طبيب فرنسي وبروفيسور متخصص في التخدير والإنعاش. ولد عام 1950 في الجزائر، وشق طريقه المهني في طب الطوارئ والكوارث والحروب، واشتهر بعمله الميداني في مناطق النزاعات لمدة تزيد عن 3 عقود، أسهم خلالها -رفقة أطباء متطوعين آخرين- في التخفيف من معاناة ضحايا الحروب، خصوصا في العراق وأوكرانيا وسوريا ولبنان وفلسطين وغيرها.

شدّ الرحال إلى قطاع غزة لإغاثة أهلها خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع بعد عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة فجر يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

يُلقبه كثيرون بـ"بطبيب الإنسانية"، إذ لم يتوقف عن زيارة أماكن الحروب والنزاعات في مختلف القارات، كما أن عمله لم يقتصر في الميدان بوصفه طبيبا فحسب، بل أصبح شاهدا يحكي مرارة وهول ما يصادفه على أرض الواقع.

المولد والنشأة

ينحدر رفاييل من أسرة إيطالية هربت من نظام بينيتو موسوليني عام 1929، إذ هاجر جده إلى تونس، ثم نزحت العائلة فيما بعد واستقرت في الجزائر.

رأى رفاييل النور عام 1950 في مدينة وهران، الواقعة على بعد 432 كيلومترا غرب الجزائر العاصمة، وفيها قضى طفولته في وسط عائلي متواضع.

اشتغل والده خياطا، وبسبب الصراع والحرب التي كانت تدور رحاها في الجزائر، قررت العائلة الهجرة إلى فرنسا عام 1962، ووصلت على متن رحلة بحرية إلى ميناء مرسيليا جنوب غرب البلاد.

ومن مرسيليا، توجهت العائلة إلى باريس، وبالتحديد إلى المقاطعة 15، وهناك استقرت وبدأت حياة جديدة.

رفاييل بيتي عمل أكثر من 3 عقود في مناطق النزاعات والحروب والكوارث (الفرنسية) الدراسة والتكوين

أتم رفاييل دراسته الابتدائية والثانوية في العاصمة الفرنسية، وعام 1969 ولج كلية الطب في مدينة نيس جنوب فرنسا، وعمره لا يتجاوز 19 عاما.

وقضى في نيس 9 سنوات حصل خلالها على شهادة دكتوراه في الطب عام 1978، ثم بعد ذلك انضم إلى القوات البحرية.

التجربة المهنية

في عام 1990 استكمل تكوينه الطبي في تخصص التخدير والإنعاش، وأصبح طبيبا مختصا، وشد الرحال في إطار مهامه الطبية العسكرية إلى تشاد والبلقان، ثم إلى العراق خلال حرب الخليج الثانية وبلدان أخرى.

وبمجرد انتهاء مهامه العسكرية في هذه الميادين، التحق رفاييل للعمل بالمستشفى العسكري لوغويست في مدينة ميتز، وكان بيتي عام 1996 ضمن أول دفعة تخرجت في مجال طب الطوارئ والكوارث، مما مهّد له الطريق ليصبح خبيرا لدى منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو).

بالنظر إلى تخصصه وتجربته في صفوف الجيش الفرنسي، الذي عمل به طبيبا عسكريا، أصبح رفاييل مستعدا في أي لحظة ليقصد مختلف مناطق النزاع لإغاثة وإسعاف عناصر الجيش، وشارك في عدة حروب ببلدان من مختلف القارات مثل تشاد ولبنان وحرب الخليج الثانية ويوغوسلافيا سابقا، وغيرها.

قضى زهاء 3 عقود طبيبا عسكريا، وبمجرد حصوله على التقاعد عمل في مصحة خاصة بمدينة نانسي شمال غرب البلاد، وأنشأ فيها عام 2007 وحدة للعناية المركزة.

في العام 2014 انتخب عضوا ببلدية ميتز، وعهد إليه بملف الطوارئ الاجتماعية والإنسانية والصحية في البلدية، الواقعة في إقليم باد كاليه شمال فرنسا، كما أشرف على تدريب كوادر طبية على التعامل مع حالات الطوارئ، خصوصا عند حدوث إصابات ناتجة عن الهجمات بالمواد الكيميائية السامة.

