هل تفتح واشنطن جبهات جديدة في اليمن دون السعودية؟
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
الجديد برس:
بعد مرور أشهر على العمليات العسكرية في البحر الأحمر، في ظل فشل التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في تقييد قدرات صنعاء العسكرية، يبدو أن هذا التحالف يدرس إمكانية فتح جبهات محلية لمواجهة القوات اليمنية.
وعلى رغم أن الأطراف المحلية المناوئة لصنعاء أبدت استعدادها لخوض الحرب مجدداً، سواء على طول الشريط الساحلي للبحر الأحمر، وصولاً إلى الحديدة غرب اليمن، أو في وسط اليمن وشرقه، حيث البيضاء وشبوة ومأرب، غير أن السعودية التي تعدّ الرافعة الأساسية لعمل كهذا، ترفض المشاركة في الحرب، أو العودة إليها مجدداً، وفق المخطط الأميركي – البريطاني.
إذ إن مثل تلك المشاركة ستضع المملكة في دائرة الغضب العربي والإسلامي، على اعتبار أن المعركة ما هي إلا دفاع عن إسرائيل، فيما وفق التوصيف الإيراني، كل دولة عربية تقف إلى جانب الولايات المتحدة ضد اليمن، تشارك في قتل الأطفال في فلسطين. ليس ذلك فحسب، بل إن مساعي السلام السعودية مع صنعاء وطهران، ستنهار على وقع الحرب الجديدة، الأمر الذي لا يخدم مصلحة الرياض، وخصوصاً أن الأخيرة في سباق مع الزمن من أجل إنجاز مشاريع التنوّع الاقتصادي ضمن بيئة آمنة ومستقرة.
لكن السعودية، على رغم مخاوفها من التورّط مجدداً في الحرب، إلا أنها لا تعارض شن الولايات المتحدة مثل تلك الحرب ضمن أحلاف جديدة لا تشارك هي ضمنها فعلياً، أي أن الرياض تقول لواشنطن إن عليها أن تبدأ حرباً من الصفر مع صنعاء.
ووفق المواقف التي عبّر عنها كتّاب سعوديون مقرّبون من دوائر القرار، فإن السعودية فشلت في اليمن نتيجة إيقاف الولايات المتحدة صفقات التسلّح وقطعها التعاون الأمني معها، فضلاً عن تحريكها الملفات الإنسانية في اليمن للضغط على حليفتها. وعلى رغم ذلك، تقول المملكة إنها حقّقت جزءاً من أهداف الحرب، وإنها سيطرت على ثلثَي اليمن خلالها، وخنقت قدرات “أنصار الله” بتشديد الحصار بحراً وجواً وبراً.
مفاجآت صنعاء بحسب التوقّعات ستجعل كل الممرّات البحرية في المنطقة تحت رحمة قدراتها العسكرية
تعرف واشنطن أن رفض الرياض الاضطلاع بدور في المعركة المرتقبة، يعني للأولى خسارة البوابة للولوج إلى الحرب على اليمن، الأمر الذي يفسّر لجوء الولايات المتحدة إلى إمكانات أبو ظبي في الملف اليمني، والتنسيق المتسارع مع القوى المحلية الموالية للإمارات.
وفي هذا السياق، دعمت لندن نائب رئيس «مجلس القيادة الرئاسي»، قائد «المقاومة الوطنية» طارق صالح، من أجل فتح معارك جديدة، في وقت تستضيف فيه الولايات المتحدة قيادات من «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الذي سبق أن طالب بالشراكة ضمن التحالف الذي تقوده واشنطن، بشرط الحصول على دعم عسكري وازن وتعاون استخباري.
هكذا تبدو ملامح المعركة الجديدة ضد اليمن: تكثيف للحضور العسكري الأميركي – البريطاني في البحر الأحمر، بالتزامن مع فتح القوات الموالية للإمارات الجبهات، مسنودة بغطاء جوي أميركي، ليس من أجل تغيير المعادلة وإسقاط النظام في صنعاء، ولكن فقط من أجل الضغط على الأخيرة لإيقاف معركة البحر الأحمر.
