شردتهم الحرب.. طلبة السودان يدرسون مقررات بديلة بمبادرات خيرية
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
في ساعات الصباح الباكر يشق أطفال بلدة “وادي الخليل” طريقهم إلى المدرسة الخيرية، وهم يغالبون بقايا النعاس ولسعات البرد على أجسادهم النحيلة.
ويرسم الأطفال في الشارع بأزيائهم الملونة وحقائبهم الصغيرة صورة من صور الاستجابة المجتمعية المتحدية لواقع غياب التعليم الرسمي النظامي الذي فرضته تداعيات الحرب بين قوات الجيش السوداني ومسلحي الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومدنها منذ 15 أبريل/نيسان الماضي، والتي أصابت العملية التعليمية بالشلل.
والمدرسة الخيرية هي واحدة فقط من المبادرات المجتمعية التي يقف وراءها مجموعة من المتطوعين والمتطوعات من أبناء المنطقة أو النازحين إليها من الخرطوم، بسبب ظروف الحرب، بالإضافة إلى أعداد من المعلمين المتقاعدين.
وفي منطقة “وادي الخليل” الصغيرة التابعة لمحلية البرقيق بالولاية الشمالية، يتلقى الطلاب دروسهم في مقر يقع وسط المنطقة السكنية اصطلح على تسميتها “بالمركز” كونه يضم إلى جانب التعليم، خدمات علاجية ودورات مهنية ودينية.
وهو مبنى مجهّز لاستضافة أنشطة الدعم المجتمعي كافة. ووهبه مالكه وقفا خيريا مجانيا لأهله في الوادي والمناطق القريبة.
عبرت المتطوعة روان، عوض للجزيرة نت، عن حماستها الشديدة للمشاركة مع فريق المركز في مهمة تعدّها مقدّسة، وتتعلق بتعويض الطلاب عن خسارة عام دراسي بأكمله وتقليل الأضرار الناتجة عن إغلاق المدارس.
ودرست روان الهندسة المعمارية بجامعة العلوم الطبية في الخرطوم، وكانت بدأت لتوها مسيرة البحث عن وظيفة مناسبة قبل أن تقطع الحرب عليها الطريق، وتجبرها على النزوح إلى أرض الأجداد.
ويقيم “المركز” دورات منتظمة للطلاب في مرحلة التعليم ما قبل المدرسي ولليافعين والشبان في المرحلتين المتوسطة والثانوية.
وتقول روان إن الدورة الحالية تضم 120 طالبا في المراحل الثلاث. وهي مرحلة متقدمة عن المرحلة الأولى التي ضمت 64 طالبا فقط، ويتلقى طلاب هذه الدورة دروسا في 4 مواد رئيسة هي اللغة العربية واللغة الإنجليزية والرياضيات والتربية الإسلامية.
وتضيف روان، التي تتولى مع زميلة أخرى تدريس اللغة الإنجليزية، أن عدد طاقم التدريس ارتفع ليبلغ 9 معلمات متطوعات في هذه الدورة.
وعلى عكس هذه الشابة قليلة التجربة في مجال التدريس، فإن طالبة الآداب بجامعة الخرطوم ريم القناوي عملت لفترات في حقول التعليم النظامي في مستوى رياض الأطفال ومدارس الأساس ومحو أمية الكبار، وذلك منذ دراستها في المرحلة الثانوية وصولا إلى دراستها الجامعية.
وتركت هي الأخرى مقاعد الدراسة في الجامعة وطباشير المعلّم في المدارس بعد اندلاع الحرب، واضطرت إلى النزوح إلى بلدة وادي خليل الصيفية.
وتقول القناوي إنها “تملك شغفا شديدا لممارسة التدريس ونقل العلوم والمعارف إلى الطلاب منذ حداثة سنها”.
وتضيف، للجزيرة نت، أنها لم تتردد كثيرا في الانضمام إلى فريق المتطوعين بالمركز. وأوضحت أن التجربة أضافت لها كثيرا من الخبرة والمعرفة، وعززت لديها مشاعر الاستقرار الروحي والرضا عن الذات وسط ظروف النزوح الصعبة.
وقد مكنتها تجربة التدريب الحالية المتحررة من قيود المنهج الحكومي من وضع أفكارها الخاصة في المجال موضع التطبيق، واختبار نتائجها على أرض الواقع. وهو أمر لم يكن ممكنا في عملها السابق كمتعاونة ومقيدة بأساليب وطرائق تدريس جامدة، حسب تعبيرها.
