يمانيون:
2025-05-12@03:48:18 GMT

المستعمرُ الجديدُ والتضليل

تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT

المستعمرُ الجديدُ والتضليل

عبدالرحمن مراد
حين يفكر المستعمر بغزو بلد ما يبدأ في الاشتغال على المفاهيم والمصطلحات ويقوم بإفراغها من محتواها ومعانيها، ويعمد إلى الهُــوِيَّة فيقوم بتفكيك عراها حتى تتشظَّى وتتناثر في رمال الوطن المتحَرّكة، فالاشتغال الثقافي للمستعمر يأتي على نسق مواز للغزو العسكري أَو يسبقه حتى يتمكّنَ من السيطرة على مقاليد الأمور في البلدان؛ لذلك فحركة الاضطرابات التي سادت المجتمعات خلال العقدين السالفين من الألفية كانت الإيذان بعودة المستعمر، لكن بطرق أكثر ذكاء فهو يأتي حتى يحارب الإرهاب ويجفف منابعه، أَو يأتي دفاعاً عن حقوق الإنسان، أَو لدواعٍ إنسانية حتى يحفظ أمن واستقرار البلدان كما فعل في أفغانستان، فالغزو لم يعد احتلالاً، والمستعمر لم يعد مستعمراً –تعويم المصطلحات والمفاهيم-؛ ولذلك استطاع أن يجدَ لنفسه غطاءً وتخريجاً مناسباً حتى يمارسَ غوايةَ الاحتلال للبلدان تحت عناوين كبرى ينساق لها الإنسان بغباء مفرط.


ولعل المعركة الثقافية هي أعقد من المعركة العسكرية وأكثرها خطورة، وهي معركة مُستمرّة يمتد جذرها إلى الماضي العميق وهي اليوم في أوج الاشتعال، وقد شهدنا مرحلة، وعشنا تفاصيلها خلال سنوات العدوان، وهي مرحلة كانت نتيجة لمقدمات منطقية سبقتها في الاشتغال الثقافي، واليوم نقرأ مقدمات يشير إليها نشاط التحالف الجديد في البحر الأحمر، تحالف حماية الازدهار كما يسمى، فهم يرون أن المبدعين والمثقفين يحملون رسالة إيجابية للمجتمع ولذلك بدأوا يهتمون بهذه الشريحة ويولونها اهتماماً خاصاً، ولا أرى ذلك إلا توجُّـهاً يقومون بتنفيذه وفق خطط واستراتيجيات وضعوها حتى يبلغوا غاياتهم ومقاصدهم، فالسخاء في الإنفاق يشكل بيئة جذب لشريحة المثقفين والأدباء في ظل قسوة الأحوال والظروف التي يعيشها المبدع في اليمن، ولذلك أصبح من الضرورة تفعيل دور المؤسّسة الثقافية الرسمية والمدنية والاشتغال على كُـلّ المستويات حتى نخوض المعركة الثقافية بمختلف الأسلحة وعلى كُـلّ المستويات، ولدينا طاقات فكرية جبارة وكبيرة قادرة على الصناعة والإبداع والابتكار.
فالتحالف وصل إلى مرحلة اليأس بعد فشله في حماية الملاحة في البحر الأحمر وهو يبحث عن بدائل وقد شرع في الاشتغال عليها، إذ أن كُـلّ المؤشرات تقول ذلك ودلائلها ذات أثر ملحوظ، ومن الحكمة الوقوف أمام مؤشرات الواقع والتمعن في المعطيات والتفاعل مع الواقع بما يحفظ لليمن بريق الانتصار.
فالتحالف الدولي لديه قناعة كاملة بعد كُـلّ سنوات العدوان على اليمن بفشل الخيار العسكري في تطويع اليمن وأهله للمصالح الدولية، ولا يخامرني شك أن الخيار العسكري ليس خياراً للتحالف في قابل الأيّام، وهو اليوم في أوج اشتغاله من خلال تفكيك المفاهيم والمصطلحات وهدم كُـلّ ما هو مقدَّس في وجدان المجتمع من خلال التضليل وتعويم المفاهيم والمصطلحات وتسويق رؤىً جديدةٍ منها حماية الرفاه والازدهار، وتصنيف أنصار الله كمنظمة إرهابية تهدّد أمنَ الملاحة الدولية واقتصاد العالم دون النظر فيما تقوم به “إسرائيل” من حرب إبادة وتهجير وقتل متعمد في غزة وفي كُـلّ أرض فلسطين.
ولا بدَّ من معرفة أننا نعيشُ مستوىً حضارياً واقتصادياً يختلفُ كُـلَّ الاختلاف عن المستوى الذي عاش فيه فقهاء القرون الثاني والثالث والرابع الهجري، ولذلك فكل رأي يستند إلى تلك الفترات دون وعي بحركة الاقتصاد أَو معرفة بنظم الاقتصاد المعاصر وموازين النمو ومؤشرات الانهيار يصبح قاتلاً ومدمّـراً لحركة الحياة في عالمنا المعاصر ويخلق بيئة غير ملائمة ومناخاً للصراع وشرائع الغاب.
فحالة الاستقرار في اليمن ضابطها الأَسَاس هو البناءات الاقتصادية القادرة على تحقيق العدالة الاجتماعية والشراكة في أبعادها الفلسفية المختلفة، والقادرة على تخفيف حدة الصراعات والخروج من دائرة الاقتصاد السياسي الهادف إلى إدارة التناقضات الاجتماعية إلى دائرة الاقتصاد الوطني وفق أسس وقواعد الشراكة الوطنية؛ مِن أجل التنمية والاستقرار.
اليوم نحن أمام واقع جديد في اليمن وفي العالم كله، فالذي حدث خلال الأشهر القليلة الماضية كان تحولاً كَبيراً في المسارات، وتلك التحولات سوف تترك آثاراً عميقة في البناءات وفي مسارات اللحظة والمستقبل، تترك آثاراً على اللحظة من خلال ما تتركه من ظلال على النظام العام والطبيعي، وتترك ظلالاً على المستقبل من خلال ما تقوم به اللحظة من تأسيس لقضايا ستكون هي ملامح المستقبل؛ ولذلك فالصناعة تبدأ من اللحظة التي نعيش ونشهد تبدلاتها وتحولاتها العميقة سواء في المسار اليمني أم في المسار الدولي فكلا المسارين يتكاملان ويتركان أثرًا واضحًا على الصناعة وعلى المستقبل.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

