مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم الأحد
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
مقدمة تلفزيون "أن بي أن"
مئة يوم عـدا ونقدا للعدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة بشرا وحجرا.... مئة يوم لم تـفـت عضد أبناء هذا القطاع الصامد مقاومين ومدنيين... رجالا ونساء وأطفالا.... مئة يوم لم يوفر العدو فيها سلاحـا إلا واستخدمه في القتل والتدمير حاصدا عشرات آلاف الشهداء والجرحى لكن أولئك الصامدين الصابرين يعضـون على جراحهم ولا يرفعون الراية البيضاء.
على هـدي هذا الطوفان تتواصل المواجهة العسكرية على الحدود اللبنانية الفلسطينية التي شهدت اليوم جولة جديدة من الاعتداءات الإسرائيلية والردود من المقاومة التي أدت هجماتها إلى قتلى إصابات في صفوف العدو والمستوطنين على ما أكدت وسائل اعلام عبرية.
ومنطلـقـا من الوقائع الميدانية في غزة والجنوب والمنطقة اكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبل قليل ان العدوان على اليمن يمثل حماقة أميركية وبريطانية وما فعله الأميركي في البحر الأحمر سيضر حركة الملاحة كلها وكل هذا من أجل حماية إسرائيل.
ودعا السيد نصرالله الى وجوب تعاون اللبنانيين جميعا لتوفير عناصر الصمود في هذه المعركة مع العدو الإسرائيلي التي لا يعرف مداها حتى الآن لافتا بالتوتزي الى ان إسرائيل غارقة في الفشل وهي لم تصل إلى أي نصر وحتى إلى صورة نصر. وشدد السيد نصرالله على ان جبهة لبنان كانت من أجل دعم ومساندة غزة وهدفها وقف العدوان على غزة فليتوقف العدوان على غزة وبعدها في ما يتعلق بلبنان لكل حادث حديث.
مقدمة تلفزيون "الجديد"
بدأت اسرائيل اختبار شعار " يا هلا ومرحب " الذي اطلقه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم وسخر فيه من قدرة الجيش الاسرائيلي المهزوز والمهزوم على تصعيد حربه عند جبهة الشمال مع لبنان . ولم يكد الخطاب ينهي جملته الاخيرة حتى تحضر العدو ونفذ سلسلة غارات وصلت للمرة الاولى الى تخوم بلدة قانا خارقا قواعد الإشتباك بصاروخين استهدفا واد بين صديقين ورشكنانيه في قضاء صور وشن غارات على محيط جبل الريحان وجبل صافي. هذه النقلة الحربية الى مناطق كانت بعيدة عن شريط النار
وان اعقبت كلام نصرالله لكنها ايضا بلغت هذا المستوى بعد يوم عسكري حام تقدم فيه حزب الله وضرب قوة اسرائيلية في كفر يوفال او إبل القمح اللبنانية المحتلة ما ادى الى مقتل الجندي باراك ايانول وجرح اثنين اخرين كما اعلن اسقاط محلقة تابعة للعدو في سماء مروحين وتقدم العدو مساء الى المناطق المحظورة يوضع في اطار تغيير قواعد الاختبار واستدراج قدرة الحزب على الرد لكون الامين العام ذهب بعيدا في قصف عدوه بالتهكم وضربه بالعبارات التي تمس بهالته العسكرية وتوقف عند ما يصل الى الحزب عبر وسطاء من ان الجيش الاسرائيلي سينتقل في قطاع غزة الى المرحلة الثالثة وهو اخرج ستة الوية سيرسلها الى جبهة لبنان وقال نصرالله " شوفوا بمين عم بيهددونا بالالوية التعبانة المرعوبة المصدومة نفسيا المهرزومة في شمال غزة .. الوية طالعة تستريح ,هيدا حكي فاضي ,يا هلا ومرحب ,في مية الف بيزيدو شوي"
وعلى الرغم من توسيع زنار الحرب فإن الارض العسكرية لا تزال ضمن السيطرة ولم تدخل في الحرب الشاملة سواء من لبنان او بلوغا نحو البحر الاحمر. اما في غزة فلا عداد للايام .. والمئة نهار في عرفها يوازي اربعة وعشرين الف شهيد وستين الف جريجا وتظاهرات عمت مدنا اميركية وبريطانية واوروبية كانت الاكثر ضغطا على الحكومات. وفي واشنطن التي رفعت صور " ابو عبيدة " في التظاهرات الحاشدة بدأ التراجع السياسي عن سلم بنيامين نتناهو مع الحديث عن خلافات عميقة بينه وبين الرئيس جو بايدنو وكشف موقع "أكسيوس" أن بايدن ومسؤولين كبارا في واشنطن محبطون من رئيس الوزراء الإسرائيلي لرفضه طلبات أمريكية متعلقة بالحرب اما المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي فقال "إننا نقترب بشكل أكبر من مرحلة قد تكون أقل حدة في حرب غزة".
