غزة- مدلين خلة - صفا يعاني قطاع غزة من نقص حاد في البروتين والمعادن، بسبب انهيار النظام الغذائي، ومنع الاحتلال الإسرائيلي إدخال المواد الغذائية الأساسية بكميات كافية، مما يهدد حياة الغزيين، ولا سيما الأطفال والمرضى والنساء الحوامل. ويتسبب هذا النقص في سوء تغذية واسع النطاق، خاصة بين الأطفال والنساء الحوامل والفئات الضعيفة، مع ارتفاع معدلات فقر الدم، وزيادة مخاطر الوفاة، بسبب المضاعفات المرتبطة بسوء التغذية.
وبات نقص البروتين يفتك بما تبقى من أجسادهم، التي نجت من نيران القذائف والصواريخ الإسرائيلية، حتى باتت المناعة تتهاوى، والأمراض تجد طريقها إلى أطفال ونساء وشيوخ يعانون من حرمان غذائي قاسٍ. وفي كثير من البيوت، باتت الوجبة اليومية خالية من أي مصدر بروتيني، لا لحوم، ولا بيض، ولا حليب، هذا الانقطاع لا يُضعف فقط الجسم، بل يفتح الأبواب أمام أمراض سوء التغذية، وفقر الدم، وتأخر النمو عند الأطفال.
سوء ت
غذية "أربع أيام وأنا بالمشفى بولد فيه، عانيت كتيرًا وراح لعقلي وزنه الكبير الذي يمنع خروجه إلى الدنيا، لأتفاجأ بعد رحلة طويلة مع الولادة بأن وزنه لا يتجاوز الكيلو والنصف". تقول المواطنة آلاء أبو النور وتضيف أبو النور لوكالة "صفا"، "أرجع الأطباء صعوبة عملية الولادة وضعف وزن الجنين إلى نقص البروتين والمعادن في جسمي كأم حامل". وتتابع "أثناء فترة الحمل وخلال المتابعة عند الطبيب المختص، أخبرني بضرورة تناول كميات كافية من البروتين النباتي والحيواني، أو تعويض ذلك بأقراص طبية، لكنني عجزت عن الحصول عليها من الصيدليات إلا بشق الأنفس". وتشير بيدها إلى طفلها الذي تجاوز عمره الأربعة أشهر، وما زال جسده بحجم "قبضة اليد"، قائلة: "في بداية أيامه الأولى قرر الأطباء وضعه في الحضانة وتم تخصيص حليب من نوع مختلف له، استطعنا توفيره مرتين، ثم لجأنا لنوع آخر متوفر بشكل أكبر في السوق المحلي وأقل ثمنًا". وتخشى أبو النور على طفلها من أن تتدهور صحته أكثر، كونه يعاني أيضًا من سوء التغذية، وجسده الصغير لا يتحمل هذا النقص.
آلام وأوجاع وتشكو سعدية عسلية الحامل في شهرها السابع، من آلام في عموم جسدها مع انتفاخات شبه يومية في الوجه، إضافة إلى تدهور في صحتها، بسبب نقص البروتينات والعناصر الغذائية، نتيجة المجاعة التي عاشتها في شمالي قطاع غزة. تقول عسلية لوكالة "صفا": "شعرتُ وكأن مطرقًا يدق بثقله على أطرافي العلوية وظهري وأعضاء جسدي كافة، وعندما تابعت عند الطبيب خفت من أن يكون توأمي قد أصابهم مكروه، لكنه أخبرني بأن هذه الانتفاخات والآلام تعود إلى نقص البروتين والمعادن في الجسم". وتضيف "أخبرني الطبيب بضرورة تناول البروتين الحيواني أو النباتي بكميات كافية، بالإضافة إلى أقراص طبية يجب أخذها بانتظام". وتتابع "لا أستطيع تناول اللحوم والبيض باستمرار، لأن غلاء ثمنها يحول دون شرائها، عدا عن عدم قدرتي على تناول كمية منها دون إطعام صغيري عبود وندى". وتشير إلى أنها لم تكن الحامل الوحيدة التي تعاني من هذه الأعراض، ففي قاعة الاستقبال عند الطبيب هناك العشرات من الحوامل اللاتي يعانين من سوء
التغذية ونقص البروتين.
