#أنثى مع #وقف_التنفيذ ،وبعد..
#شبلي_العجارمة
ولهاء فتاةٌ ناسكة على الجدار الفاصل ما بين أنوثتها وأشياء أخرى ، مدللة والديها، آخر العنقود وأحلاه ، الغلطة الشرعية الحلوة ، هكذا تنعت نفسها ، كما عاشت ولهاء بصمت سترها ، رحل والدها الطبيب بصمتٍ ايضاً ، لكنه كان أكثر وجعًا وأمرّ مذاقًا على قلب ولهاء والبقية، في مساق الجندرية لعائلة ولهاء ، يكبرها شبابٌ خمس ، وفتاتان ، اقول كما روت لي حكاية وجعها الصامت على البريد القادم من المجهول .
كبرت ولهاء كالمدينة الحسناء على الحقول الهامشية ، كبرت والعيد يكبر معها في بيت ثراء مقبول ، ومدنيةٍ ولدت معها ومع اسرتها ، الجميع أشقاؤها وشقيقاتها الذين لم يكونوا غلطةً شرعية من ذات الأم ،وحتى لا يذهب شتات القارىء الكريم للبعيد ، فإن ولهاء أتت على خطوط المشيب لعارضي والدها الطبيب ووهن أمها ، ولهاء تذكر أنها الوحيدة التي ولدت في مستشفىً خاص ، لأنها قدمت في أعتى مخمليات العيش لأسرتها ، لم تكن تعرف ولهاء أنها ستدفع ثمن طفولة وردها وياسمين صباها قسطًا باهظًا من أنوثتها ، وربعًا من همومها الصامتة ، والعشر الأخير رتوش وخربشات في دفاتر الأيام المهملة .
الطبيب كان كأي إنسانٍ طموح ، له أحلامٌ مشروعة ، كما له أعذار ممنوعة ، بعد أن شيد عمارةً من ست شققٍ كبيرة ، ليجعل منها قريةً تآزر جدرانها بعضها بعضًا ، وتتكاتف أنفاس ساكنيها من صلبه ، غامر في استثمار بلاد المقامرات ، تبنى صفقةً تجارية كبرى ، تكالبت عليه الظروف بمكانها وزمانها وكسدت البضاعة ، كان ثمن هذا اليباب رحيل الأب الطبيب صامتًا إلا من وجع خاصرته المذبوحة ، ومن نحيب قلبه المقتول صمتًا ، رحل وهو يدير معركته ضد الموت ، ويرتب أنفاسه على مراتب الدعاء ومرافق اليقين ، رحل وكل هذا الحلم يهوي رمادًا أسودا ، رحل وهو يعرف كل بوابات النجاة لكنه اختار بوابة الغياب الأخيرة ليموت مرةً واحدة .
ما يزيد على خمسين ألف دينارٍ ونيف ، حجم تركة الدين والغرق الاستثماري ، عوائل في مهب الريح ، وجدارنٌ تعرض بجميع زواياها بالمزاد العلني ، مات سيد البيت والتشريد القانوني يهدد خمسة عوائل وأم ثكلى استقرت على جغرافية جسدها كل الأمراض المزمنة التقليدية ؛ السكر، الضغط و و و ، وولهاء برفقتها .
أحد أعمام ولهاء قام بدفع المبلغ أو جزء منه ولكن على سبيل الفزعة المقايضة ليس على سبيل الشهامة المجانية.
ولهاء تعمل في إحدى الشركات الخاصة ، ترهبنت في جلبابٍ أسود موشى بالليلكي ، وحجاب أسود، كانت تلون أنوثتها الموقوفة على حيز التنفيذ بمرواد كحلٍ طبيعي ، ووضوء صلاتها ، وبقايا سوار مذهب في يدها اليمنى .
ولهاء مثلما جاءت بغلطة حلوة ، مثلما جرتها قدماها لكومة هذا العبء الكبير ، جرّت قلمها الازرق بتوقيع على تركة الدين بأكمله ، حتى ما إن جف دمعها وتظاهرت بنسيان هذا الفقد القاتل لأبيها حتى باتت تجفف بقع الدين الكبيرة والأثقل على فتاةٍ تتقاضى ثلاثمائة دينارٍ فقط .