والنزول عن السلالم الاسرائيلية المتهورة توضع له معايير وسقوف زمنية اذ تتحدث المعلومات عن مهل تصل الى شهر شباط بابعد تقدير او عشرة ايام لبدء المرحلة الثالية .
وستبدأ مفاعيل هذه المهل بالانعكساس على لبنان لناحية الحديث عن تطبيق القرار 1701 ومندرجاته وتقول مراجع سياسية على صلة بهذا الملف للجديد ان جولة الوسيط الاميركي اموس هوكستين جاءت بحلول مجتزأة لكنها جدية وتحمل روح التعاون وبعضها اقترح اعطاء لبنان امتارا اضافية من الخط الازرق في مقابل نقطتين استراتجيبن تحتاجهما اسرائيل
مقدمة تلفزيون "أم تي في"
مئة يوم على حرب غزة، ولا مؤشرات الى انها ستتوقف، او انها لن تتوسع. حتى الان عدد الضحايا في القطاع بلغ اربعة وعشرين الفا، وعدد المصابين تجاوز الستين الفا. مع ذلك فان رئيس الحكومة الاسرائيلية يؤكد ان احدا لن يوقف اسرائيل لا لاهاي ولا محور الشر ولا اي شخص آخر. توازيا، الامور تنذر بالأسوأ في البحر الاحمر. فالمعلومات تشير الى ان الحوثيين وخبراء ايرانيين نقلوا صواريخ جديدة الى منطقة الحديدة المطلة على جنوب البحر الاحمر، وذلك لشن هجمات على السفن المبحرة قبالة المنطقة. لبنانياً، خطاب جديد لحسن نصر الله استكمل فيه شكلاً أدبيات الصمود والتصدي والمواجهة، لكنه في المضمون لم يأت بجديد يذكر باستثناء الربط المحكم بين جبهة الجنوب وجبهة غزة. فهل يحق لاي فريق لبناني ان يربط مصير لبنان وامنه واستقراره بتطورات المنطقة؟ وهل يندرج الربط في اطار مصلحة لبنان، ام في اطار حسابات فريق الممانعة؟ لكن قبل تفصيل العناوين السياسية والعسكرية نتوقف عند مشهد الكرنتينا الصادم الذي يتكرر مع كل شتوة . وال "ام تي في" تكشف اساب الفيضان والمراسلات منذ العام 2005 الى اليوم.
مقدمة تلفزيون "أل بي سي"
في اليوم المئة على بدء عملية " طوفان الأقصى " واليوم التاسع والتسعون على دخول حزب الله الحرب، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله " أننا جاهزون للحرب ولا نخافها وسنقاتل فيها بلا أسقف وبلا ضوابط وبلا حدود" .
كلام نصرالله يأتي في ظل انسداد الأفق الديبلوماسي في حرب غزة ، وفي ظل التصعيد غير المسبوق بين الحوثيين والتحالف الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا .
في ما يتعلق بحركة الموفدين إلى بيروت، فإن زيارة آموس هوكستاين لم تحقق أي خرق ، بدليل مغادرته من دون الإعلان عن أي نتيجة إيجابية .
لبنان الغارق في أزماته وملفاته ، أغرقته عاصفة الأمطار بسيلٍ من الفيضانات في أكثر من منطقة لبنانية ولاسيما في الشمال.