برلمانى: الموانئ ركيزة أساسية لتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطنى وجذب المزيد من الاستثمارات

قال النائب عمرو القطامى، عضو مجلس النواب، إن الموانئ المصرية تشهد اهتمام غير مسبوق، والقيادة السياسية حريصة طوال الوقت على أن تكون الموانئ المصرية مثل أفضل الموانئ العالمية، هذا لايمانها بأن الموانئ ركيزة أساسية لتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطنى وجذب المزيد من الاستثمارات.
 

برلمانية: مشروع قانون "الإيجار القديم" يهدد السلم الاجتماعي ويتعارض مع بعض المبادئ الدستوريةماذا يحدث حال تأجيل مشروع قانون الإيجار القديم.. برلماني يجيبالبرلمان يفعل أدواته الرقابية ضد أزمة البنزين المغشوش.. تفاصيلبرلماني: مبادرات التحالف الوطني لمحو الأمية تُمكن المواطنين وتدعم التنمية


وأوضح القطامى، أن تطوير الموانئ يعتبر استثمارًا استراتيجيًا يمكن أن يعزز الاقتصاد الوطني ويحسن مستوى المعيشة للمواطنين، وذلك من خلال تعزيز التجارة الخارجية، حيث تعتبر الموانئ بوابات التجارة الخارجية، وتطويرها يعزز من كفاءة وفعالية التجارة الخارجية، إضافة لزيادة الاستثمارات، مما يعزز النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل فى قطاعات متعددة، مثل النقل واللوجستيات والصناعة، إضافة للهدف الأسمى وهو تعزيز القدرة التنافسية للدولة في التجارة العالمية، مما يساهم في زيادة الصادرات وتحسين الميزان التجاري.وأضاف القطامى، أن تطوير الموانئ يقلل من تكاليف النقل والتخزين، مما يعزز كفاءة الاقتصاد، ودعم الصناعات المحلية من خلال توفير الوصول إلى الأسواق العالمية، وتعزيز الأمن القومي من خلال تحسين قدرات الدولة على مراقبة وتأمين الحدود البحرية، ومصر لديها كم من الموانئ التى أصبحت مثل الموانئ العالمية فى كل المجالات.

وأشار القطامى، إلى أن زيارة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، صباح اليوم، للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لتفقد وافتتاح عدد من المشروعات شرق وغرب بورسعيد، تأكيد من قبل الدولة على استمرار تطوير الموانئ ودعم القطاع الصناعي بشتى الصور.

طباعة شارك النائب عمرو القطامي مجلس النواب النواب القيادة السياسية الموانئ العالمية

مقالات مشابهة

  • سفير مصر في سنغافورة يجتمع بمسؤولي صندوقها السيادي لدعم الاستثمارات بين البلدين
  • مطاردة مرعبة أمام مدرسة ثانوية… وصراخ الطالبات يوثق اللحظة ( فيديو)
  • الممثل القانوني عن الملاك المتضررين: اللحظة حانت لرفع الظلم
  • «رؤية عُمان 2040» ... الهوية الثقافية والإبداعية
  • بالصور.. انطلاق فعاليات مشروع نادي الاقتصاد الأخضر في الأقصر
  • أسعار الذهب ترتفع 3% في أسبوع مع تزايد الطلب وسط غموض اقتصادي عالمي
  • برلمانى: الموانئ ركيزة أساسية لتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطنى وجذب المزيد من الاستثمارات
  • الاقتصاد الوطني يسجل مؤشرات إيجابية وتقدما برؤية التحديث الاقتصادي
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: هل للفكر جنسية أو عرقية؟
  • لماذا سيغادر تشابي ألونسو باير ليفركوزن في نهاية الموسم؟