#سواليف

دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى تحقيق على مختلف المستويات المحلية والدولية في انخراط كبرى شركات التكنولوجيا وشركات مواقع التواصل الاجتماعي العالمية في التسبب بمقتل مدنيين فلسطينيين في الهجمات العسكرية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي، بما يفضي إلى مساءلة ومحاسبة تلك الشركات بحال ثبت تواطؤها أو عدم بذلها للعناية الواجبة لمنع الوصول إلى واستغلال المعلومات الخاصة بمستخدميها، وإلزامها في ضمان تجنب إساءة توظيف خدماتها في مناطق الحرب وانتهاك خصوصية مستخدميها.

ونبه الأورومتوسطي إلى تواتر التقارير بأن إسرائيل تستخدم عدة أنظمة تكنولوجية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل (Gospel) و(Fire factory) و(Lavender) و(Where’s Daddy)، وجميعها تعمل ضمن منظومة تهدف إلى رقابة الفلسطينيين وتتبعهم ورصد تحركاتهم بشكل غير قانوني. وتعمل هذه الأنظمة على تعريف الأهداف والأشخاص المشتبه بهم، وتحديدهم كأهداف مشروعة، بناء على معلومات محتملة لا تتعلق بالموقع أو الشخص ذاته في غالبية الحالات، بل من خلال البحث عن القواسم والأنماط المشتركة بين عموم الأشخاص في قطاع غزة، وبخاصة الذكور، وبين أعضاء الفصائل المسلحة في قطاع غزة.

وبحسب التحقيقات المنشورة، فإنه لا يجري التحقق من دقة المعلومات التي تقدمها هذه الأنظمة من قبل الجيش الإسرائيلي في معظم الحالات، رغم العلم المسبق بوجود هامش كبير للخطأ؛ نظرًا لطبيعة عمل هذه الأنظمة، وعدم قدرتها على التزويد بمعلومات مستحدثة، وبخاصة فيما يتعلق بأماكن تواجد من وضعتهم على قائمة الاستهداف في الوقت الحقيقي، ورغم إدراك الجيش الإسرائيلي بتكرار وقوع الخطأ بشكل فعلي بعد الاستهداف.

مقالات ذات صلة زخات أمطار محدودة متوقعة في بعض مناطق الأردن 2024/04/20

ولفت الأورومتوسطي إلى ما تم كشفه بشأن نظام “لافندر”(Lavender) من أنه يستخدم بكثافة من الجيش الإسرائيلي لتحديد هوية المشتبه بهم في قطاع غزة قبل استهدافهم، وهو النظام الذي يتسبب في ارتفاع معدل الضحايا المدنيين بشكل متعمد.

إذ يعتمد النظام على منطق الاحتمالات، وهي من السمات المميزة لخوارزميات تعلم الآلة، بحيث تبحث الخوارزمية داخل مجموعات ضخمة من البيانات في محاولة للعثور على أنماط تتطابق مع سلوك المقاتلين، ويعتمد نجاحها على جودة وكمية تلك البيانات، ثم تقدم توصياتها للأهداف استنادًا إلى الاحتمالات.

واعترفت مصادر عسكرية واستخباراتية إسرائيلية بمهاجمة أهداف محتملة دون مراعاة مبدأ التناسب والأضرار الجانبية، فيما تثار شبهات متطابقة بأن نظام “لافندر” يعتمد من بين مصادره على تعقب الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأبرز الأورومتوسطي أن مما يؤكد هذه الشكوك ما تضمنه كتاب القائد الحالي لوحدة نخبة الجيش الاسرائيلي 8200 (فريق الآلة البشرية) الذي قدم دليلًا لبناء “آلة الهدف”، والمشابه في طبيعته بنظام الذكاء الاصطناعي “لافندر”، من دليل بمئات الإشارات التي يمكن أن تزيد من درجة خطورة تصنيف الفرد، كتغيير هاتفه الخلوي كل بضعة أشهر، أو تغيير العناوين بشكل متكرر، أو حتى مجرد انضمامه إلى مجموعة مع “مقاتل” في تطبيق “واتساب” التابع لشركة “ميتا”.

