أمومة على طريقة البشر.. الشمبانزي يكشف جذور التعلق العاطفي
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
في قلب غابات كوت ديفوار، وتحديدا في حديقة "تاي الوطنية"، راقب باحثون سلوك صغار الشمبانزي على مدى 4 سنوات. كان هدف هذه المراقبة هو فهم طبيعة العلاقة بين الأم وصغيرها، وإذا ما كانت تشبه الروابط التي تنشأ بين الإنسان وأمه في الطفولة.
وتوصلت الدراسة -التي نشرت يوم 12 مايو/أيار في مجلة نيتشر هيومان بيهيفيور- إلى نتائج مفاجئة، إذ أظهرت أن الشمبانزي، مثل البشر، يطور أنماطا من الارتباط بالأم، لكن بشكل مختلف حين يتعلق الأمر بعنصر اضطراب العلاقة.
اعتمد الباحثون على نحو 3800 ساعة من المراقبة في حديقة تاي الوطنية بكوت ديفوار، ووجدوا أن الصغار يلجؤون لأمهاتهم عند الشعور بالتهديد، ويكفون عن البكاء عند اقتراب الأم، مما يعكس سلوكيات تعلق منظمة.
توضح المؤلفة الرئيسية للدراسة إلينور رولان -وهي باحثة ما بعد الدكتوراه في معهد العلوم المعرفية التابع للمركز الوطني للبحث العلمي، في برون بفرنسا- في تصريحات للجزيرة نت أن الدراسة أظهرت أن بعض صغار الشمبانزي تطور ارتباطا آمنا بأمهاتها، فتشعر بالثقة لاستكشاف العالم من حولها، وتعلم أن الأم ستكون إلى جانبها عند الحاجة.
وأضافت الباحثة أن "صغارا آخرين تبدي سلوكا يعرف بالارتباط التجنبي غير الآمن، حيث يميل الصغير إلى الاستقلالية وعدم اللجوء للأم كثيرا عند التوتر".
لكن المثير للدهشة هو غياب نمط ثالث يعرف عند البشر بـ"الارتباط غير المنظم"، الذي يظهر عادة عند الأطفال الذين تعرضوا لسوء معاملة أو صدمات نفسية. هذا النمط تحديدا ارتبط في دراسات كثيرة باضطرابات عاطفية ومشكلات نفسية لدى الأطفال لاحقا.
إعلانوتوضح رولان: "في الحياة البرية، لم نعثر على أي دليل على وجود أنماط ارتباط غير منظم. هذا يعزز فرضية أن هذا النوع من الارتباط لا يخدم إستراتيجية البقاء في بيئة طبيعية قاسية"
وتوضح بعبارة أخرى أن صغار الشمبانزي التي تطور أنماط ارتباط مضطربة في البرية ربما لا تتمكن من النجاة، إذ إن البقاء في بيئة مليئة بالمخاطر يتطلب استقرارا عاطفيا، ومعرفة واضحة بمن يلجأ إليه الفرد وقت الحاجة.
ولهذا، بحسب الدراسة، فإن صغار الشمبانزي التي تنشأ في أحضان أمهاتها تطور أنماطا متزنة تساعدها على النجاة والتفاعل الاجتماعي.
تعتقد المؤلفة الرئيسية للدراسة أن هذه النتائج يمكن أن تفتح بابا واسعا للأسئلة حول أساليب التربية البشرية الحديثة. فبينما يتأثر كثير من الأطفال اليوم بظروف اجتماعية متغيرة، أو غياب الأمان العاطفي، تظهر لنا الحياة البرية أن الاستقرار والرعاية المستمرة هما أساس تكوين علاقة صحية بين الطفل وأمه.
وتقول رولان إن "نتائجنا تعمق فهمنا لتطور الشمبانزي الاجتماعي، لكنها تجعلنا نتساءل أيضا: هل ابتعدت بعض ممارسات الرعاية البشرية الحديثة عن الأسس المثلى لنمو الطفل؟".
كما أوضحت الباحثة أن التعرف على أنماط الارتباط عند الشمبانزي يسهم في فهم جذور السلوك الاجتماعي البشري، وتشير أيضا إلى أن الاختلاف بين الشمبانزي البري والموجود في الأسر يعكس أهمية بيئة التنشئة في تشكيل شخصية الطفل، سواء كان من البشر أو الشمبانزي.
