الحراك الطلابي بأميركا.. محاولات لردع جنون السياسة
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
تُفاخر الولايات المتحدة الأميركية دائما بكونها زعيمة العالم الحر والمدافعة عن الديمقراطية وسيادة القانون والقيم الليبرالية، مثل حرية الصحافة والتعبير والتجمع، لكن مدير مركز دراسات الإسلام والشؤون الدولية بجامعة صباح الدين زعيم التركية، سامي العريان، يرى في مقال له أن حراك الجامعات بأميركا على وشك تغيير هذه الصورة.
يقول العريان إنه انطلاقا من تلك المفاهيم والقوانين التي وضعها المشرعون في الكونغرس الأميركي، فرضت الإدارات الأميركية المتعاقبة عقوبات على العديد من الدول، بينها روسيا وإيران وفنزويلا وكوريا الشمالية والصين، بذريعة انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان في هذه البلدان.
لكننا نرى اليوم -بحسب العريان- أن الولايات المتحدة تتجاهل عمدا الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة ضد الفلسطينيين، الذين يعانون على مدى عقود تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي الوحشي.
وعلى مدى أكثر من 200 يوم، ارتكبت إسرائيل العديد من المجازر والفظائع التي لا يمكن تجاهلها في قطاع غزة، أو عمدت إلى إضفاء الشرعية عليها.
وقد أوقعت الحرب الإسرائيلية على غزة منذ بدايتها حتى الآن أكثر من 125 ألف ضحية ما بين شهيد وجريح، منهم ما لا يقل عن 45 ألفا بين قتيل ومفقود، وأكثر من 70% منهم نساء وأطفال.
تجاهل أميركي وجنون إسرائيلي
ومنذ يناير/كانون الثاني الماضي، دعمت شخصيات بارزة في الرأي العام الأميركي والمؤسسة السياسية بشكل عام، بإصرار، جرائم إسرائيل دون أي قلق حقيقي أو تعاطف مع الضحايا، وذلك بالرغم من أن محكمة العدل الدولية قضت بأن تصرفات إسرائيل في غزة قد ترقى لجرائم إبادة جماعية.
ويرى الكاتب أنه مع استمرار تجاهل هذه الحقائق، أعدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والكونغرس، الغطاء المناسب لتوفير الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي للحكومة الإسرائيلية.
وقد أحبطت الولايات المتحدة جميع الجهود الدولية لردع آلة القتل الإسرائيلية باستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 4 مرات، منذ بداية الحرب ومارست الضغط السياسي على العديد من الجهات الإقليمية الفاعلة.
وفي واقع الحال، فإن الأسلحة التي توفرها واشنطن لإسرائيل تنتهك بشكل مباشر قوانينها الخاصة، التي تحظر الاستخدام المتعمد والعشوائي للأسلحة ضد المدنيين والبنية التحتية، فضلا عن استخدام التجويع أداة في حربها ضد الفلسطينيين في غزة.
صحوة طلابية بالجامعات الأميركية
ومقابل دعم الساسة الأميركيين وتشجيعهم لجرائم الحرب والتطهير العرقي والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، رفض الطلاب في الجامعات الأميركية قبول هذه الجرائم، واتخذوا إجراءات غير مسبوقة لوقف الجنون الإسرائيلي الذي خرج عن السيطرة.
وخرجت جموع الطلاب في أكثر من 100 جامعة وكلية في شتى أنحاء الولايات المتحدة، للتعبير عن رفضها لهذه الإجراءات والسياسات، في مساع للضغط من أجل وقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
تاريخ من النضال الطلابي
ومن المؤكد أن هناك سوابق للنضال الطلابي في التاريخ الأميركي الحديث. فخلال حقبة الحقوق المدنية في الستينيات، لعبت كليات أصحاب البشرة السوداء تاريخيا دورا رئيسيا في تنظيم الطلاب، وتعبئة المجتمعات لمكافحة العنصرية المؤسسية.
وكليات أصحاب البشرة السوداء هي مجموعة من مؤسسات التعليم العالي في الولايات المتحدة، تأسست قبل عام 1964 بهدف توفير التعليم للأميركيين من أصول أفريقية.
