«البنتاجون»: أوستن أكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة ضمان تدفق المساعدات إلى غزة
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
قالت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون»، إنّ وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، أكد لنظيره الإسرائيلي يواف جالانت، ضرورة ضمان سلامة المدنيين وعمال الإغاثة في قطاع غزة، حسبما جاء في نبأ عاجل لقناة «القاهرة الإخبارية».
وشدد «البنتاجون»، على أن وزير الدفاع الأمريكي تناول مع نظيره الإسرائيلي، المفاوضات حول صفقة تبادل المحتجزين، ومسألة اجتياح رفح الفلسطينية.
وأكد وزير الدفاع الأمريكي لنظيره الإسرائيلي، خلال اتصال هاتفي، ضرورة ضمان تدفق المساعدات إلى قطاع غزة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: البنتاجون أوستن جالانت وزير الدفاع الأمريكي وزير الدفاع الإسرائيلي قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
لماذا أصبح استشراف الغد ضرورة حيوية لكل قائد؟
د. علي بن حمدان بن محمد البلوشي **
في عالم تتسارع فيه التغيرات وتتزايد فيه التحديات، أصبح استشراف المستقبل ضرورة ملحّة لكل قائد يسعى لاتخاذ قرارات رشيدة تحمي منظمته وتضمن لها البقاء في بيئة مليئة بالتحولات؛ فالممارسات التقليدية وردود الأفعال الآنية لم تعد قادرة على مواجهة واقع تتحرك فيه التقنية، والاقتصاد، والمجتمع، والسياسة بوتيرة تفوق قدرة المؤسسات غير المستعدة على التكيف.
ولا شك أن وجود رؤية مستقبلية واضحة يمكّن متخذ القرار من فهم الاتجاهات القادمة، واستيعاب الفرص الكامنة، والاستعداد للمخاطر المحتملة، بما يضمن استمرارية النمو والتطور على مدى السنوات المقبلة.
ويُعد استشراف المستقبل عملية علمية لا تسعى لمعرفة الغيب؛ بل تعتمد على تحليل الاتجاهات ودراسة الأنماط وبناء سيناريوهات متعددة تساعد في توجيه القرارات. ومن دون هذا الوعي تصبح القرارات قصيرة المدى ومبنية على ردود فعل سريعة قد تُعرّض المؤسسات أو الدول لمفاجآت غير محسوبة. أما حين تمتلك المنظمة تصورًا مستقبليًا، فإنها تصبح أكثر قدرة على توقع التحديات وبناء استعداد مبكر للتعامل معها، بل وتحويل ما قد يبدو خطرًا إلى فرصة استراتيجية.
وعند النظر إلى القطاعات الحيوية في سلطنة عُمان، نجد أن الحاجة إلى الاستشراف تختلف باختلاف طبيعة كل قطاع، إلّا أن بعض القطاعات تبرز بوضوح بوصفها الأكثر حاجة إلى رؤية مستقبلية معمقة. اقتصاديًا، يبدو قطاع الطاقة محوريًا، إذ يشهد العالم تحولًا متسارعًا نحو الطاقة المتجددة والحياد الكربوني؛ مما يجعل من الضروري بالنسبة للسلطنة التخطيط لتنويع مصادر الدخل والاستثمار في اقتصاد أخضر يتسق مع مستهدفات رؤية "عُمان 2040". اجتماعيًا، يتصدر قطاع التعليم قائمة القطاعات التي لا تحتمل غياب الاستشراف، نظرًا لدوره في تشكيل مهارات الأجيال القادمة، وفي ظل التحولات السريعة في سوق العمل وظهور مهن جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والابتكار والريادة، يصبح تطوير المناهج وبناء قدرات الطلاب أمرًا مصيريًا.