لكن السؤال هو: هل ستنجح تلك الضغوط، في ظل تهديد “أنصار الله” بشن حرب واسعة تحمل في طيّاتها مفاجآت لا يتوقّعها الأميركي، وفق تصريحات القيادة في صنعاء؟ المفاجآت، بحسب التوقعات، ستجعل من كل الممرات البحرية في المنطقة تحت رحمة القدرات العسكرية اليمنية، من مضيق هرمز مروراً بباب المندب وحتى جنوب قناة السويس، وخليج العقبة وإيلات، وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط، فيما ستواجه صنعاء العبور العسكري والتجاري لواشنطن ولندن وتل أبيب، في هذه المنطقة التي تشكل العمق الاستراتيجي للأطراف الثلاثة.
وانطلاقاً مما تقدّم، يمكن فهم استراتيجية صنعاء في التعاطي مع تكتيكات واشنطن في البرّ اليمني. إذ لن تبدّد الأولى مزيداً من الوقت لمواجهة القوى المحلية في المناطق اليمنية، على غرار مواجهة التحالف السعودي – الإماراتي في السابق، لكنها ستلقي بكل ثقلها في المواجهة البحرية، مستفيدةً من حالة الضعف الواضح لقدرات واشنطن في التعاطي مع الهجمات التصاعدية خلال الأشهر الماضية.
*أحمد الحسني – جريدة الأخبار اللبنانية
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: الولایات المتحدة من أجل
إقرأ أيضاً:
موقع بريطاني: الإمارات تتخذ موقفاً حذراً من واشنطن في فرض جودها في بؤر التوتر في اليمن والسودان (ترجمة خاصة)
قال خبراء إن علاقات الإمارات العربية المتحدة مع الصين ونهجها تجاه السودان واليمن لم يؤثرا سلبًا على علاقاتها مع الولايات المتحدة.
ونقل موقع "ميدل ايست آي" البريطاني عن الخبراء قولهم إن الإمارات تتخذ موقفًا حذرًا ضد الولايات المتحدة، حتى في الوقت الذي تستغل فيه علاقاتها الجيدة في واشنطن لشراء رقائق الذكاء الاصطناعي وفرض وجودها في بؤر التوتر من اليمن إلى السودان، مما يضعها في صراع مع بقية شركاء الولايات المتحدة العرب.
وحسب الموقع فإن أبوظبي تمشي قدمًا في مشاريع حساسة مرتبطة بالصين، المنافس الرئيسي للولايات المتحدة، لكن مسؤولين أمريكيين وعربًا أخبروا موقع "ميدل إيست آي" أنها لا تتحمل سوى تكلفة زهيدة للقيام بذلك.
وكشف موقع "ميدل إيست آي" مؤخرًا أن الاستخبارات الأمريكية، التي قيّمت وجود عناصر من جيش التحرير الشعبي الصيني، قد نُشروا في قاعدة عسكرية رئيسية في أبوظبي.
بعد نشر هذا التقرير، صرّح مسؤول أمريكي وشخص مطلع على الأمر لموقع "ميدل إيست آي" أن مراقبي الصين العاملين في السفارة الأمريكية في أبوظبي ما زالوا يشككون في أنشطة بكين في ميناء خليفة، حيث تدير شركة كوسكو الصينية المملوكة للدولة محطة، وقد أشارت الاستخبارات الأمريكية إلى أن جيش التحرير الشعبي الصيني نشط هناك.
وقالت سينزيا بيانكو، الخبيرة في شؤون الخليج بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لموقع ميدل إيست آي: "تراجعت الإمارات العربية المتحدة بضع خطوات، لكنها لم تتخلى تمامًا عن تعاونها مع الصين. ما يدل على ذلك هو أن الإماراتيين يشعرون بقدرتهم على الصمود في وجه أي ضغط أمريكي".
خلال إدارة بايدن، شعر بعض كبار المسؤولين بالقلق البالغ إزاء استقلال الإمارات العربية المتحدة المتزايد عن واشنطن، لدرجة أنهم رغبوا في إجراء مراجعة شاملة للعلاقة مع الدولة الخليجية. قادت هذه الجهود باربرا ليف، المسؤولة العليا في وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط. وفي النهاية، باء التقرير بالفشل، وفقًا لمسؤول أمريكي كبير سابق لموقع ميدل إيست آي.
وقال المسؤول السابق، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "انتهى التقرير بموجز للغاية، يتناول دور الإمارات العربية المتحدة في ليبيا، لكنه تجاهل جميع الأمور الحساسة للغاية المتعلقة بالصين".
