لا شك أن القطاع التعليمي الذي يعد حجر الزاوية في بناء أي أمة، يواجه تحديات تربوية واجتماعية وأخلاقية وإدارية وأمنية متزايدة في مصر، مما يجعل هذا القطاع في حاجة إلى تدارك أي فراغات تربوية أو أمنية أو رقابية في قطاع التعليم الأساسي والجامعي حفاظا على مستقبل مصر من المخرجات الناتجة عن الواقع التعليمي المأزوم، وهو ما يقتضي حزمة من الاستراتيجيات والمسارات التقليدية فضلا عن بُعد آخر لم يتطرق لها الكثيرون من قبل وهو فكرة "الأمن التعليمي" بمفهومه العميق والواسع كإحدى أدوات تطوير التعليم والحفاظ عليه.

وفي هذا الإطار، فقد طرحت من قبل مقترح استحداث ما يمكن أن نسميه "الشرطة التعليمية" ضمن هيكل "الأمن الاجتماعي والثقافي" في وزارة الداخلية لتتعاون مع كافة الجهات التربوية والتعليمية والرقابية والأمنية في المساهمة في توفير بيئة تعليمية آمنة ونزيهة ومنضبطة، حيث تتجاوز مهمته الحماية التقليدية للأفراد والمنشآت لتشمل مكافحة الجريمة التعليمية والعنف والتنمر وتسريب الامتحانات والغش الجماعي والفردي واستغلال أولياء الأمور ماليا ومواجهة التعليم الموازي (دروس خصوصية، مراكز تعليمية، كتب خارجية .... إلخ) ومكافحة الفساد المنظم والمخدرات وغسيل الأموال في قطاع التعليم وغيرها من من المخالفات والجرائم في الوسط التعليمي، مما يضفي على عملها طابعًا وقائيًا وإصلاحيًا إلي جانب شق ضبط الجرائم والمخالفات بعد حدوثها. وتنقسم مهام الشرطة التعليمية إلى عدة محاور استراتيجية رئيسية، أهمها (علي سبيل التصور المبدئي ... وليس الخاص) ما يلي :

1. محور حماية الأفراد والممتلكات

الهدف الأساسي هو توفير بيئة تعليمية آمنة من خلال حماية أمن الأفراد (طلاب، طاقم تعليمي وإداري) وتأمين المنشآت، ومكافحة ظاهرة العنف المدرسي والجامعي المتزايد مثل التنمر والاعتداء علي المدرسين والطلاب الذي وصل إلي حد قتل طلاب لزملائهم داخل وخارج حرم المؤسسات التعليمية.


2. محور مكافحة الفساد والمخالفات التعليمية

تمتد مسؤولية الشرطة التعليمية الي دعم جهود الحفاظ على نزاهة وسلامة ومهنية وكفاءة العملية التعليمية بالتعاون مع الوزارات المعنية ومع الرقابة الإدارية والأجهزة الأخري  في مهام مثل مكافحة المخالفات والفساد الإداري والمالي واي تجاوزات أخري منها علي سبيل المثال لا الحصر : ملفات الغش وتسريب الامتحانات، وملف "التعليم الموازي" المتمثل في الدروس الخصوصية (خاصة الإجبارية منها) والمراكز التعليمية غير المرخصة وملف الكتب الخارجية، وملف الرسوم التعليمية وسوء استغلال المؤسسات التعليمية لأولياء أمور الطلاب ماليا بالتبرعات وغيرها، والاجبار علي الحصول علي دروس خصوصية وغيرها من مظاهر المخالفات التعليمية الفردية والمنظمة.  


3. محور مكافحة الجريمة المنظمة في المؤسسات التعليمية

يُسند لهذا الكيان دور وقائي هام في حماية الوسط الطلابي من بيع وترويج المخدرات،  كما يتولى متابعة ملفات غسيل الأموال في القطاع التعليمي بمستوياته، ومكافحة الجرائم الإلكترونية المتعلقة بالطلاب، لمنع استغلال المؤسسات التعليمية كغطاء للجريمة المنظمة بأنواعها.

 

4. محور الأمن القومي وحماية جيل زد

يُمثل هذا البعد الاستراتيجي تحصينًا لـ "جيل زد" من المحاولات الخبيثة التي تستغل النشء لتنفيذ أجندات خارجية تستهدف نشر الفوضى والتدمير علي نحو ما حدث مؤخرا في المغرب، ضمن مخططات تستهدف الأمن القومي العربي وإعادة تقسيم المنطقة، مما يستلزم تحصين الوعي الوطني وحماية النشء من أي استقطاب فكري هدام.

