من المركز المقدّس إلى الفرد المقدّس.. القانص ينتقد استبداد وفساد الحوثي
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
دعا السياسي اليمني نايف القانص إلى وجوب تشكيل حكومة ظل لمتابعة ما وصفها بالتجاوزات ومحاسبة الفاسدين، في إشارة إلى ممارسات الفساد المالي والإداري والانتهاكات وسوء الإدارة في أروقة حكومة بن حبتور التي تشرف عليها مليشيا الحوثي - المصنفة أمريكيا منظمة إرهابية.
واعتبر القانص، والمعين سفيراً سابقا للجماعة الحوثية في دمشق، استحداث الجماعة لمناصب وهياكل إدارية بمؤسسات الدولة خارج النصوص الدستورية والقوانين واللوائح التنظيمية، إنما هو تدمير لمؤسسات الدولة وتكريس لمنظومة الفساد المالي والإداري، موضحا أنه "لم يحدث على مستوى العالم أن يتم تعيين وزير يُفرَض عليه مشرف".
وفيما يعد تعليقاً على هجمات مليشيا الحوثي على السفن التجارية في البحر الاحمر بزعم مناصرة غزة يرى القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي ـ قطر اليمن، أن "القرارات المصيرية لا تتخذ بالعاطفة، بل بدراسة استراتيجية تقيم الأبعاد والتبعات التي قد تسببها وإمكانيات مواجهتها، والقدرات الاقتصادية وكل الاحتياطات التي قد يتم اللجوء إليها أثناء المواجهات، وتأمين المخزون الغذائي".
وفيما اكد القانص أنّ أحداث غزة مثلت فرصة لإخراج (صنعاء) من حالة الضغط الداخلي، اعتبر حكاية التغييرات الجذرية قرارا متسرعاً وغير مدروس، "وكان تهدئة للوضع الداخلي المحتقن وهروباً إلى الأمام"، متسائلا في هذا السياق: "أنت لا تستطيع أن تغطي رواتب الموظفين المنقطعة منذ 2016، فكيف ستوجد مقومات التغيير الجذري؟".
وفي حوار له بثته شبكة (النقار) اليمنية يوم الثلاثاء 26 مارس 2024، وصف طريقة حكم جماعة الحوثي لإدارة الدولة في صنعاء بـ(الفوضى والاستبداد)، قائلا: "الحكم الذي يقتصر على مكون أو فرد هو حكم استبداد، وأي حكم لا يستند على مرجعية دستورية وقانون يضبط الحقوق والواجبات هو فوضى".
مشيراً إلى أن الشراكة الوطنية "صورية بالنسبة لهم"، وأن "كل القرارات التي تُتخذ مركزية ولم يشارك فيها أي طرف وطني"، واضاف: "كنا نعاني من المركز المقدس، وأصبح لدينا الفرد المقدس".
ولاعادة الامن والاستقرار في اليمن، يعتقد القانص أن الحل السياسي هو الطريق المختصر لتحقيق ذلك، بـ"إعادة الحياة الديمقراطية عبر الاتفاق على شكل الدولة، وفصل الدين عن الدولة من خلال دستور يحفظ الحقوق والتنوع ويعيد للدين قيمته الروحية ويمنع المتاجرة به ويحافظ على النسيج الاجتماعي اليمني".
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
مزارعو اليمن يواجهون الانهيار وسط تصاعد جبايات الحوثي وتكدّس المحاصيل
يواصل القطاع الزراعي في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي الانحدار نحو واحدة من أسوأ مراحله منذ عقود، مع اتساع رقعة الانتهاكات التي تستهدف المزارعين وحرمانهم من أبسط مقومات الإنتاج، وسط غياب أي دعم أو حماية رسمية.
ومع اشتداد حملات الجباية والنهب، تبدو الزراعة—أحد أهم أعمدة الاقتصاد اليمني—على وشك الانهيار الكامل.
تقول مصادر ميدانية إن جماعة الحوثي كثّفت خلال الأسابيع الماضية من حملات الجباية في محافظة إب، مستهدفة مزارعي البطاطا ومربي النحل وقطاعات إنتاجية أخرى، في خطوة تُعد امتدادًا لسياسات ممنهجة تهدف إلى تحويل النشاط الزراعي إلى مصدر تمويل مباشر للجماعة.
ووفقًا للمصادر، فقد فُرضت إتاوات مالية تعسفية على المزارعين دون أي مسوغ قانوني، فيما استخدمت الفرق الميدانية أساليب الترهيب والتهديد بالسجن والغرامات لإجبار الناس على الدفع، ما دفع كثيرين إلى الرضوخ خوفًا من بطش المشرفين.
ويؤكد مزارعون في إب أن الجبايات الحوثية باتت تمثّل "الضربة القاتلة" لما تبقى من النشاط الزراعي، بعد سنوات من الخسائر المتراكمة الناتجة عن ارتفاع تكاليف السماد والمياه والديزل وتراجع أسعار المحاصيل، فضلًا عن القيود المفروضة على حركة النقل والتسويق. وباتت المنتجات الزراعية تتكدس عامًا بعد عام، دون قدرة على التصريف أو الوصول إلى أسواق عادلة.
وفي محافظة الجوف تتجلى الأزمة بصورة أكثر وضوحًا، حيث يشهد محصول البرتقال تكدسًا كبيرًا يُنذر بانهيار كامل للموسم. فقد غصّت الأسواق بكميات ضخمة مع بداية الحصاد، لتنهار الأسعار بشكل غير مسبوق. وتشير المعلومات إلى أن أحد أبرز أسباب الأزمة هو منع الحوثيين للمزارعين من التصدير إلى أسواق الخليج، بعد أن استولى ما يسمى بـ"سوق الارتقاء" التابع للجماعة على عملية شراء المحصول واحتكار التصدير، وهو ما عطّل تدفق الإنتاج إلى الخارج.
ولم يقف الأمر عند ذلك، إذ زاد دخول البرتقال المستورد من سوريا ومصر إلى أسواق الخليج من حدة المنافسة وأدى إلى كساد المحصول اليمني الذي يفتقر للدعم والقدرة على الوصول إلى المستهلك الخارجي. ويتراوح سعر سلة البرتقال (20 كيلوغرامًا) في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين بين 6500 و8000 ريال بالطبعة القديمة، بينما يتضاعف السعر بنحو مرتين في المناطق المحررة، في مؤشر على اختلالات عميقة في آليات التسويق وتفاوت العرض والطلب.
ويقول خبراء اقتصاديون إن استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى انهيار شبه كامل للقطاع الزراعي، الذي يُعد مصدر رزق لنحو 70% من الأسر الريفية، ومحركًا أساسيًا للأمن الغذائي في بلد يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وبينما يواجه اليمنيون خطرًا متناميًا على أمنهم الغذائي، تواصل ميليشيا الحوثي—بحسب المصادر—فرض المزيد من القيود والإتاوات، دون أي اعتبار للانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية، ليجد المزارع اليمني نفسه اليوم في مواجهة مباشرة مع الجوع والخسارة والنهب، في وقتٍ بات فيه البقاء على قيد الإنتاج تحديًا يفوق القدرة على الاحتمال.