الاشتباكات تفاقم معاناة اللاجئين الفلسطينيين.. وقف إطلاق النار في عين الحلوة تحت الاختبار
تاريخ النشر: 2nd, August 2023 GMT
بيروت- تكبد أهالي مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ثمنا باهظا بعدما تحول عدد من أحيائه إلى أشبه بساحة حرب مشتعلة بين مقاتلين من حركة "فتح" ومجموعات أخرى من القوى الإسلامية، حيث تواصلت الاشتباكات العنيفة 4 أيام، تخللها استخدام للقذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة المتوسطة، في حين يترقب السكان اختبار مفعول تثبيت وقف إطلاق النار.
وبعد مبادرتين واتصالات لبنانية وفلسطينية، يشكل اليوم الأربعاء اختبارا دقيقا لما أعلنته أمس هيئة العمل الفلسطيني المشترك من مقر سفارة فلسطين ببيروت، عن اتفاق على وقف إطلاق النار، عبر سحب المسلحين، مقابل تكليف لجنة تحقيق لكشف المتورطين في مقتل قائد الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا أبو أشرف العرموشي و4 من مرافقيه الأحد الماضي.
ويعبّر نازحو المخيم عن مخاوف من العودة إلى منازلهم، بسبب الدمار الكبير الذي تسببت به الاشتباكات، إضافة إلى قلقهم من تجددها بأي لحظة، بفعل الخروقات المستمرة. ولسان حالهم: كيف سنرمم ونعيد ما دمرته القذائف والرشاشات والقنابل؟
وأعلنت "هيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" -وهي هيئة إعلامية مستقلة تعنى بأخبار اللاجئين الفلسطينيين- أن الاشتباكات المسلحة تسببت بنزوح 4 آلاف شخص معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، فضلا عن تدمير بنى تحتية من ماء وكهرباء وصرف صحي وطرقات، واحتراق وتدمير نحو 700 منزل، ودمار كبير بالمحلات التجارية والمركبات وخزانات المياه.
بيد أن الحصيلة النهائية للقتلى والجرحى لم تصدر رسميا، بينما أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أول أمس الاثنين تقديرا تقريبيا عن مقتل 11 شخصا، وإصابة 40 بجروح، بينهم موظف للأونروا.
مآسٍ إنسانية
بصوت يتهدج بالبكاء، تقول أم محمود التي نزحت مع زوجها وأطفالها الثلاثة إلى منطقة "سيروب"، إنها عادت لتتفقد منزلها قرب سوق الخضار بالمخيم أمس الثلاثاء، لكن مع عودة رشقات الرصاص، اختبأت ثم هربت إلى خارجه.
وفي حديثها للجزيرة نت، تشكو أم محمود مما تصفه بعدم إنسانية المسلحين، "حيث يطلقون الرصاص والقذائف بين المنازل وبالأحياء الضيقة، بينما لن نجد من يعوض خسائرنا". وتؤكد أنها لن تخاطر بعودة أطفالها إلى المخيم حاليا، قبل أن تمر أيام بلا إطلاق للرصاص، مضيفة "نجلس بمنزل أقاربنا الضيق، وهم مثلنا فقراء، ونحتاج من يساندنا".
وتشاطرها المأساة الحاجة مريم، التي نزحت من المخيم مع زوجها المريض وابنتها المصابة بإعاقة جسدية إلى منزل أقاربها في منطقة التعمير التي طالتها آلة الاشتباك أيضا.
وتقول بأسى للجزيرة نت "أخبرني الجيران أن منزلي احترق، لا أتوقف عن البكاء لأنني لا أصدق ذلك، وهو أساسا متهالك، ولن يعوض أحد خسارتنا رغم معاناتنا بتوفير قوتنا وأدويتنا".