"تمكنت الإمارات العربية المتحدة من التحوط مع الصين، لكنها نأت بنفسها عن ردود الفعل السلبية في واشنطن"
عندما عاد الرئيس دونالد ترامب إلى منصبه هذا العام، قام بأول زيارة خارجية له إلى منطقة الخليج. ولاحظ بعض مراقبي الشرق الأوسط أن ترامب استمتع بحفلات عشاء رسمية كاملة في المملكة العربية السعودية وقطر، لكنه قام بزيارة مختصرة إلى الإمارات العربية المتحدة في مايو.
وعزا العديد من المسؤولين الأمريكيين ذلك إلى التوترات بشأن العلاقات التكنولوجية بين الإمارات العربية المتحدة والصين. لكن في الشهر الماضي، حصلت شركة G42، عملاق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المملوكة للدولة في الإمارات العربية المتحدة، على الضوء الأخضر في واشنطن لشراء عشرات الآلاف من شرائح الذكاء الاصطناعي المتقدمة من شركة Nvidia، إلى جانب منافستها السعودية المملوكة للدولة، Humain.
وقد لفتت حقيقة منح كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وزنًا متساويًا انتباه بعض المحللين.
وقالت آنا جاكوبس، من مجموعة الأزمات الدولية، لموقع MEE: "لقد تمكنت الإمارات العربية المتحدة من التحوط مع الصين، لكنها في الوقت نفسه عزلت نفسها عن ردود الفعل السلبية في واشنطن بطرق لم تتخيلها دول أخرى".
أمرٌ جيد جدًا بالنسبة لحلف الناتو وطائرة F-35
لقد برز التناقض بين نهج الإمارات العربية المتحدة تجاه واشنطن ونهج جيرانها ومنافسيها في الخليج، قطر والمملكة العربية السعودية، بشكل واضح هذا العام.
بعد أن قصفت إسرائيل مفاوضي حماس في الدوحة في سبتمبر/أيلول، سعى المسؤولون القطريون إلى التقرب من الولايات المتحدة والتقليل من شأن أي همسات توتر، بما في ذلك بشأن المعرفة الأمريكية المتقدمة بالهجوم الإسرائيلي. بعد تصنيفها حليفًا رئيسيًا من خارج الناتو، عززت قطر تعاونها العسكري مع واشنطن، وحصلت على أمر تنفيذي من ترامب يتعهد فيه بالدفاع عنها ضد أي هجمات مستقبلية.
من المتوقع أن يضغط محمد بن سلمان على ترامب بشأن دور الإمارات في السودان، وفقًا لمصادر.
ولكي لا تتخلف عن الركب، تم اختيار مملكته حليفًا رئيسيًا من خارج الناتو خلال زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لواشنطن العاصمة الشهر الماضي. ولعل الأهم من ذلك، أن المملكة العربية السعودية توصلت إلى اتفاقية تعاون دفاعي مع الولايات المتحدة، والتي قال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون لموقع ميدل إيست آي إنها ستسرع مبيعات الأسلحة.
إن تصنيف قطر والمملكة العربية السعودية كحليفين رئيسيين من خارج الناتو يعني أن الخليج العربي أصبح الآن مليئًا بالدول التي تحمل لافتة الود تجاه واشنطن. الاستثناءات الثلاثة هي: اليمن الذي مزقته الحرب، وسلطنة عمان، التي تفتخر كوسيط ماهر، والإمارات العربية المتحدة.
وقال مسؤول غربي في الخليج لموقع ميدل إيست آي: "تعتقد الإمارات العربية المتحدة أنها فوق حليف رئيسي من خارج الناتو. إنها لا تستسلم لهذه اللعبة".
تستضيف الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر قواعد عسكرية أمريكية، لكن الإماراتيين فرضوا لسنوات شروطًا صارمة على كيفية استخدام الولايات المتحدة لهذا الوصول، وفقًا لما ذكره المسؤول الأمريكي السابق لموقع ميدل إيست آي.
تستضيف قاعدة الظفرة الجوية بالقرب من أبوظبي القوة الجوية الاستطلاعية رقم 380 الأمريكية.
يتجلى نهج الإمارات العربية المتحدة المنفرد عند مقارنة مساعيها المتعثرة لشراء طائرات F-35 من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. حصلت الرياض على موافقة ترامب على شراء الطائرات المقاتلة المتقدمة الشهر الماضي، على الرغم من رفضها تطبيع العلاقات مع إسرائيل، على الأقل في الوقت الحالي.
