وول ستريت: 100 يوم من العدوان على غزة وتخوفات من انتشار الصراع بالمنطقة
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
أكدت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أنه بعد مائة يوم، من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة باتت الحرب التي تخوضها إسرائيل مع حماس تتحول إلى صراع طويل الأمد بلا نهاية واضحة، ويهدد بالانتشار إلى مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وعرقلة جهود الولايات المتحدة.
وول ستريت: اغتيال العاروري أول توسع مميت للاحتلال خارج قطاع غزة وول ستريت: إبادة ثلثي غزة خلال 4 أشهر من العدوان
وأفادت الصحيفة، بحسب وكالة إنباء الشرق الأوسط،إن واحدة من أكبر الأحداث الجيوسياسية في هذا القرن، هي تلك الحرب التي تحولت من هجوم حماس في 7 أكتوبر -والذي تقول إسرائيل إنه أدى إلى مقتل 1200 شخص- إلى انتقام شرس للجيش الإسرائيلي ضد الحركة في قطاع غزة.
ووفقا للسلطات الفلسطينية فإن أكثر من 23 ألف فلسطيني استشهدوا، معظمهم من النساء والأطفال، كما تعرض ما يقرب من 70% من منازل غزة البالغ عددها 439 ألف منزل ونحو نصف مبانيها لأضرار أو دمرت .
وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة قد بادرت بمساعدة إسرائيل في حرب تشكل أحد الاختبارات الحاسمة للسياسة الخارجية للرئيس جو بايدن. وقد ترددت أصداء الصراع ودعم الإدارة القوي لإسرائيل في السياسة الداخلية للولايات المتحدة، الأمر الذي أثار موجة من الاحتجاجات في حرم الجامعات وزاد من تأجيج الحروب الثقافية في الوقت الذي يواجه فيه الرئيس انتخابات مثيرة للجدل.
وأشارت وول ستريت جورنال إلى أن الصراع في غزة قد أجبر الولايات المتحدة على التركيز مجددا على الشرق الأوسط بعد سنوات من إعادة توجيه الموارد الدبلوماسية والعسكرية لمواجهة الصين التي يتصاعد نفوذها. كما أنها صرفت الانتباه عن الجهود الأمريكية لمساعدة أوكرانيا على التصدي للحرب الروسية.
ومضت الصحيفة تقول الآن، أصبحت مسألة كيفية حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، الذي تجاهله المجتمع الدولي وإسرائيل إلى حد كبير لسنوات، مرة أخرى قضية محورية في الدبلوماسية العالمية وذلك على الرغم من أن الطريق إلى حل الدولتين يبدو وعرا أكثر من أي وقت مضى.
ونسبت الصحيفة إلى سانام فاكيل، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، وهي مؤسسة بحثية في لندن قولها: "لقد اعتقد الجميع أن المنطقة كانت تسير على ما يرام" ، وأضافت: ولكن كانت مسألة تجاوز القضية الفلسطينية أشبه بالسراب.
ومن المرجح أن يكون لتوقيت وكيفية اتخاذ إسرائيل قرار بإنهاء الحرب تأثيرا على جبهات متعددة، بما في ذلك أمنها على المدى الطويل.
ووفقا للصحيفة فإنه بعيدا عن ساحة المعركة في غزة، تعمل الولايات المتحدة على احتواء إيران الداعمة لحماس وحلفائها، بما في ذلك حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن، مشيرة إلى أن عملية السلام الهشة في اليمن، التي ساعدت الولايات المتحدة في التوسط فيها والتي تعد حجر الزاوية في التقارب الأخير بين المملكة العربية السعودية وإيران، باتت الآن في خطر.
وتعليقا على ذلك قال هيو لوفات، وهو زميل سياسي بارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "عندما تمتد الحرب في غزة إلى ما هو أبعد غزة، وإلى ما هو أبعد من إسرائيل، إلى المنطقة، وهو ما يحدث الآن، فعندها سيكون لديك تداعيات عالمية".
وزادت الضربات من التدخل العسكري الأمريكي بعد أن نشرت سفنا حربية في المنطقة في الأيام الأولى من الصراع بين إسرائيل وحماس لردع حزب الله عن مهاجمة إسرائيل. وقد زودت الولايات المتحدة إسرائيل بقنابل كبيرة خارقة للتحصينات، إلى جانب عشرات الآلاف من الأسلحة الأخرى وقذائف المدفعية للمساعدة في طرد حماس من غزة .
وفي جميع أنحاء العالم الغربي، نزل المتظاهرون واحتشدوا ونظموا مسيرات لإدانة إسرائيل ودعم الفلسطينيين. كما تسببت التوترات في استقالة رؤساء جامعة هارفارد وجامعة بنسلفانيا.
وحدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أهدافا تتمثل في تدمير حماس كقوة مقاتلة، وإنهاء سيطرتها على غزة، وتحرير الرهائن الذين احتجزتهم حماس ، ومع ذلك، فقد تبين أن الحرب عبارة عن معركة دموية تظهر حدود القدرات العسكرية الإسرائيلية، ومدى تعقيد شبكة الدفاع السرية التابعة لحماس، حسبما رأت الصحيفة.
وقال غسان الخطيب، المحاضر في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية ومنظم استطلاعات الرأي الفلسطيني: "من الواضح أن ما حدث حتى الآن قد هز ميزان القوى الإقليمي ضد إسرائيل والولايات المتحدة". "إن إسرائيل، حتى الآن وبعد مرور ثلاثة أشهر، غير قادرة على هزيمة حماس ".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: غزة وول ستريت جورنال الحرب الاسرائيلية قطاع غزة إسرائيل الولايات المتحدة الولایات المتحدة الشرق الأوسط وول ستریت
إقرأ أيضاً:
لماذا ستخسر الولايات المتحدة معركتها مع الصين؟
يوم التحرير الذي خصصه دونالد ترامب للإعلان عما يُفتَرض أنها رسوم جمركية متبادلة ضد معظم بلدان العالم تحوَّل بعد تراجعه المتعجِّل عنها تحت ضغط الأسواق إلى حرب تجارية مع الصين. وربما هذا ما كان مقصودا أو غير مقصود منذ البداية.
إذن، هل يمكن أن يكسب ترامب هذه الحرب ضد الصين؟ في الواقع، هل يمكن للولايات المتحدة بعد عودة ترامب الثانية أن تأمل في التفوق في تنافسها الأوسع نطاقا مع الصين؟ الإجابة على السؤالين هي بالنفي. ليس لأن الصين لا تُقهَر. ولكن لأن الولايات المتحدة تُبدِّد كل الأصول التي تحتاج إليها للحفاظ على مكانتها في العالم في مواجهة قوة بضخامة وقدرة وعزيمة الصين.
كتب ترامب في تدوينة عام 2018 «الحروب التجارية جيدة ومن اليسير كسبها» كفكرة عامة هذا غير صحيح. فالحروب التجارية تؤذي كلا الطرفين. وفي حين من الممكن أن تنتهي الحرب التجارية بالتوصل إلى اتفاق يفيد كلا الجانبين إلا أن هذه النتيجة مستبعدة، بل من المرجح أن يفيد أي اتفاق من هذه الشاكلة أحد الطرفين على حساب الطرف الآخر. ومن المفترض أن مثل هذا الاتفاق هو ما يأمل فيه ترامب. أي أن تكسب الولايات المتحدة وتخسر الصين.
في اللحظة الراهنة تفرض واشنطن رسما جمركيا بنسبة 145% على الواردات الصينية فيما تفرض بكين رسما بنسبة 125% على الولايات المتحدة. كذلك فرضت الصين قيودا على صادرات «المعادن النادرة» للولايات المتحدة.
هذه الرسوم في الواقع حواجز عالية جدا ومانعة للتجارة. ويبدو مثل هذا الوضع «مواجهة لا يمكن أن ينتصر فيها أي طرف» بين القوتين العظميين؟ يميل المرء إلى الاعتقاد بأن الخطة الأمريكية (إذا كانت هنالك خطة أصلا) هي إقناع الشركاء التجاريين بفرض حواجز ثقيلة على الواردات من الصين مقابل حصولهم على اتفاقيات تفضيلية في التجارة (وربما في مجالات أخرى كالأمن) مع الولايات المتحدة. لكن هل هذه النتيجة ممكنة؟ الإجابة بالنفي.
أحد أسباب ذلك أن الصين تملك أوراقا قوية أيضا، فهنالك العديد من القوى المهمة التي لديها تبادل تجاري أكبر مع الصين مقارنة بالولايات المتحدة، من بين هذه البلدان استراليا والبرازيل والهند واندونيسيا واليابان وكوريا الجنوبية. نعم الولايات المتحدة سوقُ تصدير أكثر أهمية من الصين لبلدان عديدة مهمة لأسبابٍ من بينها العجوزات التجارية التي يشكو منها ترامب.
لكن الصين أيضا سوق مهمة لعدة بلدان.. بالإضافة إلى ذلك الصين مصدر واردات ضرورية لا يمكن إحلال العديد منها؟ فالواردات هي بعد كل شيء غرض التجارة.