وعند إنشاء الشرطة التعليمية ينبغي تدريب كوادرها تربويا وأمنيا وقانونيا بما يضمن التعامل الكفء والمناسب لطبيعة الوسط التعليمي الذي لا يعد وسطا اجراميا يقتضي الملاحقة، بل هو وسط يستحق الدعم والحماية من المخاطر والمفاسد ومحاولات التخريب والفساد والاستغلال. وهنا نقترح أن يقضي بعض "خريجي الكليات والتخصصات ذات الصلة بملف التعليم" فترة تجنيدهم في هذه الشرطة التعليمية، ومنهم خريجي تخصصات التربية، الخدمة الاجتماعية، علم النفس، الاجتماع وغيرها. وينبغي أن يخضع جميع العاملين في هذه الشرطة لبرامج تدريبية متكاملة مصممة بالتعاون مع الجامعات ومراكز البحوث المعنية بملف التعليم والأمن التعليمي بحيث تشمل دورات  تربوية وقانونية وأمنية ورقابية وغيرها من المسارات التدريبية المناسبة لرسالة هذه الشرطة التعليمية، بما يضمن التعامل بمهنية أمنية في إطار منظور إصلاحي اجتماعي اشمل.

إن إنشاء "الشرطة التعليمية" هو استثمار استراتيجي يهدف إلى: استعادة الانضباط والنزاهة، وتحصين الجيل القادم من المخاطر وخطوة منهجية لضمان أن تبقى المؤسسات التعليمية قلاعًا للعلم والتحديث، وليس بؤرًا لتخريج جيل يمكن استخدامه في هدم البلاد وتقسيمها بدلا من بنائها وتنميتها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: قطاع التعليم الأساسي المؤسسات التعلیمیة الشرطة التعلیمیة

إقرأ أيضاً:

مندوباً عن مدير الأمن العام ، مدير الدوريات الخارجية يكرّم طاقم دوريتين من الشرطة النسائية

صراحة نيوز- مندوباً عن مدير الأمن العام اللواء الدكتور عبيد الله المعايطة، كرّم مدير إدارة الدوريات الخارجية، اليوم الاحد ، طاقم دوريتين من مرتبات الشرطة النسائية العاملات على طرق المملكة، تقديراً لجهودهن الميدانية المتميزة في تقديم الخدمة الشرطية بكفاءة واقتدار.

ويأتي هذا التكريم في إطار نهج مديرية الأمن العام الرامي إلى دعم العاملين في الميدان وتحفيزهم، وتعزيز دور الشرطة النسائية التي أثبتت حضوراً فاعلاً في مختلف المهام الشرطية، لاسيما في واجبات الدوريات الخارجية التي تتطلب دقة ومهارة وسرعة استجابة في التعامل مع الأحداث على الطرق الخارجية.

وأشاد مدير الدوريات الخارجية بالمستوى المتقدم الذي تظهره مرتبات الشرطة النسائية في أداء واجباتهن، وما يقدمنه من صورة مشرّفة تعكس الاحترافية والانضباط، مؤكداً أن هذا التكريم يشكل حافزاً لمزيد من العطاء، ويجسّد الاهتمام المستمر بتطوير المنظومة المرورية وتعزيز السلامة على الطرق.

مقالات مشابهة

  • الحماية المدنية تتدخل لإنقاذ قطة عالقة داخل محل مغلق بالفيوم
  • جولة مفاجئة لوزير التعليم داخل مدرستين في إدارة التبين التعليمية بالقاهرة
  • وزير التعليم يزور مدارس البدرشين والصف ويتابع جودة العملية التعليمية
  • «دور الشرطة في خدمة المجتمع».. ندوة تثقيفية بجامعة مطروح
  • أحمد موسى: تحرك النيابة العسكرية في قضية سيدز يعزز حماية المجتمع ويستعيد الثقة في المؤسسات التعليمية
  • صحف عالمية: إسرائيل تدعم لصوص غزة وشرطتها أداة سياسية لدى بن غفير
  • مندوباً عن مدير الأمن العام ، مدير الدوريات الخارجية يكرّم طاقم دوريتين من الشرطة النسائية
  • مصر تدرّب قوة شرطية فلسطينية للمشاركة في حفظ الأمن في غزة
  • مفتي الجمهورية: بناء الوعي مسؤولية مشتركة ومسار لحماية المجتمع من التطرف