مبادرة "فك كربة" في رمضان
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
د. محمد بن عوض المشيخي **
العمل الخيري هو أجمل وأنبل المواقف التي يُسطِّرها أصحاب الهمم العالية والنفوس الزكية، فكم هم عظماء هؤلاء الناس من حولنا الذين أنفقوا من أموالهم في سبيل الله لإنقاذ غيرهم ممن ينتظر الفرج، إنه الكرم الحاتمي بما تحمله هذه الكلمة من معنى.
لما لا وهم أصحاب الأيادي البيضاء الذين يتجلى ظهورهم في النسخة الحادية عشرة من مبادرة (فك كربة)، بعزيمة تعانق السماء، فتلك الجهود رصيد للإنسانية جمعاء عبر التاريخ، ولعلنا نشير هنا إلى تبرعات الوقف من قبل بعض رجال الأعمال في أوروبا وأمريكا في تأسيس الجامعات والمراكز العلمية التي أصبحت بوصلة للفكر والإبداع للعالم بأسره مثل جامعة استانفورد وهارفارد وبعض كليات جامعة أكسفورد البريطانية وغيرها من المؤسسات الوقفية التي هي حاليا موطن للاختراعات العلمية ومصدرا للبحوث الرصينة التي تقود إلى معالجة الكثير من الأمراض المستعصية في العالم.
يبدو لي أن هذه الأعمال الخيرية التي تلم شمل الأسر التي فرقتها الأيام وباعدت بينها الأحكام القضائية؛ لهو قمة في العطاء والمعروف في هذا البلد العزيز، لقد ارتقت المجتمعات في معظم دول العالم من خلال أشخاص رائعين يتبرعون بسخاء للمحتاجين والمعسرين، وخاصة من هم خلف القضبان بسبب الأحكام القضائية التي لا تمنح لمن أخطأ فرصة ثانية؛ بل تعمل على تنفيذ التشريعات السارية حرفيًا حسب القانون، فلا يدرك هؤلاء أن بعض الأحيان يتطلب بأن تكون الرحمة فوق القانون.
لا شك أنَّ مبادرة "فك كربة" لجمعية المحامين العمانية في نسختها الأخيرة، والتي تسعى إلى جمع التبرعات المالية بهدف فك أسر المعسرين من نزلاء السجون بسبب مطالبات مالية مترتبة عليهم في قضايا مدنية وتجارية وشرعية وعمالية، لهو عمل خيري جدير بالتقدير والإشادة لأن من خلاله يتم إطلاق سراح القابعين في السجن، خاصة الذين لهم أسر وأطفال؛ فهذه المبادرة تمنحم فرصة جديدة لكي يندمجوا مع المجتمع ويبدأوا فصلًا جديدًا في هذه الحياة قوامها العبر والاستفادة من الدروس والأخطاء التي قادتهم إلى غياهب السجون.
لقد تعددت الأعمال الإنسانية في هذا البلد العزيز؛ إذ تابعنا خلال الأيام الماضية مساهمة العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة في تقديم الدعم لجمعية المحاميين العمانية من خلال دعوة الموظفين في تلك المؤسسات للتبرع لمبادرة (فك كربة) التي سبق لها أن نجحت بالإفراج عن أكثر من 5890 سجينًا، وذلك منذ تأسيسها عام 2012، بينما تعمل هذه الأيام المباركة على إطلاق سراح 1500 حالة جديدة، وذلك في إطار برنامجها السنوي 2024.
ما يُميِّز هذا العام نجاح جمعية المحامين العمانية باستقطاب كوكبة من رموز المجتمع المدني المؤثرين للحديث عن أهمية التبرع لفك كربة السجناء الذين ضاقت بهم السبل ويحتاجون إلى يد العون من الميسرين والتجار في السلطنة، فقد عجت وسائل التواصل الاجتماعي بدعوات صادقة من الوزير السابق معالي يوسف بن علوي عبدالله، وصاحبة السمو السيدة حجيجة آل سعيد رئيسة مجلس إدارة جمعية الأطفال ذوي الإعاقة، والدكتور راشد البلوشي رئيس لجنة حقوق الإنسان العمانية.
وعلى الرغم من ذلك؛ فإن جمعية المحامين العمانية التي تشرف على هذه المبادرة لا تزال بعيدة عن تحقيق طموحاتها؛ فهؤلاء المحامون عازمون على محاولة الإفراج عن جميع السجناء المعسرين خاصة الذين لهم أطفال وأسر تنتظرهم في الخارج.
تحية صادقة لجميع القائمين على هذه المبادرة الإنسانية الرائعة، فعزيمة أعضاء جمعية المحامين العمانية قوية وجديرة بالتقدير والاحترام؛ من هنا فقد نالت ثقة الجميع في سلطنتنا الحبيبة، فكانت جائزة المسؤولية الاجتماعية للشركات لعام 2023 التي تمنحها صحيفة الرؤية العمانية من نصيب هذه المؤسسة القانونية العريقة والتي بحق جديرة بالتكريم.
