موقع النيلين:
2025-12-01@10:38:31 GMT

حديث عن النوم

تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT


كثيرون، وأنا واحد منهم، لم يتوقعوا وهم شبان ما إن يضعوا رؤوسهم على مخدّات النوم، حتى يغرقوا فيه، ليمتد نومهم ساعات متواصلة، أن يمضي بهم العمر فإذا بنومهم يغدو متقطعاً، وساعات نومهم الليلية تتناقص، ويجدون أنفسهم مكرهين على الصحو المبكر، ينتابهم شعور بالإرهاق لأن أجسادهم لم تنل ما يلزمها من ساعات النوم الضرورية، لكنهم في الوقت ذاته عاجزون عن مواصلة النوم، كأن هناك من دعا عليهم بما قالته نجاة الصغيرة: «روح يا نوم من عين حبيبي»، وكان سيكون في ذلك سلوى لهم لولا يقينهم بأنه ليس هناك من دعا عليهم بأن «يروح» النوم من أعينهم ولا هم يحزنون.

أعرف الكثير من الأصدقاء المخضرمين الذين يكبرونني عمراً، ممن برمجوا حياتهم على النوم المبكر والصحو المبكر، ويجدون في ذلك نظام حياة صحياً، محفزاً للنشاط. وقبل أسبوع أو أكثر التقيت، مصادفة، بأحد هؤلاء، وهو طبيب استشاري مشهور، أوضح لي أنه من هذه «الفصيلة»، يخلد إلى النوم كل ليلة عند التاسعة والنصف ويصحو عند الثالثة والنصف، ليستأنف حياته بنشاط، كأنه يذكرنا بمقولة لجبران خليل جبران تقول: «الدنيا ملك لمن يستيقظ باكراً»، فمن يصحون متأخرين يفقدون الكثير من متع الحياة، وأيضاً بقول سلامة موسى «إن الإفراط في عدد ساعات النوم هو هدر للوقت»، ومن رأيه أن نحرص على أن نعطي الجسم حقه من الراحة بالضروري فقط من الساعات، لأن ما يزيد هو بمثابة تقصير لأعمارنا، وبقول أم كلثوم، بكلمات عمر الخيّام، وتعريب أحمد رامي: «ما أطال النوم عمراً».

في مقالٍ سابق نقلتُ عن أخصائية نفسانية أسترالية نصيحة بالاستيقاظ مبكراً 30 دقيقة على الأقل قبل وقت الاستيقاظ المعتاد مثلاً، للذهاب إلى العمل أو إنجاز الواجبات اليومية، وذلك من أجل القيام ب«شيء ممتع مثل ممارسة الرياضة، التأمل أو فقط الجلوس بهدوء والاستمتاع بكوب من الشاي في الخارج يحسن المزاج طوال اليوم»، وفي مقابلة أجرتها، مؤخراً، صحيفة المصري اليوم مع آخر فائز بجائزة نوبل للآداب، النرويجي يون فوسه، تحدث فيها عن عاداته في القراءة وعن الكتب والموسيقى، وفيها قال أيضاً إنه عندما يكتب يمارس نوعاً من الاستماع، حين يترك روحه لذلك الصوت المجهول فتأتي الكتابة سهلة.

وعلى صلة بما نحن إزاءه اليوم أوضح يون فوسه أنه ينام في التاسعة مساءً ويستيقظ في الرابعة صباحاً، وعادة ما يكتب في الأربع ساعات التالية، أي من الخامسة حتى التاسعة صباحاً، ولكنه لم يبلغ هذه العادة إلا بعد أن هجر عادات ألفها طويلاً، عندما كان «بومة ليل» يسهر مستمتعاً «بالفوضى الزمنية الجميلة».