تجربة العمل التطوعي

بعد أن أنهى مهامه في الجيش وأحيل على التقاعد، وبعد تجربة مهنية متنوعة، انعطف رفاييل بيتي نحو العمل التطوعي وانخرط في عدد من المنظمات غير الحكومية، فعاد إلى ساحات الحروب والنزاعات المسلحة، لكن هذه المرة بقبعة الطبيب المتطوع.

في سبتمبر/أيلول 2012، وقع حدث غيّر للبروفيسور بيتي مجرى حياته واختياراته المهنية، ففي أحد الأيام وهو متوجه إلى عمله، سمع في إحدى الإذاعات تصريحا لطبيب فرنسي من أصل سوري يعمل عضوا في اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية، وكان يتحدث عن الوضع في سوريا.

تحدث الطبيب السوري عن القصف الذي تتعرض له المستشفيات في سوريا وعن اغتيال مقدمي الخدمات الطبية، وأطلق نداء من أجل مساعدة الضحايا، كما روى مآسي ضحايا المعارك في البلاد.

صرخة وجدت طريقها إلى وجدان البروفيسور رفاييل، الذي راكم خبرة طويلة في مناطق الصراعات ولديه دراية واسعة بسبل التعامل مع الحروب والنزاعات.

تطوع مدة طويلة في صفوف الجمعية الفرنسية "ميهاد"، التي تنشط في مجالات الصحة والتضامن الدولي وتقديم المساعدات الطبية في حالة الطوارئ والكوارث والحروب.

ونشط أيضا في صفوف اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية، الذي تأسس بداية عام 2012 في فرنسا.

رحلات إلى مناطق النزاع

منذ عام 2012 بدأت رحلته التطوعية نحو سوريا لإغاثة ضحايا الحرب هناك، في إطار اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية، وشارك في عدد من البعثات الطبية إلى هناك.

فخلال 6 سنوات فقط، توجه إلى سوريا أكثر من 20 مرة، وعمل -رفقة الدكتور زياد العيسى- على تدريب الأطباء والممرضين والعاملين في قطاع الصحة، وركز تدريبه على مجالات الإغاثة والطوارئ وكيفية مساعدة ضحايا الحرب.

وكثيرة هي الدول التي سافر إليها البروفيسور رفاييل لإغاثة الضحايا، منها بنغلاديش حيث عمل مع اللاجئين، وتشاد وأوكرانيا ويوغوسلافيا سابقا، وجيبوتي ولبنان، وكانت مهمته ضمان الرعاية للضحايا في حالة الحرب، وتدريب الكوادر الطبية.

تجربته في قطاع غزة

إثر العدوان على غزة، توجه رفاييل بيتي رفقة أطباء ينشطون في جمعيات غير حكومية إلى القطاع في فبراير/شباط 2024، وعمل في المستشفى الأوروبي بخان يونس في ظروف وصفها -في تصريحات صحفية- بأنها ظروف غير إنسانية.

ووصف عمليات القصف والقنص التي تنفذها إسرائيل ضد الغزيين، واعتبر أن ما ارتكبته إسرائيل في غزة يرقى إلى أن يكون جرائم حرب وجرائم إبادة.

استُقبل هو وأطباء آخرون أتوا من بلدان عربية وغربية مختلفة بترحيب كبير من قبل المواطنين الفلسطينيين، فكان لمقامه في القطاع تجربة رواها في عدد من التصريحات الصحفية التي حكى فيها ما يقع من مأساة.

مؤلفاته

أصدر رفاييل بيتي يوم 15 مارس/آذار 2018، كتابا تحت عنوان "اذهب حيث تأخذك الإنسانية.. طبيب في الحرب"، روى فيه بداية مساره في العمل الطبي الإنساني، وانخراطه في تضميد جراح ضحايا الكوارث والنزاعات.

