الولايات المتحدة – على مدى عقد من الزمن، ظل علماء الفلك في حيرة بشأن ميزة غامضة في بحيرات تيتان، أكبر أقمار زحل، تسمى “الجزر السحرية”.

وظهرت هذه البقع اللامعة والناعمة بشكل غير عادي والتي تنتشر في محيطات الميثان السائل والإيثان الموجودة على القمر لأول مرة في عمليات الرصد التي قامت بها مركبة الفضاء كاسيني التابعة لناسا في عام 2014.

وفي ذلك الوقت، كان علماء الفلك في حيرة من قدرة “الجزر السحرية” على الظهور والاختفاء من الملاحظات مع مرور الوقت. ومنذ ذلك الحين، يحاول العلماء تفسير هذه الظاهرة الغامضة.

والآن، وفقا لدراسة جديدة نشرت في مجلة Geophysical Research Letters، توصل فريق من العلماء إلى إجابة محتملة: ربما تكون “الجزر السحرية” عبارة عن قطع من المواد الصلبة العضوية المجمدة المسامية تتمايل على سطح بحيرات تيتان السائلة.

والغلاف الجوي البرتقالي الضبابي لقمر تيتان أكثر سماكة بنسبة 50% من الغلاف الجوي للأرض وغني بالميثان وغيره من الجزيئات الكربونية أو العضوية. وسطحه مغطى بالكثبان الرملية الداكنة من المواد العضوية وبحار الميثان السائل والإيثان. والأغرب من ذلك هو ما يظهر في صور الرادار على شكل نقاط مضيئة متغيرة على أسطح المحيطات يمكن أن تستمر من بضع ساعات إلى عدة أسابيع أو أكثر.

واقترحت دراسات سابقة أن “الجزر السحرية” يمكن أن تكون جزرا وهمية ناجمة عن الأمواج أو جزرا حقيقية مكونة من مواد صلبة عالقة، أو مواد صلبة طافية، أو فقاعات من غاز النيتروجين.

وتساءلت شينتينغ يو، عالمة الكواكب والأستاذة المساعدة في جامعة تكساس في سان أنطونيو، والمؤلفة الرئيسية للدراسة الجديدة، عما إذا كانت نظرة فاحصة على العلاقة بين الغلاف الجوي لتيتان والبحيرات السائلة والمواد الصلبة المترسبة على سطح القمر يمكن أن تكشف عن سبب هذه الجزر الغامضة.

وقالت: “أردت التحقق مما إذا كانت الجزر السحرية يمكن أن تكون في الواقع مواد عضوية تطفو على السطح، مثل الخفاف الذي يمكن أن يطفو على الماء هنا على الأرض قبل أن يغرق في النهاية”.

عالم غريب من المواد العضوية

الغلاف الجوي العلوي لتيتان كثيف بجزيئات عضوية متنوعة. ويمكن أن تتجمع الجزيئات معا، وتتجمد، وتسقط على سطح القمر، بما في ذلك أنهارها وبحيرات الميثان والإيثان السائلين، مع موجات يبلغ ارتفاعها بضعة ملليمترات فقط.

وكانت يو وفريقها مهتمين بمصير هذه الكتل العضوية عند وصولها إلى بحيرات تيتان الهيدروكربونية: هل ستغرق أم تطفو؟

وللعثور على الإجابة، قام الفريق أولا بالتحقيق في ما إذا كانت المواد الصلبة العضوية الموجودة على تيتان ستذوب ببساطة في بحيرات الميثان الموجودة على القمر.

ونظرا لأن البحيرات مشبعة بالفعل بالجزيئات العضوية، فقد قرر الفريق أن المواد الصلبة المتساقطة لن تذوب عندما تصل إلى السائل.

وتتكون بحيرات وبحار تيتان بشكل أساسي من الميثان والإيثان، وكلاهما ذو توتر سطحي منخفض، ما يجعل من الصعب على المواد الصلبة أن تطفو. واقترحت النماذج أن معظم المواد الصلبة المجمدة كانت كثيفة جدا وأن التوتر السطحي منخفض جدا بحيث لا يمكن إنشاء جزر تيتان السحرية إلا إذا كانت الكتل مسامية (ذات فجوات أو فراغات) مثل الجبن السويسري.