كما تم الكشف مؤخرا عن تعاون إسرائيل مع شركة Google، وتعاقدهما في عدة مشاريع تكنولوجية، من ضمنها مشروع (Nimbus) الذي يوفر للجيش الإسرائيلي تكنولوجيا تسمح بتكثيف المراقبة وجمع المعلومات عن الفلسطينيين على نحو غير قانوني، مما يساهم في تعزيز وتعميق سياسات قمع الفلسطينيين واضطهادهم وارتكاب مختلف الجرائم ضدهم. وأثار هذا المشروع على وجه الخصوص العديد من الانتقادات على المستوى الحقوقي، مما دفع العشرات من موظفي الشركة إلى الاحتجاج والاستقالة، ومنهم من تمت إقالته على خلفية احتجاجه.

يستخدم الجيش الإسرائيلي كذلك ميزة التعرف على الوجه في صور Google لمراقبة المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة وإعداد “قائمة اغتيالات”، وجمع أكبر كمية من الصور المتعلقة بعملية السابع من أكتوبر ، والتي أطلق عليها اسم “طوفان الأقصى”، وظهرت فيها وجوه الأشخاص الفلسطينيين مكشوفة، خلال اقتحام السياج الفاصل، والدخول إلى المستوطنات. وبواسطة التقنية جرى فرز الصور، وتخزين الوجوه، وهو ما تسبب في اعتقال آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة خلال الآونة الأخيرة، وهو ما يتعارض مع قواعد الشركة المعلنة بوضوح، ومبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان.

وجمع الفريق الميداني للأورومتوسطي شهادات لحالات لمدنيين فلسطينيين جرى استهدافهم بشكل مباشر في هجمات عسكرية إسرائيلية على إثر أنشطة لهم في مواقع التواصل الاجتماعي، دون انخراطهم بأي عمل عسكري.

ومن ذلك إصابة شاب فلسطيني (ع. ف) بجروح خطيرة في قصف إسرائيلي استهدف منزلًا سكنيًا كان يتواجد فيه في حي “الصبرة” في مدينة غزة، بعد وقت قصير من نشره مقطع فيديو على تطبيق (إنستغرام) التابع لشركة “ميتا”، قال فيه بشكل ساخر إنه ينفذ “مهمة استطلاع للأوضاع الميدانية” في منطقة سكنه.

وقال أحد أقارب المستهدف، وهو شاب في العشرينيات من عمره لفريق الأورومتوسطي، إنه كان يحاول فقط تقليد المراسلين الصحافيين من خلال نشر مقطع الفيديو القصير على حسابه الشخصي في (إنستغرام) قبل أن يتم استهدافه بشكل مباشر ومفاجئ في قصف من طائرة استطلاع إسرائيلية وهو على سطح المنزل ليصاب بجروح خطيرة وتُلحق أضرار كبيرة بالمنزل.

ووثق فريق الأورومتوسطي مقتل ستة شبان فلسطينيين في قصف إسرائيلي يوم 16 نيسان/أبريل الجاري، استهدفهم خلال تجمعهم للحصول على إشارة انترنت، بينما كان أحدهم يقدم إفادات إخبارية للأوضاع في منطقة سكنهم في حي (الشيخ رضوان) في مدينة غزة، في حساب مجموعات لتطبيق (واتساب) التابع لشركة “ميتا”.

وقال أحد أقارب القتيل، وهو شاب يبلغ (26 عامًا) وطلب الاحتفاظ باسمه للأورومتوسطي، إن الشاب كان ينشر كمتطوع في مجموعات عائلية وعامة في تطبيق (واتساب)، عن تداعيات الهجمات الإسرائيلية والأوضاع الإنسانية في منطقة سكنهم خلال تواجده مع آخرين عند نقطة إشارة الانترنت عندما تم قصفهم بصاروخ من طائرة استطلاع إسرائيلية بشكل مباشر.

وأعرب المرصد الأورومتوسطي عن بالغ قلقه إزاء النهج الخفي للجيش الإسرائيلي في شن هجمات جوية ومدفعية بالغة الضرر بناء على بيانات تفتقد الحد الأدنى من تقييم الهدف بدقة، بدءًا من الصور والمعلومات الخلوية، ووصولًا إلى أنماط التواصل والتعارف على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك في إطار برنامج قتل أكثر عشوائية.

وأشار الأورومتوسطي إلى ما أثاره خبراء دوليون في قطاع التكنولوجيا من دلائل بشأن علاقة محتملة بين شركة “ميتا” ونظام (Lavender) المستخدم في تحديد أهداف الجيش الإسرائيلي في هجماته العسكرية على قطاع غزة، بما في ذلك استهداف أشخاص لمجرد وجودهم في مجموعات (واتساب) مع آخرين مدرجين على قائمة الاشتباه، فضلًا عن كيفية حصول إسرائيل على هذه البيانات، من دون مشاركتها من طرف شركة “ميتا”.

وقبل ذلك، أبرزت صحيفة “الغارديان” البريطانية استخدام إسرائيل لنظام الذكاء الاصطناعي (Lavender) لقتل أعدادا كبيرة من المدنيين الفلسطينيين اعتمادًا على أنظمة التعلم الآلي للمساعدة في تحديد الأهداف عن طريق معالجة كميات كبيرة من البيانات لتحديد أهداف محتملة من “المقاتلين ذوي الرتب المتدنية”، لاستهدافهم من دون مراعاة الأضرار الجانبية المسموح بها عند مهاجمة أي هدف، واعتماد “هامش سماح” قد يصل إلى قتل 20 مدنيًا مقابل الإطاحة بهدف واحد، في حين أنه عند استهداف “مقاتلين من الرتب الأعلى” فإن هامش السماح هذا قد يصل إلى قتل 100 شخص آخر مقابل مقاتل واحد.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن احتمال تواطؤ شركتي “جوجل”و”ميتا” وغيرها من شركات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، وبخاصة جرائم القتل غير القانونية، بما ينتهك قواعد القانون الدولي والتزام هاتين الشركتين المعلن بحقوق الإنسان.

وشدد الأورومتوسطي على أنه لا ينبغي لأي شبكة اجتماعية أن تقدم هذا النوع من المعلومات الخاصة حول مستخدميها وألا تشارك بالفعل في الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة وهو ما يتطلب تحقيقًا دوليًا يوفر ضمانات المسائلة والمحاسبة للمسئولين عن ذلك وإنصاف الضحايا.

ونبه الأورومتوسطي إلى أن الحديث عن احتمال تواطؤ شركة “ميتا” في قتل المدنيين الفلسطينيين يبدو محتملًا، بالنظر إلى تحيز الشركة الصريح والواضح لإسرائيل، والقمع الكبير الذي تقوم به للمحتوى الداعم للقضية الفلسطينية، فضلاً عن السياسة المناهضة المستخدمة لقمع معارضة جرائم إسرائيل، بما في ذلك ما يتردد عن علاقات وثيقة لكبار المسئولين فيها مع إسرائيل.

وشدد المرصد الأورومتوسطي على أنه يتوجب على جميع هذه الشركات الالتزام بشكل كامل بإلغاء جميع سبل التعاون والوصول المتاحة لإسرائيل للبيانات والمعلومات التي تنتهك حقوق الفلسطينيين، وتعرض حياتهم للخطر، لا سيما في ظل مخاطر عدم بذل العناية الواجبة لإثبات أن الهدف هو هدف شرعي بموجب القانون الدولي الإنساني.

وقال الأورومتوسطي إنه يتوجب التحقيق الفوري بشأن مدى التزام إسرائيل في الوفاء بالعناية الواجبة ومراعاة حقوق الإنسان عند الاستخدام العسكري للذكاء الاصطناعي ومدى توافق ذلك مع القانون الدولي والتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك مبادئه الأساسية.

