لجريدة عمان:
2025-06-20@04:43:59 GMT

«بربوجاندا» التفوق ووهم القدرة

تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT

رغم كل ما قد يتبادر إلى أذهان الساسة والعسكريين في العالم من احتمالات مآل العدوان الإسرائيلي على غزة ومحاولات هذا العدوان الجلية للتصفية والإحلال، إلا أنه لا يمكن لأحدهم إنكار حقيقة أن أحداث السابع من أكتوبر -الذي شغل الاهتمام الدولي- هو صورة لفشل استخباري وعسكري هائل لا تزال ملابساته وتفاصيله غامضة حتى اليوم؛ فإسرائيل التي تفاخرت قبل هذا التاريخ ببراعة جهازها الاستخباراتي ومهارتها في تصنيع خرسانتها المستخدمة لبناء الجدار الحدودي مع قطاع غزة كافية لبناء طريق سريع من غزة إلى بلغاريا تُهزم هزيمة ساحقة خلال ساعات معدودة من هجوم مقاتلي حماس واجتيازهم الجدار الذي لا يُقهر بطائرات شراعية بسيطة مقارنة بما أعلنت إسرائيل من إمكانات وأسلحة! وكنتيجة منطقية لتحليل أولي فإن هذا لا يعكس قدرة حماس على هزيمة إسرائيل وإمكاناتها وحسب، بل يعكس هشاشة الواقع الاستخباراتي الإسرائيلي عسكريًا أمام أبسط اختبار عابر، فأي صدمة لإسرائيل وحلفائها وعملائها من الدول التي آمنت إيمانا مطلقا بتفوقها، وهذا ما يمكن للإعلام فعله حين ينتصر لطرف ما بتصنيع «بربوجاندا» لا تُضاهى لأسطورة تفوق وهمي مبنيّ على تهويل الدعاية وتسويق الخيال دون أي اختبار للقدرة الحقيقية، وكأننا بهؤلاء ينكرون حتى ما يرون بأعينهم إزاء آلة التسويق الهائلة، وكأننا بهم يتهمون أعينهم وأدواتهم دون تصديق ضعف حليفهم الأقوى.

ورغم كل جهود التسويق وتهويل القدرة والتفوق الإسرائيلي التي نجحت في إقناع كثير من الدول لتوقيع تعاقدات وصفقات مع إسرائيل سعيًا لنيل بعض نجاحات إسرائيل استخباراتيًا وعسكريًا، إلا أن المضحك المبكي أن تؤثر تلك الدعاية المُعَمْلِقة للنجاحات الإسرائيلية على العقلية الإسرائيلية نفسها فتقع ضحية تلك الدعاية مستهينة بإمكانات الآخر واثقة من قدراتها وقوتها التي لا تقهر. وما كان لكل تلك الأوهام أن تتلاشى لولا هجوم «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر.

لم يغب عن إسرائيل وحلفائها أثر «طوفان الأقصى» على الصورة النمطية المهولة المصنعة للقدرات الإسرائيلية والإمكانات العسكرية الاستخباراتية متضمنة توظيف الهجوم السيبراني لاختراق الوسائط الفلسطينية خصوصًا والعربية عمومًا تعزيزًا لفكرتي التفوق والسيطرة فبدأ الترويج لفكرتين لم تتمكنا من بلوغ أهدافهما، أما الأولى فهي ترجيح الخيانة في الصف الإسرائيلي بحيث تحصل حماس على معلومات دقيقة تمكنها من اختيار توقيت وظروف الهجوم، وفي ذلك ما لا يخفى من ضعف الجانب الإسرائيلي وإمكانية خضوع أعضائه لإغراءات خارجية، لكن القصد البعيد من تلك الادعاءات محاولة التقليل من أثر الفشل العسكري باتهام بعض أفراده بالخيانة.

