قد يأخذ الكثيرون على منصب الرئاسة الإيرانية أنه منصب غير مهم ولا تأثير كبير له في ظل وجود منصب المرشد الأعلى للثورة الإيرانية والذي يتولاه اليوم علي خامنئي، ولكن الحقيقة والواقع أن إبراهيم رئيسي ليس شخصا عاديا كسابقيه، نظرا للمناصب الذي تقلدها طوال فترة الثورة الإيرانية، بالإضافة إلى أنه من عظام الرقبة الأساسية للنظام كما يقال، وهو ابن السلطة ومطبخ القرار على مدى عقود، ولذا فقد كان أحد المرشحين الأساسيين والرئيسيين لمنصب المرشد الأعلى، ما دام خامنئي يعاني من أمراض بعد أن بلغ من العمر 85 عام.
وبإطلالة سريعة على شخصية رئيسي ربما تفسر أهمية رحيله وانعكاساتها القاتلة على إيران ما بعده.
بلغ إبراهيم رئيسي من العمر 63 عاما، وانتخب رئيسا للبلاد عام 2021، لكن في الحقيقة والواقع فقد تم اختياره من قبل المرشد الأعلى، وذلك لتمهيد الطريق له ليتقلد منصب المرشد الأعلى في حال تغييب الموت لخامنئي، إلّا أن مقتله اليوم، قبل رحيل المرشد، سيمهد الطريق لمجتبى خامنئي، نجل المرشد.
هذه الخلفية بالإضافة إلى حالة التصحر في وجود القيادات الإيرانية الكاريزمة، جعلت فرصة رئيسي عالية بخلافة خامنئي، وهو الأمر الذي سصعّد الصراع أساسا اليوم مع غيابه بين المتصارعين والمتنافسين على خلافة خامنئي، ويساعد على تغذيتها بكل تأكيد المشاكل الداخلية والخارجية التي تواجهها إيران
شهدت البلاد خلال السنوات الثلاث الماضية من رئاسة رئيسي، تسارعا واضحا من اقترابها العتبة النووية، والمواجهة مع إسرائيل، بالإضافة إلى تعزيز النفوذ الإقليمي من خلال الاعتماد على المليشيات الطائفية العابرة للحدود. أما على الصعيد الداخلي فقد شهدت فترة حكمه اضطرابات شعبية احتجت على الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها الشعب الإيراني، نتيجة العقوبات الدولية المفروضة على الدولة الإيرانية.
ولد رئيسي شرقي مشهد من عائلة دينية شيعية، ومع مجيء الخميني إلى الثورة تقلد منصب مدعي عام الثورة الإيرانية في عدة مدن إيرانية، فكان من ضمن اللجنة الضيقة التي حكمت بالإعدام على الآلاف من المناهضين لنظام الآيات. ويتحدث الإيرانيون عن دوره في المشاركة بتصفية أكثر من 30 ألف معارض إيراني من جماعة مجاهدي خلق وهو في سن الثامنة والعشرين.
وقد تميّز عهد رئاسة رئيسي بانتفاضة شعبية إيرانية احتجاجا على مقتل الفتاة الكردية مهسا أميني والتي كادت أن تودي بحياة نظام آيات الله، كما تميزت فترته بحالة من التوتر مع إسرائيل، ومصالحة مع العربية السعودية، بالإضافة إلى تعزيز في العلاقة مع روسيا.
هذه الخلفية بالإضافة إلى حالة التصحر في وجود القيادات الإيرانية الكاريزمة، جعلت فرصة رئيسي عالية بخلافة خامنئي، وهو الأمر الذي سصعّد الصراع أساسا اليوم مع غيابه بين المتصارعين والمتنافسين على خلافة خامنئي، ويساعد على تغذيتها بكل تأكيد المشاكل الداخلية والخارجية التي تواجهها إيران، وعلى رأس هذه المشاكل مطالبة قوى محلية متعددة بوضع نهاية لحكم آيات الله، بالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية المتفاقمة، بعد تدهور العملة الإيرانية إلى أدنى مستوى لها، ومعها تتزايد حاجة الناس إلى المياه في ظل التغيرات المناخية وشح المياه، حيث قد جفّت بعض البحيرات تماما، وهناك التمردات العسكرية البلوشية والكردية التي تهدد الدولة الإيرانية.
لطالما دعا رئيسي بعد انتخابه عام 2021 إلى انتهاج سياسة ديبلوماسية قوية، بعلاقات متينة مع كل من روسيا والصين، في مواجهة الغرب، يصاحبها تعزيز للقوة الإيرانية في المنطقة العربية والإسلامية.
وقد عُرف رئيسي بعلاقاته القوية واللصيقة بعلي خامنئي، ولذا كان أشبه ما يكون بكبش فداء له، دفاعا عنه وتصديا للانتقادات التي يتعرض لها، تماما كما حصل لسلفه روحاني.
ما تعرض له رئيسي ووزير خارجيته سيشكل مرحلة جديدة لإيران، قد تستغرق بعض الوقت لترسم معالمها، ولكن يبدو أن المرحلة المقبلة ستُضعف الموقف الإيراني
تزامن تحطم طائرة رئيسي ووزير خارجيته مع التصعيد الأخير الذي أبداه نظام الأسد مع إيران، حين طلب إذنا لكل أجنبي يود دخول المسجد الأموي، وهي إشارة واضحة للطميات الإيرانية الأخيرة في المسجد الأموي، وهو ما خلق جوا مشحونا لدى السنة في دمشق. وقد ترافق هذا مع غضب إيراني أُعلن عنه في غير مناسبة، تجاه الاستهدافات الصهيونية لكوادر الحرس الثوري الإيراني في دمشق، واتُهم فيها مكتب بشار الأسد ومخابرات الأمن العسكري السورية، عبر تمرير معلومات عنها للصهاينة، بالإضافة إلى الشروط الصعبة وشبه المستحيلة التي حالت دون تنفيذ الإيرانيين لاتفاقيات اقتصادية موقعة بالأصل مع النظام السوري، فضلا عن إبرام اتفاقيات جديدة، وامتد ذلك إلى منع الإيرانيين من الاستحواذ على أراض جديدة في المدن والبلدات السورية التي يسعى الإيرانيون للاستحواذ عليها.
