كاتب إسرائيلي يقدم أسباب فشل الجيش في 7 أكتوبر
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
يرى الكاتب الإسرائيلي يغيل ليفي أن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي الذي نفذته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كان مفاجأة كبرى لقادة الجيش الإسرائيلي، لكنه بالنسبة له يعد نتيجة حتمية للجيش الذي تعود على سياسة الردع التي من المفترض أن تحرم الفلسطينيين في غزة من حقهم في الرد والقتال، بالإضافة إلى الاعتماد الهائل على التكنولوجيا، والرغبة في إدامة الوضع القائم باعتباره الوحيد المتاح والمرغوب.
وأضاف ليفي -المتخصص في علاقات الجيش والمجتمع الإسرائيلي- أن كل هذه العوامل يمكن أن تفسر الفشل العسكري للجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويتحدث ليفي في كتابه (يطلقون النار ولا يبكون: العسكرة الجديدة لإسرائيل في سنوات الألفين) -الذي صدر في فبراير/شباط 2023- عن ظاهرة ربما أدت إلى هذا الفشل، وهي التغير الديموغرافي الذي حدث داخل الجيش، حيث انسحبت الطبقة الوسطى القديمة في المدن والمستوطنات العاملة من صفوف الجيش، واستبدلت بمجموعات جديدة من المستوطنين واليهود المتدينين، والمهاجرين من الاتحاد السوفيتي وإثيوبيا.
وبوصول المجموعات الجديدة إلى مناصب قيادية عليا، تم تمهيد الطريق لإزالة الخطاب السياسي بالكامل من الأجندة واستبداله بأجندة عسكرية، وقدم قدامى المحاربين المتدينين نظاما من المبررات الدينية لاستخدام العنف، وأصبح استخدام القوة غاية في حد ذاته في الجيش بأكمله.
العصيان داخل الجيش
وقد وضعت الحرب الحالية العلاقة على المحك، لكن دون أن تخسر ثقة الجمهور الإسرائيلي في المؤسسة العسكرية، فشرائح واسعة من هذا الجمهور تؤمن أن من الممكن إخضاع غزة عسكريا، ولا يعرقل ذلك إلا بعض الضغوط الدولية، وربما تعرقله لاحقا ضغوط داخلية من أهالي المحتجزين.
أما النموذج العسكري، فما زال متمساكا دون أن ينهار بعد -حسب ليفي- وليس عرضا أن يطلب الجيش تمويلا إضافيا بمئات ملايين الدولارات ليرأب صدع قوته، ويُلائم نفسه مع الوضع الجديد.
ويرى ليفي أن الجيش ينظر للفلسطينيين بأنهم أهداف مشروعة لمجرد تواجدهم فيما يسميها " منطقة معقمة"، بحجة أنه أمرهم بمغادرتها، وهذا يفسر أيضا ارتفاع مستوى الإصابات بالنيران الصديقة في الجيش الإسرائيلي.
وهذا الخطاب يمجد استخدام القوة، لكن حالة العصيان داخل الجيش قد تزيد الحاجة إلى أن يفرض المستوى السياسي عليه اللجوء لحل آخر.
حيث أصبحت تتعزز ظاهرة العصيان غير المسبوق في صفوف الجنود الإسرائيليين الذين يوثق بعضهم بالصور عصيانه بممارسات مثل السرقة والنهب لمنازل الفلسطينيين، لكن المؤسسة العسكرية لا تحاول معاجلة الموضوع، لأنها تركز في أولوياتها على أرض المعركة، والهدف المركزي الآن هو الحفاظ على روح قتالية عالية بين الجنود، وكون هذه المؤسسة تتحدث عن قيم الجيش لا عن ضرورة التزام الأوامر العسكرية، يفسر مدى التراخي الحاصل داخلها.
انتهاء الحرب
يرى يغيل ليفي أن إنهاء الحرب سيأتي من الخارج (الولايات المتحدة) أما من الداخل الإسرائيلي، فلن يحدث إلا إذا كان الثمن عاليا جدا، فمن شبه المستحيل أن تقر المؤسسة العسكرية بالإهانة التي لحقت بها بعد أن هز قلة من الفلسطينيين أمن إسرائيل، لذا فإن سردية النصر ستستمر.
وقال إن الضغط الوحيد على إسرائيل لإنهاء حربها هو الخسائر الاقتصادية وفرض عقوبات دولية عليها، وربما ثمن أخلاقي مثل تهم الإبادة الجماعية.
والخيار الآخر هو استنفاد المسار العسكري، إذ تنتهي هذه الحرب عندما يتضح للجميع أن إسرائيل لم تنجح في تحقيق أهدافها المعلنة، وأن هذه الحرب لا تستطيع تحقيق النصر.
فإن زيادة تكاليف الحفاظ على الصراع، واستنفاد العمل العسكري، وصياغة بديل سياسي جدير بالثقة، قد تكون نقطة تحول، ولكن طالما أن هذه الظروف ليست تراكمية، فإن الحفاظ على الوضع الراهن أسهل من تغييره، وخطاب العسكرة يدعمه.