الأهم أن الولايات المتحدة لم تعد مؤتمنة، فحين تتعامل على أساس المقايضات الآنية مع البلدان الأخرى تسعى دائما إلى الحصول على صفقات أفضل، ولا ينبغي لأي بلد «بكامل قواه العقلية» أن يرهن مستقبله لمثل هذا الشريك خصوصا في مواجهة الصين، وتعامُل ترامب مع كندا يشكل لحظة فاصلة. لقد ردَّ الكنديون عليه بإعادة انتخاب الليبراليين. فهل سيتعلم ترامب من هذا؟ هل يمكن للفهد أن يغير بُقَع جلده؟ هذه طبيعته. ترامب أيضا رجل اختاره الناخبون الأمريكيون مرتين.
الى ذلك، فك الارتباط مع الصين ينطوي على مخاطر، فالصين لن تنسى ومن المستبعد أن تغفر. وهي على الأقل تعتقد بأن شعبها أفضل في تحمل المعاناة الاقتصادية من الأمريكيين.
كما أن الحرب التجارية بالنسبة لها صدمة «طلب» أساسا في حين إنها للولايات المتحدة أساسا صدمة «عرض.» وإحلال الطلب المفقود أكثر سهولة من إحلال العرض المفقود.
الخلاصة، لن تحصل الولايات المتحدة على الاتفاقيات التي يبدو أنها تسعى إليها ولا على الانتصار الذي تأمل فيه على الصين. وافتراضي هو أن ترامب، مع اتضاح ذلك للبيت الأبيض، سيتراجع على الأقل جزئيا من حروبه التجارية معلنا الانتصار ثم يمضي في اتجاه آخر.
لكن ذلك لن يغير من واقع أن الولايات المتحدة تتنافس حقا مع الصين من أجل النفوذ الدولي. والمؤسف أن الولايات المتحدة اليوم ليست تلك الولايات المتحدة التي يريد العديدون منها أن تنجح في هذه المنافسة.
أمريكا ترامب لن تتفوق، فسكانها ربع سكان الصين واقتصادها بنفس حجم اقتصاد الصين فقط لأنها أوفر إنتاجا، ولا يزال نفوذها الثقافي والفكري والسياسي يفوق كثيرا نفوذ الصين لأن مبادئها وأفكارها أكثر جاذبية وأمكنها إيجاد تحالفات قوية تعزز هذا النفوذ مع البلدان المماثلة لها في توجهاتها. باختصار لقد ورثت أصولا ضخمة وتنعَّمت بها.
الآن دعونا ننظر فيما يحدث في ظل نظام حكم ترامب. ما يحدث مساعي تهدف إلى تحويل حكم القانون إلى أداة انتقام وتفكيك حكومة الولايات المتحدة واحتقار القوانين التي تشكل أساس الحكومة الشرعية والهجوم على البحث العلمي واستقلال الجامعات الأمريكية العظيمة. ما يحدث أيضا شنُّ الحروب على الإحصائيات الموثوقة والعداء تجاه المهاجرين على الرغم من أنهم ظلوا يشكلون قواعد نجاح الولايات المتحدة على مَرِّ الأجيال والإنكار الصريح لعلم الطب وعلم المناخ ورفض معظم الأفكار الأساسية في اقتصاديات التجارة.
هذا بالإضافة إلى مساواة قادة روسيا بقادة أوكرانيا أو حتى تفضيلهم عليهم والاحتقار العلني لتحالفات ومؤسسات تعاون يرتكز عليها النظام العالمي الذي أقامته الولايات المتحدة. كل هذا يحدث بواسطة حركة سياسية احتضنت تمرد يناير 2021 (اقتحام مبنى الكونجرس بواسطة أنصار ترامب عقب خسارته الانتخابات الرئاسية وقتها- المترجم.) نعم النظام الاقتصادي العالمي بحاجة حقا إلى تحسين. والحجة وراء مطالبة الصين بأن تتحول إلى النمو الذي يقوده الاستهلاك مُقنِعة جدا. ومن الواضح أيضا أن الكثير من الإصلاح مطلوب داخل الولايات المتحدة. لكن ما يحدث الآن ليس إصلاحا بل تحطيم لقواعد نجاح الولايات المتحدة في الداخل والخارج، وسيكون من الصعب تصحيح ذلك، وسيكون من المستحيل للناس نسيان من تسبب في ذلك وما تسبب في ذلك.
الولايات المتحدة التي تحاول إحلال حكم القانون والدستور برأسمالية المحاسيب الفاسدة لن تتفوق على الصين. والولايات المتحدة التي تتعامل مع البلدان الأخرى على أساس نفعي محض لن يُخلِص حلفاؤها في دعمها. العالم بحاجة الى الولايات المتحدة التي تنافس الصين وتتعاون معها. لكن للأسف في وضعها الحالي ستفشل فيهما كليهما.