عفوك غبطة أبينا البطريرك... البلد منهار!
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
قد لا يملك سيد بكركي البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي، كما غيره من القادة الروحيين، مسلمين ومسيحيين، سوى الكلمة ليعبّروا بها عمّا يعانيه الموطن في معيشته اليومية، وإن "كان لا رأي لمن لا يُطاع". فالكلمة التي كانت تقال في غابر الأزمان كانت تزلزل الأرض من تحت أقدام جميع الذين سمحوا لأنفسهم باستباحة الحجر والبشر، وكان لكلمة الكبار فعلها، وهي كانت أقوى من المدفع.
ولكن أن يقول سيد بكركي في عظة أحد النازفة إن البلد "آخذ" في الانهيار فإن فيه بعضًا من التبسيط لمعاناة الناس المستنزَفين إلى حدّ التسّول، وإن كانت عزّة نفس الكثيرين لا تسمح لهم بذلك حتى ولو كانوا يشتهون "العضّة بالرغيف".
البلد يا صاحب الغبطة منهار. وأعتقد هذا ما قصدته عندما قلت إنه "آخذ". أمّا أن يكون المقصود المعنى الحصري لكلمة "آخذ" فإن الملامة قد تقع على الأشخاص الذين يحوطون غبطته كظّله. والأرجح أنهم لا ينقلون إليه حقيقة ما يعانيه أفراد الشعب، وحقيقة ما يتعرّضون له من "شنططة" لكي يستطيعوا أن يؤّمنوا لعيالهم ما يرّد عنهم لسعات الجوع والبرد في آن.
ولأن الشيء بالشيء يُذكر تحضرني واقعة حصلت في يوم من أيام الخير الغابرة، على رغم أننا كنا في حرب ضروس، وكنت شاهدًا عليها، إذ استجمع "المعلم" شكرالله، وهو كان يؤدي بعض الخدمات في مركز الحزب، كل قواه الجسدية والعقلية، وقرّر أن يفاتح رئيس الحزب بأمر يتعلق براتبه، الذي لم يعد يكفيه ليعيل عائلته. وبعدما استعرض له ما وصلت إليه أسعار السلع في"السوبرماركات" سأل رئيس الحزب شكرالله عن قيمة راتبه، فأجابه: 100 ليرة. فما كان منه إلا أن سأله وببراءة وعفوية: وهل تصرفها كلها؟ فما كان من شكرالله إلا أن أنسحب تكتيكيًا كما دخل. ومن حينها لم يعد يجسر على مفاتحة أحد بموضوع "الزودة". وبقي راتبه مئة ليرة فترة طويلة، ولم يكن يكفيه لمصروف عشرة أيام من أصل ثلاثين يومًا.
المقصود من سرد هذه الواقعة ليس للدلالة على أن رئيس الحزب المشار إليه بخيل، بل للتأكيد على أن من لا ينزل إلى السوق ويشتري بنفسه ما يحتاج إليه من مواد وسلع لا يعرف حقيقة الأمر، خصوصًا إذا كان المحيطون بهم لا يطلعونهم عمّا وصلت إليه أوضاع أبناء رعيتهم. وهكذا يعتقدون أن المئة ليرة كافية لإشباع "أفواه الأرانب".
أما بعد، فهل يُلام سيد بكركي إذا قال إن "البلد آخذ في الانهيار"، وهو كان أول من أعلن من على بوابة قصر بعبدا بعد لقائه الرئيس السابق ميشال عون أن البلد مقبل على الإفلاس في الوقت الذي كان يُقال فيه للشعب إن الليرة بألف خير. وهم بذلك كانوا يحاولون أن يخبئوا نور الشمس بغربال.
فالكلام الذي قاله البطريرك الماروني يومها لم يكن من "عندياته"، وهم لم يكن ليعلنه لو لم يسمعه مباشرة من فم رئيس الجمهورية. ومنذ تلك اللحظة بدأ الانهيار ولم يتوقّف.
ولكي لا يكون حكمنا على ما قيل فيه بعض التجنّي والتحامل نستطرد في تحليل معنى كلام عظة "أحد النازفة" لنقول إن المقصود بهذا الكلام أنه لا يزال في هذه الدولة المنهارة والمفكّكة من يعمل لكي لا نصل إلى الانهيار الشامل والكامل، ويبقى الوضع "آخذًا" في الانهيار، ولكن في المقابل هناك كثيرون لا يريدون لمن يعمل أن يعمل أقّله من أجل التقليل من الأضرار. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
اتفاق واشنطن وبكين يُنقذ محصول الفستق الأميركي من الانهيار
تنفّس مزارعو الفستق في ولاية كاليفورنيا الصعداء هذا الأسبوع بعد إعلان اتفاق مبدئي بين الولايات المتحدة والصين لتخفيف الرسوم الجمركية المتبادلة، مما يُنهي مرحلة من التوترات التي كادت تعصف بأحد أهم المحاصيل الزراعية الأميركية الموجهة للتصدير.