تأثيرات خطيرة أخصائي التغذية أحمد الفرا يؤكد أن الوضع الغذائي في قطاع غزة، على شفا جرف يُنذر بتحول خطير وكارثة لم يسبق لها نظير. ويوضح الفرا في حديث خاص لوكالة "صفا"، أن السكان انتقلوا من مرحلة النقص الحاد في السعرات الحرارية، التي ظهرت في الأسابيع الأولى للمجاعة، وتسببت بهزال شديد وفقدان كبير للوزن، إلى مرحلة أشد قسوة تتمثل في نقص البروتين. ويضيف أن "هذه المرحلة هي الأشد انتشارًا بين الغزيين، وذلك بعد اعتمادهم على أطعمة فقيرة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات الجسم، بعد اختفاء اللحوم والبيض والألبان من المائدة". ويؤكد أن افتقار
الجسم للبروتين يُسبب تورّمًا في الوجه والبطن والأطراف، ويؤدي إلى ضعف كبير في الجهاز المناعي، ما يجعل الإنسان عاجزًا عن مقاومة الأمراض الشائعة، عدا عن تأثيره الشديد على الأطفال حيث يعمل على تراجع القدرات الإدراكية، وتأخر النمو، واضطرابات في الغدة الدرقية والهرمونات الجنسية، ما ينعكس لاحقًا على الطول والتحصيل الدراسي. وبات النظام الغذائي في القطاع مختلًا بشكل مقلق، كما يوضح الفرا، إذ يعتمد السكان بصورة شبه كاملة على النشويات، بينما تكاد تختفي الدهون الطبيعية الضرورية لتغذية الخلايا العصبية، ولذلك تظهر مشكلات ضعف الذاكرة، وتراجع النشاط الحيوي لدى مختلف الفئات. ويشير إلى أن نقص البروتين يعتبر أشد فتكًا على الفئات الهشة، كالجرحى، والحوامل، وحديثي الولادة. ويعتبر البروتين عنصرًا أساسيًا في ترميم الأنسجة وشفاء الجروح والكسور، وغيابه يفتح الباب أمام التهابات رئوية تتحول سريعًا إلى مضاعفات خطيرة، لم تكن معروفة من قبل، لكنها أصبحت نتيجة مباشرة لسوء التغذية وضعف المناعة. ويشدد الفرا على أن حالات الولادة الحديثة تكشف عمق المأساة، إذ لا يتجاوز وزن كثير من المواليد 1.5 إلى 2 كيلوغرام فقط، بعد أن كانت الأوزان الطبيعية قبل حرب الإبادة تتراوح بين 3 و3.5 كيلوغرام.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية:
غزة
سوء التغذية
البروتين
مجاعة
نقص البروتین
سوء التغذیة
إقرأ أيضاً:
من لقب استشاري إلى طلاق وانهيار علاقات عاطفية .. أزمة الطبيب محمد المغربي تضرب السوشيال ميديا
شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الأخيرة حالة من الجدل الواسع، بعد تداول فيديوهات وصور لطبيب مخ وأعصاب يُدعى محمد المغربي. فقد ظهر الطبيب في مقاطع مصوّرة يتحدث فيها عن حصوله على درجة الماجستير، بينما يستخدم لقب "استشاري" أمام عيادته الخاصة، وهو ما أثار موجة من الانتقادات والتساؤلات حول مؤهلاته العلمية. ولم يتوقف الجدل عند هذا الحد، بل تحول إلى ظاهرة اجتماعية بعد سيل التعليقات “الغزلية” من بعض الفتيات على إحدى صوره الدعائية، ما أدى إلى تفجّر مشاكل شخصية وصلت حد الطلاق وفسخ الخطوبة.
جدل حول استخدام لقب "استشاري"بدأت القصة عندما نشر مستخدمون على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو يظهر فيها الطبيب محمد المغربي وهو يتحدث عن حصوله على درجة الماجستير، بينما تشير لافتة عيادته الخاصة إلى أنه "استشاري مخ وأعصاب". هذا التعارض دفع كثيرين للتساؤل عن مدى صحة استخدامه لهذا اللقب، خاصة مع حساسية المناصب الطبية وأهمية الوضوح في المؤهلات المهنية.
إعلان دعائي يتحول إلى أزمةالأزمة أخذت منحى مختلفًا عندما نشر الطبيب صورة له ضمن إعلان لعيادته، لتنهال عليها تعليقات من فتيات بمحتوى اعتبره الكثيرون خارجًا عن حدود الأدب. البعض رأى الأمر مجرد مزاح، فيما اعتبر آخرون أن هذه التعليقات تكشف أزمة قيمية لدى البعض على مواقع التواصل.
انتشرت لقطات لهذه التعليقات، لتصبح مادة للنقاش والسخرية، وتفاقم الجدل بشكل كبير. ورغم ذلك، التزم الطبيب المغربي الصمت، ولم يصدر عنه أي تعليق أو توضيح رسمي، ما ترك الباب مفتوحًا أمام التكهنات والتعليقات المتزايدة.
تعليقات أدت إلى طلاق وفسخ خطوبةمن بين أبرز التعليقات التي أثارت ضجة، تعليق لإحدى السيدات قالت فيه: "إيه العسل ده.. عينك دوختني والله اشتقنا"، ليتبين لاحقًا أنها متزوجة. ومع انتشار تعليقها، قام بعض المستخدمين بإرسال التعليق إلى زوجها، الذي رد بإعلان الطلاق قائلاً: "قدر الله وما شاء فعل".
كما نشرت فتاة أخرى تعليقًا تقول فيه: "أنا فعلاً تعبانة يا دكتور من وقت ما شوفتك.. أطلع من الصورة إزاي؟"، لتُكشف حقيقتها لاحقًا بأنها مخطوبة. وبعد إرسال تعليقها إلى خطيبها، أعلن الأخير فسخ الخطوبة قائلاً إن ما حدث "قسمة ونصيب" وإن الله سيعوضه خيرًا.
الفتاة نفسها خرجت بتعليق تعترف فيه بندمها:
"حسبي الله ونعم الوكيل في كل من كان السبب.. أنا كتبت الكومنت بهزار ومعترفة إنّي غلطانة، بس بسببكم باظت علاقتي مع الشخص اللي لينا سنين مع بعض. أتمنى يسامحني".
كما ظهرت سيدة أخرى كتبت تعليقًا ذا طابع غزلي، وتبين لاحقًا أنها أيضًا مخطوبة، مما أثار موجة جديدة من الانتقادات.
ما بين جدل حول مؤهلات مهنية، وتعليقات غريبة أدت إلى انهيار علاقات أسرية وشخصية، تعكس هذه الواقعة جانبًا مهمًا من تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على حياة الناس. فقد أصبحت كلمة عابرة أو تعليق ساخر قادرًا على إحداث أزمة حقيقية، الأمر الذي يسلّط الضوء على ضرورة الوعي الرقمي، وتحمل المسؤولية عند استخدام المنصات الإلكترونية. وفي ظل صمت الطبيب عن الأزمة، ما زال الجدل مستمرًا، وما زالت مواقع التواصل تشتعل بردود الأفعال والتحليلات.

طباعة شارك الماجستير الطبيب مخ وأعصاب التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو