حدد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، موضوع خطبة الجمعة المقبل 20 شعبان 1445 هـ، الموافق 1 مارس 2024، بعنوان «مجالس العلم وتلاوة القرآن والاستعداد لرمضان».

وجاءت كلمات الخطبة كالتالي: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابِهِ الكريمِ: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا}، ويقولُ سبحانَهُ: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكم والَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا ونبيَّنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِكْ عليهِ، وعلى آلهِ وصحبِهِ، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ:

موضوع خطبة الجمعة القادمة

فإنَّ مجالسَ العلمِ مِن أطيبِ المجالسِ وأزكاهَا، وأشرفِهَا قدرًا عندَ ربِّ العالمين، ففِي رحابِهَا يُتدارَسُ العلمُ النافعُ، الذي يزكِّي العقولَ، ويبنِي الوعيَ، ويرشدُ إلى الطريقِ المستقيمِ، حيثُ يقولُ سبحانَهُ: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}، وقالَ العلماءُ: التعلمُ قبلَ التعبدِ، ليكونَ التعبدُ على هدَى، وقالَ الحسنُ البصريُّ (رحمَهُ اللهُ): “العاملُ على غيرِ علمٍ كالسّالِكِ على غيرِ طريقٍ، والعاملُ على غيرِ علمٍ يفسدُ أكثرَ مِمَّا يصلحُ، فاطلبُوا العلمَ طلبًا لا تضرُّوا بالعبادةِ، واطلبُوا العبادةَ طلبًا لا تضرُّوا بالعلمِ.

وقد رفعَ اللهُ (سبحانَهُ وتعالَى) شأنَ العلمِ والعلماءِ في كتابِه العزيزِ، حيثُ يقولُ سبحانَهُ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ}، ويقولُ سبحانَهُ: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبابِ}، ويقولُ سبحانَهُ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، ولم يطلبْ اللهُ تعالَى مِن رسولِهِ ﷺ أنْ يسألَهُ الاستزادةَ مِن شيءٍ إلّا مِن العلمِ، حيثُ يقولُ (جلَّ وعلَا): {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}.

موضوع خطبة الجمعة القادمة

ومجالسُ العلمِ مِن أرقَى صورِ مجالسِ الذكرِ، حيثُ يقولُ سیدُنَا عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ (رضي اللهِ عنه): “إذا مررتُم برياضِ الجنةِ فارتعُوا، قِيلَ: يا رسولَ اللهِ وما هي رياضُ الجنةِ؟ قال: حلَقُ الذكرِ”، ويقولُ عطاءُ الخراسانيُّ (رحمه اللهُ): “مجالسُ الذكرِ هي: مجالسُ الحلالِ والحرامِ”، وقد سمَّى اللهُ سبحانَهُ أهلَ العلمِ بأهلِ الذكرِ، حيثُ يقولُ سبحانَهُ: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}، ويقولُ نبيُّنَا ﷺ: (مَن خَرج في طَلبِ العِلم فهوَ في سَبِيلِ اللهِ حتى يَرجِعَ)، ويقولُ سهلُ التسترِيُّ (رحمه اللهُ): «مَن أرادَ أنْ ينظرَ إلى مجالسِ الأنبياءِ فلينظرُ إلى مجالسِ العلماءِ».

وهي طريقُ الجنةِ، ومِن أسبابِ تنزلِ المغفرةِ، وبها تتحققُ وراثةُ الأنبياءِ، حيثُ يقولُ نبیُّنَا ﷺ: «مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ، وإنَّ الملائِكَةَ لتَضعُ أجنحتَها لطالِبِ العلمِ رضًا بما يصنعُ وإنَّ العالم ليستغفِرُ لَهُ مَن في السَّمواتِ ومن في الأرضِ، حتَّى الحيتانِ في الماءِ، وفضلَ العالمِ على العابدِ كفَضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ، وإنَّ العُلَماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَهُ أخذَ بحظٍّ وافرٍ».

وعن أبي هريرةَ (رضي اللهُ عنه) أنَّهُ مرَّ بسوقِ المدينةِ، فوقفَ عليهَا، فقالَ: يا أهلَ السوقِ، ما أعجزَكُم! قالُوا: وما ذاكَ يا أبَا هريرةَ؟ قال: ذاكَ ميراثُ رسولِ اللهِ يقسَّمُ، وأنتُم ها هنَا لا تذهبونَ فتأخذونَ نصيبَكُم منهُ. قالُوا: وأينَ هو؟ قال: في المسجدِ. فخرجُوا سراعًا إلى المسجدِ، ووقفَ أبو هريرةَ لهُم حتى رجعُوا، فقالَ لهُم: ما لكُم؟ قالوا: يا أبا هريرةَ، فقد أتينَا المسجدَ فدخلنَا فلم نرَ فيهِ شيئًا يُقسَّمُ. فقالَ لهُم أبو هريرةَ: «أمَا رأيتُم في المسجدِ أحدًا؟» قالُوا: بلَى، رأينَا قومًا يصلونَ، وقومًا يقرءونَ القرآنَ، وقومًا يتذاكرونَ الحلالَ والحرامَ، فقالَ لهُم أبو هريرةَ: «ويحَكُم! فذاك ميراثُ مُحمدٍ صلى الله عليه وسلم».

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.

ومع اقترابِ شهرِ رمضانَ المباركِ ينبغَي أنْ نهيئَ قلوبَنَا لاستقبالِ نفحاتِهِ واغتنامِ أنوارِهِ وبركاتِه، بتلاوةِ القرآنِ الكريمِ ومجالسِ العلمِ، فهو شهرُ القرآنِ الكريمِ، حيثُ ربطَ اللهُ تعالى بينَ صومِ رمضانَ والقرآنِ الكريمِ، في قولِهِ سبحانَهُ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، بلْ إنَّ ليلةَ القدرِ العظيمةَ كان سببُ تفضيلِهَا هو نزولُ القرآنِ الكريمِ فيهَا، يقولُ سبحانَهُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.

موضوع خطبة الجمعة القادمة

ولا شكَّ أنَّ فضلَ مجالسِ تلاوةِ القرآنِ ومدارستِهِ ومجالسِ العلمِ ومذاكرتهِ عظيمٌ وخيرهمَا عميمٌ، يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (ما اجتمَعَ قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللَّهِ يتلونَ كتابَ اللَّهِ، ويتدارسونَهُ فيما بينَهم إلَّا نزلَت عليهِم السَّكينةُ، وغشِيَتهُمُ الرَّحمةُ، وحفَّتهُمُ الملائكَةُ، وذكرَهُمُ اللَّهُ فيمَن عندَهُ)، ويقولُ (صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهِ): (إنَّ للَّهِ أَهْلينَ منَ النَّاسِ قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، من هُم؟ قالَ: هم أَهْلُ القرآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وخاصَّتُهُ)، ويقولُ (عليهِ الصلاةُ والسلامُ): «خيرُكُم مَن تعلَّمَ القرآنَ وعلَّمَهُ»، ويقولُ ﷺ: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ».

فمَا أجملَ أنْ نتعرضَ لنفحاتِ شهرِ رمضانَ المباركِ بالاستعدادِ لهُ بمجالسِ العلمِ وتلاوةِ القرآنِ، فيهَا تُطهرُ القلوب، وتزكَّى النُفوس، ويُؤسّسُ الوعيُ الرشيدُ.

اللهُمَّ بلغنَا رمضانَ واحفظْ أوطانَنَا وارفعْ رايتَهَا في العالمين.

اقرأ أيضاًالأوقاف: الخميس المقبل بدء توزيع 20 طن لحوم إطعام على الأسر الأولى بالرعاية

مسابقة الأوقاف 2024.. موعد بدء تقديم الأوراق

انطلاق قافلة المساعدات الغذائية من وزارة الأوقاف لأهالينا في غزة (فيديو)

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة اليوم الجمعة موضوع خطبة الجمعة القادمة خطبة خطبة الجمعة غدا خطبة الجمعة اليوم مباشر الخطبة الجمعة الخطبة الجمعة اليوم خطبة الجمعة وزارة الاوقاف موضوع خطبة الجمعة سبحان ه

إقرأ أيضاً:

عصفور يرافق سيدة في أداء مناسك الحج.. لحظة استثنائية

في مشهد إيماني ملهم، حظت إحدى الحجاج بلحظة استثنائية خلال أداء مناسك الحج في الحرم المكي الشريف، حيث حطّ عصفور صغير على رأسها واستقرّ هناك دون خوف أو وجلّ، مرافقًا إيّاها في طوافه حول الكعبة المشرفة، وبدت سعيدة بذلك، وحاولت ألا تتحرك، حتى لا يفزع.

عصفور يستقر على رأس حاجة أثناء الطواف بالكعبة

ووثق هذا المشهد مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ظهر فيه العصفور وهو يقف بثبات على رأس السيدة، وكأنّهُ يشاركها قدسية المكان وخشوعها في أداء العبادة أثناء طوافها حول الكعبة.

وأصيبت الحاجة التي تنتمي إلى جنسية أجنبية وبالكاد تتحدث العربية بحالة من الذهول، لتدخل في نوبة من البكاء وهي تدعو وتصلي على الرسول وأجهشت بالبكاء.

أثار هذا المشهد الفريد موجة من التفاعل بين رواد مواقع التواصل، الذين عبّروا عن إعجابهم وتأثرهم بهذا المشهد العفوي، الذي تجسّد فيه معنى السكينة والطمأنينة التي يشعر بها المؤمن في رحلة إيمانية كهذه، وذلك على الرغم من أن مقطع الفيديو لم تتجاوز مدته 48 ثانية.

سبحان الله العظيم عصفور أختار سيده ف الحرم ووقف على رأسها وهيا ف حاله من الذهول .. ما شاء الله ع نقاء الروح والقلوب pic.twitter.com/SSmsZaZ2us

— Sherine (@sherine412) June 15, 2024 إشادة من رواد الـ«سوشيال ميديا»

وعقب نشر الفيديو، انهالت التعليقات التي أشادت بالمشهد، إذ علقت أحد المتابعين على موقع التدوينات القصيرة X قائلةً: «سبحان الله العظيم عصفور اختار سيدة في الحرم ووقف على رأسها وهي في حالة من الذهول.. ما شاء الله على نقاء الروح والقلوب».

فيما كتب أحد المتابعين تعليقًا على مقطع الفيديو: «سبحان الله، من دخله كان آمنًا»، وعلقت أخرى: «سبحان الله أنا أعرف إنّ العصافير تأوي إلى أعشاشها عند المغرب، من أين أتى هذا العصفور؟».

مقالات مشابهة

  • البحث العلمي ودوره في تقدم الأمم.. نص خطبة الجمعة المقبلة
  • عصفور يرافق سيدة في أداء مناسك الحج.. لحظة استثنائية
  • وكيل أوقاف بالفيوم يتناول خطبة عيد الأضحى عن أهمية الامتثال لأوامر الله والتدبر في شعيرة الفداء وما فيها من قيم
  • يوم عرفة في غزة .. مجالس سرد القرآن .. حضور بهي يتحدى الحرب والدمار / شاهد
  • خطبة الجمعة المقبلة.. «تكامل الأدوار في الهجرة النبوية»
  • وكيل أوقاف الفيوم يفتتح مسجد الصعيدي الكبير بعد الإحلال والتجديد
  • وكيل أوقاف الفيوم يفتتح مسجد الصعيدي الكبير
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة
  • كسوة الكعبة.. خيوط من الحرير والذهب
  • وزارة الأوقاف تحدد موعد صلاة عيد الأضحى في الأردن