وشدد الأورومتوسطي على ضرورة قيام هذه الشركات بتقديم توضيحات فورية مبنية على تحقيقات داخلية نزيهة حول ما يتم تداوله عن تواطؤها أو استغلالها خدماتها وتطبيقاتها في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين، إضافة إلى فرض الرقابة الدولية والمحلية الفعالة على هذه الشركات، ومراجعة حاسمة لسياسات ونهجها في التواطؤ ودعم الجرائم الإسرائيلية وانتهاك حقوق الإنسان، وفتح التحقيقات الجدية اللازمة بهذا الخصوص ومساءلتها في حال تواطؤها أو عدم قيامها ببذل العناية الواجبة لمنع استغلال خدماتها ومعلومات مستخدميها في ارتكاب الجرائم وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف المدنیین الفلسطینیین المرصد الأورومتوسطی التواصل الاجتماعی الجیش الإسرائیلی الأورومتوسطی إلى حقوق الإنسان فی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الأورومتوسطي .. الاحتلال قتل وأصاب أكثر من 600 فلسطيني قرب مراكز المساعدات في أسبوع واحد

#سواليف

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ الجيش الإسرائيلي قتل وأصاب أكثر من 600 فلسطيني من المجوّعين قرب ثلاث نقاط توزيع أقامها في مناطق سيطرته المطلقة في قطاع غزة خلال أسبوع واحد فقط، في أوضح دليل على ما تشكّله تلك النقاط من مصائد لاستهداف المدنيين وإعدامهم ميدانيًا.

وأعرب المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم عن بالغ قلقه من الصمت الدولي المُشين إزاء تصعيد إسرائيل لجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها منذ نحو 20 شهرًا في قطاع غزة، إذ لم تكتف بتجويع المدنيين خلال الأشهر الماضية، بل أقامت مراكز إنسانية مزعومة لتقتلهم على مشارفها وهم يحاولون الحصول على كميات زهيدة من الطعام بطريقة مذلة، دون أن أي مساءلة أو محاسبة، أو حتى تشكيل تحقيق مستقل في تلك الجرائم الخطيرة.

وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي أنّ فريقه الميداني وثّق إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي النار تجاه آلاف المدنيين الذين تجمعوا فجر اليوم الثلاثاء 3 يونيو/حزيران، في حي “تل السلطان” في رفح جنوبي قطاع غزة، قرب نقطة مساعدات مزعومة أقامها الجيش الإسرائيلي، ما أدّى إلى مقتل 27 مدنيًا على الأقل، وإصابة 90 آخرين، فيما تبقى أعداد القتلى مرشحة للارتفاع نظرًا لوجود عدد كبير من الإصابات الخطرة، والتدني الحاد في مستوى الرعاية الصحية بسبب الحصار والاستهداف الإسرائيلي للمنظومة الطبية.

مقالات ذات صلة الطعام فخ للقتل.. شهادات مروعة عن مجازر إسرائيل بغزة / فيديوهات 2025/06/03

كان النار يطلق بشكل كثيف وعشوائي على الناس، ولكن كل من يتواجد في المكان يكون متمدد على الأرض والرصاص من فوقنا، ولا أحد يستطيع الوقوف لأن الوقوف يكلف حياة الشخص

أ.ب، أحد الناجين من الحادثة
ووفق الشهادات والمعلومات التي جمعها فريق المرصد الأورومتوسطي، استهدف قناصة الجيش الإسرائيلي المدنيين المجوّعين بأعيرة نارية مباشرة، أغلبها في الرأس، رغم عدم وجود أي خطر يتهدد القوات الإسرائيلية.

في إفادته لفريق المرصد الأورومتوسطي قال أحد الناجين (طلب عدم ذكر اسمه): “في حوالي الساعة 3:50 فجر اليوم، جاءت طائرة “كوادكابتر” إسرائيلية، والتقطت صورًا لتجمعات المواطنين، وبعدها فتح الجيش النار علينا من إحدى الرافعات في المنطقة. نقلت بيدي 3 قتلى كانوا مصابين بأعيرة نارية في رؤوسهم. معظم الإصابات تتركز في الرأس. جاء الناس ليأخذوا ما يسد جوعهم ولكنهم عادوا قتلى ومصابين”.