ولهاء كانت تمر السوق كنسمة هواء عابرة ، تعبث في شهوة الأشياء ، لكن قرار اللمس والشراء يولد خداجًا نحيلاً ، تمره مثل أبواق السيارات التي تتلاشى في الزحام ، مثل إشارات المرور التي تأمر الجميع بالتوقف أو المسير ، تعبره رصيفًا باردًا يعج بالمارة وباعة العربات الخشبية .
ولهاء منفيةٌ من فراشها ، مبعدةٌ من دفئها في الشتاء بثقل البرد والصقيع ، ولهاء تحولت لآلة يتقادم الزمن على صفيح روحها ونحاس قلبها الذي يرن بين التارة والأخرى ، ولهاء تغدو خماصًا وتروح خماصًا .
صديقي الكاتب: أخط إليك قصتي الآن على انوار شموع يوم ميلادي ، اكتب من ذاكرة عيد ميلادي الثلاثين وأنا أحتفي بصمت كصمت رحيل والدي ، لم أحتفي بذكرى ميلادي إلا باليوم الذي أنهيت به آخر دفعة من الحساب المؤجل عن روحي والدي.
تقول ولهاء ، بعد مرور الثلاثين العجاف ونيف ، أقف لأول مرةٍ أمام مرأتي المغبرة ، أتفقد شموعي الرطبة التي خبأتها لعشرات السنين ، أتفقد اسطوانات الغناء المعطلة ، أداعب خزانتي بملابس الزفاف الافتراضي الذي كانت ترتبه أمي لي كأي حالمةٍ بالفارس الشهم والجواد الأبيض لابنتها ، أقف حسناء في وجه هذا القبح غير المقصود من إخوتي والزمن والظرف ، ألتفت لهذا الليل الذي لم يكن يختلف عن نهاراتي المنقرضة ، سيدي الكاتب : الآن أنزع مناكير أظافري وبعض الحلى ، لاستغراب واستنكار والدتي التي لم ترني يوماً أضع طلاء الأظافر لأزين أصابعي ، الآن سيدي الكاتب أجفف ابتسامتي الأخيرة عندما احمر وجهي خجلًا وأنا اسمع أغنية قديمة عندما رمقني أخي بنظرته الحادة وأنا أقدم له القهوة بارتباك ، حين قال لي انت لست معنا وهو يتهمني ضمنًا بالحب ، فالحب الذي كان لهم ومن أجلهم دفعت عمري ضريبةً له كان مباحًا ، أما أنا فحتى احتفائي براحة نفس وروح والدي شبهة أو حرام او ممنوع .
سيدي الكاتب أنا في بلاد الحب الممنوح والعشق الممنوع على مشارف حدود الانعتاق والتعب، أنا الغلطة الحلوة ، وأنا أنثى مع وقف التنفيذ وبعد مقالات ذات صلة دماء غزة.. اشراقة تكشف الفارق الجذري بين الوطن والدولة 2024/01/18
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: وقف التنفيذ
إقرأ أيضاً:
كيف عظم الله النبي في حياته وبعد وفاته؟.. علي جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف خلال منشور جديد عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إن سيدُنا النبي ﷺ أرسله الله سبحانه وتعالى خاتمًا للأنبياء والمرسلين، وسيدًا للعالمين، ومصطفًى، فاختاره خيارًا من خيارٍ من خيار، وهو ﷺ الباب إلى الله، وليس هناك بابٌ سواه، ومن أراد الوصول إلى الله من غير طريقه ضلَّ.
وتابع: وكما عظَّم اللهُ قدرَه في القرآن، فقد عظَّمه في الأكوان حيًّا ومنتقِلًا.
كيف عظم الله النبي وهو حي
أما وهو حيٌّ، فقد أجرى الله المعجزات على يديه، وورد عنه ﷺ أكثر من ألف معجزة، جمعها الشيخ يوسف النبهاني في كتابه *«حجة الله على العالمين في معجزات سيد المرسلين»*.
