لجريدة عمان:
2025-07-01@12:45:27 GMT

هويات المدن

تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT

الكثير من المدن على مر التاريخ قديمة وحديثة استطاعت أن تخط لها هوية خاصة بها تميّزها عن غيرها من مدن العالم، فاستطاعت أن تحقق شهرة واسعة بفضل هويتها التي اختطتها لنفسها وميّزتها عن باقي المدن والمجتمعات. وقد تكون تلك المدن قد استفادت من ميزة المكان والتاريخ والثروات لتكرس ذلك الإرث لصالحها أو أنها ابتكرت لها هوية جديدة اختلقتها لنفسها وصقلتها بمجموعة من العوامل أسهمت في صنع تلك الهوية.

من يزر أثينا يعرف أنها عاصمة التاريخ والتراث الإنساني، كذلك روما والقاهرة، ومن يزر فيينا يعرف أنها عاصمة الموسيقى الكلاسيكية القديمة، وباريس عاصمة الموضة، ولندن عاصمة للضباب والرياضة، ونيويورك عاصمة للنشر وغيرها الكثير من الأمثلة التي استطاعت بها تلك المدن ترسيخ هويتها العمرانية والحضارية لتُعرف بين مدن العالم بالهوية التي اختطتها لنفسها، واستطاعت تعزيز مكانتها الاقتصادية والثقافية والعمرانية بفضل عناية المخططين والعمرانيين والمطورين ممن أسهموا في تكريس تلك الهوية في كل بقعة وشبر من تلك المدن.

في عالم اليوم تداخلت وتشابهت أساليب التخطيط الحضري والعمراني في معظم دول العالم، فلم تعد لكثير من المدن هوياتها الخاصة بها التي تميّزها عن غيرها من المدن الأخرى سواء في داخل الدولة أو خارجها بسبب تشابه وتماثل أنماط البناء والتعمير وتشابه أنماط التخطيط الحضري ابتداء من القرى الصغيرة المتناثرة وانتهاء بكبريات المدن القديمة التي توسعت وفقدت هويتها الخاصة بها أو المدن حديثة المنشأ وفق أسس عمرانية حديثة لم تعد تراعي الخصوصية العمرانية والهوية الحضارية للمدن والمجتمعات والإنسان.

غير أن التقدم الحديث الذي دخل على موضوع التخطيط الحضري من سهولة تصميم وبناء المدن يمكن أن ينظر إليه على أنه بمثابة ميزة تنافسية يمكن أن تسهم في تكوين هويات حضارية ومعمارية لمدن قديمة قائمة أو لمدن مستحدثة يمكن تشكيلها وفق الهوية التي يُراد لها أن تكون عليها في تصميمها المعماري والحضاري.

محليا، لدينا إرث ضخم وكبير في التخطيط الحضري والعمراني، فالعمارة العمانية القديمة كانت ولا تزال شاهدة على خلق واستحداث هويات حضرية لمدن عمانية ميّزتها عن غيرها من المدن العمانية الأخرى، فعلى سبيل المثال فقط نجد أن نزوى عُرفت بأنها بيضة الإسلام وأنها معقل الدين والتاريخ والتراث بفضل عمارتها التي ميّزتها عن غيرها من مدن عُمان الأخرى في قلعتها وسوقها وجامعها، وأيضا صور التي عُرفت بأنها مدينة البحر والترحال وأنها ميناء بحري مفتوح للسفر حول العالم، ومسقط عاصمة للتاريخ والاقتصاد، وظفار موئل للسياحة والزراعة والاستجمام وغيرها من الأمثلة على مدن عُمان القديمة التي تميّزت بهوية ونمط معماري يختلف عن باقي الأنماط المعمارية الأخرى المتوزعة ما بين السهل والجبل والبحر.

التخطيط الحضري في عالم اليوم لم يعد يراعي الكثير من تلك الخصائص الحضرية والهويات التي تميّز كل حاضرة أو مدينة أو قرية عمانية عن أخرى، فتداخلت كل الأنماط المعمارية مع بعضها البعض فبات من الصعب التفريق بين مدينة في ظفار عن مدينة في صحار أو قرية في صور عن قرية غيرها في بهلا؛ فكل الأنماط المعمارية والسكانية متشابهة وبذلك اختفت الهويات المحددة لكل مدينة على حدة إلا ما بقي من إرث قديم ما زال حاضرا ولم يتم البناء عليه.