ومن زاوية أخرى، يُمثِّل الأمن الغذائي والمائي أحد أبرز التحديات في ظل التغيرات المناخية والاعتماد الكبير على واردات الغذاء من الخارج، ما يجعل امتلاك رؤية مستقبلية ضرورة لضمان استدامة الموارد الحيوية وتعزيز القدرة الوطنية على مواجهة الأزمات. تقنيًا، يأتي التحول الرقمي في مقدمة القطاعات التي تتطلب استشرافًا عميقًا؛ فالتطور المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني يفرض على المؤسسات التخطيط المسبق لتطوير بنيتها الرقمية وبناء كفاءات وطنية قادرة على التعامل مع هذا التغيير المستمر. وتنمو أهمية قطاع اللوجستيات والتنقل أيضًا، بوصفه محورًا تنمويًا تسعى السلطنة من خلاله إلى تحقيق مكانة متقدمة كمركز لوجستي عالمي، وهو قطاع يتأثر بشكل مباشر بالتقنيات الحديثة مثل الطائرات الذاتية والموانئ الذكية والمركبات الكهربائية، مما يجعل الاستشراف ركيزة لتعزيز تنافسيته الدولية.
وتتنوع مقاربات الاستشراف تبعًا لطبيعة الموضوع والسياق؛ فهناك المقاربة الاستكشافية التي تنطلق من الحاضر نحو المستقبل اعتمادًا على الاتجاهات الحالية، والمقاربة المعيارية التي تبدأ من مستقبل مرغوب وتبني خارطة الطريق المؤدية إليه؛ والمقاربة التحويلية التي تسعى لإحداث تغيير جذري يعيد تشكيل المستقبل بأكمله. إلّا أن المقاربة الأكثر ملاءمة لزمننا الراهن، بكل ما يحمله من تسارع وتقلب، هي المقاربة التكيفية التي تركز على المرونة وقدرة المؤسسات على تعديل مسارها وفق المستجدات، وهو ما يمثل ضرورة في عالم رقمي سريع التحول.
ومن الأدوات الأكثر انتشارًا وفعالية في هذا المجال منهجية بناء السيناريوهات المستقبلية، التي تهدف إلى رسم صور متعددة لمستقبلات ممكنة، وتساعد القادة على اتخاذ قرارات أكثر وعيًا. تبدأ هذه المنهجية بتحليل القوى المؤثرة، ثم تحديد العوامل غير المؤكدة التي يمكن أن تغير مستقبل القطاع، يلي ذلك بناء سيناريوهات مختلفة وتحليل آثار كل منها. وإذا طُلب تصور مستقبل التعليم خلال السنوات العشر القادمة، فإن العامل الأكثر تأثيرًا بلا شك سيكون التطور التقني، لما له من دور في إعادة تشكيل طرق التعلم ودور المعلم والمهارات المطلوبة لسوق العمل.
ولا يكتمل الاستشراف دون إشراك الخبراء وأصحاب المصلحة؛ فطُرق مثل دلفي، والمقابلات المتعمقة، وورش المستقبل تسهم في الوصول إلى رؤى أكثر دقة، بينما تعزز المنهجيات التشاركية مشاركة الموظفين والمجتمع في صياغة الرؤية، مما يزيد من مستوى الالتزام ويسهم في خلق شعور بالمسؤولية تجاه المستقبل المراد تحقيقه. فالموظف الذي يشارك في تصميم مستقبل منظمته يكون أكثر قدرة على فهم القرارات وأكثر حرصًا على تنفيذها.
ولأن الاستشراف لم يعد نشاطًا بحثيًا معزولًا؛ بل أصبح سياسة وطنية، فقد بات ضروريًا أن تبني الدول رؤى طويلة المدى توجه خطط التنمية لعقود. فالرؤية الوطنية توفر إطارًا مستقرًا لاتخاذ القرارات، وتساعد على توقع التحديات، وضمان استدامة التنمية، وجذب الاستثمارات، وتنسيق الجهود بين القطاعات. وهي أيضًا وسيلة لحفظ التوازن بين احتياجات الحاضر ومتطلبات المستقبل، بما يضمن نموًا متواصلًا لا يتأثر بتغير الظروف.
إنَّ استشراف المستقبل مهارة قيادية محورية، والمستقبل لا يُنتظر؛ بل يُصنع عبر الوعي والتحليل والاستعداد المبكر، كما إن امتلاك القدرة على التفكير المستقبلي لم يعد رفاهية أكاديمية، وإنما ضرورة مهنية لبناء قرارات بعيدة المدى ورؤية تتجاوز حدود اللحظة؛ فالمستقبل مساحة للخيال العلمي المنهجي، ومسؤولية تقع على عاتق كل قائد يسعى لصناعة واقع أفضل يبدأ اليوم قبل أن يصل الغد.
** مستشار أكاديمي