واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأمريكية بعد هجومين جديدين
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
دعا الجيش الأمريكي الحكومة العراقية الثلاثاء إلى اتخاذ خطوات لحماية القوات الأمريكية في كل من العراق وسوريا بعد إحباط هجومين شنهما مسلحون متحالفون مع إيران أول أمس الاثنين.
كان الهجوم بالطائرات المسيرة والصواريخ هو الأول من نوعه منذ توقف الهجمات شبه اليومية والتي بلغت ذروتها بمقتل ثلاثة جنود أميركيين في موقع عسكري بالأردن في يناير.
ومع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بعد هجوم الأردن، ودعوات من أعضاء جمهوريين بالكونغرس الأمريكي لرد مباشر على إيران، دعا قائد إيراني كبير الفصائل المسلحة إلى وقف هجماتها في نهاية يناير.
ولم يتكهن الميجر جنرال بالقوات الجوية باتريك رايدر، خلال تصريحاته من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، بالسبب وراء تجدد الهجمات لكنه دعا بغداد إلى اتخاذ إجراءات.
وقال "هذه الهجمات تعرض جنود التحالف والجنود العراقيين للخطر. ندعو حكومة العراق إلى اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان سلامة القوات الأمريكية في العراق وسوريا من هجمات هذه الجماعات".
وأضاف "إذا استمرت هذه الهجمات فلن نتردد في الدفاع عن قواتنا كما فعلنا في الماضي".
وللولايات المتحدة نحو 2500 من العسكريين في العراق و900 في شرق سوريا في مهمة لتقديم المشورة والمساعدة.
وساعدت الولايات المتحدة إسرائيل في إسقاط موجة ضخمة من الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية في 14 أبريل، أطلقتها طهران ردا على غارة إسرائيلية في الأول من الشهر ذاته على مجمع السفارة الإيرانية بالعاصمة السورية دمشق.
واتهمت واشنطن إيران في الماضي بتمويل وتوجيه الفصائل المسلحة التي تهاجم القوات الأمريكية في العراق وسوريا.
والتقى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي يشعر بالقلق من أن تصبح بلاده ساحة للقتال بين الولايات المتحدة وإيران، بالرئيس الأمريكي جو بايدن هذا الشهر في محاولة لفتح صفحة جديدة في العلاقات الأمريكية العراقية على الرغم من تصاعد التوتر في المنطقة.
وغزت الولايات المتحدة العراق في عام 2003 وأطاحت برئيسه السابق صدام حسين، وانسحبت في عام 2011 قبل أن تعود في 2014 على رأس تحالف عسكري دولي استجابة لطلب من حكومة بغداد للمساعدة في قتال تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: واشنطن بغداد القوات الأمريكية هجوم الولایات المتحدة القوات الأمریکیة
إقرأ أيضاً:
من أوسلو إلى حرب غزة.. كيف انهار النموذج القديم للعلاقة الأمريكية–الإسرائيلية؟
يطرح أندرو ب. ميلر، الزميل الأول في الأمن القومي والسياسة الدولية بمركز التقدم الأمريكي والمسؤول السابق في إدارات بايدن وأوباما، رؤية نقدية عميقة للعلاقة الأمريكية الإسرائيلية، معتبرا أن “الاستثناء الإسرائيلي” الذي ميز هذه العلاقة على مدى ثلاثة عقود قد شارف على نهايته، وأن السياسة الأمريكية بحاجة إلى إعادة بناء جذرية تعيدها إلى المعايير الطبيعية في التعامل مع الحلفاء.
فعلى الرغم من الدعم الأمريكي الواسع للاحتلال الإسرائيلي خلال حقبة التسعينيات من عملية السلام، والانتفاضة الثانية، وسلسلة حروب غزة ولبنان، ثم هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وما تبعه من حرب على غزة؛ تكشف التجربة – بحسب ميلر – أن هذه العلاقة كلفت واشنطن كثيرا دون أن تفضي إلى تأثير فعال على سلوك الحكومة الإسرائيلية.
علاقة "استثنائية" خارج كل المعايير
يرى ميلر بمقاله المطول في مجلة "فورين أفيرز" أن العلاقة بين واشنطن وتل أبيب ليست “خاصة” كتلك التي تجمع الولايات المتحدة بالمملكة المتحدة، بل “استثنائية” إلى حد يجعل إسرائيل تتمتع بمعاملة لا يحصل عليها أي حليف آخر. فصفقات السلاح مع تل أبيب غالبا ما تستثنى من القوانين الأمريكية التي تطبق على بقية الدول.
كما أن القادة الإسرائيليين يظهرون تفضيلا علنيا لحزب أمريكي دون أن يواجهوا تبعات، وتذهب واشنطن إلى حد حماية سياسات الاحتلال في المؤسسات الدولية حتى عندما تتعارض مع مواقفها الرسمية.
لكن هذه “الاستثنائية” – بحسب ميلر – لم تخدم أحدا: فقد أعطت الاحتلال الإسرائيلي ضوءا أخضر لسياسات توسعية ومغامرات عسكرية، وأسهمت في استفحال الاستيطان وعنف المستوطنين وسقوط أعداد هائلة من الضحايا المدنيين في غزة، إلى جانب المجاعة في بعض المناطق. كما قوض الدعم غير المشروط مكانة الولايات المتحدة وشوه صورتها في العالم.
