«الرجل أوركسترا»…كان هذا عنوان فيلم شهير يمثل دوره الرئيسي الممثل الفرنسي، النجم في شبابي، لويس دوفوناس. ودائما شكّل هذا العنوان بالنسبة لي منطلقا للتفكير في هذه «الواجهة العملياتية» المميزة، التي تعرضها الشخصيات القادرة، في يوميات الحياة وليس مشاهد الأفلام، على تقمص شتى أنواع الأدوار في كل المناسبات.



الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من هؤلاء، أو بالأحرى، يسعى لأن يكون من هؤلاء، وكل المسألة هنا، في أن «تسعى»… إنه بيت القصيد لترامب، لكنه بيت الداء لكثيرين، أوكرانيا التي يقال إن مسودة اتفاقية السلام المقترحة في صراعها مع روسيا، هي من صياغة دبلوماسيين روس.. إذن ماذا عن الاتفاقية المقبلة نفسها؟

أما غزة، موضوعنا في هذه السطور ـ أو بالأحرى مقاربات غزة في «اليوم التالي» – فزوبعة أولية من التصريحات العفوية. انطلقت من فزاعة «الريفيرا» المعروفة، لتحط الرحال عند خطة تبدو في ظاهرها منسجمة مع تصور «كلاسيكي» لخطة: فـ»نشر قوة دولية»، «تأمين الحدود»، «نزع السلاح «.. كلها مصطلحات معروفة مكرورة، وأيضا، هذا صحيح، وجيهة، فليكن، فلنعتبر أن ترامب يعرف كيف يعود إلى «بيت طاعة» الدبلوماسية التقليدية. لكن الموضوع يبقى قائما، إذ لا نتحدث هنا مطلقا عن خطة عضوية متكاملة تفضي إلى حلحلة واحد من أطول الصراعات في العالم. كلا.. لا نتحدث عن ذلك أبدا، إنما نتحدث، وباعتراف من مجلس الأمن الدولي نفسه، عن «خطة الرئيس ترامب التي أسفرت عن وقف لإطلاق النار في غزة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر».

يتعلق الأمر بالمرحلة الثانية من الخطة، تلك التي تنص على «نشر قوة دولية في القطاع، تأمين الحدود مع إسرائيل ومصر، نزع السلاح من غزة، تجريد الجماعات المسلحة غير الحكومية من أسلحتها»، لكن هل يمكن لخطة مماثلة أن ترى النور؟ خطة مثل هذه متكاملة على الورق؟ آخر التفاصيل التي جاءت مقترنة مع هذا الإعلان الورقي، تفيدنا بأن لا قوة دولية تقبل الانتشار حتى الآن. ثم ماذا عن قبولها من الرأي العام؟ كفانا هنا حديثا عن تسميه الخطة بـ»مجلس السلام» (هذا إن رأى هذا المجلس النور أيضا) وعن المترشح لقيادته توني بلير، اسم، وهذا أقل ما يقال، ليس محل إجماع..

المسألة في هذه الأمور، مسألة ثقة، والثقة لا تنال إلا عبر مسار دؤوب، طويل الأمد، يبنيه ويرسيه من له خبرة في المنطق، ومن له خبرة في المنطقة، من هو جدير بتقديم القيمة المضافة الجيوسياسية المرشح لها أن تعمر على المدى الطويل، ليس أولا، ممول مشاريع العقارات، ليس، أولا، من يختار مبعوثه الرسمي، أو غير الرسمي لتفعيل نفوذ الأصدقاء والمعارف، نفوذ لا يمكنه إلا أن يكون مصطنعا غدا إن لم يكن اليوم.

كلا! من له خبرة في المنطقة هو من يتشاركها من باب التاريخ، تاريخ مشترك ليس خاليا من نفوذ لم يجن المدنيون ثماره حتى الآن، لكنه يمثل موطئ قدم لترق مأمول، والترقي المأمول الذي نتحدث عنه هنا، عودة الدبلوماسية الأوروبية، خاصة منها الفرنسية والبريطانية، إلى الميدان. أجل. نتحدث هنا عن خبرة ميدانية لا تملكها الولايات المتحدة الأمريكية، فصدق من قال «إن الاتحاد الأوروبي ساع لاستعادة دور محوري في المنطقة».

