غمر الاحتلال لأ نفاق حماس في غزة بمياه البحر يثير قلق العلماء
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
سان فرانسيسكو "د. ب. أ": أكد الجيش الإسرائيلي أواخر الشهر الماضي أنه بدأ بالفعل تنفيذ خطط غمر شبكة الانفاق التي أقامتها حركة حماس في قطاع غزة بمياه البحر، وهي الاستراتيجية التي ظلت مثار تكهنات على مدار قرابة شهرين.
وذكر بيان للجيش أنه بدأ تنفيذ خطة الغمر في مواقع لم يتم الكشف عنها، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تمثل "انفراجة هندسية وتكنولوجية ملموسة"، وأنه تم اختيار الأماكن التي سوف يتم غمرها "بحيث لا تتعرض المياه الجوفية بها لأي تهديد".
غير أن خبراء متخصصين في علوم المياه حذروا من أن غمر الانفاق بمياه البحر سوف يكون له تأثير مدمر على موارد المياه العذبة النادرة بالفعل في غزة، بل وربما يقوض أساسات البنايات في القطاع. ويقول مارك زيتون خبير المياه ومدير مركز "Water Hub" لأبحاث المياه في جنيف بسويسرا إن المصدر الرئيسي لمياه الشرب في غزة يتم تلويثه، موضحا أنه "إذا وضعت مياه مالحة داخل مصدر مياه عذبة، فإن ذلك سوف يؤدي إلى تلويثه وتسميمه". وأضاف في تصريحات للموقع الإلكتروني "ساينتفيك امريكان" المتخصص في الأبحاث العلمية أن هناك إمكانية أن تتسرب مياه البحر ببساطة بمجرد ضخها داخل الانفاق عبر التربة إلى طبقة المياه الجوفية.
واستطرد قائلا: "إذا حاولت غمر الانفاق بالمياه، فإنني افترض أنها ليست معزولة بشكل كاف بما يسمح لها بالاحتفاظ بالمياه، وبالتالي سوف تتسرب هذه المياه إلى طبقة المياه الجوفية".
ويتفق أحمد رأفت غضية الباحث في علوم الجغرافيا بجامعة النجاح في نابلس بالضفة الغربية مع هذه الرأي قائلا إن طبقة المياه الجوفية على الأرجح قد تلوثت بالمياه المالحة على نحو لم يعد من الممكن علاجه. وأوضح في تصريحات أوردها "ساينتفيك أمريكان" أنه "إذا تم غمر الانفاق، فسوف تتسرب مياه البحر عبر الطبقات الأرضية حتى تصل إلى المياه الجوفية"، مشيرا إلى أن مثل هذا العمل "سوف تكون له تداعيات خطيرة على جميع أنشطة الحياة في غزة مثل الزراعة والتربة والبنية التحتية"، مؤكدا أن مياه البحر قد تصنع فجوات في التربة تؤثر على أساسات المباني.
ومن جانبه، أعرب ناعوم وايزبرود عميد معهد جاكوب بلاوستاين لأبحاث الصحراء التابع لجامعة بن جوريون الإسرائيلية عن شكوكه في أن طبقة المياه الجوفية في قطاع غزة بأكملها سوف تتلوث بفعل غمر الأنفاق بمياه البحر، وقال في تصريحات لموقع "ساينتفيك أمريكان": "لست واثقا من أن المخاطر البيئية خطيرة على النحو الذي يريدنا البعض أن نظنه، فتأثير الغمر سوف يختلف باختلاف موقع الأنفاق التي سوف يتم استهدافها".
وبحسب دراسة نشرتها الدورية العلمية Water المتخصصة في أبحاث المياه عام 2020، فإن منسوب المياه الجوفية في قطاع غزة يتراوح ما بين 60 مترا نحو الشرق، ثم يتراجع إلى عمق بضعة أمتار مع الاتجاه نحو ساحل البحر المتوسط، وأنه يتم سحب كميات من المياه الجوفية تفوق قدرة هذه الطبقات على تعويض المستنفد بالسبل الطبيعية، ونتيجة لذلك، فإن مياه البحر تشق طريقها بالفعل إلى المياه الجوفية في القطاع.
وتسلط خطط إسرائيل لغمر أنفاق حماس الضوء على مشكلة كانت قائمة بالفعل قبل اندلاع الصراع، وهي ندرة مياه الشرب في غزة بصرف النظر عن مدى تلوث طبقة المياه الجوفية بمياه البحر بسبب خطة غمر الانفاق. وفي عام 2020، أشارت تقديرات وكالات أممية إلى أن 10% من سكان القطاع يحصلون على مياه شرب آمنة. ويتم ضخ بعض هذه المياه من خلال إسرائيل ومصر، كما تم افتتاح محطة تحلية بقيمة 10 مليون يورو بتمويل من الاتحاد الأوروبي في غزة عام 2017، ولكن هذه المحطة لا يمكنها أن تعمل في ظل انقطاع التيار الكهربائي، حيث كانت نصف كهرباء غزة تأتي من إسرائيل قبل الحرب، ولكن الحكومة الإسرائيلية قطعت الكهرباء عن القطاع منذ أكتوبر الماضي.
