فيلم القمر المتمرّد.. ملحمة خيالية للصراع بين سكان الكواكب
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
ما تزال الأفلام ذات الإنتاج الضخم والمعتمد على التطورات الرقمية المذهلة وبما في ذلك استخدام المؤثرات الخاصة وأنواع الخدع البصرية، ما تزال هذه الأفلام تجتذب جمهورا عريضا فضلا عن اهتمام الشركات بإنتاجها.
يحمل هذا النوع من الأفلام خليطا ما بين الملحمي والميثولوجي والخيال العلمي وكان آخر ما شاهدناه من هذا النوع هو فيلم (ديون) للمخرج دينيس فيلينيوف الذي عرض في الصالات عام 2021 والذي تكلف إنتاجه أكثر من 160 مليون دولار وحقق أرباحا وصلت إلى قرابة 400 مليون دولار.
يسير هذا الفيلم على نفس المسار على الأقل من ناحية الثيمة والصراعات والأجواء الغرائبية والميثولوجية فضلا عن الإغراق في الخيال العلمي.
في هذا النوع من الأفلام هنالك نمطية تتعلق بالصراعات مع كواكب ومجتمعات مجهولة وغريبة تجمع ما بين انقطاعها عما حولها وكأنها تعيش في أزمنة سحيقة ولكنها في ذات الوقت تتمتع بقدرات فائقة خاصة من ناحية التنقل والدفاع عن النفس والقدرات التقنية.
وفي هذا الفيلم للمخرج زاك سيندر هنالك الكثير مما نبحث عنه في هذا النوع من الأفلام لا سيما مع هذا المخرج ذي المنجز الغزير خلال السنوات العشرين الماضية منذ ظهر في فيلمه الأول فجر الموتى – 2004 ثم تتابعت أفلامه مثل أسطورة حراس المجرة – 2010، وفيلم رجل المعدن – 2013 وفيلم رابطة العدالة -2017 ثم العودة لفيلم جيش الموتى – 2021 وانتهاء بهذا الفيلم الذي يعرض على الشاشات الآن.
في هذا الفيلم الذي ينتمي إلى الأسطوري والخيالي مع قدر من المغامرات والحروب الكوكبية هنالك معطيات كثيرة أسست للصراع في الفضاء منها مسألة استغلال الأمم القوية للضعيفة ومنها ظاهرة العبودية والتمرد على الجبابرة وغيرها من المعطيات الأرضية التي خبرناها وها هي تتجلى في الفضاء البعيد وذلك من خلال سيطرة واستحواذ المملكة والكوكب الأم على كل ما حولها وحيث حكم ألف ملك على التوالي من دون أن يتحدى أحد سلطتهم.
ولكن وبسبب تعطش الأسرة الحاكم للسلطة فقد استنفدت كل موارد كوكبها فقادت المملكة مركبتها فاتحة كل ما يقع في طريقها، وهنا سوف يستغل السيناتور بالساريوس الفرصة للاستيلاء على السلطة وإعلان نفسه حاكما ولإظهار قوته فإنه يتجه بقواته إلى تخوم المجرة لسحق الثوار المعارضين لسطوة وسيطرة المملكة الأم.
هذه النواة في الدراما الفيلمية هي التي أسس عليها المخرج ومعه كاتبا السيناريو بنية الصراع في هذا الفيلم والتي تختصر في تفوق القوي على الضعيف وهكذا تختصر الزيارة الأولى للجنرال المستبد اتيكوس – الممثل ايد سكرين، ذلك الصراع الذي سوف ينشب بين المملكة الأضخم بإمكاناتها التكنولوجية الجبارة مع من هم أضعف منها وخاصة تلك القرية التي تقع في كوكب صغير يسمى فيلدت وهي تواجه غزوا من طرف الكوكب الأم، والمطلوب باختصار أن توفر فيلدت الطعام للمملكة الأم الجائعة وغير المنتجة وحيث يمهل الجنرال المستبد تلك القرية بتسليم الحبوب وباقي الغلال خلال مدة قصيرة.
هذا الأمر الواقع كان بمثابة الحبكة الثانوية التي أسست لاحقا لحالة الصراع وذلك من خلال استنجاد الفتاة الاستثنائية كورا الممثلة صوفيا بوتيلا بالكواكب من حولها وهكذا يستخدم هذا الدافع لكي يغرقنا المخرج بكم كبير من الشخصيات بملامح استثنائية وقدرات متينة وذلك ابتداء من الجنرال المبعد تيتوس -الممثل ديمون هونسو وبلوداكس زعيم التمرد- الممثل راي فيشر والمرأة ذات السيوف الليزرية نمسيس- الممثلة دونا باي وغيرهم.