تراجع التأييد الشعبي في الولايات المتحدة
تزامنا مع حرب غزة، سجل الرأي العام الأمريكي تحولا تاريخيا؛ إذ تراجعت شعبية الاحتلال إلى مستوى منخفض غير مسبوق عبر مختلف المكونات السياسية. ويشير ميلر إلى أن استمرار الوضع الحالي يهدد بعزل تل أبيب عن الشعب الأمريكي ذاته، وبإلحاق ضرر كبير بالمصالح الاستراتيجية لواشنطن.
يستعرض ميلر تاريخ العلاقة، مبينا أن الدعم غير المشروط لم يكن قاعدة دائمة. فحتى إدارة بيل كلينتون، كانت واشنطن لا تتردد في فرض عقوبات أو تجميد مساعدات لإجبار الاحتلال على تغيير سلوكه، بل دعمت في كثير من الأحيان قرارات أممية تنتقد السياسات الإسرائيلية.
لكن الإدارات التالية غيرت هذا النهج، إذ اعتقدت أن إسرائيل القوية المدعومة بلا حدود ستكون أكثر استعدادا للمخاطرة من أجل السلام. وبذلك، تخلت الولايات المتحدة تدريجيا عن أي أدوات ضغط فعالة.
نتنياهو.. استغلال الاستثناء بدل احترامه
يؤكد ميلر أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أعاد تشكيل العلاقة على نحو أحادي، إذ يستغل الالتزام الأمريكي بالعلاقة الاستثنائية لخدمة مصالحه السياسية الداخلية، كما حدث خلال مواجهته إدارة بايدن أو هجومه على اتفاق إيران النووي أمام الكونغرس في 2015. ويرى ميلر أن صعود اليمين الإسرائيلي المتشدد وتراجع الدعم الشعبي لحل الدولتين يعمقان هذا الخلل البنيوي.
تكشف الحرب التي اندلعت في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2025 – وفق تحليل ميلر – هشاشة النفوذ الأمريكي. فعلى الرغم من الدعم العسكري والدبلوماسي الواسع، فشلت واشنطن في تغيير مسار العمليات الإسرائيلية أو الحد من الخسائر المدنية.
ويشير إلى أن الإدارة الأمريكية لم تستخدم أدوات الضغط المتاحة لها، بما في ذلك القوانين التي تمنع تقديم المساعدات للدول التي تعرقل دخول المساعدات الإنسانية.
ويقدم ميلر مثالين فقط استخدمت فيهما إدارة بايدن نفوذها بفعالية، حين هددت بخفض الدعم العسكري لتحسين تدفق المساعدات إلى غزة، فاستجابت إسرائيل بشكل مؤقت قبل أن تعود إلى القيود السابقة.
ترامب بين الاستثناء والبراغماتية
لم تختلف المقاربة الأمريكية كثيرا بعد عودة دونالد ترامب للرئاسة. فبعد بداية واعدة في الضغط على نتنياهو لقبول وقف إطلاق النار مطلع 2025، سرعان ما تبنت إدارته نهجا يقوم على تفويض إسرائيل حرية واسعة في العمليات العسكرية.
وقد أسفر ذلك عن حصار شامل دام أكثر من شهرين، أدى إلى مجاعة واسعة النطاق في غزة، قبل أن تتدخل واشنطن لتعديل الآلية الإنسانية – وهي خطوة وصفت بأنها جاءت “متأخرة للغاية”.
كما منحت إدارة ترامب تل أبيب مساحة للتحرك العسكري في لبنان وسوريا وإيران، قبل أن تنخرط هي نفسها في ضرب مواقع إيرانية نووية، في استجابة يعتقد أن نتنياهو كان يسعى إليها منذ البداية.
نحو “علاقة طبيعية” وليس علاقة استثنائية
يدعو ميلر بوضوح إلى إنهاء مرحلة “الاستثناء الإسرائيلي”، ووضع إطار جديد للعلاقة يتضمن: ( توقعات وحدود واضحة - مساءلة حقيقية بشأن الامتثال للقانون الدولي والقانون الأمريكي - شروطا صريحة للدعم العسكري والسياسي - عدم التدخل في السياسة الداخلية الأمريكية - احترام المصالح الأمريكية بدل استغلالها).
ويرى أن هذا التغيير ليس مجرد خيار، بل “ضرورة استراتيجية وسياسية وأخلاقية”، وأنه السبيل الوحيد لمنع المزيد من التصعيد الإقليمي، والحفاظ على مكانة الولايات المتحدة، ووقف الانهيار الإنساني في غزة، وتفادي عزلة الاحتلال الإسرائيلي الدولية المتفاقمة.
يخلص ميلر إلى أن الاستمرار في النهج الحالي سيؤدي إلى كارثة لجميع الأطراف٬ الولايات المتحدة، إسرائيل، والفلسطينيين. أما إعادة العلاقة إلى إطار “طبيعي” يراعي المصالح المشتركة ويضع ضوابط واضحة، فهي الخطوة الوحيدة القادرة على حماية الاستقرار الإقليمي واستعادة التوازن الذي فُقد منذ ثلاثة عقود.