وأضاف ليفي أن مقتل نحو 500 جندي إسرائيلي في حرب غزة، لا يثير -رغم ضخامة العدد- أسئلة بين الإسرائيليين، إذ بات يُنظر إلى المعركة الحالية على أنها معركة مصير، ناهيك أن عددا كبيرا من قتلى الجيش ينحدرون من مجموعات تتماهى مع الأجندة المتطرفة، وليس من قبيل الصدفة التركيز في الإعلام على النسبة العالية جدا من الجنود المنحدرين من شرائح المستوطنين والمتدينين، وهؤلاء -بحسب الكاتب- يشكلون قوة سياسية جديدة محتملة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
كيف يعزّز فشل إسرائيل العسكري في غزة من مكاسب حماس الاستراتيجية والدولية؟
قال المحامي والضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، موريس هيرش، إنّ: "الاحتلال لا يُخفي وأوساطه الأمنية والعسكرية أن استمرار الحرب على غزة طيلة هذه المدة دون القضاء على حماس، يشكّل خيبة أمل كبيرة، رغم ما يتم تكراره من مزاعم دعائية فارغة".
وعبر مقال، نشره معهد القدس للشؤون الأمنية والخارجية، أوضح هيرش، أنّ: "الحركة تمتلك لاستراتيجية متعددة الطبقات، وصلت أخيرا إلى تشويه سمعة جيش الاحتلال الإسرائيلي على الساحة الدولية، وفي الوقت ذاته الحفاظ على سلطتها في غزة، مع تأمين موارد إعادة الإعمار الدولية".
وتابع المقال الذي ترجمته "عربي21" بالقول: "رغم أهداف الاحتلال المُتمثّلة بتفكيك القدرات العسكرية والحكومية لحماس، فإن الضغوط الدولية أجبرته على السماح لها بمواصلة وظائفها الحكومية، لتوزيع المساعدات الإنسانية، وإبقاء الأسرى في غزة تأمين وجودي لها".
وأبرز: "لن يتم إطلاق سراحهم بالكامل إلا من خلال المفاوضات وحدها، التي أسفرت حتى الآن عن إطلاق سراح أسراها الكبار، وعددهم 2144 مقابل إطلاق سراح بعض الأسرى".
"عندما نفذت حماس هجوم الطوفان كان لها عدة أهداف، تحققت كلها تقريباً، أهمها قتل أكبر عدد من الجنود والمستوطنين، وأسرهم، واستخدامهم أوراق مساومة لضمان إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، ومثّل قتل عشرات آلاف الفلسطينيين في غزة، مناسبة لتشويه سمعة الاحتلال، وإدانته في الساحة الدولية، وإعادة إشعال النقاش العالمي حول الدولة الفلسطينية، واعتراف العالم بها" استرسل المقال ذاته.
وتابع: "في نهاية المطاف، سعت الحركة للبقاء على قيد الحياة بعد الحرب، والحفاظ على مكانتها الحاكمة في المجتمع الفلسطيني، والتمتع بثمار الجهود الدولية الحتمية لإعادة بناء غزة".
وأشار إلى أنه: "منذ البداية، أدركت حماس أنها لا تستطيع مجاراة القوة العسكرية للاحتلال، وأدركت جيداً أن ردّه سيكون ساحقاً، لكنها عملت على تحويل هذا الردّ العنيف إلى أصل استراتيجي يمكن استخدامه ضده، عبر الاستعانة بحلفائها وأصدقائها حول العالم، أولهم الأمم المتحدة ومؤسساتها في غزة، وبدأت بإصدار قرار تلو الآخر لإدانة الاحتلال..".
وأوضح أنّ: "الحليف الثاني للحركة هو المحور الإيراني لمساعدتها في التصدّي للعدوان الاسرائيلي، حيث انضم حزب الله والحوثيون بسرعة لمهاجمة الاحتلال، وأطلق الحزب أكثر من عشرة آلاف صاروخ وقذيفة وطائرة بدون طيار، ما تسبّب بأضرار واسعة النطاق، وإجلاء أكثر من 140 ألف مستوطن، وجمع الحوثيون بين الهجمات المباشرة على الاحتلال، وتعطيل حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، فيما هاجمت إيران، دولة الاحتلال بمئات الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار".
وأضاف: "الحليف الثالث لحماس هي مجموعات إسلامية، منتشرة في مختلف أنحاء العالم، حيث نجحت الحركة بحشد الدعم الشعبي، وملايين المتظاهرين ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومهاجمته، والضغط على حكوماتهم لفرض عقوبات عليه".
وأكد أنّ: "الحركة شوّهت سمعة الاحتلال، وانضمت إليها هيئات الأمم المتحدة، بما فيها الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان وسلسلة من: المقررين الخاصين، ومحكمة العدل الدولية، وصولا لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب آنذاك، يوآف غالانت، بوصفهم مجرمي حرب".
وأردف: "فرضت العديد من حكومات العالم، بما فيها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وبريطانيا، وكندا، وهولندا، وأستراليا، ودول أخرى، حظراً كاملاً أو جزئياً على تصدير الأسلحة أو المكونات للاستخدام العسكري للاحتلال".
ولفت أنّ: "هدفا آخر من أهداف حماس في طريقه للتحقق من خلال تزايد عدد الدول المعترفة بفلسطين، بلغ عددها تسعة، وهي: أرمينيا، سلوفينيا، أيرلندا، النرويج، إسبانيا، جزر البهاما، ترينيداد، وتوباغو، جامايكا وبربادوس، مع احتمال انضمام فرنسا وبريطانيا لها".
وختم بالقول إنّه: "إذا استمرت الأحداث في مسارها الحالي، فلا شك أن حماس ستنتصر في الحرب، وتحقّق كل أهدافها من الهجوم، وسيكون هذا بمثابة كارثة بالنسبة للاحتلال".