلس العلاقات – وققاً للوثيقة الدستورية – فإن سلطة بورتسودان ذاتها لا تملك الشرعية بعد انقلابها على الانتقال الديمقراطي لثورة ديسمبر.
إن ما فعله البرهان بمعاونة الحركة الإسلامية من تدمير للسودان ينبغي أن يحمل كل السودانيين العقلاء لمضاعفة الجهد للوقوف ضد هذه الحرب التي أرادها الإسلاميون سريعة لاسترداد مجدهم الزائف.
فالدمار الذي عايشناه في اليومين الماضيين – مضافاً إليه الدمار المادي والبشري لعامين – أكد بلا شك رجاحة حجة الرافضين للحرب، والذين ما تركوا سانحة طوال هذه الفترة إلا واستغلوها في التحذير من عواقب القتال بين الطرفين، وما يجره من مآسٍ إنسانية، وعمرانية. ولكن يبدو أن سلطة البرهان، وحلفائه، والكيزان، التي ظلت تتعنت دون الاستجابة لنداءات محلية واقليمية لإحداث التسوية فهمت الآن جدوى التسوية التفاوضية، وفشل القول بوجود مجد للبندقية.

الوسومالحرب الحركة الإسلامية النفط السودانس صلاح شعيب مطار أم جرس

مقالات مشابهة

  • “البناء الوطني”: نقف مع الهيئة الخيرية الهاشمية ضد المزاعم الكاذبة
  • نشر صورتين مختلفتين للجوهرة الزرقاء.. ناشط سوداني يوثق للحال الذي وصل إليه إستاد الهلال بعد الحرب
  • سايكس بيكو.. جريمة مايو التي مزّقت الأمة
  • خطاب الكراهية يُذكي نيران حروب مُقبلة في السودان؟
  • خطاب الهروب من الأولوية والمسؤولية الوطنية
  • «الأمة القومي» يدعو لوقف فوري للحرب ويطلق تحركات سياسية لإنهاء الصراع في السودان
  • لماذا الهجوم على بورتسودان الآن؟
  • ما دور علماء الأمة تجاه ما يحدث في غزة؟ الشيخ ولد الددو يجيب
  • فرص بورتسودان في مقاومة مهدداتها العسكرية
  • التقدم والاشتراكية: الحكومة تدافع عن اختلالاتها بالاستعلاء والتهجم وبرفض الخضوع إلى المراقبة