صحيفة البلاد:
2025-05-18@14:01:22 GMT

عصر الحداثة والتغيير

تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT

عصر الحداثة والتغيير

على مرّ العصور، كان لكل حقبة زمنية نصيب من التغيير التدريجي ، فالوقت كان الحاسم الأكبر في هذا التدرُّج حتى أصبحت تلك العصور جزءاً من الماضي مع تقادم الزمن.

أما العصر الحديث الذي نعيشه اليوم ، “عصر التغيير السريع ” ، فنرى فيه صورة واضحة لرتم الحياة المتسارع ، وكل يوم يمرّ نعيش فيه عصراً جديداً ، لايشبه الأمس ، وينعكس هذا التغيير علينا ، ويشهد له بأنه التغيير الأكثر سرعة عن بقية العصور ،،فمن مسلّمات العقول بأن لكل شيء جانبه السلبي والإيجابي ، وهذا ماينطبق على التطور السريع الذي يكتسح العالم اليوم، متجاهلاً روزنامة الوقت.

فالجانب الايجابي إن أشحت قليلاً بناظريك يمنةً ويسرة وعلى كل ماحولك ، ستتدرك أثره ولا تستطيع أن تحصي أثر هذا التطور والنماء .

لكن الجانب السلبي يحتاج لنظرة أعمق من أن تشح بناظريك، تحتاج لوقفة طويلة تراجع فيها نفسك متى كانت آخر مرة وقفت فيها مع ذاتك وأطلت الوقوف وراجعت نفسك فيها ، واستغرقت وقتاً كافياً في التفكير والخلوة مع ذاتك ،وهل تتذكر متى كانت آخر مرة قمت فيها بواجباتك تجاه أسرتك دون استعجال ، وهل تتذكر المرة الأخيرة التي قمت فيها بإختبار صبرك؟

دعني أجيب عنك: كان ذلك قبل تطور الإنتاج التكنولوجي وحين كنا نقدِّر قيمة الوقت ، ولانريد أن نسابق الزمن ياعزيزي، حين كنا نقف على كل موقف نعطيه حقه من الوقت والجهد المقرر له ، وكنا نساير دوران عجلة الزمن ، على نفس الوتيرة والرتابة.

فنرى ذلك التغيير قد بانت سماته وأصبحت واضحة وجليّة،علينا ثقافياً واجتماعياً، و طال مداه للمساس بدستور العشرة و تفكيك العلاقات والتسرع في إطلاق الأحكام الخاطئة تجاه الآخرين دون اكتراث،وصولاً إلى تغيير بعض المفاهيم الراسخة ، واستحداث بعض الأساليب الغريبة التي تدرج تحت سلبيات الحداثة .

في الختام ،يجب أن تجابه لفهم الواقع حتى تكون معاصراً ، وإن فشلت ستسير على رتم بطيء للعصرية، وربما لن تصل ،فكل ماحولنا خاضع لنظرية التغيير المستمر ، لكن إياك أن تهرول بعيداً وتنسى نفسك ، قد تستطيع وضع توقيت العودة لها لكنك لن تستطيع أن توقف الوقت أو تعيده .

Wjn_alm@

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

عفوا جدي الأمين… عفوا ماركس

عفوا جدي الأمين… عفوا ماركس
رحم الله جدنا الأمين ود على ود الفيل والذي رحل عن عمر تجاوز القرن من الزمان… كنت استمتع كثيرا بالجلوس إليه لما يسكبه من تاريخ في ونسته إذ شهد المهدية في صباه الباكر وعاصر كل الفترة الاستعمارية وجزء كبير من الحكم الوطني ولكن الأهم انه يحكي بمنهجية إذ يقوم منهجه على أن الحاضر أفضل من الماضي وان المستقبل أفضل من الحاضر وله لأزمة ثابتة هنا وهي (العن ابو زمان ولو كان امبارح) في تقديره أن القيم والأخلاق والأفعال في الحاضر أفضل من الماضي وان شباب اليوم أفضل في كل شي من عجائز اليوم وإذا دخل اي واحد من مجايليه في نقاش معه يحسمه بالضربة القاضية (يا فلان ما تشكر لي أمس.. انت ما كنت بتسوي…. وتسوي… هسي ولدك فلان دا بيعمل كده؟) وإذا وجد رهط من أقرانه جالسين يقول لهم اسمعوا ياشياب يا… ما تقعدوا تتوسوسوا تقولوا اولاد الزمن ده الفعلتك والتركتك على الطلاق اولاد الزمن احسن منكم بكتير.. انتو كنتوا بتعرفوا النضافة ولا بتعرفوا الاكل ولا بتعرفوا الفضيلة انتو ما كنتوا كذا وكذا.. كان يجعلهم يتصايحون يا حاج الأمين الرسول فوقنا… لا لا يا حاج الأمين بي قفاك لدرجة ان احدهم ذات مرة حلف عليه بالطلاق أن يصمت (مافي داعي للفضائح دي يا ود الفيل)

