الحطاب يظهر مجددا.. رحلة البحث عن الدفء تحت الأنقاض في غزة
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
يخرج الفلسطيني المسن أبو محمد حسن في مهمة شاقة وخطيرة بحثًا عن الخشب والحطب تحت أنقاض المنازل المدمرة بفعل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وترافق الطفلة مريم ذات الأعوام السبعة، جدها الحطاب في رحلة البحث اليومية شمالي القطاع لجمع ما يمكن من أغصان الأشجار وخشب الأبواب والنوافذ وغيرها من بقايا المنازل المدمرة، لاستخدامها في إشعال النار.
وبينما يقوم المسن حسن بنشر بعض الحطب الذي وجده خلال عملية البحث ليتعرض للشمس ويجف حتى يصبح قابلا للاشتعال، يقول لمراسل الأناضول: "أخرج كل يوم صباحاً لجميع الخشب فلا يتوفر لدينا وقود أو غاز للتدفئة أو إعداد الطعام. الأوضاع صعبة للغاية".
ويحمل المسن حسن الأخشاب والأغصان الكبيرة إلى باحة منزله، بينما تجر حفيدته مريم بيديها الصغيرتين ما تستطيع من الأغصان المتوسطة، للتخفيف عن جدها الكبير في السن.
ويمضي سكان القطاع ولا سيما غزة ومحافظة الشمال، وقتاً طويلاً يومياً في جمع الأخشاب والحطب والكرتون، لاستخدامها في عملية إشعال النار لتجهيز الطعام وتسخين المياه، والاستخدامات اليومية.
ويضيف حسن: "هل ترون الوضع والمعاناة التي نعيشها في شمال غزة؟، نحن نجمع الحطب من كل مكان حتى الأماكن المدمرة والخطيرة".
ويتابع المسن الفلسطيني: "نقص أيضا بعض الأغصان من الأشجار المزروعة في الشوارع العامة، وبعدها نبحث عن الأكل مثل العدس الخبيزة والفول".
واللافت للنظر في عملية البحث والجمع، لجوء المواطنين إلى المنازل المدمرة على أمل الحصول على الأخشاب التي بالأصل تكون بقايا النوافذ والأبواب، لإشعال النيران، في ظل عدم توفر غاز الطهي.
ويعاني قطاع غزة منذ اندلاع الحرب المدمرة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من شح كبير في كميات الوقود وغاز الطهي اللازمة للاستخدام، بسبب قطع إسرائيل إمدادات الماء والكهرباء والوقود والغاز عن نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون من أوضاع متدهورة للغاية، جراء حصار متواصل منذ 17 عامًا.
وبعد ضغوط أممية ودولية، سمحت إسرائيل بدخول مساعدات إنسانية محدودة جدا إلى قطاع غزة من بينها الوقود وغاز الطهي للاحتياجات الإنسانية، وذلك عبر معبر رفح البري والمخصص للأفراد.
وعلى مقربة من زوجته التي كانت منشغلة بإعداد الخبز وتجهيز الطعام، يشعل المسن حسن النار داخل موقد حديدي قديم بواسطة ما جمعه من حطب وأخشاب لخبز العجين وإعداد الطعام الذي لن يزيد عن بعض حبوب العدس.
ويقول: "الأشياء الأساسية في الحياة غير موجودة لا غاز ولا ماء ولا طحين قمح حتى الرز البديل للطحين غير موجود!! ولا يوجد أي مساعدات إغاثية، فلم يدخل لنا مساعدات بتاتاً في الشمال".
ويشير المسن حسن إلى المعاناة اليومية وصعوبة الوضع شمال قطاع غزة مع استمرار الحرب الإسرائيلية ورفض إسرائيل إدخال مقومات الحياة الأساسية إلى غزة والشمال.
وتحاول العائلات الفلسطينية مواجهة الظروف الصعبة جداً في قطاع غزة والبحث عن بدائل تعينهم على الصمود والبقاء في وجه الحرب المدمرة.
ويختم الفلسطيني حسن حديثه قائلا: "الأوضاع صعبة فوق أي تصور، ونحن نحاول التكيف مع هذه الحياة، ولكن هذه الحياة غير معقولة ومعدومة".