لكن السؤال الذي يبقى قائما، دائما وأبدا، هو سؤال المدى، سؤال القدرة، سؤالان يعلوان على سؤال الإرادة، صحيح أننا كثيرا ما نتحدث عن الإرادة السياسية، وما أجمل العبارة وما أجمل أن يشمر الساعد لتجديد اتفاقات (كما هو الشأن الأوروبي هنا)، لتفعيل تعاونات، لتثبيت مكانات.. قد يقول قائل، إن بيت القصيد، كما نعلم، دائما يصطدم ببيت الطاعة، بعبارة أخرى: كل تقدم في ملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بيد أمريكي إسرائيلي، وليس إلا، لكن موضوعنا أبعد، إنه موضوع مواطن ملتزم يعلي التفاؤل على باقي الاعتبارات. ومن هذا المنطلق، يحدوني الأمل – كما يساورني الاعتقاد – بأن الاتحاد الأوروبي لا يزال قادرا على لعب أوراقه.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه ترامب غزة الاتحاد الأوروبي غزة الاتحاد الأوروبي ترامب خطة ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

روسيا تحذّر من مصادرة الاتحاد الأوروبي لأصولها المجمدة

حذّرت روسيا، اليوم الخميس، من مصادرة أصولها المجمدة في الاتحاد الأوروبي من أجل منح أوكرانيا مليارات الدولارات.

أخبار ذات صلة بوتين يستبعد العودة إلى مجموعة السبع ترامب: بوتين يريد إنهاء "الأزمة" في أوكرانيا

وقالت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية إن أي "إجراء غير قانوني" من قبل الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالأصول الروسية المجمدة سيؤدي إلى "أقسى رد فعل"، مضيفة أن موسكو تتأهب بالفعل للرد.
وعرضت المفوضية الأوروبية على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أمس الأربعاء، خيارين لمنح أوكرانيا 90 مليار يورو (105 مليارات دولار أميركي) للعامين المقبلين، إما باستخدام الأصول الروسية المجمدة أو اقتراض المال من الأسواق الدولية.
أوضحت المفوضية، وهي الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، أنها تُفضّل "قرض تعويضات" باستخدام أصول الدولة الروسية المجمدة في أوروبا بسبب الأزمة في أوكرانيا. لكن بلجيكا، التي يوجد فيها الجزء الأكبر من تلك الأصول، عبّرت عن مجموعة من المخاوف قائلة إن المقترحات التي قُدمت لم تُعالجها بشكل مُرضٍ.
وقالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين للصحفيين "نقترح تغطية ثلثي احتياجات أوكرانيا التمويلية للعامين المقبلين. أي 90 مليار يورو. أما الباقي، فسيكون على الشركاء الدوليين".

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي يحدّث تعليمات «اللجوء» الخاصة بالسوريين!
  • مستشارة الاتحاد الأوروبي: يتم استخدام التجويع كأداة حرب في السودان
  • روسيا تحذّر من مصادرة الاتحاد الأوروبي لأصولها المجمدة
  • الاتحاد الأوروبي يبحث تطوير معابر غزة وخطة لتوسيع عمل بعثته
  • الاتحاد الأوروبي يحدّث إرشادات طلبات اللجوء للسوريين بعد عام على سقوط الأسد
  • تلوث الهواء يسبب 180 ألف حالة وفاة في الاتحاد الأوروبي
  • الاتحاد الأوروبي يتفق على «حظر تدريجي للغاز الروسي»
  • الاتحاد الأوروبي يتفق على الاستغناء عن الغاز الروسي بحلول 2027
  • الاتحاد الأوروبي يضع خرائط وآبل إعلانات تحت المجهر