وأما الثانية فهي ترويجهم لادعاءات أرادوا بها تبرير آلة القتل والتصفية والتهجير متناسين أن صنيعهم هذا ومحاولة إثباتهم ما هي إلا تأكيد لفكرة تفوق الجانب الفلسطيني عليهم أمنًا رقميًا وقدرات عسكرية مهما كانت الأسباب متضمنة فرضيات تحالف حماس مع إيران أو روسيا ودعمهم لهم، ونجد هذا واضحا في ما أعلنوه مؤخرا بعد اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة وعثوره على الخوادم التي أقامتها حركة حماس تحت الأرض وتصويرهم (كمات يدعون) أجهزة الحاسوب المتصلة بها، وإن كان المبتغى من هذا التوثيق المدعى هو تبرير خرقهم كل مواثيق الإنسانية في استمراء القتل وشن حملاتهم مع حلفائهم لتجويع وتهجير الشعب الفلسطيني فإنهم تجاهلوا -في شتاتهم واستماتتهم لإقناع شعوب العالم بهمجيتهم وهشاشة كيانهم- تقويض «بربوجاندا» التفوق ووهم القدرة.

مهما كانت المبررات ومحاولات إقناع العالم بشرعية العدوان الإسرائيلي (حتى تلك الرواية الضعيفة لإمكانية تحالف إسرائيل نفسها مع حماس في مخطط» طوفان الأقصى لصنع مبرر مقبول شعبيًا لإقناع الشعوب والدول بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وحماية رعاياها) إلا أن الحرب الأهم التي خسرتها إسرائيل في همجية عدائها المعلن هي حرب الوعي والتأييد الشعبي إلى الحد الذي دفع بكثير من الجماعات اليهودية ذاتها للتنصل من إسرائيل وعدوانها ووصفها المستحق باللاإنسانية والعدائية الهمجية.

ختاما: لممكنات الواقع الافتراضي والعالم الرقمي والأمن السيبراني معًا قدرة فائقة على تحقيق الكثير مما لا يمكن حدوثه من شيطنة الملاك وملائكية الشيطان، صنع أطر جاهزة لدول عظمى وأخرى نامية وعالم ثالث، رفع أفراد أو مجموعات وإسقاط المصداقية عن أفراد آخرين، وجماعات ودول أُخَر، لكن يبقى الرهان الأقوى على الزمن وتغيرات التقدم المتسارع في هذه المجالات التي سرعان ما تتكشّف عندها الأقنعة، وتسقط الأساطير مفندة كل أباطيل السلطة وعوالم تخليق الوهم.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

من خرمشهر إلى خيبر شكن.. صواريخ إيران التي قد تغيّر قواعد المواجهة مع إسرائيل

تبرز القدرات الصاروخية لإيران كحجر أساس في استراتيجيتها الدفاعية والهجومية في ظل التصعيد العسكري المتواصل مع إسرائيل، حيث تحتفظ طهران بترسانة واسعة من الصواريخ التي لم تُستخدم بعد، ما يزيد من صعوبة مهمة منظومات الدفاع الإسرائيلية في اعتراضها.

وتمتلك إيران تشكيلة متنوعة من الصواريخ متوسطة المدى، تصل قدراتها إلى أكثر من 1000 كيلومتر، وتشمل صواريخ تعمل بالوقود السائل مثل “خرمشهر”، إلى جانب صواريخ باليستية متطورة تعمل بالوقود الصلب. بعض هذه الصواريخ مجهز بمركبات عودة قابلة للمناورة، مزودة بزعنفة تحكم ونظام ملاحة عبر الأقمار الصناعية، لتعزيز دقتها وقدرتها على المناورة داخل الغلاف الجوي.

وتبرز بين الصواريخ التي لم تُستخدم حتى الآن عدة نماذج مهمة، منها:

