جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-11@01:51:09 GMT

السمت العماني ومنصات التواصل

تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT

السمت العماني ومنصات التواصل

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً إلى حيٍّ من أحياء العرب، فسبوه وضربوه، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أنَّ أهل عُمانَ أتيتَ، ما سبُّوك ولا ضربوك). صدق رسول الله، هذا الحديث الشريف يحفظه كل عُماني عن ظهر قلب،  ويضعه وسام فخر واعتزاز على جبينه، ويحمله في قلبه يتمثله في كل لحظة وحين، كيف لا وهي شهادة من سيد البشر وخير خلق الله تعالى، ومن ضرب الله به مثلًا في حسن الخلق (وإنِّك لعلى خلق عظيم).

هذا الحديث اشتمل على منظومة من القيم التي تميز بها العماني، وعند الإبحار في معاني هذا الحديث الشريف تتجلى هذه القيم الأصيلة، إن من أهم ما يتضمنه الحديث الشريف من صفات لأهل عمان هي حسن التعامل، واتباع الحق، وإكرام الضيف، ورجاحة العقل، والإحسان، وحسن التدبير، وحسن التخلق مع الناس، والصدق، والنبل، والتأني، وعدم الإيذاء، والرفق في التعامل، والترفع عن السب والقذف والشتم، ولقد جاء هذا الوصف من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ليشكل منظومة خلقية متكاملة أصبحت سمة مُميزة للعماني على مدى الزمان، والشواهد التاريخية كثيرة جدًا بدءًا من تعامل جيفر وعبد مع رسول رسول الله، وقصة مازن بن غضوبة، وسيرة عمرو بن العاص، وشهادة سيدنا أبوبكر الصديق.

السمت الذي يتمتع به العماني هو نتيجة منظومة متكاملة من القيم ميزت كل فرد من أبنائه، ورغم التأثيرات الكثيرة خصوصًا في الوقت الحاضر، إلّا أن هذا السمت سوف يظل هو العنوان الأبرز للعماني، وقد كنت أشرت  إلى ذلك في مقال سابق بعنوان "المجتمع ومنظومة القيم"، وذكرت أن الحفاظ على هذه المنظومة هو مسؤولية مشتركة للمجتمع والأسرة والمدرسة ممثلة في مؤسساتها.

إن ما نشاهدة اليوم في وسائل التواصل الاجتماعي يجعلنا نقف كثيرًا حول بعض التصرفات التي باتت قريبة أن تجرنا كعمانيين إلى المربع الذي يرغب مخالفونا في أن نصل إليه، ألا وهو فقدان سمتنا ورزانتنا وأخلاقنا، ومن المؤسف أن نجد بعضًا منِّا ينجر إلى ذلك بدون وعي وربما إفراطًا في حماسته واعتقادًا منه أنه يدافع عن وطنه، أو عن رمز من رموز الوطن؛ سواء كان رمزًا سياسيًا أو دينيًا أو اجتماعيًا أو غيره، وهو في حقيقة الأمر يعتاد ذلك حتى يصبح غير قادر على التوقف عن ممارسة هذا السلوك الذي لا يمثل عمانيتنا ولا يزيد من قيمتنا؛ بل على العكس تمامًا، فهو ينقص منَّا ويهدم ما بناءه الأجداد والآباء وقادة هذا الوطن وعلماؤه من عادات وتقاليد وقيم.

لقد أنجرَّ البعض منا وراء وسائل التواصل الاجتماعي لدرجة أنك تظنه مقيمًا فيها لا يغادرها، وأسهب في تتبع كل ما يقال ويكتب، وجند نفسه وصيًا على الوطن ومحاميًا للدفاع عنه لدرجة أصبح هو ذاته مسيئًا من حيث لا يدري، ونسي أن للوطن حماة ومؤسسات هي كفيلة بالرد عندما تصل الأمور إلى حدها، وأن هناك حيزًا لقبول الآراء مهما اختلفت، وأن التعاطي مع الإساءة بالإساءة هو إساءة للوطن بحد ذاته، وربما يكون كل ذلك من سوء تقدير الفرد لما يقوم به، ولكنه ليس عذرًا في الاستمرار.

في وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من الآراء والمنطلقات والخلفيات التي تهدف إلى أمور ليست كما تبدو في ظاهرها، وفي أي بلد هناك من يعمل لمصالحه الخاصة فيثير مواضيع تخلق الجدل وتفت من لحمة أبنائه ولذلك نجد من بيننا من يتحدث عن المذهبية والطائفية ويروج لأكاذيب وإدعاءات بعيدة عن الواقع لأهداف شخصية، وهذا أمر حاصل في كل العالم، ولكن ولله الحمد فإن المجتمع يملك من الوعي ما يمكنه من تميز السمين من الغث، ومعرفة من يملك أجندة خاصة وينفذ توجيهات معينة، ومن هو محب لوطنه حريص على مصلحته ووحدته وسلامته، وهناك الكثير ممن يختبئون خلف أسماء مستعارة يهدفون من وراء ذلك لخلق حالة من الارتباك بين أبناء الوطن الواحد، أو الضرب في علاقات سلطنة عمان الخارجية، وعلينا أن ندرك ذلك جيدًا وأن نلتزم بأخلاقنا وقيمنا وسمتنا الذي عرف عنَّا.

