دول الخليج تستكشف فرص الاستثمار في العراق
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
في المنطقة الخضراء ببغداد، وهي منطقة محصنة من إرث سنوات الحرب في العراق، توضع اللمسات الأخيرة على فندق ريكسوس الفخم بتمويل قطري، مما يسلط الضوء على الاهتمام الاستثماري المتزايد من دول الخليج.
تطمح حكومة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في استضافة زعماء دول الخليج وغيرهم من الوفود من الشرق الأوسط في فندق ريكسوس بغداد الفاخر الذي يتألف من 470 غرفة وجناحًا، خلال حضورهم لقمة جامعة الدول العربية المقررة العام المقبل.
تسعى حكومة العراق إلى جذب مزيد من الاستثمارات من المنطقة لتنمية اقتصاد متضرر بسبب سنوات من الحروب والاضطرابات، مع استفادته من عائدات نفطية ضخمة تسهم في تحفيز الطلب على السلع الاستهلاكية في ظل زيادة سكانية سريعة تبلغ ما يقرب من 43 مليون نسمة.
تشهد العراق، عضو منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، هدوءًا نسبيًا منذ هزيمة تنظيم داعش في عام 2017، على الرغم من وقوع أعمال عنف متفرقة، بما في ذلك اشتباكات بين الفصائل الشيعية الحاكمة وهجمات من جماعات متحالفة مع إيران.
تُعتبر الصين وإيران وتركيا أكبر الشركاء التجاريين للعراق حاليًا.
ومع ذلك، قدمت دول الخليج، التي كانت علاقاتها مع العراق معقدة، تعهدات بسلسلة من الاستثمارات في إطار جهودها لتعزيز القوة الناعمة في بلد تتمتع فيه إيران بنفوذ واسع النطاق من خلال شبكة قوية من الحلفاء، وذلك جزئيًا من خلال تحسن العلاقات بين إيران والسعودية.
وقال معتز الخياط، رئيس مجلس إدارة شركة استثمار القابضة القطرية التي تقف وراء مشروع ريكسوس إن هذا هو الوقت المناسب للاستثمار في العراق، مشيرا إلى قدرة الحكومة العراقية على بناء مشروعات ضخمة وجذب مستثمرين دوليين.
وقال إن العراق يتمتع بالأمان والانضباط بشكل أكبر. وإنه يعتقد أن بغداد ستكون واحدة من أهم العواصم العربية في خلال 25 عاما مقبلة.
قطعت دول الخليج العلاقات مع العراق بعد غزو الرئيس السني الراحل، صدام حسين، للكويت عام 1990، لكن تغيرت الأوضاع بعد سقوط نظام صدام في عام 2003 بتدخل من الولايات المتحدة، حيث تحولت النفوذ للفصائل الشيعية المتحالفة مع إيران.
وفي عام 2014، اتهم رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي السعودية وقطر بتحريض وتمويل مقاتلي داعش في البلاد، مزعزعًا العلاقات بين البلدين.
لكن مع تصاعد جهود بغداد لتحويل العراق إلى مكان للتعاون بين دول المنطقة، وبمساهمة من السعودية وإيران، تمت استضافة محادثات سياسية في العراق في السنوات الأخيرة، مما ساعد في تحسين العلاقات بينها.
وقال محجوب الزويري، مدير مركز دراسات الخليج بجامعة قطر، إن السعودية وقطر والإمارات بدأت في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع العراق للتأثير في المشهد السياسي وللتقريب من البيئة العربية.
وفي مايو 2023، أعلنت السعودية عن استثمارات تقدر بثلاثة مليارات دولار في العراق عبر صندوق الاستثمارات العامة بالمملكة، بالإضافة إلى مشروع بقيمة مليار دولار يتضمن مكاتب ومتاجر ووحدات سكنية.
وزار أمير قطر بغداد في يونيو 2023، حيث وقعت شركة استثمار مذكرات تفاهم بقيمة سبعة مليارات دولار لتطوير مدينتين سكنيتين جديدتين وفنادق خمسة نجوم وصفقات لإدارة وتشغيل المستشفيات.
وقال عبد العزيز الغرير رئيس غرفة تجارة دبي إن العراق بلد ضخم ولديه إمكانيات كبيرة وربما أدركوا هناك أن الشريك الأكبر والأفضل لهم يجب أن يكون من المنطقة.
وارتفعت الصادرات من أعضاء غرفة تجارة دبي 96 في المئة تقريبا في النصف الأول من العام الماضي.
كما أبدت دول الخليج اهتماما متزايدا بقطاع الطاقة العراقي، وهو منطقة نفوذ رئيسية لإيران التي تزود العراق حاليا بما يصل إلى 40 في المئة من احتياجاته من الطاقة.
واستحوذت قطر العام الماضي على حصة 25 في المئة في صفقة بقيمة 27 مليار دولار بقيادة شركة توتال إنرجيز الفرنسية لتطوير إنتاج النفط واحتجاز الغاز الذي يحرقه العراق حاليا، في حين وقعت شركة أورباكون القابضة القطرية مذكرة تفاهم بقيمة 2.5 مليار دولار لتطوير محطتين للطاقة يبلغ إجمالي طاقتهما الإنتاجية 2400 ميجاوات.
كما وقعت شركة نفط الهلال، ومقرها الإمارات، العام الماضي ثلاثة عقود مدتها 20 عاما لتطوير حقول الغاز الطبيعي في محافظتي البصرة وديالى الجنوبيتين. وتعتزم شركة أكوا باور السعودية إنشاء مزرعة للطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية 1000 ميجاوات.
كما يعمل العراق على ربط شبكة الطاقة لديه بالكويت، وفي المستقبل بالسعودية.
وتبقى هناك تساؤلات بشأن رد فعل إيران على الوجود المتزايد لدول خليج عربية في العراق كما يسلط تصاعد أعمال العنف الضوء على هشاشة الاستقرار النسبي في البلاد.
وعلى مدى أكثر من أربعة أشهر شهد العراق هجمات صاروخية بوتيرة شبه يومية تنفذها جماعات مسلحة مدعومة من إيران على قوات أميركية موجودة لمساعدة القوات المحلية على منع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي يناير، تسبب هجوم إيراني بصاروخ باليستي على منطقة كردستان العراق في مقتل رجل أعمال بارز.
كما أن لدى كثير من المستثمرين مخاوف بشأن الفساد المستشري والبيروقراطية المعيقة التي تزيد من صعوبة كل إجراء، من توقيع عقد إلى استلام مدفوعات، مما يعطي أهمية كبيرة للصلات السياسية والوعود.
وقال الزويري إنه ليس واثقا من أن الاستثمارات القادمة من الخارج في العراق ستساعد على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وعزا ذلك إلى انتشار الفساد والتناحر السياسي.
وقضت المحكمة العليا في العراق في سبتمبر بأن اتفاقا لترسيم الحدود البحرية مع الكويت غير دستوري في ضربة للنوايا الطيبة المتنامية مع دول خليج عربية.
وقرار المحكمة نهائي لكن مجلس التعاون الخليجي وصفه بأنه لاغ. وبوسع البرلمان أن يصدق على اتفاق جديد ويقول مسؤولون عراقيون إن المحادثات في هذا الشأن جارية.
وقال دبلوماسي خليجي “لا نزال على تفاؤل بشأن العمل في العراق رغم وجود مخاوف من أن البعض في المنطقة قد يسعى لإفساد ذلك”.
رويترز
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: دول الخلیج فی العراق
إقرأ أيضاً:
رغم التوترات.. إيران تعلن استعدادها لفصل جديد في علاقاتها مع دول الخليج
أعرب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان عن استعداد بلاده لبدء فصل جديد من العلاقات مع دول الخليج، مؤكداً رغبة طهران في تعزيز التعاون مع مجلس التعاون الخليجي، وذلك رغم التصعيد الأخير عقب الهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدف قاعدة أمريكية في قطر.
وخلال اجتماع للحكومة الإيرانية، قال بزشكيان، وفقاً
نقلته وكالة “إرنا”، إن “سياسة الجوار وتطوير العلاقات الإقليمية تمثل ركيزة أساسية لحكومة الجمهورية الإسلامية”، مشدداً على أن إيران “تسعى لتعزيز التضامن الإسلامي وتوسيع التعاون مع دول المنطقة، وتحديداً مع مجلس التعاون الخليجي”.
تصريحات بزشكيان تأتي بعد موجة إدانات من دول الخليج للهجوم الإيراني على الأراضي القطرية. إذ وصف الأمين العام لمجلس التعاون، جاسم محمد البديوي، الضربة بأنها “انتهاك صارخ لسيادة دولة قطر”، محذّراً من أنها تشكّل تهديداً مباشراً لأمن المنطقة، رغم المساعي الدبلوماسية الخليجية الحثيثة لوقف الحرب بين إيران وإسرائيل.
وفي السياق ذاته، شدد المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، أنور قرقاش، على ضرورة أن “ترمم إيران ثقة محيطها الخليجي”، مؤكداً أن استهداف قطر “مسّ أمن المنطقة برمتها”، رغم المواقف الخليجية الرافضة للحرب الإسرائيلية على إيران.
ورغم دخول وقف إطلاق النار مع إسرائيل يومه السادس، قال الجنرال إسماعيل كوثري، القيادي في الحرس الثوري، إن إيران لم تعلن وقفاً رسمياً لإطلاق النار، موضحاً أن ما يجري هو “توقف مؤقت للعمليات القتالية”، ومؤكداً أن طهران سترد في الوقت المناسب على عمليات الاغتيال التي طالت مسؤولين إيرانيين على يد إسرائيل والولايات المتحدة.
بدوره، أبدى رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، عبد الرحيم موسوي، شكوكاً حيال التزام إسرائيل بالتهدئة، محذراً من أن بلاده “سترد بقوة” إذا تكررت الهجمات.
وفي اتصال مع وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، قال موسوي إن “إيران لم تبدأ الحرب لكنها ردّت بقوة على من بادر بالعدوان”.
في الأثناء، وجّه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، دعا فيها مجلس الأمن لتحميل الولايات المتحدة وإسرائيل المسؤولية القانونية عن الهجمات الأخيرة، واعتبارهما “الطرف المعتدي”، مطالباً بتعويضات لإيران.
كما أعلنت طهران تشكيل “لجنة قانونية خاصة” لحصر الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، والمرافق التعليمية والصحية والإعلامية، تمهيداً لعرضها على المؤسسات الدولية.
وفي تطور داخلي، صادق البرلمان الإيراني على قانون يجرّم استخدام خدمة الإنترنت الفضائي “ستارلينك”، وفرض عقوبات مغلظة على جرائم التجسس تصل إلى الإعدام، في ظل إعلان السلطات تنفيذ عدة أحكام بالإعدام بحق من وصفتهم بـ”جواسيس” خلال فترة الحرب.
الملف النووي: أضرار مجهولة وضغوط أمريكية متصاعدة
لا تزال الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية جراء الضربات الأمريكية غير معروفة، وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إن “القدرات الصناعية والتقنية الإيرانية لا تزال قائمة”، لكنه أشار إلى أن طهران لم تسمح بعد للوكالة بإجراء عمليات تفتيش لتقييم حجم الأضرار.
في المقابل، حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من استئناف الضربات ضد إيران في حال تبيّن أنها استأنفت تخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية، قائلاً إنه “أنقذ” المرشد الإيراني علي خامنئي من محاولة اغتيال، لكنه اتهمه بالجحود.
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بلاده حققت “انتصاراً تاريخياً” بإزالة ما وصفه بـ”التهديد النووي الإيراني”، مشدداً على أن إسرائيل ستواصل اعتماد “الردع العسكري والدبلوماسي” في مواجهة أي تهديد.