حسن مدن – صحيفة الخليج

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

د. عبدالله الغذامي يكتب: ترامب يحب توقيعه

يقول ترامب (أحب توقيعي وأفخر به)، وذلك في خطابه يوم ثلاثين سبتمبر 2025، حيث تكلّم لأكثر من ساعة مع جنرالات الجيش الأميركي، وكان فيه متجلياً وطافت به الأحاديث مستطرداً ومستعرضاً وسط صمت عسكري مطبق بانضباط مهيب، بينما كان ترامب مرتاحاً وهو يطوف في خطابه من موضوع إلى موضوع معظمها يشبه التجليات الذاتية، ومن معتاده أن يأخذ الأمور بتلقائيةٍ وانسيابية غير معتادة في خطابات السياسيين، فهو يتحدث عن ذائقته الخاصة وطريقة حياته اليومية، وأكثر ما لفت اهتمامي هو حديثه عن توقيعه، وهو توقيعٌ طويلٌ ومعقد تماماً كحال خطاباته في الطول ولكن ليس في التعقيد، وهذه المفارقة بين ما يرسمه بيده وما ينطقه بلسانه هي مفارقةٌ لافتة، فتوقيعه يشرح شخصيته في مهارة الالتواءات والالتفاف، وهي سمة في حديثه وتنويعاته الأسلوبية، وكأنه يرسم خطوط الكر والفر بحرية يختارها ويقررها بنفسه، وكلنا نعتمد توقيعاً يلازم حركة أصابعنا ولا يغادرها حتى لا نحتاج إلى النظر للورق ولا لتذكر كيف نوقع، بل إن التوقيع يأتي تلقائياً بمجرد ما نقرر أن نوقع وهو مرسوم في أذهاننا وفي لغة الجسد، ويبدو أننا نختار تواقيع تحاكي نظام حركتنا الجسدية ومن ثم تسهل علينا تحريك القلم مع التوقيع، والقلم يتولى ترجمة التجسيد الذهني للتوقيع ويحولها إلى واقع يشرح معنى كلمة توقيع في لغتنا العربية، فهي تعني تحويل شيء ذهني إلى شيء واقعي، ولا بد لهذا التحويل القسري أن يمضي بتلقائية مثل تلقائية خروج النفس من صدورنا، وهذه سيرة توقيعاتنا، ولكن حين ننظر إلى توقيع ترامب وننظر في حركاته حين تلتقط الكاميرات يده وهي ترسم التوقيع، يتبدى أن يده تتحرك بانضباط محكم لا يتماثل مع الانسيابية في خطاباته، فهو يرسم التوقيع بكامل تقاطعاته الهندسية الطويلة والمعقدة، ويمنح يده وقتاً كافياً لتحقيق الانضباط والدقة المطلقة، وفي المقابل تأتي خطاباته مغايرةً لحال توقيعه، فهو يترك نفسه تنساب مع الأحاديث والاستطرادات، ويتنقل ما بين الموضوعات دون رابط، وأحياناً دون أن تستدعيها الحال. ويندر أن يلتزم بموضوع واحد حتى وإن كان الحديث مخصصاً في الأصل لموضوع واحد، وكذلك هي حال أجوبته على الصحفيين، حيث يظل يقفز خارج مادة السؤال ثم ينصرف فجاءةً إلى سائل آخر قبل أن يكمل جوابه على الأول، ومثل ذلك تأتي مشيته خارج أنظمة البروتوكول، فلا يلتزم ببروتوكول السلوك الرسمي، كما حدث في قلعة وندسور في بريطانيا، حيث راح يمازح الحرس الملكي خارج شروط المعتاد، ويبدو أن العالم كله تآلف مع شخصية ترامب وحركاته الجسدية واللغوية، ومن ثم يتبدى التوقيع وكأنه حالةٌ سحريةٌ لإحداث الدهشة لكل من ينظر إليه وهو يوقع، وتركز الكاميرات عادةً عليه أثناء التوقيع كما حدث يوم تنصيبه، حيث وقع على عددٍ ضخم من الأوامر وهو هادئ البال رغم خطورة ما كان يوقّع عليه، وكأنه بهذا يمارس إشغال العيون كما يمارس إشغال الأسماع في كل لحظات حياته في القول وفي المشي وفي حركة اليد مع التوقيع، وهو في ولايته الثانية أشد إدهاشاً من ولايته الأولى. وتبدو عليه الثقة المفرطة في الولاية الثانية ربما لأنه أحس بالنصر منذ لحظة إعلان النتائج مع اكتساح الولايات الأميركية باللون الأحمر، وهي صورةٌ يبدو أنها مرسومة في ذهنه وتلازمه كملازمة توقيعه له، والتوقيع ومشية النصر أصبحتا أهم علامات ترامب مع قبعة ماجا (MAGA).
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض

أخبار ذات صلة بوتين يعلّق على لقاء محتمل مع ترامب بشأن أوكرانيا ترامب يعتزم وقف الهجرة بشكل دائم

مقالات مشابهة

  • الطيران العُماني يستقبل طائرته التاسعة من بوينج 787 دريملاينر
  • التاسعة مساء اليوم .. حملة تغريدات لإحياء الذكرى الـ 58 للاستقلال 30 نوفمبر
  • بعثة الزمالك تغادر جنوب أفريقيامساء اليوم
  • راليات.. سيباستيان أوجييه يتوج ببطولة العالم للسيارات للمرة التاسعة
  • إفتتاح الأيام الطبية الجراحية التاسعة واليوم شبه الطبي الأول
  • أوجيه بطل العالم للراليات للمرة التاسعة
  • أجواء باردة مع فرصة سقوط أمطار متفرقة اليوم وتحسن تدريجي في الحرارة ابتداءً من الغد
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: ترامب يحب توقيعه
  • اللواء عادل عزب: من المبكر تقييم قرار حظر جماعة الإخوان في أمريكا
  • بعثة الأهلي تتوجه إلى ملعب مباراة الجيش الملكي