لقد أسرف البعض للدرجة التي جعلتهم نماذج سيئة لأبنائهم وأسرهم في المقام الأول، وأبناء وطنهم في المقام الثاني، وفقدوا معاني التقدير والاحترام بسبب ما ينشرونه في حساباتهم وما يقولونه في مساحاتهم الصوتية، ووصلوا لمرحلة متقدمة من فقدان تقديرهم لذاتهم فهم مقيدون بما جنته أيديهم بسبب تعاملهم اللا محسوب مع منصات التواصل الاجتماعي، وإنغماسهم فيها لدرجة تأثر سلوكياتهم فترى مربيا قدوة يسب ويقذف ويقدح، وترى مؤثرا يملك آلاف المتابعين ينشر محتوى مبتذلا ضاربًا بالقيم والعادات عرض الحائط، متسببًا لنفسه ومجتمعه ووطنه بوضع لا يليق بهم، غير مدرك أن صفات الشعوب تؤخذ من جملة سلوكيات أفراده.

لم يكن أبناء هذا الوطن يومًا سوى محل إشادة وثناء من القاصي والداني، مترفعين عن سفاسف الأمور، متحلين بالأخلاق الحميدة، متبعين منهج الله تعالى في حسن التعامل، وسيرة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في حسن الخلق، متأسين بأخلاق السابقين من حكام وعلماء وصالحين من أبناء هذا الوطن الضاربة جذوره في أعماق التاريخ البشري، متمسكين بالسمت العماني الموسوم بهم خاصة من دون غيرهم، حاملين لواء الدين الذي يدعو لأحسن الأخلاق، فقد سُئِلَ الرسول صلى الله عليه وسلم: أي المؤمنين أفضل إيمانا؟ قال صلى الله عليه وسلم: "أحسنهم أخلاقًا".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

7 أذكار نبوية ثابتة عن رسول الله ﷺ في المساء

مع انتهاء ساعات النهار وحلول الليل، يلجأ الكثير من المسلمين إلى أذكار المساء التي ورَدَت عن النبي ﷺ؛ ليستمدّوا منها الطمأنينة ويودّعوا اليوم بذكر الله، فيغلقون باب الهموم ويفتحون باب الرحمة والمغفرة. 

 

لماذا نقرأ أذكار المساء؟

أذكار المساء سُنّة نبوية فيها حفظٌ وتحصين وطمأنينة، وهي تجدد العلاقة بين العبد وربه، وتجعله يسلّم يومه لله تعالى، متذكّرًا نِعمه، ومستعينًا بعونه.
كما تدلّ النصوص الشرعية على أن ذكر الله سبب لمغفرته ورضاه، وأنه من الأعمال التي يحبّها عز وجل، لما فيها من حضور القلب وخضوعه.

 

الأذكار النبوية الثابتة عن رسول الله ﷺ1. دعاء المساء الجامع

كان النبي ﷺ يقول عند دخول الليل:
«أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير…».

هذا الدعاء يربط المسلم بمعنى التسليم لله والتوكل عليه مع نهاية اليوم.

 

2. سيد الاستغفار

وهو من أعظم الأدعية التي تُقال صباحًا ومساءً:
«اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت…».

وقد ورد أن من قاله موقنًا ثم مات دخل الجنة.

 

3. الذكر الذي يرضى الله به عن عبده

كان النبي ﷺ يحثّ على قول:
«رضيت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد ﷺ نبيًا»
ويُستحب تكراره ثلاث مرات.

 

4. الشهادة التي تُقال كل مساء

«اللهم إني أمسيت أشهدك، وأشهد حملة عرشك، وملائكتك، وجميع خلقك، أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك…».

تتضمن هذه الكلمات توحيدًا وإقرارًا بربوبية الله وألوهيته.

 

5. شكر نعم الله

من الأذكار المهمة في المساء قول:
«اللهم ما أمسى بي من نعمةٍ أو بأحدٍ من خلقك فمنك وحدك، لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر».

هذا الذكر يعلّم العبد الاعتراف بنعم ربه وشكرها.

 

6. ذكر الحفظ من الهم والبلاء

كان من هدي النبي ﷺ قوله:
«حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم»
ويُستحب تكراره سبع مرات.

 

7. الذكر الذي لا يضر معه شيء

«بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم»
ويُقال ثلاث مرات مساءً، وهو من أعظم أذكار التحصين.

 

أذكار للتحصين طوال الليل

إضافة إلى الأذكار النبوية، تُقال أدعية التحصين التي تحمي العبد من الشرور والآفات، ومنها:

«أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق».«أعوذ بالله العلي العظيم من شر ما ذرأ في الأرض…».«أفوض أمري إلى الله… لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين».

كما اعتاد المسلمون قراءة آيات التحصين وآيات السحر الواردة في سورة البقرة لما فيها من طمأنينة ودفع للأذى.

 

الوقت الأفضل لقراءة أذكار المساء

أجمع العلماء على أن وقتها يبدأ من بعد العصر حتى غروب الشمس، وهو الوقت الأكمل.
وإذا فات هذا الوقت، فيمكن للمسلم أن يرددها حتى ثلث الليل الأول.

مقالات مشابهة

  • جوهرة الكون وسيدة الفطرة
  • المحافظة على السمت العماني .. مسؤولية من؟
  • فضل التسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلوات.. داوم عليه وترى تغييرا فى حياتك
  • 7 أذكار نبوية ثابتة عن رسول الله ﷺ في المساء
  • دعاء طلب الرحمة والمغفرة والعتق من الله سبحانه وتعالى
  • "الشؤون الإسلامية": تخصيص خطبة الجمعة القادمة عن عناية الإسلام بالمرأة وحفظه لحقوقها
  • ماذا قال رسول الله عن ركعتي الفجر
  • مهرجان الشعر العماني.. مسيرة الإبداع الطويلة
  • دعاء المطر كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم .. احرص عليه الآن
  • هؤلاء ينجيهم الله عند نزول غضبه وعذابه.. النبي أوصى بـ3 أعمال