وفي أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الـ20، كانت معارضة حرب فيتنام سببا عزز النشاط الطلابي في العديد من الجامعات الأميركية، وفقا للكاتب.
ورأى المؤرخون أن أعمال العنف التي اقترفتها الدولة في جامعة مدينة كينت، بولاية أوهايو الأميركية، في مايو/أيار 1970، والتي قُتل فيها 4 طلاب وجُرح 9 آخرون، كانت نقطة تحول في الرأي العام لصالح معارضة حرب فيتنام.
وابتداء من منتصف سبعينيات وطوال ثمانينيات القرن الماضي، لعبت الجامعات في الولايات المتحدة دورا مهما في النضال ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وبدأت بالفعل الحملات التي قادها الطلاب، ودعت لمقاطعة الشركات المستفيدة من نظام الفصل العنصري والعقوبات ضد جنوب أفريقيا، تؤتي ثمارها.
وبحلول عام 1988 كانت 156 جامعة وكلية قد فكت ارتباطها بالشركات التي تربطها أي صلة بنظام الفصل العنصري، مما أدى إلى انهيار النظام بعد بضع سنوات.
إستراتيجية تاريخيةإن إستراتيجية حملة الحراك الطلابي الذي اجتاح عشرات الجامعات والكليات الأميركية ضد الاحتلال الإسرائيلي وحربه المدمرة على غزة لها جذور تاريخية.
وبحسب العريان، فإنه غالبا ما تحدث تغييرات السياسة والنظام الاجتماعي في الولايات المتحدة بطريقتين مختلفتين، وفي بعض الأحيان يتقاطع كلا النهجين.
النهج الأول هو من الأعلى إلى الأسفل، وفي هذه الحالة تبدأ النخبة الحاكمة والطبقة الثرية، من خلال مؤسساتها ومراكزها السياسية، بالضغط على الطبقة السياسية لتبني تفضيلاتها ومطالبها السياسية، وبمجرد أن تصبح هذه المطالب قوانين تقوم المحاكم والسلطة التنفيذية بتطبيقها، ومن ثم تسوقها وسائل الإعلام للرأي العام.
أما النهج الثاني فهو من القاعدة إلى القمة، وفي هذه الحالة تبدأ التغيرات السياسية والاجتماعية بمجموعة متنوعة من الأشخاص الذين ينتقدون الوضع الراهن، ويسعون إلى تغيير جذري لا ترغب الطبقة الحاكمة والدولة العميقة في قبوله.
ويندرج الطلاب الناشطون والحركة العمالية ضمن هذه الفئة، وعادة يتم تجاهل مطالب أصحاب هذا النهج، أو تواجه بمقاومة شرسة من قبل أصحاب المصالح القوية.
وفي الغالب، عندما تشتد الضغوط، يتم اللجوء في كثير من الأحيان إلى العنف الوحشي الذي تمارسه الدولة ضد الساعين للتغيير.
واليوم، تخشى إسرائيل والمدافعون عن الهيمنة الأميركية العالمية من النشاط الطلابي، وذلك لأن هذا الحراك قادر على التأثير في الرأي العام، وتغيير موقفه تجاه دعم حقوق الفلسطينيين.
ومن الملاحظ أن محاولة اتهام منتقدي الجرائم الإسرائيلية في غزة بمعاداة السامية أصبح أمرا مبالغا فيه من قبل الجماعات التي تدعم المصالح الإسرائيلية، للحد الذي أفرغ تلك الاتهامات من أي قيمة أو مصداقية.
ويرى العريان أن الشجاعة والتصميم اللذين أظهرهما الطلاب في جميع أنحاء الولايات المتحدة خلال الأسابيع القليلة الماضية كانا مذهلين، وإذا استمر الحراك الطلابي بهذا الزخم، فقد يفضي لتغيير المواقف العامة تجاه القضية الفلسطينية، كما قد يسهم في تغيير سياسات الولايات المتحدة في المنطقة برمتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الولایات المتحدة العدید من فی غزة
إقرأ أيضاً:
غارديان: جماعة نازية جديدة تنشط في الولايات المتحدة دون انزعاج
قالت صحيفة غارديان إن منظمة إرهابية نازية جديدة دولية تواصل نشاطها بجرأة في الولايات المتحدة دون انزعاج، وتخطط لفعالية تدريبية شبه عسكرية دون خوف من السلطات المحلية أو من مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) الذي سبق أن فككها.