ووجد العلماء أنه إذا كانت الكتل الجليدية كبيرة بما فيه الكفاية ولديها النسبة الصحيحة من الثقوب والأنابيب الضيقة، فإن الميثان السائل يمكن أن يتسرب ببطء بما فيه الكفاية بحيث يمكن للكتل أن تبقى على السطح.

وتشير نماذج يو إلى أن الكتل الفردية من المحتمل أن تكون أصغر من أن تطفو بمفردها. ولكن إذا تجمعت كتل كافية معا بالقرب من الشاطئ، فمن الممكن أن تنفصل قطع أكبر وتطفو بعيدا، على غرار الطريقة التي تتفكك بها الأنهار الجليدية على الأرض. ومع مزيج من الحجم الأكبر والمسامية المناسبة، يمكن لهذه الأنهار الجليدية العضوية أن تفسر ظاهرة “الجزر السحرية”.

 

المصدر: phys.org

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: إذا کانت یمکن أن

إقرأ أيضاً:

البتراء.. ومس الواقعية السحرية

عبدالله رزق أبو سيمازه

تنتمي رواية ( البتراء )  إلى ما يمكن تسميته بأدب ثورة ديسمبر ٢٠١٨ ، لكن قد ينهض احتجاج ، بما مفاده أن الوقت لازال باكرا ، لتمثل هذه الثورة ، التي لا تزال تعتمل في الصدور ، في شكل ما من الأدب ، خاصة الرواية . غير أن صلاحا ، القويضي ، يلوح بهذا المستند ، بادعاء أوان الاوان . للأستاذ صلاح القويضي ، رؤية بشأن الثورة ، وشبابيتها ،على نحو خاص ، ظل يدافع عنها بعناد وتصميم ، لابد أن تجد التعبير عنها في الرواية ، بتمجيد شبابها ، وشهدائها ، وبما يمكن أن يحيل الرواية ، نفسها ، مفردة من مفردات الثورة : ترسا ، فعلا  ، اوعيا …

وقد استهدف المؤلف بنيانا غير تقليدي بروايته الاولى ، بإضفاء الكثير من الواقعية ، على  تفاصيلها ، من أمكنة وأشخاص واحداث . ويلاحظ ، منذ البدء ، تناوب عدة رواة ، بمن فيهم المؤلف نفسه ، على سرد  وقائعها : نجمة ، بطلة الرواية ، فادية صديقتها ، عادل  حبيبها ، زهراء امها ، عادل الوان ، التشكيلي الصحفي ، …الخ.

ومع أن للكاتب خبرة في التعامل مع الشعر : كتابة  وترجمة ونقدا ، الا أنه تفادى ، بشكل ملحوظ ، استحضار اللغة الشعرية ، في متن الرواية ، كأداة للسرد .

مؤلف الرواية صلاح القويضي

ترصد الرواية ، تطور حياة  ” نجمة ”  ، على خلفية من الأحداث الدموية الكبرى ، التي شغلت قرابة العقدين من عمر البلاد ، بدء من حرب التورابورا والجنجويد ، في دارفور، حيث فقدت ، في سياقها ، على أطراف معسكر كلمه للنازحين ، كفها وعذريتها ، معا ، مرورا ، بفض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة ، شرقي الخرطوم  ، حتى ( حرب الجنرالات مع دعمهم السريع – جنجويدهم السابق – الذي اسسوه  ودربوه وسلحوه  ومكنوه في الارض ، ليعينهم في حرب دارفور وكردفان ، فانقلب عليهم . ص ٥٦(  ، والتي اشتعلت في العاصمة ، قبل أن تعم أقاليم البلاد الاخرى .

يشكل حضور “نجمة “، حفيدة السلطان سليمان صولون ، سليل النبي سليمان بن النبي داود ، في ساحة الاعتصام ، ليس مجرد  حضور للتاريخ ، أو للماضي القريب ، حسب ، وانما حضور الراهن الدارفوري ، الغارق في الدم المسفوك ، ودالة حضور المستقبل ، الموعود بالدم ، ايضا ، وشكل نبوءته . تتردد “البتراء”، وهي ترسم عالمها الخاص ، بين الواقعي وفوق الواقعي ، وبين الحقيقي والمتخيل ، ومن ثم لا تخلو الرواية – وان اقتربت من واقعية يوسف القعيد – من مس من الواقعية السحرية .