على أن الشخصية المحورية التي سوف تقود الأحداث في موازاة كورا هو الجنرال المستبد اتيكوس الذي يذكرك بنمط الجنرالات النازيين في الأفلام التي تحدثت عن الحرب العالمية الثانية فهو قاتل لا يرحم وكثير الانتقام ولا يتورع عن قتل أي أحد من أجل الوصول إلى هدفه.
على الجانب الآخر هنالك كورا وهي التي توازن هذا الصراع وتكمله وهي التي ترفض الخضوع إلى المملكة الأم ولهذا سوف تبحث عن أي أحد يمكنها أن تتحالف معه لا سيما وأنها ذات قدرات خاصة، لكن ما هو مخفي كونها سليلة عائلة ملكية بالصدفة حيث عاشت لسنوات في كنف الملك بالساريوس بعد إبادة عائلتها وأقربائها في غزوة سابقة.
بالطبع سوف نشاهد خلال ذلك المركبات الفضائية غرائبية التصميم وكذلك الكائنات العجيبة كمثل هذا الكائن الذي يجمع ما بين النسر والغراب والدب وهو الذي يتم ترويضه ليحلق عاليا وليذكرنا بالكائنات الغرائبية التي كان يعج بها مسلسل لعبة العروش.
أما كورا فمن جهتها تتمكن من قهر خصومها تباعا خاصة بعد اصطفاف المعارضين للمملكة معها وتفهم ما تبتغي من وراء وقوفها في وجه المملكة المتجبرة والجنرال الطاغية، لكن في المقابل هنالك المخفي من شخصية كورا التي نشأت نشأة الملوك وانتهى بها الأمر أن تعيش حياة الفقراء المدافعين عن قريتهم.
هنا سوف نشعر ويتأكد لنا ذلك التبسيط في نوع الصراع الذي اعتدنا عليه في صراعات الكواكب وخاصة في أفلام الخيال العلمي للمخرجين المؤسسين جورج لوكاس وستيفن سبيلبيرغ وما تلاهما من مخرجين قدموا عشرات الأفلام التي ترتكز ثيماتها على فكرة الصراع بين الكوكب والمجرات وهنالك دائما كائنات متمردة ومواجهات قاتلة واستخدامات مشوقة للتقنيات المتطورة من أسلحة ليزر وحوامات بأشكال عديدة.
وهنا نجد أن أسلحة الليزر والأسلحة الضوئية من كثرة استخدامها تبدو في بعض الأحيان وكأنها لعب أطفال لا أكثر وهنالك في هذا الباب الكثير من المعارك التي توزعت على مشاهد هذا الفيلم ومنها براعة نمسيس في استخدام السيوف الضوئية واستخدام كورا لأسلحة الليزر ثم ظهور المرأة العنكبوت في مشاهد مواجهة شرسة مع نمسيس تنتهي بدحر المرأة العنكبوت ولا شك أن توظيفها قد تميز بالبراعة المتناهية فضلا عن ظهور أجهزة الاعتقال بشكل مباغت والقدرة على تكبيل أي أحد.
على أن المواجهة الدرامية الأخيرة تمثلت في خيانة كاي الممثل تشارلي هونام للفريق المتمرد وتسليمهم للجنرال، وكانت هذه هي المواجهة الفاصلة وقد تميزت ببنائها الدرامي المتميز لجهة التشويق وحيث كان المتمردون على وشك الوصول إلى أهدافهم ليجدوا أنفسهم وهم مكبلون وتحت سطوة الجنرال، لكن الأمور ما تلبث أن تنعكس في غير صالح الجنرال عندما يقوم غونار الممثل ميشيل هيوسمان بقلب المعادلة وإشعال معركة شرسة مع الجنرال تنتهي بمقتله لكننا سوف نكتشف فيا بعد أنه لم يمت وأنه قد تمت معالجته بتقنيات متطورة ومن الواضح أنه سوف ينهض بالمهمة من جديد في جزء ثان من الفيلم.
ولا بد من التوقف عند إدارة الإنتاج وتصميم المناظر التي تكاملت مع كم كبير من الاستخدامات البصرية وألعاب الفيديو وهي التي ميزت هذا الفيلم فهنالك فريق لا يقل براعة عن فريق فيلم ديون في صناعة المناظر والتكوين المكاني يعزز ذلك استخدام متميز للمونتاج وحركات الكاميرا واشتغال على الكتل واللون والضوء والانتقالات السريعة بكثافة شديدة، وهنا تم تكريس كل ما هو استثنائي وغرائبي ابتداء من الشخصيات والأزياء وأمامكن التصوير سواء أكانت داخلية أو خارجية.