وأوضحت الصحيفة -في قرير بقلم بن ماكوتش- أن "القاعدة" التي تأسست عام 2018 على يد متعاقد سابق مع البنتاغون يعيش في روسيا، ويشتبه الآن في تورطه في أعمال تجسس برعاية الكرملين، كانت تضم ما يقرب من 50 عضوا داخل الولايات المتحدة قبل أن يلقي "إف بي آي" القبض على أكثر من 12 شخصا في عملية لمكافحة الإرهاب استمرت سنوات.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2واشنطن تايمز: الجواسيس الصينيون بينناlist 2 of 2نيويورك تايمز: رفاق السلاح الأجانب ملف ثقيل بين يدي الرئيس الشرعend of listومنذ حملة الانتخابات الرئاسية العام الماضي، وما بدا أنه فوز مؤكد للرئيس دونالد ترامب، انتهزت القاعدة فرصة قيام الإدارة المحتملة، غير آبهة بمراقبة مسألة تفوق العرق الأبيض، وشرعت في تعزيز صفوفها.
عندما تتبرع بالمال للقاعدة، فإنك تستثمر في قوة دفاع بيضاء تهدف إلى حماية البيض من الاضطهاد السياسي والدمار المادي
وللقاعدة الآن وجود في أوكرانيا -حسب الصحيفة- وهي تنفذ هناك عمليات تخريب ضد الحكومة، ولديها خلايا جديدة وخطيرة ناشئة في جميع أنحاء أوروبا، وتنمو في الولايات المتحدة، وبالفعل أشار رئيس "إف بي آي" كاش باتيل، وهو أحد أتباع حركة "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" (ماغا) إلى أنه لا يعطي أولوية للتحقيقات في التطرف اليميني.
إعلانوقد أثارت استمالة القاعدة للمحاربين القدامى الذين يستطيعون المساعدة في تدريب جنودها انتباه السلطات في السابق، وبعد تورطها في مؤامرة اغتيال وإطلاق نار جماعي وأعمال أخرى في أوروبا، أنشأت مجمعا محصنا وخلية في ميشيغان بقيادة أحد المتسربين من الجيش الأميركي.
حدث تدريبي وطنيوتُظهر الأدلة المتوفرة على الإنترنت من حساباتها المختلفة المحفوظة غالبا على خوادم روسية لتجنب الرقابة الأميركية، أن القاعدة لديها خطط حقيقية لتجمع وطني هذا الصيف، للقيام بتدريبات شبه عسكرية لأعضائها كما في السنوات الماضية.
وجاء في أحد منشورات القاعدة الأخيرة التي تطلب تبرعات بالعملات المشفرة أنها تستعد لحدث تدريبي وطني في الولايات المتحدة، قد يكون هو الحدث التدريبي الأكثر حضورا، يقول المنشور "عندما تتبرع بالمال للقاعدة، فإنك تستثمر في قوة دفاع بيضاء تهدف إلى حماية البيض من الاضطهاد السياسي والدمار المادي".
وقال جوشوا فيشر بيرش، محلل الإرهاب اليميني المتطرف الذي يتابع تحركات القاعدة منذ ما يقرب من عقد من الزمان إن "الحدث التدريبي الوطني القادم يشير إلى أن المجموعة تسعى إلى النمو وهي مستعدة للمخاطرة بالإعلان عنه مسبقا. يبدو أن القاعدة تسعى بنشاط إلى النمو في الولايات المتحدة".
وقال فيشر بيرش إن "الحدث يتضمن التخطيط والتنسيق والسفر والاجتماعات وجها لوجه بين مجموعات إقليمية مختلفة، مما يشير إلى أنهم يعملون في بيئة يعتبرون فيها مقدار المخاطر المحتملة مقبولا".
وختمت غارديان بأن إف بي آي أكد لها أنه لا يحقق إلا مع الأشخاص الذين ارتكبوا أو يخططون لارتكاب جريمة فدرالية ويشكلون "تهديدا للأمن القومي".