سقوط سنار وسقوط هيبة الدولة: مأساة السودان بين دمار الحرب وأطماع السلطة
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
زهير عثمان حمد
إنها لحظة مؤلمة عندما ترى بلدك، أهلك ومدينتك تتهاوى أمام عينيك في مشاهد تفيض بالدمار والقتل والجراح. السودان اليوم يقف على حافة الانهيار، حيث النزوح والحرمان هما الواقع اليومي للكثيرين. لا مأوى لهم ولا طعام، فقط أمل يتلاشى بين أصوات المدافع وصراخ الأبرياء.
واقع مرير
سنار، المدينة التي كانت يوماً ما رمزاً للتعايش والسلام، سقطت اليوم تحت وطأة الحرب التي لا ترحم.
حرب شبه أهلية
هذه الحرب ليست مجرد صراع على السلطة، بل هي شبه أهلية، تتقاطع فيها أجندات متعددة، محلية ودولية. عيون الطامعين تتطلع إلى ثروات السودان الظاهرة والباطنة. الذهب هنا والنفط هناك، مياه عذبة وأراضٍ خصبة مغرية، وأخرى تنتج أكثر من 80% من إنتاج العالم من الصمغ العربي. في وقت يشكو فيه العالم من تناقص الثروات المائية والغذائية، يظل السودان غنياً بموارده، ولكنه فقير في إدارتها.
إدارة فاشلة
الخطيئة الكبرى للسودان تكمن في فشله الذريع في إدارة موارده وثرواته. ثراء في الموارد يقابله فقر في الاستغلال، ما يترك البلاد تحت رحمة الصراعات والدمار. الوطنية الكاذبة والبطولات الفارغة تسيطر على المشهد، حيث يتلاعب السارقون بكل شيء، من دقيق القمح إلى شرف الأمة.
أشباح الماضي
تتحكم في السودان أشباح تنتمي إلى الماضي، نفس الأيادي التي حكمت السودان بالأمس وقسمته إلى شطرين، وأشعلت نار الفتنة في دارفور. المطلوب هو أن يبقى السودان منشغلاً بصراعاته الداخلية، في وقت تعزز فيه الأيدي الخفية نيران الفتنة كلما كادت أن تخمد.
دعوة إلى العقلانية
على العسكر أن يكونوا عقلاء ويطلبوا العفو عن جرائمهم، ويسعوا إلى تحقيق السلام. نحن شعب يستحق العيش الكريم، والسلام الذي ينشده كل سوداني. يجب أن يتخلوا عن الذاتية والعدمية، وأن يتذكروا أن القصاص قادم، حتى وإن طال الزمن.
سقوط سنار هو سقوط لهيبة الدولة، وانهيار لما تبقى من أمل في مستقبل مشرق. إنها معارك هوائية من أجل السلطة، تدمر حياة الناس وتدمر الوطن. لا يمكن للسودان أن يستمر على هذا النحو، فالمستقبل يتطلب شجاعة في الاعتراف بالأخطاء، وإرادة في بناء السلام. السودان يستحق أفضل من هذا، وأبناؤه يستحقون حياة كريمة وآمنة.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
بالصور.. دمار واسع وإصابات في أعنف هجوم إيراني على إسرائيل منذ اندلاع الحرب
مبان مدمرة في أعقاب هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل. 19 يونيو 2025 - reuters
أطلقت إيران، الخميس، عشرات الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل، فيما يوصف بأنها "أعنف ضربة" منذ بداية الحرب.
وأصابت الصواريخ الإيرانية مستشفى رئيسياً، ومقاراً لقيادة الجيش الإسرائيلي والاستخبارات، بالإضافة إلى مقر البورصة الإسرائيلية، فيما يواصل سلاح الجو الإسرائيلي شن غارات على مناطق متفرقة في إيران، إذ استهدفت تل أبيب منشأتين نوويتين في "آراك" ونطنز وأهداف عسكرية أخرى، فيما تعهدت تل أبيب بـ"تكثيف الضربات ضد أهداف إيرانية استراتيجية".