وفي إفادة أخرى، قال “أ.ب” (38) عامًا، لفريق الأورومتوسطي: “يقول توجهت اليوم الساعة الثالثة قبل الفجر إلى ما قبل منطقة “العلم” في رفح، ومكثت هناك بجانب احدى الكافيتريات على البحر، حيث كان النار يطلق بشكل كثيف وعشوائي على الناس، ولكن كل من يتواجد في المكان يكون متمدد على الأرض والرصاص من فوقنا، ولا أحد يستطيع الوقوف لأن الوقوف يكلف حياة الشخص. الساعة الخامسة فجرًا، بدأ الناس يقتربون على طريق دخول مركز المساعدات، وبدأ إطلاق الرصاص عليهم من مسيّرة كوادكابتر ومن الآليات المتواجدة خلف تلال الرمل ومن الزوارق البحرية.”

وأضاف: “سقط عدد كبير من الاصابات والقتلى. وفي حوالي الساعة 5:45، تمكننا من الدخول واستطعت الحصول على (صندوق مساعدات)، وفي طريقي للخروج، قابلت امراة أربعينية أخبرتني أنها لا تستطيع التقدم وأنها تعاني وأبناؤها من الجوع والفقر، فأعطيتها صندوقي وعدت إلى نفس المكان للحصول على آخر. وهناك، لم أجد شيئًا، وكانت مسيّرة كوادكابتر تنادي على الناس بألفاظ نابية وتقول أيضا “يا بهايم روحوا خلصت الكمية.”

واستكمل الشاهد قائلًا: “انصرفت من المكان، وقبل وصولي مخرج الحلابات، وجدت طفلًا يبكي بصوت عالٍ: “يما قومي يما قومي”.. اقتربت من المكان، وإذ بالمرأة التي أعطيتها صندوقي ملقية على الأرض وسط بركة دمائها وقد فارقت الحياة. حملناها مع مجموعة شباب إلى الخارج ومن ثم في سيارة إسعاف وذهبت ومعها ابنها إلى المستشفى.. أما بالخارج على طريق البحر، فشاهدت سبع جثث ملقاة على الأرض على جانب الطريق.

حين عدت إلى خيمتي، عاهدت زوجتي وأطفالي أمام الله بأنني لن أصل بعد ذلك إلى أي مركز توزيع مساعدات من هذا القبيل. مهما وصلت بي ظروف الحياة، حتى لو اضطررت أن آكل الرمل.”

وفي إحدى حالات الإعدام الميداني للمدنيين التي وثقها المرصد الأورومتوسطي، قتل الجيش الإسرائيلي “خالد أحمد أبو سويلم”، 41عامًا، والذي كان توجّه صباح اليوم الثلاثاء إلى مركز توزيع المساعدات غربي رفح لاستلام الغذاء. وبعد تمكنه بصعوبة من الوصول واستلام حزمة المساعدات، توجه للمغادرة عبر بوابة الخروج، حيث تم إطلاق النار عليه من الخلف، وأصيب بطلق ناري خلف أذنه اليمنى استقر في رأسه، ليُقتل على الفور، قبل أن يُنقل إلى مستشفى ميداني، ثم إلى مستشفى ناصر في خان يونس جنوبي قطاع غزة.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي والمنظمة الأمريكية التي أسسها، والتي تدير نقاط توزيع المساعدات، توجّه الفلسطينيين لاستلام مساعدات من المنطقة، وتطلب منهم الانتظار للمرور من بوابات الفحص والإذلال، للحصول على المساعدات، قبل أن تستهدفهم بإطلاق نار مباشر من القناصة وطائرات “كوادكابتر” المسيّرة، والطائرات المروحية وقذائف الدبابات في بعض الأحيان، بدعوى وجود خطر على حياة القوات الإسرائيلية التي تتمركز على بعد مئات الأمتار.

وأكّد أنّ ما يجري يدلل على أن القوات الإسرائيلية تعمدت وضع نقاط التوزيع في مناطق خطيرة تحت سيطرتها، دون توفر ممرات وصول آمنة لها، لتكون فخًا مميتا لآلاف المجوعين الذين يدفعهم الجوع والعوز بعد أكثر من ثلاثة أشهر على إغلاق المعابر، للمخاطرة بحياتهم للحصول على القليل من الطعام، ولكن أغلبهم بات يعود إما قتيلا أو جريحًا.