ولم يكن يقدم على شراء الحطب قبل الحرب إلا بعض العوائل للتدفئة في فصل الشتاء، لكن الظروف الجديدة حولت حياة سكان قطاع غزة جميعاً إلى الحياة البدائية.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
1500غزي فقدوا البصر بسبب الحرب
الثورة / متابعات
لم تقتصر الإعاقات التي خلّفها العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة على بتر الأطراف العلوية أو السفلية، فقد كشفت وزارة الصحة عن فقدان 1500 مواطن للبصر، فيما هناك 4000 آخرون مهدّدون بالعمى أيضًا، بسبب نقص الأدوية والتجهيزات الطبية.
ويؤكد مدير مستشفى العيون في غزة الدكتور عبدالسلام صباح، أن القطاع الصحي يشهد عجزًا خطيرًا في المستهلكات والأجهزة الطبية الخاصة بجراحات العيون، ما قد يؤدي إلى انهيار شبه كامل للخدمات الجراحية، خاصة لأمراض الشبكية واعتلال الشبكية الناتج عن السكري والنزيف الداخلي.
وبسبب نقص الأدوية والمعدات الطبية، يقول الدكتور صباح إن مستشفى العيون لا يمتلك حاليًا سوى 3 مقصات جراحية مستهلكة تُستخدم بشكل متكرر، وهو ما يضاعف المخاطر على حياة المرضى ويمنع إنقاذهم.
ويوضح أن العديد من إصابات العيون الناجمة عن الانفجارات تحتاج إلى مواد طبية مثل الهيليوم والخيوط الدقيقة، لافتًا إلى أن هذه المعدات الطبية “على وشك النفاد الكامل”، ويضيف: “مستشفى العيون على وشك إعلان فقدان القدرة على تقديم أي خدمات جراحية، ما لم يتم التدخل الفوري والعاجل من الجهات المعنية والمنظمات الدولية”.
وفي السياق، وصف رئيس قسم الأطفال في مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس وضع الأطفال في قطاع غزة بـ ”الكارثي”، وقال إن جيلًا كاملًا يجري استهدافه، لافتًا إلى أن المستشفى يشكو من نقص كبير في الأدوية والمكملات الغذائية الأساسية للحوامل.
ومنذ الثاني من مارس الماضي، تفرض سلطات الاحتلال حصارًا محكمًا على قطاع غزة، تمنع بموجبه دخول أي مواد تموينية أو صحية، وهو ما فاقم من الأزمة الإنسانية بشكل خطير، خاصة أن كميات المساعدات الطبية التي كان يُسمح بإدخالها قبل هذا الحصار المشدد لم تكن تكفي احتياجات المشافي بسبب العدد الكبير من المصابين الذين تصلهم بسبب الغارات الإسرائيلية الدامية.
وسبق أن أعلنت وزارة الصحة في غزة عن نفاد أكثر من 37% من قائمة الأدوية الأساسية، وأكثر من 59% من المستهلكات الطبية، موضحة أن أصنافًا أخرى من قائمة الأدوية الأساسية مهددة بالنفاد قريبًا، ما يعني ارتفاع مستويات العجز، وهو ما تفاقم بسبب طول مدة الحصار.
وأكدت الوزارة، الشهر الماضي، على خطورة الوضع الصحي المتدهور، وقالت إن مئات المرضى والجرحى يعانون من نقص حاد في الأدوية، مع تفاقم أزمتهم بسبب استمرار إغلاق المعابر، لافتة إلى أن الخدمات الصحية تُقدَّم في المستشفيات بناءً على أرصدة محدودة للغاية من الأدوية والمستلزمات الطبية.
كما أشارت إلى أن أزمة النقص هذه تعيق عمل الطواقم الطبية في تقديم التدخلات الطارئة للجرحى، وأن مرضى السرطان والفشل الكلوي وأمراض القلب هم الأكثر تضررًا جراء هذا النقص، وحذّرت من خطر نقص الدواء، قائلة إن “الناس يموتون بسبب نقص الأدوية والمعدات”.