صاروخ خرمشهر: يصل مداه إلى 2000 كيلومتر، يحمل رأساً حربياً يزيد وزنه على 1500 كيلوغرام، ويتميز بسرعته العالية وقدرته على المناورة لتفادي الدفاعات الجوية. ويُعتقد أنه مزود بأنظمة مراوغة للرادارات وفق وكالة تسنيم الإيرانية في مايو 2023. صاروخ فتاح 2: صاروخ فرط صوتي حديث، قادر على المناورة داخل الغلاف الجوي وتجاوز الدفاعات الصاروخية، بمدى يبلغ 1400 كم وسرعة تصل إلى 13 ماخ، ما يجعل اعتراضه أكثر صعوبة. صاروخ قاسم: صاروخ باليستي يعمل بالوقود الصلب، بمدى يزيد عن 1400 كم ودقة عالية في الإصابة، وهو من الصواريخ قصيرة المدى المستخدمة في العمليات التكتيكية بمدى يتراوح بين 200 إلى 250 كم، وفق “Missile Threat – CSIS”. يستخدم وقوداً صلباً يسمح بسرعة إطلاق وتحضير أكبر مقارنة بالصواريخ ذات الوقود السائل، ويحمل رؤوساً تقليدية أو متفجرات عالية القوة، ولا يعتمد على نظام توجيه متقدم، ما يقلل من دقته لكنه فعال في الضربات التكتيكية. صاروخ ذو الفقار: صاروخ أرض-أرض متوسط المدى يتراوح بين 700-1000 كم، مزود بتقنيات توجيه متقدمة ضد السفن، وقد يُستخدم في حال اندلاع مواجهة بحرية مع القوات الأميركية. صواريخ سومار ويا علي: صواريخ كروز بمدى يتراوح بين 700 إلى 2500 كم بحسب النسخة، تتميز بقدرتها على الطيران على ارتفاعات منخفضة يصعب رصدها، ولم تُستخدم حتى الآن في معارك مفتوحة، لكنها قد تُستخدم ضد البنى التحتية. صاروخ رعد: يعمل بالوقود الصلب، بمدى 500 كم، ويتميز بخفة الوزن وسرعة الإطلاق، وفق وكالة تسنيم الإيرانية.

وفي المواجهات الأخيرة مع إسرائيل، استخدمت إيران عدة أنواع من الصواريخ أبرزها:

صاروخ فتاح 1: الجيل الأول من صواريخ “فتاح”، صواريخ فرط صوتية يُعتقد أنها أقل قدرة على المناورة من “فتاح 2″، استُخدمت في الموجة الـ11 من عملية “الوعد الصادق 3”. صاروخ سجيل: صاروخ بالوقود الصلب متوسط المدى، يتراوح مدى صاروخ سجيل بين 2000 إلى 2500 كم، استُخدم في الموجة 12 من عملية “الوعد الصادق”، ويُعتبر قادراً على الوصول إلى أهداف عسكرية إسرائيلية أو أميركية في المنطقة. صاروخ خيبر شكن: من الجيل الثالث لصواريخ الوقود الصلب، بمدى يصل إلى 1450 كم، يتميز بدقة إصابة محسنة عبر نظام توجيه يعمل بالأقمار الصناعية، ويُعتقد أنه مزود برؤوس قابلة للمناورة وزعانف تحكم وملاحة بالأقمار الصناعية، وقد استُخدم في عمليات “الوعد الصادق 1″ في أبريل 2024 و”الوعد الصادق 2” في أكتوبر الماضي، بحسب قناة سكاي نيوز.

وتشكل هذه الصواريخ جزءاً أساسياً من قدرة إيران على مواجهة التحديات الإسرائيلية، وتزيد من تعقيد مهمة أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية في التصدي للهجمات المحتملة، مما يرفع من مستوى التوتر العسكري في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • ما هي صواريخ إيران الفرط صوتية التي ترعب إسرائيل؟
  • من خرمشهر إلى خيبر شكن.. صواريخ إيران التي قد تغيّر قواعد المواجهة مع إسرائيل
  • بي-2 سبيريت.. الطائرة التي تريدها إسرائيل لتدمير منشأة فوردو النووية
  • طهران: الضربة التي أصابت مستشفى سوروكا استهدفت قاعدة للجيش الإسرائيلي
  • حرب المعلومات المضللة بين إسرائيل وإيران.. ما أبرز الأخبار الكاذبة التي انتشرت؟
  • هدية ذهبية عالمية لـ سحر إمامي المذيعة الإيرانية التي واجهت القصف الإسرائيلي على الهواء مباشرة
  • الخارجية القطرية: اتصالاتنا مع الشركاء مستمرة لوقف عدوان إسرائيل على إيران
  • بالاسم ورقم الجلوس.. أسرع رابط لنتيجة الشهادة الاعدادية بمحافظة الدقهلية
  • السفارة الأميركية تعلن عدم القدرة على إجلاء رعاياها من إسرائيل
  • السفارة الأمريكية في إسرائيل توصد أبوابها وتعلن عدم القدرة على إجلاء المواطنين