أما مناسك عوض قناوي، وهي أم لطفلة في الثامنة، فقد كان دافعها للمشاركة مع فريق المتطوعين مشاعر القلق التي انتابتها بعد اكتشاف أن ابنتها الصغيرة بدأت تنسى بشكل تدريجي مبادئ القراءة والكتابة والمهارات الأساسية للعملية التعليمية.
ولاحظت بحكم خبرتها كمعلمة سابقة في رياض الأطفال أن مساحات اللعب خلال هذه الإجازة الطويلة المفتوحة قد تضخمت كثيرا، وأصبح الأطفال يفتقرون للمساحات الزمانية والساحات المكانية لتلقي التعليم.
وتقول مناسك إن الدورات التي يقدمها المركز تُسهم في إنعاش ذاكرة الطلاب، وفي تأهيلهم للانخراط مجددا في مسارات التعليم الرسمي عند استئناف الدراسة النظامية.
تسببت الحرب، التي نشبت في مركز السلطة بالعاصمة الخرطوم، في توقّف العملية التعليمية بشكل كامل في أنحاء البلاد. وهو ثاني إغلاق من نوعه في تاريخ العملية التعليمية السودانية، إذ علقت حكومة السودان الدراسة لمدة 6 أشهر إبان حرب يونيو/حزيران 1967 بين الجيوش العربية وإسرائيل، بسبب مخاوف من تمدد العدوان الإسرائيلي إلى أراضي السودان.
لكن التعطيل هذه المرة كان قهريا وطويل الأمد ومفتوحا بلا نهاية معلنة، وتسبب في فقدان الطلاب بمختلف مراحلهم الدراسية عاما دراسيا كاملا.
ويقول المعلم بمدارس وحدة “كرمة” التعليمية الوليد محمد علي إنه من الناحية النظرية كان ممكنا احتواء الوضع وتقليل خسائره عبر اللجوء إلى وسائل بديلة مثل التعليم عن بُعد أو استمرار الدراسة في الولايات الأخرى مع إدماج الطلاب القادمين من الخرطوم.
ويضيف أن ضعف البنى التحتية في مجال تكنولوجيا الاتصالات بالولايات والمناطق الريفية حال دون اعتماد هذا النظام المتطور.
كما أن عوامل أخرى أسهمت في تأخير صدور قرارات حكومية باستئناف الدراسة بعدد من الولايات. وفي مقدمتها العدد الكبير للطلاب القادمين من الخرطوم (250 ألف طالب) في الولاية الشمالية وحدها. وهو عدد هائل يصعب استيعابه ودمجه دون تحضيرات واستعدادات تتصل بتوفير مواد الدراسة من كتب ومقاعد وفصول دراسية إضافية، وتوسيع في أعداد المدارس وطواقم التدريس.
ومن بين العوامل الأخرى أن مدارس عديدة في الولايات أصبحت بالفعل مراكز إيواء للنازحين الذين شرّدتهم الحرب.
ويضاف إلى كل ذلك تأرجح البيانات والتكهنات بشأن مواعيد انتهاء العمليات العسكرية، مما أربك اتخاذ القرار بشأن استئناف الدراسة بالولايات في الوقت المناسب وبالتالي فشل نوايا إنقاذ العام الدراسي للطلاب.
يوضح المعلّم الوليد، للجزيرة نت، أن العملية التعليمية لم تكن على ما يرام حتى قبل نشوب الحرب الأخيرة حيث ألقت الخلافات والانقسامات العميقة وحالة الفوضى التي صاحبت فترة الهيجان الشعبي والحكومات الانتقالية الثلاث بظلالها على الاستقرار الأكاديمي بين عامي 2019 و2022.
ويشير الوليد إلى أن خبراء التعليم يعتبرون 210 أيام من العمل المتواصل معيارا لنجاح العام الدراسي على أعلى مستوى، و170 يوما على المستوى المتوسط. ومع ذلك، فإن متوسط الأيام التي عملت بها المدارس خلال تلك الفترة لا يتجاوز 120 يوما في العديد من الحالات.
وكانت العملية التعليمية واحدة من ضحايا فوضى الحكم الانتقالي كما هي اليوم ضحية لحرب الخرطوم، على حد قوله.