لنجمة – البتراء حياتان : حياة قبل تفعيل الاسورة السحرية ، وهي تشغل الفصول الأولى من الرواية ، وثانية ، بعدها ، تختزل فصل الختام ، منذ تفعيل القوى الخارقة  الكامنة ، في الاسورة . ومن ثم يمكن تمييز نوعين من أحداث الرواية .  ما حدث بالفعل ، وهو الواقعي من الأحداث . وما لم يحدث ، بعد ، المرتجى ، وهو ليس تطورا في سياق التسلسل المنطقي للوقائع ، بقدر ما هو انعطاف ، وهو غير الواقعي ، الذروة المؤجلة  ، حتى الآن .

تبدو غامضة ،  تلك الذروة المرتجاة ، وغائمة ، بين الصحوة والغفوة ، وبين الحلم واليقظة ، حيث ينتظر ان تقوم ” نجمة ” ، كأحدى  حفيدات الملك سليمان ،  بفك الطلاسم ، المكتوبة  بلغة الجن ، على اسورتها ، وقراءة التعويذة عليها ، لتنشيط  قدرات الاسطورة الخارقة الكامنة ، لتكون أداة حمايتها ، ولتصبح ، هي ، كنداكة في بلدها (ص ٥٦)، وفق ما أفادت به عرافة غجرية ، اطلعت على خفايا الاسورة ، التي تتزين بها . لكنها ، قبيل الانتصار للأسطورة  ، خلال طقس تفعيل قدراتها ، تنسرب ، نجمة وامها ، في ” حلم جميل ” ، كما عاشه المؤلف ، حيث ( يحل الجيل الجديد الراكب الرأس ، محل القادة الذين  ساروا بالبلاد من فشل إلى فشل ، منذ خروج المستعمر – ص ١٦١ )، وذلك قبل أن يصحو ( مذعورا  على صوت انفجار مروع بقذيفة ضخمة  ص ١٦٦) .

تقترب ” البتراء ” من أن تكون رؤية  ، او إطارا للخلاص الذي تكونه ، أو تكون مرموزه ، وفق نبوءة العرافة الغجرية . غير ان الرواية ، وهي تبلغ – في الحلم – ختامها ، تكف عن ملاحقة مصائر بقية  شخوصها ، ومنهم ، “عادل الوان” ، و”فادية ” صديقة نجمة ، والاهم ، انها تغفل مصير “الفاضل” ، ولد  “نجمة ” ، الذي ثأر لوالدته ، وحقق لها ، ولأسرتها  ما كانت ترجوه من انتقام  ، بان قتل أباه ، القائد الجنجويدي  حماد الاشيقر ، حماد  الأعرج سابقا ، دون أن يعرف حقيقته  ، في اكثر الأحداث تراجيدية ، بعد اغتصاب نجمة وبتر كفها .

الوسومعبدالله رزق أبو سيمازه

مقالات مشابهة

  • البتراء.. ومس الواقعية السحرية
  • تحذير من “كارثة لا يمكن تداركها” في غزة وألبانيزي تدعو لمعاقبة إسرائيل
  • اكتشاف فلكي مثير.. كوكب غريب يثير توهجات مدمرة | ماذا يحدث؟
  • مجدداً.. فلسطيني يعثر على حبوب مخدرة في كيس طحين من المساعدات “الأمريكية- الإسرائيلية” / فيديو
  • “المنشطات الجنسية المزورة “.. الغذاء والدواء تكشف حقيقة وجود المنتجات في الأردن
  • فلكية جدة: كوكب الأرض يبلغ أبعد نقطة عن الشمس غدًا ويُعرف علميًّا بـ”الأوج”
  • بفضل نظرية أينشتاين.. اكتشاف كوكب نادر يختبئ في حافة مجرتنا
  • “كوكب الإمارات”.. الفجيرة تطلق أول “شارع موسيقي” على أنغام بيتهوفن
  • مع موجة الحرّ العالمية.. 5 أطعمة تسرّع التعافي من حروق الشمس
  • بفضل نظرية أينشتاين.. اكتشاف كوكب نادر يختبئ في حافة مجرتنا