بكل تأكيد فإن ما تعرض له رئيسي ووزير خارجيته سيشكل مرحلة جديدة لإيران، قد تستغرق بعض الوقت لترسم معالمها، ولكن يبدو أن المرحلة المقبلة ستُضعف الموقف الإيراني، وليس مستغربا أن يكون ذلك ثمنا لتحسن العلاقات العربية الرسمية مع الصهاينة والنظام الأسدي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإيرانية خامنئي إبراهيم رئيسي إيران تحديات خامنئي إبراهيم رئيسي مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المرشد الأعلى بالإضافة إلى
إقرأ أيضاً:
الخارجية اللبنانية ترفض تصريحات مستشار خامنئي.. تدخل سافر
اعترضت وزارة الخارجية اللبنانية على التصريحات الصادرة عن علي ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني ، مؤكدة أنها تشكّل تدخلًا سافرًا وغير مقبول في الشؤون الداخلية اللبنانية.
وقالت الخارجية اللبنانية في بيان لها: "ليس هذا التدخل الأول من نوعه، إذ دأب بعض المسؤولين الإيرانيين الرفيعين على التمادي في إطلاق مواقف مشبوهة على قرارات داخلية لبنانية لا تعني الجمهورية الإسلامية بشيء"، بحسب وكالة الأنباء اللبنانية.
وأضافت الوزارة: "هذه الممارسات المرفوضة لن تقبل بها الدولة اللبنانية تحت أي ظرف ولن تسمح لأي طرف خارجي صديقًا كان أم عدوًا، بأن يتحدث باسم شعبها أو أن يدّعي حق الوصاية على قراراتها السيادية.
وذكرت الخارجية اللبنانية في بيانها، أنه "من الأجدر للقيادة في بإيران أن تلتفت إلى قضايا شعبها وتركّز على تأمين احتياجاته وتطلعاته، بدل التدخل في أمور لا تخصها , مشددة على أن مستقبل لبنان وسياساته ونظامه السياسي هي قرارات يتخذها اللبنانيون وحدهم عبر مؤسساتهم الدستورية الديموقراطية، بعيدًا عن أي تدخلات أو إملاءات أو ضغوط أو تطاول.
تشجب وزارة الخارجية والمغتربين في الجمهورية اللبنانية التصريحات الأخيرة الصادرة عن السيد علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي تشكّل تدخّلًا سافرًا وغير مقبول في الشؤون الداخلية اللبنانية.
وليس هذا التدخل الأول من نوعه، إذ دأب بعض المسؤولين… — Youssef Raggi (@YoussefRaggi) August 9, 2025
في وقت سابق ، أكد علي ولايتي مستشار المرشد الإيراني، أن طهران تعارض قرار الحكومة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله لأنها ساعدت على الدوام الشعب اللبناني والمقاومة، وما زالت تفعل ذلك وفق ما نقلت عنه وكالة تسنيم للأنباء .
ورأى ولايتي، وهو وزير خارجية سابق لإيران، أنها "ليست المرة الأولى التي تُطرح فيها مثل هذه الأفكار في لبنان، لكنها كما فشلت سابقا ستفشل هذه المرة أيضا، والمقاومة ستصمد في مواجهة هذه المؤامرات , مشددا على أن بنية حزب الله لا تزال "قوية جدا"، رغم الضربات التي تلقاها خلال المواجهة مع إسرائيل وأبرزها اغتيال أمينه العام السابق حسن نصر الله
هذا وسبق أن أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان بيانًا يوم الـ8 من آب / أغسطس أدانت فيه التصريحات الأخيرة الصادرة عن وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي، متهمة إياه بتناول مسائل لبنانية داخلية لا تعني الجمهورية الإسلامية بأي شكل من الأشكال، مؤكدة رفضها لما تشكله من مساس بسيادة لبنان ووحدته واستقراره، وتعدّ تدخلاً في شؤونه الداخلية وقراراته.
وكان عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، أكد أن إيران تدعم حزب الله في قراراته وتعتبر أن محاولات نزع سلاح الحزب في لبنان "ستفشل" , مضيفا أن الحزب أعاد بناء قدراته بعد الانكسارات التي تعرض لها في الحرب مع إسرائيل العام الماضي، ويملك القوة الكافية للدفاع عن نفسه , وأن القرار النهائي بشأن سلاح حزب الله يعود له , واصفا خطة الحكومة اللبنانية لنزع سلاح الحزب بأنها "خطيئة كبرى"، وأن الحزب سيتجاهلها.
والخميس الماضي ، أعلنت الحكومة اللبنانية عن موافقتها على أهداف ورقة أميركية تتضمن جدولا زمنيا لنزع سلاح حزب الله، وتهدف إلى تمديد وتثبيت اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي أنهى الحرب في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي بين إسرائيل وحزب الله.
فيما أعلن حزب الله رفضه قرار الحكومة اللبنانية بتكليف الجيش وضعَ خطة لحصر السلاح بيد الدولة، مؤكداً أنه سيتعامل مع هذا القرار وكأنه غير موجود , متهما حكومة نواف سلام بارتكاب خطيئة كبرى تصب في مصلحة إسرائيل، من خلال تجريد لبنان من قوته.