وُعِدت الإمارات العربية المتحدة بطائرات F-35 مقابل إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في عام 2020، لكن الصفقة تعثرت بسبب مخاوف الولايات المتحدة بشأن علاقاتها العسكرية مع الصين. في العام الماضي، قالت الإمارات إنها غير مهتمة بشراء طائرات F-35، ويرجع ذلك جزئيًا إلى القيود التي فرضتها الولايات المتحدة على البيع.
قال جاكوبس: "من بين جميع دول الخليج، تُعدّ الإمارات العربية المتحدة الأكثر جديةً في تحوّطها الاستراتيجي. تستثمر السعودية وقطر على المدى الطويل في علاقتها مع الولايات المتحدة، بينما تُكثّف الإمارات تحوّطها، لكن يبدو أن هذا لا يُقلق واشنطن".
الانفراد
في بعض الملفات، تبدو إدارة ترامب أقرب إلى الدوحة وأنقرة والرياض. على سبيل المثال، نسب ترامب الفضل إلى ولي العهد محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إقناعه برفع العقوبات عن سوريا وضمّ رئيسها الجديد، أحمد الشرع، إلى الولايات المتحدة. تُعدّ الإمارات العربية المتحدة من أكثر الدول تشكيكًا في جذور الشرع الإسلامية.
بعد الربيع العربي، اعتادت واشنطن النظر إلى الشرق الأوسط من منظور كتلتين: كتلة سعودية وإماراتية تُعارض إسقاط أنظمة قديمة مثل نظام حسني مبارك في مصر، وكتلة تركية وقطرية كانت أكثر ارتياحًا في السعي لكسب النفوذ في أعقاب الاحتجاجات الشعبية.
هندست الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية حصارًا على قطر وتدخلتا معًا في الحرب الأهلية اليمنية. لكن الآن، انهارت خطوط المواجهة القديمة. بينما تعزز القوات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة جنوب اليمن.
اليمن.. «تنظيم القاعدة» يدعو لتنفيذ عمليات في حضرموت والمهرة
أصدر قيادي في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، يُعرف باسم “أبي البراء الصنعاني”، تسجيلاً صوتياً يدعو فيه لاستهداف قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة شرق اليمن، عقب سيطرتها على مواقع استراتيجية هناك، وفق ما نقلت مصادر محلية.
وزعم القيادي أن التحركات الأخيرة تشكل جزءاً من “مشروع إقليمي أوسع”، مهاجماً رئيس المجلس الرئاسي اليمني، ومشيراً إلى أن المواجهات مع قوات الانتقالي تُعد امتداداً لمعركة مستمرة. كما أشاد بدور عناصر التنظيم في منطقة وادي عمران، وضمن التسجيل دعوات تحريضية لاستقطاب سكان مأرب ومناطق أخرى وتنفيذ هجمات مسلحة.
وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد حالة عدم الاستقرار الأمني في حضرموت والمهرة، وسط تحذيرات دولية من محاولات التنظيمات الإرهابية إعادة ترتيب صفوفها في المناطق الوعرة والنائية شرق البلاد.
ويذكر أن تنظيم القاعدة سبق له احتلال محافظة حضرموت، وسيطر على مدينة المكلا عام 2015 قبل أن تطرده قوات “النخبة الحضرمية” عام 2016. كما ساعدت الاضطرابات القبلية وتفكك الحواجز الأمنية وانشغال القوى المحلية بصراعات داخلية على إعادة انتشار التنظيم واستخدام الوديان والطرق الريفية لشن عمليات جديدة.
واتهمت حركات محلية في حضرموت حزب الإصلاح، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن، باستغلال الخطاب الديني والتحريضي لتأجيج التوترات القبلية، بما يتماشى مع خطاب تنظيم القاعدة ويؤدي إلى إضعاف سلطة الدولة في المنطقة.
تُعد حضرموت والمهرة مناطق استراتيجية في شرق اليمن، حيث تستفيد التنظيمات الإرهابية من تضاريسها الوعرة وصراعات القوى المحلية لإعادة تموضعها وتنفيذ هجمات. التحركات الأخيرة لتنظيم القاعدة تأتي بعد نجاح قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في السيطرة على مواقع حساسة، مما دفع التنظيم لإصدار خطابات تحريضية لاستهداف هذه القوات، في سياق محاولاته المستمرة لتعزيز نفوذه في المنطقة.