مقدمة تلفزيون "المنار"
مئة يوم من المسير، وطريق القدس مرصع بالتضحيات ومسيج بالانجازات، وعلى جانبيه تتساقط المؤامرات وكل سيناريوهات العدو وعنتريات قادته واسياده.. مئة يوم من المجازر والمذابح والتدمير وغزة تقف فوق دمارها تحتضن ابناءها وتكتب على رمالها انصع تاريخ، وتبعث بصواريخها الى اسدود من بين آليات الجنود الغارقين في مستنقعها.. مئة يوم حتى الآن وما زال بيننا وبين العدو الميدان والليالي والايام، وان اشتدت فان النصر لا بد آت وان كان المسير طويلا، فبشائر النصر دماء الشهداء وبينهم القائد الجهادي وسام طويل، الذي تكلل باعلى الاوسمة معتليا جواد الشهادة الذي قاده الى الوصول الأكيد.. وهو ما اكده قائد المقاومة وسيد المجاهدين، الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله الذي رفع اسم الحاج جواد ودمه الى السماء قربانا عزيزا كسيل من السابقين.. وباسم دمائهم وعشرات الآلاف من الشهداء، كان ترسيخ المعادلات، والكلام الواضح والصريح.. اوقفوا العدوان على غزة واهلها ولكل حادث حديث – هي الخلاصة التي طبعت كل الجبهات، وضيقت على المحتل واسياده كل الخيارات. ثبتها الامين العام لحزب الله، ورددها باسم رجال الله في لبنان، وكل المجاهدين المنتصرين لغزة وفلسطين.
على الجبهة اللبنانية كل التهديدات والرسائل الاميركية والصهيونية لا تفيد، والحرب التي تلوحون بها عليكم ان تخشوها – قال السيد نصر الله، وان ارتكب العدو الغارق بفشله اي حماقة فسنخوض الحرب بلا اسقف ولا ضوابط كما اشار..
اما حماقة الاميركيين والبريطانيين بالاعتداء على اليمنيين فسيتكفل بردها اهل الحكمة والايمان، بحسب السيد نصر الله الذي اشار الى التناقض الاميركي بالدعوة الى عدم توسيع الحرب، وقيامهم بمثل هذه الاعتداءات.
اما المثال العراقي فلا يختلف عن جبهات الاسناد اللبنانية واليمنية، ومع استمرار رسائله الصاروخية فان القاعدة الاساس اوقفوا الحرب على غزة وبعدها يكون الحديث.. فيما حديث البحرينيين المعبر هو ذاك الذي رفعته عماماتهم الجليلة ومواقفهم الشريفة برفض الخيانة التي يرتكبها حكم آل خليفة..
وبالعودة الى الصهاينة المتخلفين عن تحقيق اي من اهدافهم بعد مئة يوم على المجازر والنكبات، فان مجتمعهم بات منكوبا، ومزاجه مخالف لمسار الحكومة الفاشلة، وجيشهم مصاب وان اخفت حكومته الخسائر والويلات.
اما ما لا يستطيعون اخفاءه، فجنودهم المعاقون الذين فاقوا الاربعة آلاف باعترافهم خلال مئة يوم، فكيف ان كشف العدد الحقيقي؟ او طالت الحرب التي يخوضون؟
مقدمة تلفزيون "أو تي في"
معنويا، حققت القضية الفلسطينية في الاسبوع الفائت انتصارا كبيرا امام محكمة العدل الدولية. اما على الارض، فمئةُ يوم من الابادة الاسرائيلية المستمرة والمتمادية في غزة، على وقع استهداف اميركي-بريطاني لليمن، منعاً لتحرك الحوثيين في البحر الاحمر، وتهديداتٌ اميركية لطهران، اعلن عنها الرئيس الاميركي على شكل رسالة.