وبعيدا عن المختبرات، ترى رولان أن هذه الدراسة تقدم درسا تربويا من الطبيعة نفسها، إذ يحتاج الطفل إلى علاقة مستقرة وداعمة مع مقدم الرعاية الأول، ليطور شعورا بالأمان والثقة. في المقابل، فإن البيئة غير المستقرة، سواء كانت في الأسر أو في المجتمعات البشرية المعاصرة، قد تدفع الطفل إلى أنماط اضطراب نفسي لاحق.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
منطقتان فقط في العالم قادرتان على النجاة من كارثة نووية
قالت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية إن العالم قد يواجه كارثة نووية شاملة تؤدي إلى دمار واسع النطاق وتلوث إشعاعي طويل الأمد، مشيرة إلى أن منطقتين فقط على سطح الأرض قد تكونان قادرتين على النجاة.
وأوضحت الصحيفة أن أستراليا ونيوزيلندا هما المكانان الوحيدان في العالم اللذان يمكنهما دعم الزراعة والبقاء صالحتين للعيش في حال اندلاع حرب نووية في نصف الكرة الشمالي، حيث ستنهار الحياة في معظم بقاع الأرض بسبب التبريد العالمي الحاد والتلوث الإشعاعي.
وذكرت أن الحرب النووية ستؤدي إلى انفجارات هائلة تتسبب في حرائق واسعة النطاق، ترفع الدخان والغبار إلى طبقات الجو العليا، حيث تتجمع هذه الجزيئات في طبقة الستراتوسفير التي لا يصل إليها المطر، مما يجعلها تبقى عالقة لسنوات، وتحجب أشعة الشمس عن سطح الأرض.
وأشارت إلى أن هذا الظل الكثيف سيؤدي إلى انخفاض كبير في درجات الحرارة، حيث يتوقع الخبراء أن تهبط الحرارة في بعض المناطق مثل الولايات المتحدة بنحو أربعين درجة فهرنهايت، الأمر الذي سيجعل الزراعة مستحيلة، ويؤدي إلى شتاء نووي طويل الأمد.
وأضافت الصحيفة أن هذه الظروف ستتسبب في مجاعة عالمية واسعة، إذ ستفشل المحاصيل الزراعية وتموت الحيوانات والأسماك، مما يهدد الأمن الغذائي لسكان العالم، في حين أن أستراليا ونيوزيلندا قد تبقيان قادرَتين على إنتاج الغذاء بسبب موقعهما الجغرافي البعيد عن مراكز الحرب، والتيارات الهوائية والمحيطية التي تبعد التلوث عنهما.
وبيّنت أن طبقة الأوزون ستتضرر بشدة، ما يجعل التعرض لأشعة الشمس المباشرة خطرا كبيرا بسبب التسمم الإشعاعي، وهو ما سيدفع السكان إلى العيش تحت الأرض لفترات طويلة، في محاولة للبقاء على قيد الحياة في بيئة ملوثة وعدائية.
وأكدت الصحيفة أن المجاعة الناتجة عن فشل الزراعة ستقضي على مليارات البشر، مستندة إلى دراسة علمية توقعت وفاة نحو خمسة مليارات شخص بسبب الانخفاض الحاد في الغذاء، ما يهدد بقاء الحضارة الإنسانية على الكوكب.
وفي السياق ذاته، أشارت إلى أن الصراع المتصاعد في الشرق الأوسط يزيد من احتمالات الانزلاق نحو مواجهة نووية، خصوصا مع وجود مخاوف من تفجير سلاح دمار شامل داخل الولايات المتحدة، حيث يتحدث مراقبون عن احتمال وجود خلايا نائمة يمكن أن تشعل فتيل الكارثة.
وأضافت الصحيفة أن وقف إطلاق النار بين إيران والاحتلال يبدو هشا، وأن كل طرف يتهم الآخر بانتهاكه، بينما تصدر روسيا والصين، وهما من القوى النووية الكبرى، تحذيرات من أن أي تدخل عسكري أمريكي قد يجر العالم بأسره نحو الحرب.
وأوضحت أن هذه التهديدات النووية المتصاعدة دفعت كثيرين داخل الولايات المتحدة إلى البحث عن ملاجئ الحماية من الإشعاع التي بُنيت خلال الحرب الباردة، رغم أنها ليست مصممة لتحمل الانفجار النووي المباشر، إلا أنها قد تشكل ملاذا مؤقتا للناجين.
ولفتت إلى أن الملاجئ الفعالة تحتاج إلى تدريع قوي من الخرسانة أو الفولاذ لصد الإشعاع، إضافة إلى نظام تهوية مع فلاتر لحجز الجسيمات المشعة، وكميات كافية من الطعام والماء النظيف تكفي لأسابيع أو أشهر، فضلا عن أماكن مخصصة للتخلص من النفايات، ومساحات للنوم والجلوس تسمح بالبقاء الآمن حتى زوال الخطر الإشعاعي.