ويقول الباحث أحمد رأفت إن هناك زهاء 1.9مليون نازح جراء الحرب متواجدون حاليا في غزة، ويعيش الكثيرون منهم داخل خيام أو في شوارع رفح جنوبي القطاع، وفي أعقاب الأمطار الغزيرة التي انهمرت على غزة الشهر الماضي، قام الكثيرون بجمع المياه في أطباق وأوعية، ويعمد آخرون إلى شراء الماء من شاحنات نقل المياه، ولكنها مياه غير جيدة يتم استخراجها من طبقات المياه الجوفية ثم تحليتها بواسطة شركات خاصة.
ويرى ديفيد ليرير مدير مركز الدبلوماسية البيئية التطبيقية التابع لمركز وادي عربة للدراسات البيئية في إسرائيل أنه عندما تنتهي الحرب، لابد أن تبدأ إسرائيل وغزة في التخطيط من أجل مستقبل أفضل للمياه، مشيرا إلى الشراكة التي تم إبرامها العام الماضي بين شركة المياه الإسرائيلية ووترجين ومنظمة "الدامور" الفلسطينية غير الحكومية للتنمية المجتمعية والإدارة المدنية الإسرائيلية، والتي تم بموجبها تشغيل خمسة مولدات مياه من رطوبة الجو تعمل بالطاقة الشمسية في مراكز رعاية صحية في القطاع. وبحسب المركز تستطيع هذه المولدات انتاج قرابة 900 لتر من المياه العذبة يوميا عن طريق تكثيف مياه الرطوبة وترشيحها.
ويقول ليرير إن هذه المبادرة وغيرها من الإجراءات المؤقتة مثل معالجة مياه الصرف سوف تعطي "بارقة أمل في وضع سوف يتحسن في نهاية المطاف".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بمیاه البحر غمر الانفاق میاه البحر فی غزة
إقرأ أيضاً:
إجماع في جيش الاحتلال والأجهزة الأمنية على إمكانية التوصل لصفقة مع حماس
أجمعت الأجهزة الأمنية التابعة للاحتلال، إضافة إلى رئيس أركان "الجيش" على إمكانية التوصل إلى صفقة مع حركة "حماس" لإطلاق سراح الأسرى من قطاع غزة، وذلك بالرغم من تعنت رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو وسحبه وفد التفاوض من العاصمة القطرية الدوحة.
وكشفت القناة 12 الخاصة، نقلا عن مصادر مطلعة لم تسمها، إن رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير قال في مناقشات مغلقة إن "الضغط العسكري خلق ظروفا مناسبة لإعادة المختطفين، وعلى إسرائيل استغلال نافذة الفرص التي نشأت من أجل المضي قدما نحو صفقة".
وأوضحت القناة أن تصريحات زامير جاءت في أعقاب قرار نتنياهو إعادة الوفد الإسرائيلي من الدوحة، وبالتوازي مع تشديده لمواقفه العلنية.
وأضافت: "مع ذلك، هناك إجماع داخل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على إمكانية التوصل إلى صفقة في الوقت الراهن".
والخميس، قرر نتنياهو إعادة جميع أعضاء وفد التفاوض الإسرائيلي من العاصمة الدوحة وذلك تحت ذريعة إصرار حركة حماس، الحصول على ضمانات من الولايات المتحدة لإنهاء الحرب كجزء من الصفقة.
والأربعاء، شدد نتنياهو في مؤتمر صحفي على رغبته في التوصل إلى وقف إطلاق نار مؤقت مع حماس، محددا شروطا تعجيزية للحركة الفلسطينية نحو إنهاء الحرب تنتهي بتهجير فلسطينيي القطاع إلى الخارج.
وقال نتنياهو: "إذا سنحت فرصة لوقف إطلاق نار مؤقت من أجل إعادة مزيد من المختطفين، وأؤكد وقف إطلاق نار مؤقت، فنحن مستعدون لذلك".
وأردف مدعيا: "حققنا الكثير من أهداف الحرب بالفعل، لكن المهمة لم تنتهِ بعد، قضينا على عشرات آلاف المسلحين وصفّينا كبار القادة بحماس وعلى الأرجح أيضا القيادي محمد السنوار".
واستطرد: "قبل ثلاثة أيام، أصدرتُ تعليمات، ببدء مرحلة جديدة من الحرب"، في إشارة إلى عملية "عربات جدعون" البرية واسعة النطاق بشمال وجنوب غزة.
وتابع: "في نهاية هذه المرحلة، ستكون جميع مناطق قطاع غزة تحت سيطرة أمنية إسرائيلية، وسيتم القضاء على حماس بالكامل"، حسب ادعائه.
وعدّد نتنياهو شروطه لإنهاء الحرب قائلا: "مستعد لإنهاء القتال وفق شروط واضحة: إعادة جميع المختطفين، ونفي قيادة حماس من غزة، ونزع سلاح حماس".
ومرارا، أعلنت حماس استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين "دفعة واحدة"، مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب جيش الاحتلال من غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين.
لكن نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، يتهرب بطرح شروط جديدة، بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، ويصر حاليا على إعادة احتلال غزة.
وتتهم المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى نتنياهو بمواصلة الحرب استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته، لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، ولا سيما استمراره في السلطة.