وفي لبنان، المشهدُ برمَّته معلق على حرب غزة، فيما الجنوب يدفع الثمن بالشهداء والدمار، وبعض افرقاء الداخل يسعَون الى تكبيد اللبنانيين اثمان التسويات الموعودة، عبر تكرار محاولة فرض مرشحين لا يتمتعون بالحيثيات المطلوبة، لا شعبياً ولا سياسياً ولا إصلاحياً. وفي هذا السياق، برز أخيراً موقف نبيه بري الذي رأى في سليمان فرنجية مرشحا رئاسيا وحيدا الى الآن، معتبرا جميع الآخرين غير موجودين او لا يريدون الترشح… في مقابل اصرار جبران باسيل على موقفه المعروف من الأسماء، والرافض لربط رئاسة الدولة بأي مقايضات حدودية أو غير حدودية، والمنتفض على تجاوز المقام الرئاسي الوطني في اي مفاوضات. اما سمير جعجع، فاستعان اليوم بمقولة “نحن هنا”، للدلالة الى التصدي لما يُطرح على المستوى الرئاسي، ولو أنه يعطِّل في الوقت نفسه كل اشكال التفاهم بين المسيحيين واللبنانيين على بديل يحظى بالتوافق… كل ذلك فيما السطو على الصلاحيات الرئاسية في الذروة، وآخر التجليات، قرارات الحكومة الميقاتية امس الاول، التي تطاولت هذه المرة على صلاحية رد القوانين، اللصيقة بشخص الرئيس، فيما راحت المرجعيات الروحية تتلو أفعال الندامة على مواقفها السابقة التي غطت كل التجاوزات، والقوى السياسية المسيحية تذرف دموع التماسيح، على ما تنازلت عنه من صلاحيات، أقلَّه منذ الفراغ الاخير.
وعدا عن اخبار السيول التي تؤمن للبنانيين عدا المعاناة، دليلا سنويا الى فشل النظام الاداري والمالي المركزي، وحافزا جديدا للنضال في سبيل اللامركزية الادارية والمالية الموسعة التي اقرها اتفاق الطائف… الاستقالة الجماعية من تحمل المسؤولية في انتخاب رئيس واعادة اطلاق المؤسسات السياسية مستمرة. اما التعويل، فعلى مبادرات خارجية حركتها حرب غزة وتداعياتُها على الجنوب، عسى ان تحمل يوما ما حلا متكاملا يتمناه اللبنانيون، ولو انه ليس بعد في متناول اليد.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: العام لحزب الله مقدمة تلفزیون السید حسن نصر الامین العام البحر الاحمر العدوان على السید نصر نصر الله مئة یوم حرب غزة على غزة
إقرأ أيضاً:
الاعتصام بالله .. معركة الوعي التي تحدد معسكرك، مع الله أم مع أعدائه
في عالم تتقاذفه موجات الفتن الفكرية والدينية والسياسية، يبرز مفهوم الاعتصام بالله كقضية قرآنية مركزية تُعيد الإنسان إلى أصله الإيماني، وتحدد له بمن يجب أن يتعلق، ومن يجب أن يبتعد عنه. فـالقرآن الكريم لم يطرح الاعتصام كخيار إضافي، بل كمنهج نجاة ، ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.
توجيه إلهي صريح يُلزم الإنسان أن يعرف بمن يعتصم، حتى لا يجد نفسه من حيث لا يشعر معتصماً بأهل الباطل أو خاضعاً لهيمنة أهل الكفر. فالاعتصام بالله ليس مجرد شعور، بل موقف وخطّ وانتماء.