وهي معجزاتٌ حسية، جمع الله له فيها كل ما أُرسل به المرسلون من معجزات؛ فكلمه النبات، والجماد، والحيوان، وأحيا الله له الموتى، وآمن به الجن والإنس، ورأى الجن على خلقتهم، ولا يرى الجن على خلقتهم سوى الأنبياء والمرسلين.
أكثر من ألف معجزةٍ، وفيها أيضًا ما لم يكن للمرسلين من قبل، كالإسراء والمعراج، وهو قد اختُصَّ به. والإسراء والمعراج غيرُ الرفع إلى السماء؛ فالرفع إلى السماء كان لبعض الأنبياء، منهم سيدُنا عيسى عليه السلام، حيث رفعه الله إليه، ومنهم سيدُنا إلياس عليه السلام، رفعه الله إليه، لكنَّ رحلة الإسراء والمعراج تفرَّد بها سيدُنا النبي ﷺ دون سائر الأنبياء.
وكذلك كانت له ﷺ المعجزات المعنوية؛ فإذا نظرت إلى حال العرب قبل بعثته، كان حالًا لا يمكن معه بقدرة الإنسان المعتادة أن يجتمعوا على شيء، فقد كانوا شَذَرَ مَذَرَ، فألَّف الله بين قلوبهم، وكان من الصعب، بل من المستحيل في قدرة البشر، أن يتحوَّل هذا الجيل إلى خير جيلٍ في الأرض إلى يوم الدين.
هذا كلُّه من معجزاته ﷺ التي هي من عند الله، وبحول الله وقدرته، وغيرُ ذلك كثير.
كيف عظم الله النبي بعد انتقاله
أما بعد انتقاله ﷺ، فقد أظهر الله قبره الشريف، وليس هناك من أُظهر قبرُه من الأنبياء سواه. وكلُّ قبرٍ لنبيٍّ باقٍ إلى يومنا هذا ففيه احتمالٌ وشكٌّ، أما قبرُ النبي ﷺ فظاهرٌ بلا احتمالٍ ولا شكٍّ، عند المسلمين وعند غيرهم من الكافرين.
وحفظ الله كتابه الذي أُنزل عليه، فوصل إلينا من غير حولٍ منا ولا قوة. حُرِّفت الكتب السابقة ولم تُحفَظ، أما القرآن الكريم فبَقِي محفوظًا بحفظ الله تعالى.
وأكثَر الله من نسله ﷺ، وكان نسله قليلًا، فأبقى هذا النسل الشريف.
وأبقى الله أمته، لكي لا تُعدَم النصرة، وعلَّق قلوبهم به ﷺ، رغم محاولات الإبادة المتكررة: من اليهود والمشركين، ثم من الفرس والروم، ثم من المغول والصليبيين، ثم من الاستعمار الحديث، وغيرهم، ومع ذلك يزداد أتباعه.
فمعجزاته ﷺ وهو حيٌّ كانت كثيرة، ومعجزاته بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى أكثر.
وكما كان في حياته يُؤذى في سبيل الله، فقد سلَّط الله عليه بعد انتقاله من يسبُّه ويفتري عليه الكذب، فتعلو درجتُه عند ربه.
ولا يزال بعضهم إلى الآن يفعلون كما كان يفعل الكفار في حياته ﷺ، وعلى مرِّ التاريخ يظهر أولئك الأوباش، لماذا؟ ليزداد ﷺ رفعةً عند الله؛ لأن الله سبحانه وتعالى يُعلي شأن المظلوم، فما بالك لو كان سيدَ الخلق أجمعين ﷺ؟!
فما بالك لو كان الفردَ الأوحد، صخرةَ الكونين، خاتمَ المرسلين، المصطفى المختار ﷺ؟!
فيرتفع ﷺ في درجاته بعد انتقاله، ومن أجل ذلك تكون له المنَّة على الجميع يوم القيامة، حيث يقول تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾. وفي حديث الشفاعة يشفع ﷺ حتى لأولئك الذين سبُّوه، وكفروا به، وأهانوه، فيكون سببًا في رحمتهم، لبيان علوِّ مقامه عند ربِّه عز وجل.