فبحسب ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" يوم الاثنين، وافقت بكين على خفض الرسوم الانتقامية المفروضة على واردات الفستق الأميركي من 125% إلى 10%، الأمر الذي وصفه المزارعون بأنه "خبر ممتاز في زمن تسيطر عليه الضبابية."
الصين.. زبون لا يمكن الاستغناء عنهوتشير البيانات الفدرالية إلى أن قيمة صادرات الفستق الأميركي إلى الصين ارتفعت بشكل مذهل من 42 مليون دولار في عام 2017 إلى 842 مليون دولار في عام 2024، ما يعادل تقريبًا ثلث المحصول الأميركي الإجمالي البالغ 3 مليارات دولار.
ويشتهر الفستق الأميركي في الصين باسم "المكسرات السعيدة" لما يحمله من دلالة على الصحة والطاقة الإيجابية، مما يجعله سلعة مطلوبة بشدة لدى المستهلك الصيني.
وقال ستيوارت وولف، رئيس مجلس إدارة شركة وولف فارمينغ في مقاطعة فريسنو بولاية كاليفورنيا: "الحياة كانت ستكون أفضل مع قدر أقل من عدم اليقين، لكن لا شك أن المزارعين يشعرون بتحسن بعد الاتفاق الأخير".
إعلانومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف من أن الرسوم المخفّضة، وإن كانت أقل حدة، قد تستمر في الضغط على الأسعار قبل موسم الحصاد المقبل.
إنتاج متزايد وأسواق متقلبةوتعد الولايات المتحدة -وتحديدًا منطقة سنترال فالي بولاية كاليفورنيا- المنتج الأول للفستق في العالم، وقد بلغ حجم الإنتاج ذروته في 2023 عند 680 مليون كيلوغرام، مع توقّعات بتحقيق مستويات مماثلة هذا العام.
لكن فائض الإنتاج وضع ضغوطًا كبيرة على الأسعار، في وقت يبحث فيه المزارعون عن أسواق بديلة وسط تصاعد التوتر مع الصين.
وقال ديف بوليا، الرئيس التنفيذي لجمعية ويسترن غروورز، "عندما يتم إغلاق باب السوق الصينية، تبدأ الأسئلة الحقيقية: إلى أين نذهب بكل هذا الإنتاج؟".
وفي هذا السياق، أضاف بوليا أن الاتفاق الأخير "قد يشكل بداية لتحول علاقة السوق الصينية من كونها ظرفًا مؤقتًا إلى ركيزة دائمة في العلاقات التجارية الزراعية".
ورغم أن ولاية كاليفورنيا تُعد معقلًا سياسيًا ليبراليًا، فإن الرئيس دونالد ترامب يحظى بدعم قوي في أوساط المزارعين في الوسط الزراعي للولاية، لا سيما بعد دعمه لهم في نزاعهم حول توزيع المياه بين السلطات الفدرالية وحكومة الولاية.
ومع تصاعد المخاطر، بدأت بعض الجهات في قطاع الفستق الأميركي بالبحث عن أسواق بديلة.
وقال زاكري فريزر، رئيس جمعية أميركان بيستاشيو غروورز، إنه يتنقل هذا الأسبوع في أوروبا لعرض المحصول الأميركي على مشترين جدد، وكتب في رسالة نصية من فرانكفورت: "نركض في كل اتجاه للعثور على أسواق جديدة".
وخلال الولاية الأولى لترامب، تراجعت حصة الولايات المتحدة من صادرات اللوز والمكسرات إلى الصين من 94% إلى 53%، بعدما لجأت بكين إلى أستراليا كمورد بديل، وهو ما أدى إلى انخفاض كبير في الأسعار، لم يتعافَ منه السوق إلا مؤخرًا، وفقًا لما ذكره كولين كارتر، أستاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة كاليفورنيا–ديفيس.
إعلانمع ذلك، يبقى الفستق من قصص النجاح النادرة في الزراعة الأميركية، إذ أصبح ثالث أكبر سلعة تصديرية زراعية بعد اللوز ومنتجات الألبان في كاليفورنيا، ويعوّل عليه القطاع لتعويض أي خسائر في المحاصيل الأخرى.