يمانيون / تقرير / طارق الحمامي
الاعتصام بالله يوقظ في نفس المؤمن حالة من الوجل الإيماني، خشية التقصير، وخشية الانزلاق إلى موالاة أعداء الله، هذا الخوف البنّاء هو ما يرفع الإنسان إلى مستوى التعلق الحقيقي بالله، ويجعله يرى أن أي بديل أو ملجأ غير الله لا يعدو أن يكون سراباً، فالله سبحانه وتعالى لم يجعل في علاقتنا به بديلاً عنه، والقرآن الكريم جعله الله سبحانه وتعالى كتاب توجيه وحركة، يعيد ارتباط الأمة بالله تعالى، وأن يمنع حصول أي انفصال بين الإنسان وبين الله، غير أن مساراً طويلاً من الانحراف في التاريخ الإسلامي أدّى إلى فصل القرآن عن الله، حتى أصبح كثير من الناس يتعاملون معه كمتنٍ روحي منفصل عن الواقع، وفي هذا يقول الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه : (( الله سبحانه وتعالى لم يجعل شيئاً بديلاً عنه في علاقتنا به، وحتى القرآن الكريم ليس بديلاً عن الله إطلاقاً, بل هو من أكثر ما فيه، وأكثر مقاصده، وأكثر ما يدور حوله هو أن يشدك نحو الله ، الله ليس كأي رئيس دولة، أو رئيس مجلس نواب يعمل كتاب قانون فنحن نتداول هذا الكتاب ولا نبحث عمن صدر منه، ولا يهمنا أمره، ما هذا الذي يحصل بالنسبة لدساتير الدنيا؟ دستور يصدر، أنت تراه وهو ليس فيه ما يشدك نحو من صاغه، وأنت في نفس الوقت ليس في ذهنك شيء بالنسبة لمن صاغه, ربما قد مات، ربما قد نفي، ربما في أي حالة، ربما حتى لو ظلم هو لا يهمك أمره. لكن القرآن الكريم هو كل ما فيه يشدك نحو الله، فتعيش حالة العلاقة القوية بالله، الشعور بالحب لله، بالتقديس لله، بالتعظيم لله، بالالتجاء إليه في كل أمورك، في مقام الهداية تحتاج إليه هو، حتى في مجال أن تعرف كتابه.{إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً}، ألم يتحدث القرآن عن التنوير، والنور, والفرقان، التي يجعلها تأتي منه؟ ليس هناك شيء بديلاً عن الله إطلاقاً)) .
فصل القرآن والرسول صلوات الله عليه وآله عن الله .. مسألة خطيرة صنعت ضلالاً واسعاً
أهل الظلال في تقديمهم الفهم المغلوط للقرآن الكريم، ساهموا في صناعة حالة من الانفصال بين القرآن والرسول صلوات الله عليه وآله وسلم، وذلك حين جعلوا السنّة في بعض مراحلها منفصلة عن مرجعيتها الإلهية.
ومع مرور الزمن، وصلت الأمة إلى حالة أكثر خطورة، انخفضت قداسة النبي صلوات الله عليه وآله وسلم في الوعي العملي،
بينما ارتفع تقديس الرواة والمحدّثين تحت مسمى علماء السنة، حتى غدا قولهم عند بعض الناس فوق النص ومرجعيته.
هذا المنحى أحدث تشويهاً في العلاقة بين المسلم ومصادر الهداية، وأن إعادة الأمور إلى نصابها تبدأ بإرجاع مركزية التوجيه إلى القرآن والرسول باعتبارهما متصلين بالله لا منفصلين عنه،
يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه : (( الذين يقولون: قد معنا كتاب الله وسنة رسوله, نفس الشيء بالنسبة لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) هو هاديا إلى الله، أليس كذلك؟ هاديا إلى الله، فُصل الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في ذهنية الأمة عن القرآن، وهو رجل قرآني بكل ما تعنيه الكلمة، فُصل عن القرآن، ثم قسموه هو فأخذوا جانباً من حياته، جانباً مما صدر عنه وسموه سنة، فأصبحت المسألة في الأخير: الله هناك، رسوله هناك! هناك بدائل نزلت: قرآن، وكتب حديث. ولاحظنا كيف أصبح الخطأ رهيباً جداً جداً في أوساطنا؛ لأننا فصلنا كتاب الله عن الله، وفصلنا رسول الله … ))
طريق الأنبياء .. طريق شاقة نحو الجنة
القرآن يؤكد أن طريق النجاة المؤدي إلى الجنة ليست سهلة ولا قصيرة، فهي طريق الأنبياء الذين حملوا الرسالة، وجاهدوا، وقدّموا النموذج العملي، والمواقف العملية ، مهما كانت هذه المواقف شاقة ، مهما كانت خطورتها ، ولا سبيل للوصول إلى الجنة إلا أن يقيس الإنسان نفسه بميزان الأنبياء، وأن يجعل من رسول الله صلوات الله عليه وآله، معياراً لحركته وسلوكه وخياراته.
فالاعتصام بالله ليس مجرد خطاب نظري، هو منهج سلوك يبدأ من الداخل، ويترجم بالمواقف، والولاء لله تعالى ولرسوله والمؤمنين من أولياءه .