ومع بروز إشارات من مسؤولين في حكومة الولاية الشمالية حول صدور قرار وشيك باستئناف الدراسة في المراحل الثلاث، نشطت حركة اللجان والمنظمات الأهلية والحكومية لتقديم الدعم والمساندة لاستئناف عام دراسي جديد وتوفير عناصر النجاح والاستمرار وتحقيق الاستقرار الأكاديمي.
ويقول جمال عباس من لجنة تطوير التعليم بوحدة كرمة الإدارية، أن اللجنة نظمت بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم المحلية دورة تدريبية بمشاركة 128 متدربا من المدراء والموجهين الإداريين ووكلاء المدارس الابتدائية والمتوسطة بهدف تأهيلهم في المجالات الإدارية والفنية ومجال الامتحانات المرحلية.
الجزيرة نت
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: العملیة التعلیمیة
إقرأ أيضاً:
حالات إعفاء الطلاب من المصروفات الدراسية 2025.. والفئات المستحقة
حالات إعفاء الطلاب من المصروفات الدراسية 2025.. مع إعلان رسوم المصروفات، يبحث العديد من أولياء الأمور عن حالات إعفاء الطلاب من المصروفات الدراسية 2025 لكافة المراحل التعليمية.
إعفاء الطلاب من المصروفات الدراسية 2025حددت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، حالات إعفاء الطلاب من المصروفات الدراسية 2025، موضحة أنه يجب مراعاة سريان الإعفاء لمدة عام دراسي واحد ويجدد بحث الحالة بشكل سنوي، ولا يسري هذا الإعفاء على الرسوم المقررة بقوانين.
- أبناء شهداء ثورة 25 يناير.
- أبناء الأسر المستفيدة من معاش الضمان الاجتماعي.
- أبناء الأسر المستفيدة من المعاشات المقدمة من وزارة التضامن الاجتماعي.
- الطلاب يتامى الأب.
- الطلاب الملتحقون بدور الرعاية الاجتماعية.
- أبناء المرأة المعيلة.
- أبناء المرأة مهجـورة العائل والمطلقة.
- أبناء المكفوفين.
- ذوي الاحتياجات الخاصة.
- أبناء ذوي الاحتياجات الخاصة.
- أبناء الذكور المفرج عنهم من السجون حديثًا غير القادرين، بعد إجراء بحث اجتماعي.
- أبناء مصابي الثورة.
- طلاب مدارس حلايب وشلاتين وأبورمادة «محافظة البحر الأحمر».
- طلاب مدارس شمال سيناء.
- الطلاب المقيدين بمدارس شمال سيناء، والملحقين بمدارس المحافظات الأخرى.
- طلاب مدارس التربية الخاصة.
- طلاب مدارس الفصل الواحد.
- طلاب مدارس التعليم المجتمعي.
- طلاب المدارس الصديقة للفتيات.
- طلاب المدارس الصديقة للأطفال في ظروف صعبة.
- الطلاب المتحررين من الأمية الملتحقين بالمدارس.
- الطلاب الملتحقون بدور الرعاية الاجتماعية.
- لا يسري هذا الإعفاء على الرسوم المقررة بقوانين.
وقد أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، رسوم المصروفات المدرسية للعام الدراسي المقبل 2025-2026، والتي جاءت كالتالي:
- إجمالي المصروفات الدراسية لطلاب مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف الثاني الإعدادي 320 جنيهًا.
- قيمة المصروفات الدراسية للصف الثالث الإعدادي 220 جنيهًا.
- قيمة المصروفات الدراسية للصف الأول الثانوي العام 545 جنيهًا.
- قيمة المصروفات الدراسية للصفين الثاني والثالث الثانوي العام 530 جنيهًا.
- قيمة المصروفات الدراسية للصف الأول الثانوي الفني 245 جنيهًا.
- قيمة المصروفات الدراسية للصفين الثاني والثالث الثانوي الفني 230 جنيهًا.
اقرأ أيضاًمن رياض الأطفال للثانوية.. جدول مصروفات المدارس الحكومية 2025-2026
قيمة مصروفات المدارس الحكومية والتجريبية للعام الدراسي 2025-2026
مصروفات المدارس الحكومية والتجريبية لغات 2025-2026