ليبيا – رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة بنغازي محمود الكاديكي، أن انتقال الملف الليبي إلى القبة العربية من الممكن أن ينعش الملف الليبي الذي دخل في جمود سياسي منذ تنصيب باتيلي على رأس البعثة الأممية،داعياً جامعة الدول العربية إلى استغلال هذا الحراك داخل أروقتها حتى تستعيد ثقلها في ليبيا، بخاصة أن جامعة الدول العربية أسهمت في دعم ثورة فبراير عبر طلبها فرض حظر جوي على ليبيا في 12 مارس عام 2011 لحماية المدنيين من الهجمات الجوية، على الرغم من الانعكاسات السلبية لهذا القرار في مرحلة موالية.

الكاديكي وفي تصريحات خاصة لموقع “اندبندنت” أضاف: أن “وضع الملف الليبي تحت العناية العربية فرصة مهمة لجامعة الدول العربية لاستعادة دورها في حلحلة الملف الليبي وذلك عبر اتخاذ قرارات رادعة بخصوص التدخل الخارجي في الشأن الداخلي لليبيا على حساب الشعب الليبي”.

وأشار إلى أن تمكن جامعة الدول العربية من جمع رؤوس الصراع السياسي على طاولة واحدة ومحاولتها إقناعهم بقبول مخرجات لجنة القوانين الانتخابية إضافة إلى حسم الأمور العالقة، عناصر كفيلة لوحدها بعودة الحياة إلى جامعة الدول العربية لتكون بذلك ليبيا هي حلقة الوصل.

وطالب أستاذ العلوم السياسية بدعم جهود الجامعة العربية بهدف الضغط على معرقلي إجراء الانتخابات في ليبيا، قائلاً إن “ذهاب الملف الليبي إلى أروقة الجامعة العربية نشر بصيص أمل لوقف النزاع السياسي خصوصاً في ظل التقارب التركي المصري الحالي، لتكون بذلك فرصة لجامعة الدول العربية لتحقيق أهدافها التي قامت من أجلها.

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: جامعة الدول العربیة الملف اللیبی

إقرأ أيضاً:

البلطجة السياسية في الحد من الأسلحة النووية

كلما هم المرء بالكتابة في قضية عامة وجد أحداثًا مروعة تشتعل من حوله، وتنعكس آثارها عليه بشكل مباشر بوصفه موجودًا بشريًّا أولًا، وبوصفه موجودًا يحيا في الجوار؛ في منطقة الشرق الأوسط المنكوبة التي تعيش أسوأ فترات تاريخها. فبينما لا تزال إسرائيل ترتكب يوميًّا المجازر المروعة ضد شعب فلسطين؛ تشن عدوانًا على إيران أدى إلى مزيد من اشتعال المنطقة من خلال الرد الإيراني المضاد. في كل عدوان تشنه إسرائيل في المنطقة تمارس «سياسة البلطجة»، وربما يبدو هذا المصطلح متناقضًا ومتداولًا على استحياء؛ ذلك أن السياسة هي فن تحقيق الممكن من خلال التفاوض والحوار لا البلطجة. ومع ذلك؛ فإننا نجد شواهد عديدة على ما يُسمى بالبلطجة السياسية في عالمنا الراهن، وهي تعني بوجه عام التبرير السياسي؛ لتحقيق هدف ما باستخدام القوة والعنف -بما في ذلك القوة العسكرية-، واستخدام التهديد أو الضغوط -كالضغوط الاقتصادية على سبيل المثال-. عدوان إسرائيل الأخير على إيران هو شكل من أشكال البلطجة السياسية باستخدام القوة العسكرية. البعد السياسي الذي تتخذه إسرائيل مبررًا لهذا العدوان هو سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية على نحو يشكل تهديدًا لأمنها ووجودها نفسه، ويشكل خرقًا لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. لكن هذا المبرر واهٍ، ولا يستند إلى أية مشروعية؛ فالعدوان على دولة ذات سيادة يخالف المواثيق الدولية التي تعطى للمعتدى عليه مشروعية الرد على العدوان. فلماذا يعد هذا المبرر واهيًا وغيرَ مشروع؟

معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية أنشأتها لجنة برعاية الأمم المتحدة، وقعت عليها في البداية سنة 1968 ثماني عشرة دولة من بينها الدول النووية الخمس الكبرى، وهي: روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا والصين، وقد بلغ عدد الموقعين الآن 191 دولة. تدعم الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذه المعاهدة من خلال إجراء التحقيق بشأن التزام الدول ببنودها، وأهمها: الحد من انتشار الأسلحة النووية، ونزع السلاح النووي. ولكن بعضًا من قرارات هذه الوكالة كانت مسيسة، وأكثرها ظل بلا فاعلية أو تأثير. وهي مسيسة؛ لأنها تخضع للاستخدام والتوظيف من جانب القوى العظمى ذات النفوذ، وخاصةً الولايات المتحدة الأمريكية؛ بحيث يتم التهديد باستخدام القوة بدعوى اختراق دولة ما للمعاهدة، والتغاضي عن استخدام هذه القوة بالنسبة إلى دول أخرى. ويصدق هذا عندما نتأمل ملابسات القرار الأخير للوكالة وما ترتب عليه؛ فخلال الفترة السابقة على عدوان إسرائيل كان رئيس الوكالة يصرح بأنه ليس هناك دليل يؤكد عدم سلمية المشروع النووي الإيراني، ولكن قبيل العدوان مباشرة صدر قرار الوكالة الذي صرح فيه بشكل أكثر صراحة بأن إيران غير ملتزمة باتفاقية منع الانتشار النووي. ومن الواضح أن ضغوطًا أمريكية مورست على الوكالة؛ لأن إسرائيل، بل الولايات المتحددة نفسها كانت تهدد بضرب إيران إن لم تخضع للتوقيع خلال ستين يومًا على اتفاق يحظر عليها تخصيب اليورانيوم إلا بشروطها! وقد جاءت الضربة من إسرائيل وبمباركة أمريكية معلنة. ثم لنا أن نتساءل: مَن الذي أعطى إسرائيل مشروعية توقيع العقاب على المخالفين للمعاهدة، مثلما حدث بضربها لإيران؟ ليست هناك أية مشروعية قانونية دولية؛ فهناك فقط تصريح من الدولة التي تقوم بدور «شرطي العالم» الإدارة الأمريكية إلى دولة الكيان التي تقوم بدور نائب هذا الشرطي في منطقة الشرق الأوسط.