تحذير من واقع خطير .. كلام مع الله ومواقف مع أعداء الله
من أخطر الظواهر الدينية المعاصرة تلك التي يظهر فيها الإنسان متديناً بلسانه أو قلمه، بينما مواقفه تميل إلى أعداء الله، هذه الازدواجية تشكل تهديداً لسلامة الإيمان، لأن القرآن يؤكد أن الموقف هو معيار الصدق، فالحديث عن الله لا يصنع إيماناً، ما لم يرافقه انتماء عملي إلى مواقف عملية تتجسد في الواقع جهاداً وتضحية، والكلمة ليست مجرد صوت، بل هي جهاد، غير أن خطورة الكلمة تتضاعف عندما تصبح خارج إطار الهداية، أو عندما تتحول إلى أداة تبعد الناس عن الله بدل أن تقرّبهم منه، أن تكون دعوة إلى الله تدفع الناس نحو الجهاد في سبيل الله بمعناه الشامل، الفكري، والعملي، والأخلاقي. فالكلمة المنفصلة عن هذا الإطار قد تُحدث ضجيجاً لا قيمة له.
التقوى .. البوصلة التي تمنع الانحراف وتردّ الإنسان إلى الله
التقوى في القرآن الكريم ليست مجرد حالة شعورية، بل منظومة وعي وسلوك، وهي قائمة على ثلاثة أسس، المراقبة الدائمة لله، والحذر من التقصير، والخوف من العقوبة الإلهية.
فالإنسان الذي يغفل عن التقوى يعرض نفسه لغضب الله وسخطه، لأن التقوى هي جوهر الاعتصام بالله، وهي التي تحمي المؤمن من الانجرار إلى ولاءات منحرفة أو مواقف مضللة، يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه : (( {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران:102) القضية مهمة جداً يجب أن تخافوا من الله من أن يحصل من جانبكم تقصير فيها، أن يحصل من جانبكم أي إهمال، أي تقصير، أي تفريط, القضية مهمة جداً جداً، هو يقول لنا هكذا، يذكرنا بأن نتقيه فالقضية لديه مهمة، وبالغة الخطورة، وبقدر ما تكون هامة لديه، وبالغة الخطورة أي أنه سيكون عقابه شديداً جداً على من فرط وقصر فيها، فيجب أن نتقيه أبلغ درجات التقوى {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} أقصى ما يمكن فالقضية خطيرة جداً، وهامة جداً لديه، ولن يسمح لمن يقصر، لن يسمح لمن يفرط، لن يسمح لمن يهمل))
كيف سقطت الدول العربية والإسلامية في الضعف حين اعتصمت بأعدائها
تاريخ الأمة وواقعها المعاصر يقدم شواهد واضحة على أن التخلي عن الاعتصام بالله يقود بلا استثناء إلى الذلّ والضعف والتبعية.
فكثير من الدول العربية والإسلامية اختارت أن تجعل مصدر أمنها وسياساتها قائماً على الاعتماد على قوى الهيمنة المعروفة بمعاداتها للإسلام، واستبدال مرجعية القرآن بمرجعية الأجنبي، واختارت هذه الدول الاحتماء بغيرها عبر قواعد عسكرية، واتفاقيات أمنية، وتحالفات تُمنَح فيها السيادة للعدو المستعمر، والنتيجة ، فقدان الاستقلالية ،والعجز عن حماية نفسها، وهذه نتيجة طبيعية لأن الاعتصام بغير الله لا يجلب إلا الضعف.
ختاماً
يقدم مفهوم الاعتصام بالله من خلال الرؤية القرآنية، مشروعاً لإعادة تشكيل الوعي الديني والوجودي للمسلم، إنه ليس مجرد توجيه روحي، بل بوصلة حياة تحدد المعسكر الذي ينتمي إليه الإنسان، وتمنع اختلاط الولاء، وتعيد القرآن والرسول إلى مقام القيادة والتوجيه.
إن أخطر ما يواجه الأمة ليس فقدان المعرفة، بل فقدان المعيار، ومعيار النجاة هو الاعتصام بالله وحده، والسير في طريق الأنبياء، والالتزام بالتقوى، والحذر من كل انحراف يلبس ثوب الدين بينما جذوره ممتدة نحو أعداء الله.