وشكل الكتاب أيضا نافذة على البعثات الإنسانية والمهام الطبية التي قام بها في سوريا، كما روت صفحاته تجارب مؤلفه في بلدان أفريقية وفي أماكن أخرى من العالم، ودافعه الأساسي في تقديم الرعاية في مناطق الحروب والنزاعات.

الجوائز والأوسمة

في صيف عام 2017، حصل البروفيسور رفاييل بيتي على وسام الشرف من الدولة الفرنسية برتبة ضابط، اعترافا لجهوده الطبية والإنسانية، إلا إنه في ديسمبر/كانون الأول 2017، قرر إرجاع الوسام تعبيرا عن موقفه الرافض للمعاملة المهينة وغير اللائقة التي تعاملت بها السلطات الفرنسية مع المهاجرين واللاجئين فوق ترابها.

واعتبر هذا الرفض احتجاجا على سياسة الحكومة الفرنسية في طريقة تدبيرها لملف المهاجرين، وتنديدا منه "بغياب إرادة سياسية حقيقية لدى الدولة الفرنسية تجاه طالبي اللجوء".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الحروب والنزاعات فی مناطق

إقرأ أيضاً:

الشيوخ يوافق نهائيا على مد العمل بقانون فض النزاعات الضريبية

وافق مجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق بشكل نهائي على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتمديد العمل بالقانون رقم (۷۹) لسنة ۲۰۱٦ في شأن إنهاء المنازعات الضريبية.

و قال المستشار عبد الوهاب عبد الرازق رئيس مجلس الشيوخ إن مشروع القانون المقدم من الحكومة بتجديد العمل بالقانون رقم 79 لسنة 2016 في شأن إنهاء المنازعات الضريبية هو برهان  على  التعاون المثمر  بين المجلس والحكومة  ،لافتا إلى أن الحكومة  استجابت لمطالب مجلس الشيوخ وفقا لاختصاصاته المبينة في المواد21 ، 62 ، 89 من اللائحة الداخلية للمجلس الصادرة بالقانون رقم 2 لسنة 2021 بدراسة أثر تطبيق القوانين التي تمس المصالح الأساسية للمواطنين حيث قامت لجنة الشئؤن المالية والاقتصادية بالمجلس بدراسة الأثر التشريعي للقانون رقم 79 لسنة 2016 بشأن إنهاء المنازعات الضريبية و أوصى المجلس بتجديد العمل بالقانون المشار إليه، ورفع تقريره إلى رئيس الجمهورية إعمالاً لنص المادة 89 من اللائحة الداخلية للمجلس.

وطالب رئيس المجلس خلال الجلسة العامة بمزيد من دراسة الأثر التشريعى للقوانين التى تمس مصالح المواطنين حتى نصل إلى البنية التشريعية فى أفضل صورة قائلا: نهنئ أنفسنا  بنجاحنا فى تقصي الأثر التشريعى للقوانين  للمصلحة العامة مشددا على أن مصر تشهد حاليا تضافر جهود السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وجاء في تقرير لجنة الشئون المالية و الاقتصادية والاستثمار أن تصحيح مسار السياسة الضريبية يتطلب الربط العميق بين النمو الاقتصادي طويل الأجل وتحسين توزيع المنافع والمزايا الاقتصادية على جميع القطاعات والشرائح المختلفة في المجتمع، بما يضمن تحقيق أعلى درجات الاستدامة للنمو الاقتصادي

وشدد التقرير على  أن نجاح المنظومة الضريبية يعتمد على تحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعية والحصيلة الضريبية ، مشيرا إلى أنه ينبغي أن يقوم تصميم النظام الضريبي على مجموعة من المبادئ الأساسية، في مقدمتها البساطة والعدالة وإزالة العقبات الضريبية التي تعترض سبيل النمو الاقتصادي، وكفاءة الوعاء الضريبي.

وأشارت اللجنة  فى تقريرها  إلى أن  كفاءة الإدارة الضريبية  تتطلب جهودًا مستمرة لتحسين مستوى الالتزام الضريبي، من خلال تقليل تكلفة تحصيل الضريبة على الإدارة وتخفيف الأعباء المالية التي تلقى على عاتق الممولين.