لم يكن هذا هو الحال دائمًا؛ فبعض الدول دخلت سباق التسلح النووي مثل الهند وباكستان، ولم تلق عدوانًا مماثلًا، فهل الدول غير الموقعة على المعاهدة يحق لها التسلح النووي، وعدم الخضوع للتفتيش -وهو ما يعوق مهمة وكالة الطاقة الذرية-؟ ولماذا لا تتابع هذه الوكالة تنفيذ بنود المعاهدة فيما يتعلق بنزع أسلحة الدول النووية تدريجيًّا؟ أفلا يكون هذا مدعاة لانسحاب بعض الدول من هذه المعاهدة أو الاستهانة بها؛ ولذلك فإن كوريا الشمالية انسحبت من المعاهدة، وواصلت برنامجها النووي حتى أصبحت قوة مسلحة نووية، ومع ذلك فقد رضخت الولايات المتحدة للأمر الواقع، حتى إن ترامب نفسه قد زارها والتقى زعيمها. ولقد كان من المقرر أن تستأنف الولايات المتحدة التفاوض مع إيران في مسقط يوم الأحد من ذلك الأسبوع بشأن برنامجها النووي، وجاءت الضربة الإسرائيلية قبل ذلك بيومين وبعلم الولايات المتحدة وبدعم صريح ومعلن! وهذا يدل دلالة قاطعة على أن المستهدَف كان جلوس إيران إلى طاولة المفاوضات مهزومة منكسرة بحيث تُملَى عليها الشروط، وهذا ما يُعرف في لغة القانون بتوقيع «عقد إذعان»! ولكن خاب ظن إسرائيل وحليفها الأكبر؛ فقد ظهرت صلابة إيران وقدرتها على رد العدوان وتهديد الكيان الصهيوني في عقر داره. وعندئذ صرح ترامب بأن هذه الحرب ينبغي أن تنتهي، وجدد دعوته للمفاوضات! منتهى التناقض؛ لأن مَن هدد بالحرب ودعمها هو مَن يدعو إلى إنهائها! ولهذا ترفض إيران التفاوض إلا بعد استكمال ردها على العدوان، أي بعد أن تمتلك أوراق قوة في التفاوض. ولكن سيكون من الخطأ البالغ أن تُقدِم إيران على غلق مضيق هرمز؛ لأن هذا سيوقع ضررًا بالغًا على بلدان الخليج ومجمل الاقتصاد العالمي، ومن ثم سيعطي مشروعية قانونية للحرب عليها.

وعلى هذا كله؛ أرى أن الدوافع الحقيقية لهذه الحرب لا شأن لها بخرق معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وإنما الحفاظ على إسرائيل باعتبارها القوة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط والذراع الطويلة للولايات المتحدة في المنطقة. وربما يدعونا هذا إلى التساؤل: لماذا لم تسع الدول العربية التي تشكل حزامًا جغرافيًّا يطوق إسرائيل إلى التحالف مع إيران وتركيا، لا بهدف العدوان على إسرائيل أو معاداتها، وإنما بهدف الشراكة والتعاون في المجالات العسكرية والاقتصادية والعلمية؟ فمن شأن ذلك أن يخلق قوة موازية لإسرائيل يجعلها تُحجم عن أطماعها التوسعية والتفكير في حل جاد للدولتين، وتبنى سياسة العيش بسلام من دون عدوان. السياسة تقوم على خلق التوازنات التي تسمح بالتعايش والتفاوض عند الصراع. ولكننا لم نسع إلى خلق التوازنات في القوة؛ ولذلك فإن إسرائيل لا تزال تسعى إلى سياسة البلطجة والعدوان.

د. سعيد توفـيق أستاذ علم الجمال والفلسفة المعاصرة بجامعة القاهرة

مقالات مشابهة

  • الجامعة العربية تناشد المجتمع الدولي الضغط على الاحتلال للتوقف عن نهب مقدرات الشعب الفلسطيني
  • “جامعة الدول العربية” تدعو لوضع حد أمام نهب مُقدرات الشعب الفلسطيني
  • أويل برايس: التوترات السياسية في ليبيا تهدد بفرض حصار جديد على قطاع النفط
  • البلطجة السياسية في الحد من الأسلحة النووية
  • جامعة المنصورة تطلق خطة شاملة لترشيد استهلاك الطاقة استجابةً لتوجيهات القيادة السياسية
  • الجامعة العربية تؤكد أهمية تضافر الجهود لمواجهة ظاهرة الجفاف والتصحر في المناطق العربية
  • الكوني واللافي: الشراكة مع أوروبا ركيزة أساسية في دعم المسار السياسي الليبي
  • بعثة الأمم المتحدة تطلق مشاورات شبابية في ليبيا لدعم المشاركة السياسية
  • وليامز: الوضع الليبي لم يعد أولوية سياسية لمعظم الدول الفاعلة
  • البعثة الأممية: أطلقنا مشاورات شبابية على مستوى ليبيا حول العملية السياسية