وفي الختام.. لا يمكن الحديث عن مساعدة المحتاجين وفك كربة المعسرين، دون الإشارة إلى واحد من رموز الكرم والسخاء في سماء السلطنة، الذي كانت في أيامه الذهبية تغطي مظلته الجميع ناشرة الخير والرخاء والاستقرار بين أفراد المجتمع، إنه الشيخ سعود بن سالم بهوان- طيب الله ثراه-، فقد حمل هذا الرجل العظيم راية العمل الخيري في البلاد بلا منازع، فكان عطاء المرحوم منقطع النظير، خاصة في محاربة الفقر، فقد شمل العطاء البدو والحضر في الولايات والصحاري العُمانية، كم هو جميل أن نحلم اليوم بوجود شخص مثل سعود بهوان من بين عشرات التجار الذين تزيد ثرواتهم عن الشيخ سعود، فهل نجده لكي يفك أسر من ينتظر الفرج من أصحاب الكرب الذين هم حاليًا خلف القضبان؟
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مصر.. نقابة المحامين تصعد ضد الرسوم القضائية.. والنقيب: ارتفعت بنسبة 500%
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- صعّدت نقابة المحامين في مصر احتجاجها على زيادة الرسوم القضائية المدرجة "مقابل خدمات مُميكنة"، من خلال منع أعضائها من حضور الجلسات أمام كافة محاكم الجنايات خلال يومي الأحد والإثنين من هذا الأسبوع.
وسبق هذه الخطوة امتناع النقابة عن توريد أية مبالغ مالية إلى جميع خزائن المحاكم لمدة 3 أيام خلال منتصف الشهر الماضي، إضافة إلى تنظيم وقفات احتجاجية أمام مقار المحاكم لرفض زيادة الرسوم بدعوى مخالفتها الدستور والقانون، بحسب النقابة.
ورفع مجلس رؤساء محاكم الاستئناف المقابل المادي للخدمات المقدمة للمحامين والمتقاضين بداية من مارس/آذار الماضي، نظير الخدمات المُميكنة وتطويرها.
في قرار محكمة استئناف القاهرة، شملت الزيادة 33 خدمة بنسبة 10%، منها مبلغ 60.5 جنيه (1.21 دولار) على الشهادات ونقض الجنح وخدمات الاستعلام، ومبلغ 242 جنيهًا (4.84 دولار) عند تزييل الأحكام المدنية والتجارية بالصيغة التنفيذية، و110 جنيهات (2.2 دولار) لطلبات سرية الحسابات، و22 جنيهًا (0.44 دولار) مقابل الحصول على صورة طبق الأصل أو صورة ضوئية من الحكم الجنائي لكل ورقة، حسبما نقلت وسائل إعلام محلية.
في المقابل، أصدرت نقابة المحامين بيانات رافضة للزيادة، وتصفها بأنها "غير دستورية"، قائلة إن موقفها لا يرتبط بـ"مطلب فئوي ولكن دفاعًا عن حق المواطن المصري في التقاضي، كما أن زيادة الرسوم يتطلب تعديلات تشريعية".
ورد مجلس رؤساء محاكم الاستئناف بأنه تم توحيد المقابل المادى للخدمات دون رفع أو تعديل القيمة المالية، بعد دراسة الزيادات المضطردة في مستلزمات أدائها، من أوراق وأحبار وماكينات تصوير وطابعات وأوراق مؤمنة وغيرها، حسب وسائل الإعلام.
ودخل البرلمان على خط الخلاف وتقدم عدد من النواب بطلبات إحاطة لرفض زيادة الرسوم. وأعلنت نقابة الصحفيين تضامنها مع مطالبات المحامين، مُبررة موقفها بأن "زيادة الرسوم القضائية يشكل عبئًا غير مبرر على المحامين والمتقاضين، وضمان ألا يتحول التقاضي إلى امتياز لمن يستطيع الدفع".
وقالت نقابة المهندسين إن الأزمة ليست مقصورة على المحامين أو فئة بعينها، "بل قضية عامة وشأن مجتمعي يمس جوهر العدالة وحقوق كافة المواطنين في التقاضي"، وفق بيان للنقابة.
وقال نقيب المحامين المصريين، عبد الحليم علام، إن "النقابة مستمرة في التصعيد التدريجي ضد قرار زيادة الرسوم القضائية والتي ارتفعت بنسبة 500%، ولكن حتى الآن ليس هناك ردة فعل تجاه هذا التصعيد، رغم عدم مشروعية قرار زيادة الرسوم لمخالفته الدستور والقانون".
وأوضح علام، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن "فرض الرسوم يتطلب إصدار تشريع يحدد هذه الرسوم وقيمتها وأوجه صرفها، ولكن القرار الصادر من مجلس رؤساء محاكم الاستئناف يعد قرارًا إداريًا، رغم صدور أحكام قضائية عديدة سابقة ببطلان المجلس، وكذلك ببطلان الرسوم المفروضة من المجلس، ولم تنفذ من وزارة العدل حتى الآن".
وأضاف علام أن نقابة المحامين صعّدت تدريجيًا من احتجاجها على القرار، بتنظيم وقفات احتجاجية أمام المحاكم لمدة نصف ساعة ثم ساعة، وبعدها اتخذت قرارًا بالامتناع عن توريد مبالغ مالية لخزائن المحاكم، ثم الامتناع عن حضور جلسات محاكم الاستئناف وبعدها امتنعنا عن الحضور أمام محاكم الجنايات، وسيتم تنظيم وقفات احتجاجية مرة ثانية بعد عيد الأضحى، ثم الدعوة إلى جمعية عمومية للنقابة لاتخاذ قرار بشأن الأمر.
وأشار نقيب المحامين إلى دعوته للحكومة ومجلس النواب خلال مناقشة قانون الإجراءات الجنائية الجديد، بوقف تنفيذ قرار زيادة الرسوم القضائية، التي قال إنها "تهدد 500 ألف محامي أعضاء بالنقابة، ويؤثر على حقوق المواطنين في اللجوء للقضاء، وقد يتجه لوسائل بديلة للحصول على حقوقه قد تضر بالأمن القومي، مطالبًا بضرورة تدخل مجلس النواب لحل الأزمة، ووقف تنفيذ القرار".
مصرنشر الاثنين، 19 مايو / أيار 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.