كنت اذكر جدي الأمين كثيرا في هذا الباب تأثرا بمنهجه فكنت منحازا لشباب اليوم وقيم وأخلاق اليوم وحذرت كثيرا من الذين يتحدثون عن ايام زمان على أساس أنها (الزمن الجميل) ويذمون الحاضر وقلت أن هذا زرع إحباط في الشباب.. وكتبت ذات مرة قائلا لا مانع من أن يتذكر اي واحد منا ماضيه بشي من الحنية لأنه يتذكر صباه الباكر وشبابه النضر فيحق له أن يبكي كما يشاء على ايام صحته وفتوته (ليت الشباب يعود يوما…) ولكن ليس من حقه أن يصدر حكما عاما على أن زمنه هو الزمن الجميل والزمن الحالي هو الزمن الاغبر بعبارة أخرى له أن يحكم حكما ذاتيا ولكن ليس من حقه أن يصدر حكما عاما وإذكر أن استاذنا الكبير استاذ الأجيال محمود أبو العزائم قد علق على هذا الكلام في لقاء إذاعي وقال انه يستحق الانتباه
باختصار كده لقد تعلمت من جدي الأمين أن التاريخ يمضي في خط مستقيم نحو الأحسن قبل أن أقرأ ذلك في الماركسية.. بكرة احلى عقيدة راسخة عند ماركس توصل إليها بعد قراءة معمقة في الحقب التاريخية التي مرت بها البشرية من المشاعية البدائية ثم الانقطاع ثم الرأسمالية إلى الشيوعية المرتقبة

قبل مدة ارسل لي صديق عزيز يعلم حبي الشديد لإبراهيم عوض فيديو يحتوي على عدد من أغنياته الجميلة بقصد المواساة في النكبة التي احدثها بنا الدعم السريع… واصدقكم القول أنني قدرما حاولت استرجاع الاحساس القديم التي كنت اسمعها به فشلت… لقد عجز الفيديو أن يحملني إلى عوالم المطلق كما كانت تفعل بي تلك الأغنيات.. لقد أيقنت أن الدعم السريع دمر كل شي جميل في حياتنا فعلا (الدخل فينا تاني ما بتمرق) كل الذي نجح فيه الفيديو هو أنه أكد لي أن هناك ايام جميلة مضت ولن تعود.. فيا جدي الأمين ويا كارل ماركس التاريخ لايمضي في خط مستقيم إنما هناك نوبات من الهمجية الوحشية تعتري البشرية فتهبط إلى درك بيهمي يسوده قانون الغاب ليس فيه قيم رفيعة ولامبادي خيرة

كل الذي اتمناه الان ان يرى اطفالنا الحاليون اي الذين عاصروا النكبة أياما قادمة مختلفة عن ايام الدعم هذة مثلما رأى جدنا الأمين فترة ما بعد المهدية ليقولوا (العن ابو زمان ولو كان امبارح) ثم تأتي بعدهم أجيال تعيش حياتها بهدو إلى أن يأتي جيل يطب عليه حميدتي آخر فيلحق حياته أمات طه فيرجعها إلى العصور الوسطى… فدائرية التاريخ سنة من سنن الله في الكون… هذا والله اعلم

عبد اللطيف البوني

/حاطب ليل/١٦مايو ٢٠٢٥

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • بعيو يصف الدبيبة بـ”القاتل المعترف”: شكراً على كشف نفسك
  • حكومة التغيير والبناء .. قدرات عالية في مواجهة التحديات
  • أذكار الصباح.. لا تغفل عن ترديدها لتحصل على فضلها وتحصن نفسك
  • الحق نفسك قبل سحب الخط.. استعلام عن فاتورة التليفون الأرضي ودفعها أون لاين
  • مصر تستطيع يقدم مسابقة في مادة الإحصاء لطلاب الثانوية العامة
  • عفوا جدي الأمين… عفوا ماركس
  • لا تقارن نفسك بـ متعب.. لاعب الأهلي السابق يهاجم باسم مرسي
  • الأخلاق وواقعنا المعاصر
  • اللادا السوفياتية ترفض الاندثار وتتحدى الحداثة في شوارع أديس أبابا
  • ريلمي تكشف عن سلسلة realme 14 5G في بحيرة القاهرة بمتحف الحضارة.. مزج مبتكر بين الحداثة والأصالة المصرية