ولفت إلى أنّ الجيش الإسرائيلي عادة ما ينفي ارتكاب قواته تلك الجرائم الخطيرة، أو يبرر إطلاق قواته النار باقتراب ما يدّعي أنّهم أشخاص “مشتبه بهم” من مناطق تمركز قواته، دون تقديم أدلّة أو براهين على رواياته التي تكون متناقضة في كثير من الأحيان، على نحو يمثل استخفافًا بأرواح المدنيين المُجوّعين، كنتيجة مباشرة لسياسة الإفلات من العقاب التي تتمتع بها إسرائيل منذ نشأتها.

وشدّد على أن المجتمع الدولي مطالب بتحرك فوري صارم لإلزام إسرائيل بوقف العمل بآليتها غير الإنسانية لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، عقب المذابح المتكررة يوميا، والتي أسفرت في غضون ثمانية أيام فقط عن مقتل 102 فلسطيني وإصابة نحو 500 آخرين بينهم حالت حرجة عديدة.

وذكر أنّ الفوضى الخطيرة التي تشهدها مراكز توزيع المساعدات تؤكد التقديرات السابقة بشأن عدم قدرة الآلية الإسرائيلية على تنفيذ العمل الإنساني على النحو الواجب والمطلوب، إذ لا يُمكن استبدال مئات النقاط السابقة بأربع نقاط تشبه مراكز الاحتجاز العسكرية، وتفتقر حتى للبنية التحتية الملائمة لاستقبال السكان وتوزيع المساعدات بطريقة سلسة وآمنة.

ونبّه إلى أنه لا ينبغي التعامل مع هذه الأحداث بصفتها مشاكل إجرائية يتم تجاوزها بإجراء تعديلات على آليات العمل، بل يجب النظر إليها في سياق العواقب الخطيرة لسيطرة الجيش الإسرائيلي على ملف المساعدات الإنسانية، إذ من غير الممكن للجهة التي تنفذ جريمة الإبادة الجماعية منذ نحو 20 شهرًا أن تتولى مسؤولية تحسين الأوضاع الإنسانية للسكان الواقعين تحت الإبادة.

ودعا المرصد الأورومتوسطي إلى إنهاء العمل فورًا بالآلية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في قطاع غزة كونها أصبحت مكانًا للإعدام الميداني للمدنيين الفلسطينيين، علاوة على افتقارها لأدنى المعايير الإنسانية ذات العلاقة بالعمل الإغاثي، مشددًا على ضرورة العودة إلى الآلية الأممية السابقة لضمان تدفق سلس وآمن للمساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة.

وحث المرصد الأورومتوسطي جميع الدول والكيانات ذات العلاقة على ممارسة كافة الضغوط الممكنة على إسرائيل لإثنائها عن خططها في تجاوز وإلغاء عمل المؤسسات الأممية ذات الخبرة في قطاع غزة، والتأكيد على الدور الحيوي والحيادي لتلك المؤسسات في تنفيذ عمليات التدخل الإنساني، وإدارة عملية الاستجابة الإنسانية لإغاثة أكثر من 2.2 مليون فلسطيني يصارعون الموت والجوع في قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر يهنئ الأمة بعيد الأضحى ويطالب المجتمع الدولي بوقف فوري للعدوان على غزة
  • وزير الري ينهي تكليف رئيس إدارة الموارد المائية بالبحيرة بشكل فوري
  • الأورومتوسطي: الاحتلال قتل وأصاب أكثر من 600 فلسطيني بغزة في أسبوع
  • حماس تطالب بتحقيق دولي بعد اعتراف أمريكي بجرائم إسرائيل في غزة
  • FT: مساحة غزة تضيق على الفلسطينيين وسط زيادة التوسع الإسرائيلي
  • الأورومتوسطي: آلية الاحتلال وأمريكا لتوزيع المساعدات مصائد للموت في غزة
  • الأورومتوسطي .. الاحتلال قتل وأصاب أكثر من 600 فلسطيني قرب مراكز المساعدات في أسبوع واحد
  • السورية للاتصالات: توفر بوابات إنترنت بشكل فوري في عدة مراكز هاتفية بطرطوس
  • وزير الخارجية الإيراني: نطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة
  • رئيس المرصد الأورومتوسطي: فيديو إسرائيل بشأن “مجزرة ويتكوف” كشف جريمة جديدة