وأطلقت إيران نحو 25 صاروخاً باليستياً على إسرائيل، فجر الخميس، في اليوم السابع من الحرب بين الجانبين، وأصاب أحد الصواريخ مركز سوروكا الطبي في بئر السبع، مسبباً إصابة مباشرة، وفق مسؤولين إسرائيليين، ومقاطع فيدريو نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية.
وأكدت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، وقوع الغارة، لكنها قالت إن الأهداف الرئيسية كانت مراكز عسكرية إسرائيلية بالقرب من المستشفى، وتحديداً مقر استخبارات الجيش الإسرائيلي ومعسكر استخبارات الجيش في مجمع "جاف يام" التكنولوجي.
وأفاد مسؤولون من المستشفى، بإصابة عدد من الأشخاص في الهجوم، وطلبوا من المصابين بعدم التوجه إلى المركز الطبي لتلقي العلاج.
وأظهر مقطع فيديو مُصوّر من داخل المنشأة، إصابة مركز سوروكا الطبي في بئر السبع، وهو المستشفى الرئيسي في جنوب إسرائيل، والذي يضم أكثر من ألف سرير، إصابة مباشرة ولحقت به أضراراً جسيمة.
ووفقاً لوكالة "إرنا"، استهدف الهجوم "مقر قيادة واستخبارات (IDF C4i)" التابع للجيش الإسرائيلي، ومعسكراً للاستخبارات العسكرية في مجمع جاف يام التكنولوجي. وأضافت الوكالة: "تعرض المستشفى فقط لموجة الانفجار ولم يتعرض لأضرار جسيمة، لكن البنية التحتية العسكرية كانت هدفاً دقيقاً ومباشراً".
ويقول موقع مجمع "جاف يام" التكنولوجي المتقدم، إنه "مجاور لحرم جامعة بن جوريون وفرع C4i التابع للجيش الإسرائيلي". كما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية سابقاً بأنه يجري بناء مجمع عسكري للجيش الإسرائيلي في هذا الموقع، وفق هيئة الإذاعة البريطانية BBC.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي لصحيفة "ذا بوست": "أُطلقت عشرات الصواريخ الباليستية على إسرائيل في آخر وابل من الهجمات من إيران، حيث أصابت عدة مراكز سكنية مدنية (بما في ذلك مستشفى سوروكا في جنوب إسرائيل)". وأضاف: "تم إرسال فرق بحث وإنقاذ تابعة لقيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي إلى العديد من مواقع الهجوم المبلغ عنها".
وذكرت خدمة الإسعاف الإسرائيلة، أن هجمات إيران الصباحية تسببت في إصابة نحو 129 شخصاً، 89 منهم في منطقة دان، حيث سُجِّلت إصابات مباشرة في حولون ورامات جان، و40 في بئر السبع، حيث يقع مستشفى سوروكا. ويُصنَّف 6 منهم على الأقل في حالة حرجة.
في رمات جان، حيث مقر بورصة تل أبيب، أصيب 29 شخصاً، ونُقلوا إلى مستشفيات قريبة. وتعرض ما لا يقل عن 20 مبنى لأضرار جسيمة جراء الانفجار.
وكان متحدث باسم الرد الإيراني على إسرائيل "الوعد الصادق 3"، قال، إن الأهداف الرئيسية لطهران في هجوم، صباح الخميس، كانت مقر قيادة للجيش، ومقر للمخابرات، ومركز تابع للجيش مجاور لمستشفى سوروكا في بئر السبع، حسبما ذكرت وكالة "إرنا" للأنباء.
كما أصاب الصواريخ الإيرانية، مبنى شاهقاً وعدة مبان سكنية أخرى ومقر البورصة الإسرائيلية، وموقعين آخرين على الأقل بالقرب من تل أبيب. وأصيب ما لا يقل عن 40 شخصاً في الهجمات، وفقًا لخدمة الإنقاذ الإسرائيلية "نجمة داوود الحمراء".
وقالت هيئة الإسعاف الإسرائيلية، إن الضربة الإيرانية التي طالت مقر البورصة، أصابت 15 إسرائيلياً على الأقل، بينهم اثنان حالتهما خطيرة.