على أن المخرج وفي وسط احتشاد الفيلم بالصراعات ومشاهد القتال كان يوظف المشاهد الحوارية بشكل هادئ وكأنه أراد من ذلك إيجاد وقفات هادئة وسط الصخب والصراعات المحتدمة ومشاهد القتال وهو حل إخراجي بدا مناسبا تماما في السياق الفيلمي وبما لم يثقل الفيلم بمعارك تبدو في كثير من الأحيان أقرب إلى ألعاب الفيديو المعروفة أكثر من كونها تنتمي إلى روح السينما وهي الإشكالية الرئيسية في هذا الفيلم فضلا عن مساحات التكرار وما هو مألوف ومعتاد من صراعات وشخصيات ومركبات فضائية مع اختلافات محدودة.
.........
إخراج: زاك سنيدر
تمثيل: ايد سكرين، صوفيا بوتيلا، ديمون هونسو، راي فيشر
سيناريو: زاك سنيدر وكورت جونستاد وشاي هاتين عن قصة زاك سنيدر
مدير التصوير: زاك سنيدر
مونتاج: دودي دورن
موسيقى: توم هولكينبورغ
التقييم: آي ام دي بي 6 من 10، ميتاكريتيك 40 من 100، فوربيس 3 من 5
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی هذا الفیلم هذا النوع فضلا عن
إقرأ أيضاً:
كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟
موسكو- تأثرت دور السينما الروسية بشكل مباشر بالعقوبات الغربية مما أدى إلى عدد من العواقب، بما في ذلك عدم عرض الأفلام الأجنبية في روسيا وتغييرات في صناعة السينما الروسية نفسها.
فبعد أن بدأت بالكاد بالخروج من أزمة جائحة كوفيد 19، والتي تسببت، وفقًا لبعض الخبراء، في خسارة دور السينما الروسية حوالي مليار دولار في عام 2020 وحده، وجدت صناعة السينما المحلية نفسها مجددا في وضع صعب بسبب التغيرات الجيوسياسية، والتي تحولت في النهاية إلى عقوبات ضد روسيا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2دينيس فيلنوف يقود أولى مغامرات جيمس بوند تحت راية أمازونlist 2 of 2قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسهاend of listبناء على ذلك، توقف عرض العديد من الأفلام العالمية الكبرى في روسيا، مما أدى إلى نقص حاد في العروض والإصدارات الجديدة في دور السينما.
علاوة على ذلك، تم الحد من الوصول إلى وسائل الإعلام والخدمات الغربية، حيث تم حظر الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الإعلام (مثل فيسبوك، وإنستغرام، وتويتر، ويوتيوب) مما أدى إلى تقييد مشاهدة المحتويات الأجنبية عبر هذه المنصات.
ويتضح نقص المحتوى بوضوح من خلال إيقاف توزيع معظم الأفلام الأجنبية، حيث غادرت أستوديوهات هوليود الرئيسية الخمسة السوق الروسية.
ومع ذلك، بقيت أستوديوهات أصغر ولا تزال تتعاون مع روسيا، لكن السؤال المطروح هو: هل يشاهد أحد منتجاتها؟ وإذا شاهدها، فهل ترقى إيرادات عرضها إلى مستوى توقعات دور السينما؟
تتضح الإجابات على هذه التساؤلات بشكل خاص عند مقارنة إيرادات شباك التذاكر على مدى السنوات الماضية.
فقد بلغ عدد التذاكر المبيعة في دور السينما الروسية في الربع الأول من عام 2025 مستواه الأدنى في السنوات الثلاث الماضية، وفقًا لما أظهرته بيانات نظام المعلومات الآلي الموحد لمعلومات عروض الأفلام في دور السينما.
إعلانففي الربع الأول من عام 2022، الذي تزامن مع بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا والإلغاء الشامل للعروض الأولى لأفلام هوليود في روسيا، لم يحضر عروض السينما سوى 34.2 مليون مشاهد.
وكانت النتيجة في بداية هذا العام أفضل من أرقام عام 2022، لكنها أسوأ من الربع الأول من عام 2021، عندما ظلت قيود فيروس كورونا ساريةً في مُعظم المناطق، بما في ذلك موسكو.
وفي ظل العقوبات، أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي وبرامج الرسائل الفورية الروسية هي الأكثر شعبية، فضلا عن المحتوى غير المرتبط بالسياسة والعقوبات، مثل الأخبار والترفيه وأسلوب الحياة والمحتوى التعليمي والمحتوى الترفيهي.
إضافة إلى ذلك، أدت العقوبات إلى تغييرات هيكلية في صناعة السينما الروسية، مما جعلها أكثر اعتمادًا على التمويل المحلي والسوق المحلية.