وجاء مشروع القانون مكونا من مادة وحيدة إضافةً إلى مادة النشر، حيث نصـــت المــادةالأولى منه على تجديد العمل بالأحكام والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 79 لسنة٢٠١٦ في شأن إنهاء المنازعات الضريبية حتى نهاية شهر يناير ٢٠٢٥حيث  يهدف ذلك إلى إتاحة الفرصة أمام الممولين والمكلفين للتقدم بطلبات لإنهاء المنازعات الضريبية المنظورة أو المتداولة أمام لجان الطعن الضريبي والمحاكم بمختلف درجاتها، وأدخلت اللجنة المشتركة  بمجلس الشيوخ تعديل  على الفقرة الأولي من المادة الأولي بتعديل المدة لتصبح حتى ۳۱ ديسمبر ۲۰۲۵ بدلاً مما جاء بمشروع القانون المقدم من الحكومة بأن يمد العمل حتى ٣١ يناير ٢٠٢٥

وقالت اللجنة أنه تبين من المناقشة إن اللجان الفنية تحتاج إلي فترة عمل ثلاثة أشهر للنظر في طلبات إنهاء المنازعات الضريبية والبـت فيهـا، فضلاً عن أن هناك فترة ثلاثة أشهر قبل انتهاء العـام المــالـي يـكـون فيهـا الاهتمام الأساسي للممولين إنهاء أعمالهم الدفترية للسنة المالية. وعليه؛ فإن التطبيق العملي الذي أوضحته الحكومة متمثلة في مصلحة الضرائب يتطلب أن يُمد العمل بالقانون لمدة سنة، مـع عـدم العمل بأحكام هذا القانون مرة أخرى.

وأصبح نص مشروع القانون كما أقرته اللجنة :يجدد العمل بالأحكام  والإجراءات  المنصوص  عليها فى القانون  رقم ٧٩ لسنة ٢٠١٦ فى شأن إنهاء المنازعات الضريبية  المعدل  بالقانونين رقمى ١٤ لسنة٢٠١٨ و١٧٤ لسنة ٢٠١٨ والمجد العمل به بالقوانين أرقام ١٦ لسنة ٢٠٢٠ و١٧٣لسنة  ٢٠٢٠ و١٥٣ لسنة ٢٠٢٢حتى ٣١ ديسمبر ٢٠٢٥.

كما نص مشروع القانون على استمراراللجان المشكلة وفقا لأحكام القانون رقم ٧٩ لسنة ٢٠١٦ في النظر في الطلبـات التـي لـم يُفصـل فيها، بالإضافة إلى الفصل في الطلبات الجديدة التي تقدم وفقًا لأحكام هذا القانون حتى نهايـة شهر يناير 2025

ونصت المادة الثانية من المشروع على نشره في الجريدة الرسمية، والعمـل بـه اعتبارًامن اليوم التالي لتاريخ نشره

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: إسرائيل تحاول تطبيق القرار 1701 وفق شروطها التي يرفضها لبنان
  • كيف تم تشريح جثامين ضحايا سفاح التجمع؟.. طبيب شرعي يكشف مفاجآت
  • وصول ضحايا والدهم طبيب النساء المتهم بهتك عرضهم للجنايات
  • الإمارات تؤكد أهمية دور «العدل الدولية» في تسوية النزاعات
  • طبقا لتعليمات، المغرب يبدي استعداده لتقديم كل المساعدة الضرورية لإسبانيا إثر الفيضانات التي ضربت عدة مناطق
  • وزير المالية: تخفيف الأعباء الضريبية على المشروعات التي تقل قيمتها عن 15 مليون جنيه
  • فهد الهريفي: إذا لم أشجع الهلال أجلس في بيتي.. فيديو
  • مؤرخ عسكري فرنسي: إسرائيل عرّت إيران
  • الشيوخ يوافق نهائيا على مد العمل بقانون فض النزاعات الضريبية
  • خبير عسكري: الاحتلال يقصف صور لجلب حزب الله إلى طاولة المفاوضات