وميدانيا، يقول الناشط الفلسطيني بمخيم "عين الحلوة" عبد الحليم شهابي إن المشكلة الأساسية التي عانى منها أبناء المخيم طوال الاشتباك المسلح هي كيفية الانتقال من حي لآخر أكثر أمانا، أو الوصول إلى أبواب المخيم للخروج منه، ما دفع مئات الأسر للاستغاثة وطلب المساعدة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وفي حديثه للجزيرة نت، يتحدث شهابي عن مصاعب واجهتها فرق الدفاع المدني بنقل الجرحى ومساندة المستغيثين، مؤكدا أن الآلاف من أبناء "عين الحلوة" تركوا منازلهم، وتحديدا بأحياء الطوارئ وحطين والبركسات والصفصاف، ويواجهون مصاعب بتوفير حليب وحفاضات أطفال والطعام والفرش والدواء والمياه، خاصة أن مساعدات الجمعيات لا توازي الحاجة الكبيرة.
أوضاع مأساوية
وفي منطقة "سيروب" الواقعة شرق عين الحلوة، وحيث تسكنها مئات الأسر الفلسطينية، يقول الفلسطيني إبراهيم الحاج، وهو عضو تجمع شباب "سيروب"، إن المئات من أسر المخيم نزحت نحوهم، ومن بينها عائلة زوجته التي هربت من القذائف.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف إبراهيم الحاج بأنهم رصدوا ميدانيا خلال إغاثة النازحين، أوضاعا مأساوية، داعيا الأونروا لمضاعفة جهودها تجاههم.
وإغاثيا، أشار مدير جمعية الشفاء للخدمات الطبية الفلسطيني مجدي كريم، إلى مصاعب خلال إخلاء الجرحى، كما يتابعون حالات صعبة للنازحين في 3 مدارس فتحتها لهم الأونروا، إضافة إلى المساجد.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال كريم "نحن نعمل حاليا بالإسعافات والإيواء، خصوصا أن الوضع الصحي لشريحة واسعة من أبناء المخيم، غير مستقرة أساسا، وهناك عدد كبير من المصابين بالأمراض المزمنة ومن ذوي الاحتياجات الخاصة". ويطالب بضرورة تثبيت وقف إطلاق النار اليوم حتى يتمكن الأهالي من العودة، "لأن ما حدث عبثي للغاية".
قلق وترقب
وشلّت المأساة الحركة داخل المخيم، حيث طبع الدمار مناطق الاشتباك، وتسببت بخسائر مادية فادحة، كما أغلقت معظم محلات السوق الشعبي.
ولعل ما يعمق المأساة، أن معظم أبناء المخيم يعملون بالمحلات التجارية الصغيرة داخل المخيم، فخسروا مدخولهم خلال المعركة، وهم قلقون من الرجوع والكشف عن خسائرهم.
وسبق أن طال القصف محيط حواجز الجيش اللبناني عند المداخل الإلزامية للمخيم، وتمدد شلل الحركة لمدينة صيدا التي أقفلت عددا كبيرا من مؤسساتها وإداراتها.
وطوال الاشتباك، تحدث شهود عيان عن انتشار لمئات المسلحين في "عين الحلوة"، وتمركز عدد كبير منهم بحي الطوارئ شرق المخيم ومحيطه، حيث تسيطر عليه المجموعات الإسلامية، وحاولت حركة فتح التقدم فيه، ما تسبب بمعارك ضارية.
وثمة ترقب حذر لترجمة تثبيت وقف إطلاق النار وسحب المسلحين، الذي أجمعت عليه مختلف الفصائل والقوى، كما ضاعف الجيش اللبناني إجراءاته بمحيط المخيم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار عین الحلوة للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
عائلات الأسرى الإسرائيليين: تلقينا معلومات باستئناف المفاوضات
كشفت وسائل إعلام عبرية نقلا عن مسؤولين مطلعين على ملف التفاوض، أن مفاوضات تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية حماس والاحتلال الإسرائيلي تشهد تطورات إيجابية في الكواليس، رغم التصعيد العسكري المستمر بين تل أبيب وطهران. ويجري التفاوض بهدوء بمشاركة فاعلة من الولايات المتحدة وقطر، في مسعى لإحياء مبادرة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأكدت عائلات الأسرى الإسرائيليين أنهم تلقوا إشارات من مسؤولين بشأن احتمال مغادرة وفد تفاوضي إسرائيلي إلى العاصمة القطرية الدوحة قريبا.