ولكن من المهم الإشارة إلى أنه قبل هذه التغييرات، لم تستحوذ الأفلام المحلية إلا على مركزين أو ثلاثة من بين الأفلام العشرة التي حققت أعلى إيرادات في شباك التذاكر في روسيا خلال السنوات الأخيرة.
في ظل هذه الظروف، يبدو حديث بعض المسؤولين في مجال الثقافة -على سبيل المثال- بأن 87 مليون مشاهد شاهدوا الأفلام المحلية في عام 2023، وهو ضعف عددهم في عام 2020، عندما شاهد 42.5 مليون شخص الأفلام الروسية، غريبًا بعض الشيء.
صحيح أن المنطق الرياضي وراء هذا التصريح صحيح، لكن هذه المعلومة قُدّمت على أنها انتصار كبير لصناعة السينما المحلية، ولم تذكر أي شيء عن أن هذه النتائج لم تكن ممكنة إلا في ظل غياب شبه كامل للمنافسة في السوق، بسبب اختفاء أشهر الأفلام الأجنبية.
يؤكد صانع المحتوى وكاتب السيناريو ليونيد فودوفوزف بأن تأثير العقوبات الغربية على صناعة السينما الروسية تمثل في تقييد الوصول إلى التمويل والتكنولوجيا والخبرة الدولية.
وحسب ما يقول للجزيرة نت، أدى ذلك إلى انخفاض عدد المشاريع المشتركة مع الشركاء الأجانب. فقد أدى حظر القروض والاستثمارات لصناعة السينما الروسية، وخاصةً من الشركات الغربية، إلى صعوبة إنتاج وتوزيع الأفلام.
كما تسببت القيود المفروضة على توريد المعدات والبرمجيات اللازمة لإنتاج الأفلام (مثل معالجات الرسومات وبرامج التحرير) بإبطاء وتيرة إدخال التقنيات الجديدة وزيادة التكاليف.
إضافة لذلك، أفضى إغلاق أستوديوهات الأفلام والقيود المفروضة على التعاون مع الشركاء الأجانب إلى انخفاض عدد المشاريع المشتركة وتقييد الوصول إلى سوق التوزيع الدولية.
في المقابل، تسببت القيود المفروضة على الوصول إلى الأفلام الأجنبية، في زيادة حصة الأفلام المحلية في التوزيع بشكل ملحوظ، إذ أصبحت صناعة السينما الروسية أكثر توجهًا نحو السوق المحلية، مما أدى إلى تزايد المواضيع الوطنية وفي نفس الوقت إلى تراجع التنوع.
بناء على ما سبق، يخلص المتحدث إلى أن سوق صناعة السينما الروسية قادرة على الصمود في ظل العقوبات، إلا أن ثمة مخاطر لا تزال قائمًة، ولمواجهتها، يجب على روسيا اتخاذ تدابير لمكافحة مخاطر العقوبات، بالإضافة إلى تحفيز سوق صناعة السينما الروسية.
إعلان سد الفراغمن جانبه، يؤكد مسؤول الإعلانات بشركة "كينوميديا" للدعاية السينمائية على ضرورة الاهتمام باستخدام التقدم العلمي والتكنولوجي لابتكار أشكال جديدة من إنتاج الأفلام، مثل الواقع الافتراضي والرسومات الحاسوبية، لجذب المشاهدين وجعل السينما المحلية أكثر تنافسية في السوق العالمية.
ووفقا له، أتاحت العقوبات للمنتجين المحليين فرصة لإثبات جدارتهم، ومع ذلك، ليس كل شيء بهذه البساطة.
فكما يوضح، يمثل نقص المتخصصين الذين غادروا سوق إنتاج الأفلام الروسية بعد فرض العقوبات خطرًا أيضًا، نظرًا لصعوبة تدريب المحترفين المستقبليين في مجال صناعة الأفلام.
كما يشير إلى وجود مشكلة تتعلق بتقييد توزيع الأفلام الروسية في الخارج، ويدعو، ردًا على ذلك، إلى التركيز على الأسواق الأخرى في الدول التي يصفها بالموالية والترويج النشط للمحتوى الروسي خاصةً على المنصات الإلكترونية، إلى جانب شراء محتويات بديلة، على سبيل المثال، من تركيا وكوريا الجنوبية.
ويتابع بأنه لزيادة اهتمام الجمهور بالسينما المحلية، يمكن لروسيا جذب الاستثمارات في إنتاج محتوى عالي الجودة، وتطوير مهرجانات الأفلام وغيرها من الفعاليات، وتطوير منصات إلكترونية لتوزيع الأفلام، مما يتيح الوصول إلى السينما المحلية لجمهور واسع.