لدينا فرصة كبيرة في المحافظات والولايات لخلق هويات مختلفة للقرى والمدن العمانية المختلفة بفضل التنوع الثقافي والاجتماعي والسكاني الذي تمتاز به كل محافظة عن غيرها، ويمكن الاستفادة من دروس المدن الكبرى في خلق تلك الهويات الحضارية للمدن العمانية، فيمكن أن نرى مدينة تختص بالتراث والأخرى بالبحر والصيد، وغيرها بالاستثمار الاقتصادي، وغيرها بالسياحة الجبلية، وأخرى بالثقافة والمعرفة، وغيرها بالموسيقى والفنون، وغيرها بالزراعة والنخيل، وغيرها باقتصادات المعرفة الحديثة، وغيرها بالشباب، وكثير من الأمثلة يمكن طرحها على مدن عمانية تعد شبه مهيأة لتكوين هوية حضارية لها.

قد لا تكون المهمة سهلة كمثل كتابة هذا المقال خصوصا مع توسع المدن وتمددها، لكن لا يوجد مستحيل في طريق التعمير والتغيير ويمكن البدء في إعادة الهويات الحضارية للمدن العمانية إلى نصابها الصحيح مع مراعاة التطورات الحديثة الحاصلة في الاقتصاد والعمران.

عبدالله الشعيلي رئيس تحرير جريدة عمان أوبزيرفر

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التخطیط الحضری عن غیرها من من المدن

إقرأ أيضاً:

التوقيع على اتفاق إطار بين وكالة “ألنفط” والشركة العمانية بتروغاز

وقّعت الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات “ألنفط”، اليوم الأحد، على اتفاق-إطار مع الشركة العمانية بتروغاز للتنقيب والإنتاج (PETROGAS Exploration & Production L.L.C). يتعلق باستكشاف فرص استثمار جديدة في قطاع المحروقات بالجزائر. ويهدف هذا الاتفاق إلى تطوير حقول جديدة وتعزيز إنتاج الحقول الموجودة.

وحسب وكالة ” ألنفط”، فإن هذه المبادرة تندرج في إطار إستراتيجيتها الرامية إلى تعزيز الشراكات الدولية. و تثمين الامكانيات الطاقوية الوطنية من خلال استقطاب متعاملين أجانب يتمتعون بخبرة. مضيفة أن التوقيع على هذا الاتفاق يؤكد جاذبية القطاع المنجمي الجزائري. والثقة المتجددة للشركات الدولية في آفاق قطاع المحروقات في الجزائر.

يذكر أن شركة بتروغاز للتنقيب والانتاج التي تأسست سنة 1999 هي فرع تابع للمجمع العماني ‘أم بي أل أل سي” الذي ينشط بأكثر من 20 بلداً.

من جهة أخرى، أوضح ذات البيان أن هذه الشركة متخصصة في التنقيب وانتاج المحروقات. لاسيما في سلطنة عمان ومصر وهولندا و المملكة المتحدة والدنمارك.

div>

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • القِيَم المجتمعية العمانية .. ركيزة في التنمية المستدامة بالمحافظات
  • وزير الخارجية: خطة لربط قناة السويس بالموانئ العمانية لتعزيز التبادل التجاري
  • الخارجية: العلاقات المصرية العمانية تشهد نموا نوعيًا متزايدا في جميع المجالات
  • وزير السكن يعطي إشارة انطلاق تهيئة القطب الحضري في الجلفة
  • مدينة تركية تنال لقب “عاصمة الفطور”.. إليك سر المائدة الأسطورية
  • مدينة تركية تتصدر عناوين العالم بلقب “عاصمة الفطور”.. إليك سر المائدة التي جمعت 52 ألف شخص
  • سفن تنتحل هويات روسية وصينية لتجنّب الهجمات
  • التوقيع على اتفاق إطار بين وكالة “ألنفط” والشركة العمانية بتروغاز
  • رويترز: سفن تجارية تنتحل هويات روسية وصينية للتمويه على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
  • محافظ الغربية يتابع حملات النظافة والتشجير لتحسين المشهد الحضري وتوفير بيئة صحية