وفي أول تعليق رسمي، أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، عن وجود "اختراق" في المفاوضات، مؤكداً في رسالة مصورة أنه أعطى تعليمات بالتقدم في المباحثات، ومشدداً في الوقت نفسه على تصميمه القضاء على "التهديد النووي والبالستي الإيراني".
وقال نتنياهو: "أصدرت تعليمات قبل ثلاثة أيام للمضي قدماً في مفاوضات غزة. هناك اختراق، ولن أتخلى عن أحد"، في إشارة إلى الأسرى الذين لا تزال حماس تحتجزهم.
لكن تصريحات نتنياهو قوبلت بانتقادات من قبل عائلات الأسرى٬ حيث وصفوا تصريحاته بأنها "وعود فارغة غير مدعومة بأفعال"، وطالبوا بإرسال وفد تفاوضي جاد إلى الدوحة يحمل تفويضاً واضحاً لاستعادة جميع الأسرى٬ معتبرين أن "النصر الكامل أو الجزئي لا يتحقق دون عودتهم".
وبحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، لا تزال حركة حماس تحتجز 55 أسيرا من أصل 251 أُسروا خلال هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، في حين نقلت يديعوت أحرونوت أن حكومة الاحتلال قدمت مؤخراً رداً رسمياً على مقترح قطري يقضي بما يلي:(إطلاق سراح ثمانية أسرى أحياء في اليوم الأول من وقف إطلاق النار - الإفراج عن رهينتين إضافيتين بعد مرور 60 يوماً - إعادة جثامين نصف المختطفين على ثلاث مراحل - التزام إسرائيل بعدم خرق التهدئة خلال هذه الفترة).
لكن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يرفض صيغاً قد تفضي إلى وقف شامل للعمليات العسكرية، ما لم تتحقق شروطه والتي من أبرزها طرد كبار قادة حماس من غزة، ونزع سلاح المقاومة من القطاع، وضمان عدم عودة الحركة إلى السلطة.
وأشارت مصادر مطلعة على المفاوضات إلى أن واشنطن قدمت لحماس ضمانات تتضمن وقفاً تدريجياً للقتال طالما استمرت المفاوضات بنية حسنة، واقترحت أن يتولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دور الضامن في حال التوصل إلى اتفاق.
في السياق ذاته، بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في اتصال هاتفي، مع مبعوث الولايات المتحدة للشرق الأوسط سيتف ويتكوف، مقترحات تهدئة الوضع، وأهمية استئناف المحادثات على قاعدة الحلول السياسية والدبلوماسية، وسط تحذيرات متزايدة من اتساع رقعة الحرب الإقليمية.
من جهته، أصدر المكتب الإعلامي الدولي في قطر بياناً أكد فيه وجود مفاوضات جارية واقترابها من "تحقيق تقدم حقيقي"، ما يعزز الانطباع بأن الأطراف باتت أقرب من أي وقت مضى إلى صيغة لوقف مؤقت لإطلاق النار.
في غضون ذلك، تستمر الكارثة الإنسانية في قطاع غزة مع دخول الحصار الإسرائيلي الخانق شهره الرابع، منذ إغلاق المعابر في 2 آذار/مارس الماضي، ومنع إدخال الغذاء والدواء والمساعدات والوقود، وسط تصعيد غير مسبوق لوتيرة القصف والإبادة الجماعية ضد المدنيين الفلسطينيين.
وتشير تقديرات وزارة الصحة في غزة إلى أن عدد الضحايا منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر تجاوز 184 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين الذين يعيشون في ظروف مأساوية.
وجاءت هذه التطورات الإنسانية والسياسية في ظل أكبر تصعيد عسكري إسرائيلي ضد إيران منذ سنوات، حيث شنت تل أبيب فجر الجمعة الماضي، بغطاء أمريكي ضمني، هجوماً جوياً واسعاً أطلقت عليه اسم "الأسد الصاعد"، استهدف منشآت نووية وقواعد صاروخية وعلماء ومسؤولين عسكريين بارزين في مناطق متفرقة من إيران.
وردت طهران في وقت لاحق من اليوم نفسه بسلسلة من الضربات الباليستية والمسيرات.