ورداً على هذه الضربات، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إنه ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أصدرا تعليمات للجيش الإسرائيلي بـ"تكثيف الضربات ضد أهداف استراتيجية" في إيران.
وقال كاتس في بيان، في إشارة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي: "يختبئ الديكتاتور الإيراني الجبان داخل مخبأه المحصن، ويشن هجمات متعمدة على المستشفيات والمباني السكنية في إسرائيل". وأضاف: "هذه أخطر أشكال جرائم الحرب، وسيُحاسب خامنئي على جرائمه".
كما توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، من وصفهم بـ"الطغاة" في إيران، بأن "يدفعوا ثمن" الهجمات الأخيرة التي استهدفت إسرائيل.
وقال نتنياهو، إن "الطغاة الإرهابيين في إيران، أطلقوا هذا الصباح صواريخ على مستشفى سوروكا في بئر السبع، وعلى سكان مدنيين في وسط إسرائيل"، متوعداً بأن "يجعل الطغاة في طهران يدفعون الثمن".
وقبل الهجمات الإيرانية الأخيرة، كان الجيش الإسرائيلي، أعلن أن ضرباته الأخيرة، والتي شاركت فيها 40 طائرة مقاتلة، استهدفت عشرات المواقع العسكرية، بما في ذلك مصانع لإنتاج المواد الخام، وقطع غيار تُستخدم في تجميع الصواريخ الباليستية، ومواقع لبناء أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ الإيرانية.
كما نفذ سلاح الجو الإسرائيلي، ضربات على مفاعل آراك الإيراني للماء الثقيل، في أحدث هجوم لها على البرنامج النووي الإيراني المترامي الأطراف.
وأفادت وسائل إعلام إيرانية، بتعرض منطقة قريبة من منشأة الماء الثقيل النووية في منطقة "خونداب" الإيرانية، لقصف إسرائيلي، ونقلت عن مسؤولين تأكيدهم بعدم وجود خطر تسرب إشعاعي، إذ تم إخلاء المنشاة النووية قبل الهجوم الإسرائيلي.
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الخميس، أن القصف الإسرائيلي على مفاعل "خونداب" لم يسفر عن أي تسرب إشعاعي، مشددة على أن "معلوماتنا تفيد بأن مفاعل (خونداب) لم يكن قيد التشغيل ولم يكن به أي مواد نووية".
وقالت الوكالة في منشور على منصة "إكس"، "لدى الوكالة معلومات تفيد بتعرض مفاعل خونداب (آراك سابقا) البحثي الذي كان قيد الإنشاء للقصف".
وأضافت أن مفاعل "خونداب" لم يكن جاهزاً للتشغيل ولم يكن يحتوي على أي مواد نووية وبالتالي فلا آثار إشعاعية. وقالت "في الوقت الراهن، ليس لدى الوكالة أي معلومات تشير إلى أن محطة خنداب للماء الثقيل تعرضت للقصف".
وكان الجيش الإسرائيلي، أصدر، فجر الخميس، أوامر إخلاء لمنطقتي "آراك" و"خونداب" الإيرانيتين، وهي مدن قريبة جداً من مفاعل "آراك" للماء الثقيل، تمهيداً للقصف.
كما قصف الجيش الإسرائيلي، فجر الخميس، موقعاً في نطنز بإيران، زاعماً أنه يُستخدم لتطوير أسلحة نووية. وأضاف: "يحتوي الموقع على مكونات ومعدات فريدة تُستخدم لتطوير أسلحة نووية، ويجري تطوير مشاريع هناك تُمكّن من تسريع برنامج الأسلحة النووية".
وهذه ليست الغارة الأولى المُعلنة على نطنز. ففي وقت سابق من الأسبوع الجاري، صرّح رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية لشبكة BBC بأن أجهزة الطرد المركزي في محطة تخصيب اليورانيوم الإيرانية تحت الأرض في نطنز من المرجح أن تكون قد "تضررت بشدة، إن لم تُدمر بالكامل" بعد الضربات الإسرائيلية.