تقرير ينبه إلى استمرار لجوء وزراء ومنتخبين للقضاء في مواجهة الصحافيين والصحافيات
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
قال تقرير للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، إن الأخيرة « تنبه وتسجل استمرار بعض الوزراء في التهديد باللجوء للقضاء، وكذا لجوء بعض المسؤولين المنتخبين إلى الآليات القضائية، رغم وجود قنوات مناسبة لحل الإشكالات العالقة ».
وتحدث التقرير الذي جرى تقديمه اليوم، عن « حالة الشكاوى التي تقدم بها السيد وزير العدل في مواجهة الزملاء بموقعي « أش كاين » و »بديل أنفو »، أو شكاوى تقدم بها مجموعة من الرؤساء أو المستشارين في المجالس والجماعات الترابية والمهنية المنتخبة ».
وأوضح المصدر أن « أغلب هذه الشكاوى تم تكييفها وفق مقتضيات مدونة الصحافة والنشر، التي لا تتضمن عقوبات حبسية، عوض القانون الجنائي، ولكن في الوقت نفسه تنبه النقابة إلى استمرار وجود بنود في القانون الجنائي من شأن تكييف قضايا تدخل في مجال ممارسة مهنة الصحافة وفقها، أن تحد من الضمانات الدستورية لحرية الصحافة، مما يوجب القطع مع هذه الازدواجية، والإقرار الصريح بالاختصاص الحصري لمدونة الصحافة والنشر في كل ما يتعلق بما ينشر في الإعلام، مع تطويرها، وتعميم المحاكم المختصة في قضايا الصحافة والنشر على مختلف محاكم المملكة ».
وسجل التقرير، بـ »إيجابية غياب أية اعتقالات لها علاقة بحرية الصحافة، إذ لم تقم مؤسسة النيابة العامة بالتنصب طرفا مدنيا في مواجهة أي صحافي مهني أو أي منبر إعلامي، كما لم تقم أية جهة رسمية بمتابعة أي صحافي بسبب مادة إعلامية منشورة »، يضيف التقرير، « مما يظهر التقدم على مستوى النضج المطلوب في تدبير ما يمكن أن ينشأ من خلاف بين المؤسسات الدستورية والصحافيات والصحافيين، إذ غالبا ما تلجأ هذه المؤسسات إلى بيانات التوضيح أو التكذيب ».
وترى النقابة المذكورة، أن هناك « استمرار التعاطي السلبي لمجموعة من المواطنات والمواطنين مع الصحافيات والصحافيين أثناء قيامهم بواجبهم المهني، خصوصا في تغطية الأحداث الاجتماعية، أو تلك التي تعرف تجمعات أو مظاهرات، وهذا التعاطي السلبي ناتج عن فهم مغلوط لمستلزمات العمل الصحافي وأعرافه وتقاليده وقوانينه، مما يوجب تعزيز الحماية للصحافيات والصحافيين ».
كما سجل التقرير بأسف كبير، « استمرار ممارسة الاعتداءات اللفظية والبدنية على الصحافيين والصحافيات أثناء ممارستهم لمهامهم، وخاصة أثناء التغطيات لأحداث تعرف توترات اجتماعية، كما تم تسجيل افتقار الكثير من الصحافيات والصحافيين لتكوين في كيفيات التعامل مع هذه الاعتداءات ».
المصدر: اليوم 24
إقرأ أيضاً:
حرية الصحافة بين التدجين والفوضى
مايو 31, 2025آخر تحديث: مايو 31, 2025
أسماء محمد مصطفى
إذا سأل سائل: هل توجد حرية صحافة في العراق؟ يمكن القول إنّ ما تشهده الصحافة العراقية ــ في الجانب المعوَّل عليه منها ــ هو ومضات ومحاولات للحرية يقوم بها صحافيون مغامرون قلّة، في ظل واقع باهت ومتقلب للصحافة التي تحوّلت إلى صدى بدلاً من أن تكون صوتاً هادراً، بسبب أمزجة القوى المتناحرة على السلطات. فإذا كان الصحافي التابع يكتب ما تمليه عليه تلك السلطات والأحزاب ويُلمّع صورتها، متحوّلاً إلى وسيلة دعائية لها، فإن الصحافي غير التابع يتنفس تحت الماء، ويتحرّك في مساحة ضيّقة من الحرية المتذبذبة بين الخوف والرقابة والتهديد المباشر أو غير المباشر، حريصاً على اختيار القضايا التي، وإن كانت تنطوي على جرأة، إلا أنها تُبقيه في وضع آمن؛ أي إنه لا يقترب مما هو فوق الخطوط الحمر التي قد يتعرّض بسببها إلى تهديدات تؤدي إلى طرده من العمل أو تهدّد حياته. وهذا بسبب غياب الحماية القانونية له، مما دجّن الصحافة، وحرَمها من الاستقلال، وحوّلها إلى وظيفة روتينية مرهونة بالسلطات الأعلى منها، بدلاً من أن تكون مهنة البحث عن الحقائق لا عن المشاكل فحسب.
وإذا كانت هناك منصات وصحافيون ينتقدون أداء المسؤولين والمؤسسات، إلا أن المشهد ما زال غير مكتمل لنتفاءل ونقول إن صحافتنا حرّة، لا سيما أن أولئك الصحافيين غالباً ما يكونون خارج نطاق وصول السلطات والجهات المسلحة إليهم، وليسوا داخل العراق بالضرورة.
وحين نتحدث عن حرية الصحافة، فإننا نؤكد أنها لا تعني الصحافة الفوضوية التي تعتاش على التضليل، وكيل الشتائم للمسؤولين، والتشهير بحياتهم الشخصية، ونشر الإشاعات حولهم، وإثارة الفضائح لمجرد الإساءة، بل تعني الحرية المسؤولة التي تُشخّص مواضع الخلل في أداء المسؤولين والمؤسسات، وتبحث في قضايا الفساد الإداري والمالي، وتعمل على إيصال قضايا الناس الحرجة والملحّة إلى أصحاب الشأن، وتقوم على التحقّق من المعلومات بدقة، وأمانة نقلها، واحترام كرامة الأفراد، وفصل الرأي عن الخبر، والتوازن والحياد في التغطية، والعمل وفق أخلاقيات المهنة، لا وفق أجندات خفية.
إن السلطة الرابعة ليس لها وجود فعلي في العراق وسط اختلال العلاقة بين السلطات الثلاث التي تأتي بها المحاصصة، وهي: السلطة التنفيذية المتمثلة بالحكومة العاجزة عن مواجهة الفساد بسبب التوازنات الحزبية والضغوط الخارجية، والسلطة التشريعية (البرلمان) التي تعمل من أجل مصالح كتلها السياسية التي جاءت بها، لا من أجل الشعب، والسلطة القضائية التي يتحدث البعض عن شكوك حول استقلاليتها في إصدار القرارات، لا سيما المتعلقة بالأحزاب السياسية أو أصحاب النفوذ.
إذن، الصحافة الحرة المسؤولة تحتاج إلى مناخ تنمو فيه، وسط حماية قانونية، وميثاق مهني يتضمن ضوابط العمل الصحافي الحرّ الحقيقي، ويحفظ حقوق جميع الأطراف، فتزدهر الحرية في ظله، وتتمكن من بناء وعي جماهيري بعيداً عن الفوضى والتضليل.